|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عيد الأضحى.. عبر ودلالات الرهواني محمد الخطبة الأولى: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائم على كل نفس بما كسبت، والرقيب على كل جارحة بما اجترحت، والمتفضل على عباده بنعم توالت وكثرت، سبحانه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض تحركت أو سكنت. وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، الذي تمَّت ببعثته النبوة وختمت، وسطعت به أنوار الشريعة وكملت، وعلت به راية الملة وارتفعت. معاشر عمار بيت الله: ها هو عيد الأضحى أطل علينا ببشائره ليُذكرنا بالمعاني الفاضلة والأخلاق السامية الكريمة، عسى أن نأخذ منها العبر والعظات، ونتعلم منها ما يجب أن نتعلمه من دروس. عيد الأضحى يذكرنا بقصة من قصص القرآن الكريم، إنها قصة البلاء المبين، قصة تحدثنا عن موقف مؤثر لنبيين كريمين من أنبياء الله تعالى، وكيف كانت شدة امتثالهما وصبرهما وتسليمهما لأوامر الله تعالى، قصة سيدنا إبراهيم مع ولده إسماعيل عليهما السلام. فإذا كنا أمة الإسلام، نتذكّر اليوم نبي الله إبراهيم عليه السلام فعلينا أن نتذكر ملته. - الملة التي أمر الله جل وعلا نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم باتباعها واقتفاء أثرها، قال تعالى:﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 123]. - الملة التي سفه الله الراغب عنها فقال: ﴿ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [البقرة: الآية 130]. - الملة التي نفى الله كل حسن إلا عنها فقال: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: الآية 125]. - الملة التي أمر ربنا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: الآية 161]. فقول الله حق، وخبره صدق: ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ۗ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: الآية 95]. فملة إبراهيم عليه السلام، ليست في الذبائح والأضاحي، ثم نتركها في سائر السبل والنّواحي.. فمن ذلك النّور العظيم لملة إبراهيم عليه السلام، أدعوكم معاشر المؤمنين والمؤمنات لنقتبس شهابا قبسا، بل شهبا نستنير بها الطريق، عل وعسى أن نكون إلى الله من المتقربين، ولملة إبراهيم من المتبعين.. فالعيد في الإسلام يمثل هوية المسلمين، لذا يجب عليهم أن يتميزوا فيه عن غيرهم من الأمم، فلا يستوردوا فيه ما يعكر ويكدر صفو تميُزهم، كالحفلات الماجنة والعادات الغربية في المأكل أو الملبس أو الاجتماع.. روى أحمد بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه قال ![]() فأعيادنا ينبغي أن تحقق الغاياتِ المشروعة والأهداف، يجب على المسلمين أن يعظموا شعائر الله في أعيادهم، من العبادة والذكر وصلة الأرحام وإصلاح ذاتِ البين والتكافل الاجتماعي، ينبغي أن يتحقق مبدأ الأمة الخيِّرة الفاضلة التي قال عنها ربنا جل جلاله: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ.. ﴾، وبذلك يكون العيد فرصة لإعادة أواصر البنيان الاجتماعي من جديد، وتهيئة للأمة الإسلامية لاستئناف مسيرتها في قيادة البشرية إلى السبيل القويم. فالعيد معاشر الصالحين والصالحات، مظهر من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره ينطوي على حكم عظيمة، ومعانٍ جليلة، وأسرار بديعة، لا تعرفها الأمم الأخرى شتى أعيادها. - فالعيد في معناه الديني، شكر لله تعالى على تمام العبادة وتمام الهدى، قال ربنا جل وعلا: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: الآية 185]. - والعيد في معناه الاجتماعي الإنساني، يوم الأطفال يفيض عليهم بالفرح والسعادة، ويوم الفقراء يلقاهم الأغنياء باليسر والسعة، ويوم الأرحام يجمعها على البر والتقوى والرحمة، ويـومُ عامـة المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور، ويجدد فيهم أواصر الحب ودواعيَ القرب، فتتناسى النفوس أضغانَها، وتتقاربُ القلوب وتتصافى وتتصافح وتجتمع بعد افتراق على الألفة والمحبة. - العيد هو يومُ تذكيرٍ لأبناء المجتمع بحق الفقراء والمحتاجين، فتلتقي فيه قوة الغني وضعفٌ الفقير على محبة ورحمة وعدالة، عنوانها "أحسن كما أحسن الله إليك"، فتشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعمُّ النعمةُ كل أسرة. - العيد هو اليوم الذي تتسع وتمتد فيه روح الجوار، وتظهر فيه فضيلةُ الإخلاص، ويُهدي الناسُ بعضُهم إلى بعض هدايا القلوب المُخلصةِ المُحِبة، حتى يرجع البلد الواحد، بل الأمة بأكملها وكأنها لأهلها دارٌ واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي، وفي ذلك كله إحياء وتجديد للصلة الاجتماعية وإحياءها بين أفراد الأمة الإسلامية لقول ربنا سبحانه: ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾[الأنبياء: الآية 92].. فكم هو جميل أن تظهر أعياد الأمة بمظهر الواعي لأحوالها وقضاياها حيث يطغى الشعور بالإخاء قويا متمثلا في قول الحق سبحانه: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: الآية 10]. فالأمة الخيرة السعيدة هي التي تسمو أخلاقها في العيد إلى أرفع ذروة، ويمتد شعورها الإنساني إلى أبعد مدى، وذلك حينما يبدو في العيد أفراد الأمة متماسكين متعاونين متراحمين، حتى لَيَخفقَ فيه قلب كل واحد بالحب والبر والرحمة، ويتذكر أبناؤها مصائب إخوانهم حين تنزل بهم الكوارث والنكبات، لقول الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم ![]() فالمسلم الذي رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، هو من لا تشغله أفراحه ولا مسراته عن آلام وأحزان أمته المنكوبة في كثير من الأقطار والدول.. كفلسطين وأفغانستان والعراق وسوريا ومصر وبورما وأراضٍ أخرى منكوبةً بمجاهديها وشهدائها وبأيتامها وأراملها. وحتى وإن عمّنا الفرح، فيجب أن لا تُنسينا فرحة العيد أن هناك آلاما وجروحا في الأمة لم تلتئم بعد، هناك سهام الشر وسموم العدو يفتك في جسم الأمة من كل ناحية، هناك من أبناء الأمة الإسلامية أناس سوف يدخل عليهم العيد، وما زالوا تحت وطأة الظلم والقهر والعدوان.. والمعنى دقيق جداً عباد الله، لا يراد من ذلك ذرف الدموع، ولبس ثياب الحداد في العيد، ولا يراد من ذلك أن يعتكف الإنسان كما يفعل المهموم أو المحزون، وإنما يراد من ذلك أن تظهر أعيادنا بمظهر الأمة الواعية التي تلتزم الاعتدال في سراءها وضراءها فلا يحول احتفائها بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فريق من أبناءها. ويراد من ذلك أيضاً أن نقتصد في مرحنا وإنفاقنا لنوفر من ذلك ما تحتاج إليه أمتنا في صراعها المرير الدامي، ويراد من ذلك أن نشعر بالإخاء قويا في أيام العيد، فيبدو علينا في أحاديثنا عن نكبات إخواننا وجهادهم ما يقوي العزائم ويشحذ الهمم، ويبسط الأيدي بالبذل ويطلق الألسنة بالدعاء، فهذا هو الحزن المجدي الذي يترجم إلى عمل واقعي. الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.. لا شك أنك أيها المسلم أباً كنت أو أماً أو شاباً أو فتاة، أنك قد أخذت استعدادك لكل ما يستلزمه العيد من لباس وطعام، فأضف إلى ذلك استعدادا تنال به شرفا ورفعة، وتزداد به في صحيفتك نورا، استعدادا هو أكرم عند الله وأجدر في نظر الأخوة والمروءة، ألا وهو استعدادك للتفريج عن كربة مَن حولَك من الفقراء والمحتاجين من جيران أو أقربين، فتش عن هؤلاء سلهم عن حاجاتهم، بادر إلى إدخال السرور إلى قلوبهم، إن لم يُسعدك المال، فلا أقل من أن يُسعدك المقال بالكلمة الطيبة والابتسامة الحانية، تذكر في صبيحة العيد أيها الأب وأنت تقبل أولادك، تذكر كم من أرملة توالت عليها المحن، وكم من يتيم يبحث عن عطف الأبوة الحانية ويتلمس حنان الأم، بل أمله من يمسح رأسه ويخفف بؤسه، تذكر الآباء والأمهات الذين حُرموا فرحة العيد، تذكر في العيد وأنت تأوي إلى ظلك الظليل، ومنزلك الواسع، وفراشك الوثير تذكر إخوانا لك يفترشون التراب، ويتضورون في العراء، واستحضر حينما تأسى جراحهم، وتسعى لسد حاجاتهم، أنك إنما تسد حاجتك وتأسو جراحك، لقوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: الآية 71]. فما أعظمَ الأجرَ الذي ينالُه مَن يسعى في قضاء حوائج إخوانه، ويفرج كُرَبهم، إذ ينالُ بذلك الثواب العظيم في موقف هو أحوج فيه للحسنات يوم يقف بين يدي رب الأرض والسموات.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |