الدعوة إلى الله تعالى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإمام أبو بكر الصديق ثاني اثنين في الحياة وبعد الممات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حقوق الحيوان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات مخصوصة في أوقات مخصوصة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          دعاء الربانيين: مفتاح النصر وسر المحن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          جمع فوائد العلم والعمل من رؤيا ظلة السمن والعسل ((أصبت بعضا وأخطأت بعضا)) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          العلاقات بين الابتلاء والصبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          من مائدة السيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 4142 )           »          تحرير قدر الصاع النبوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تأملات في أخوة المصالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4948 - عددالزوار : 2051616 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-02-2020, 01:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,350
الدولة : Egypt
افتراضي الدعوة إلى الله تعالى

الدعوة إلى الله تعالى (1)


الشيخ عبدالظاهر أبي السمح





(الجزء الأول)


قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33] وقال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 125] ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36] ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25] ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا ﴾ [آل عمران: 193].

الدعوة إلى الله تعالى أشرف الأعمال وأزكى الخصال وكفى بها فضلاً أنها وظيفة الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ووظيفة الذين أورثهم الله علمهم واتباع سنتهم ومن أجل الدعوة إلى الله أنزلت الكتب وبعثت الرسل وكتب الجهاد وخلقت الجنة والنار وكان الموت والحياة، والدنيا والآخرة والأرض والسموات.

لم يكن الله تعالى ليخفى على ذوي البصائر والعقول حتى يحتاج الناس إلى من يعرفهم به ولا ليقيم الدليل على وجوده لولا ذلك الشيطان الرجيم الذي اجتالهم عن فطرتهم ولولا تلك الشهوات التي ركبت فيهم فحجبت بصائرهم ورانت على قلوبهم، وما كان لعبيد أذلاء فقراء أن يعصوا سيدهم ومليكهم ويتمردوا على أوامره وكتبه، وهو يحسن إليهم وينعم عليهم لولا الأمل الكاذب والجهل المركب والاغترار بالدنيا وزينتها وظنهم الخاطئ أن لن يبعث الله أحداً.

ففطرة الله التي فطر الناس عليها هي معرفة ربهم والإذعان له جل شأنه بالعبودية. ولكن لما كانت هذه الصوارف التي قدمنا ذكرها من أعظم ما يحول بين المرء وسعادته ويصرفه عن التفكير في عاقبة أمره اقتضت الحكمة الإلهية أن يرسل الله لعباده رسلاً منهم يبصرونهم بها ويحذرونهم منها ويخوفونهم عاقبة الركون إليها ويدعونهم إلى ربهم الذي تشهد بوجوده وربوبيته فطرهم ووجداناتهم فضلاً عن آياته الكونية الماثلة لأعينهم والتي تغشاهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم وتملأ أسماعهم وأبصارهم، ما بين مضيئة مشرقة، ومظلمة دامسة، وجامدة شامخة، ومتحركة متلاطمة، تملأ القلب روعة وجلالاً، والعين بهجة وجمالاً.

بعث الله رسله إلى عباده يدعونهم إليه، ويذكرونهم بنعمه لديهم، وإحسانه إليهم. مبينين لهم عن ربهم ما يحتاجون إليه في سعادتهم الدنيوية والأخروية. قائلين لهم: اعبدوا الله وحده لا إله إلا هو لا يستحق العبادة سواه. ضاربين لهم الأمثال. مالئين أسماعهم بالمواعظ، مجلين لهم العبر في أجلى مظاهرها مطلعين عليهم شمس الحجج في رابعة نهارها ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 165].

الدعاة قسمان:
قسم يدعو إلى الرحمن وقسم يدعو إلى الشيطان: فدعاة الرحمن هم أنبياء الله ورسله وأوليائه الصالحون والدعاة إلى الشيطان هم الجهلة الضالون الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون.

ينبغي أن نزيدك بياناً وننعت لك كل قسم حتى كأنك تراه لعل الله أن ينير بصيرتك ويجعلك من الداعين والمرشدين إلى سبيله: الدعاة إلى الله قوم عرفوا أنفسهم أنهم عبيد لربهم فآمنوا به وأحبوه وعظموه وعرفوا أنه هو المستحق للعبادة ورأوا كثيراً من إخوانهم في الإنسانية غارقاً في بحر الهوى والضلال يخضع لغير الله ويذل لسواه فخلعوا ثياب رفاهيتهم عنهم وألقوا بأنفسهم في تلك الأمواج المتلاطمة لينتشلوا أولئك الغرقى وقد مدوا إليهم حبل النجاة، فمنهم من اعتصم به فنجا ومنهم من أبى فكان من الهالكين.

جاءوا إلى عبدة القبور حيث يذبحون عندها ويدعون أصحابها وينذرون لهم ويهتفون باسمهم في الشدة والرخاء فقالوا لهم: مهلاً مهلاً كيف تدعون من لا يسمع ولا يبصر، ولا يغني عنكم شيئاً؟ أما سمعتم قول الله تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ وقوله جل جلاله: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60] ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأعراف: 194].

وهذا تهكم بالداعين غير الله تعالى. وقد نهى تعالى عن دعاء غيره فقال: ﴿ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 106] ثم إن ذبحكم ونذركم لأصحاب القبور عبادة أيضاً لا تنبغي إلا لله الذي خلقكم ورزقكم فهو سبحانه أحق بأن يكون هذا كله لوجهه تعالى، يا قوم إن الله الذي خلقكم ورزقكم هو المستحق لعبادتكم، فادعوه وحده وتوكلوا عليه وحده وخافوه ولا تخافوا غيره. الله هو الذي يجيب دعاء المضطر منكم إذا دعاه ويكشف السوء ويقضي لكم جميع حاجكم لأنه حي يسمع ويبصر ويعلم وهو على كل شيء قدير.

أما الذين تدعونهم فليسوا بأحياء ولا يسمعون ﴿ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر: 14] يا قومنا أرأيتم لو كان لأحدكم عبد أو خادم وكلفه أن يعمل في حديقته أو مزرعته وتكفل له بطعامه وكسوته وكل ما يحتاجه في معاشه ووعده أجراً جزيلاً إن هو أحسن الخدمة ونصح لسيده في المهنة. ثم ذهب هذا الخادم يعمل في مزرعة عدو سيده وهو لم يزل في نعمة السيد متقلباً وفي كنف إحسانه مقيماً. ماذا تحكمون على ذلك الخادم، وماذا يستحق عندكم من العقاب؟ لا شك أنكم تقولون إنه يستحق التأديب والتعذيب. فهذا مثل المشرك كلفه الله تعالى بعبادته وتكفل له برزقه فذهب يعبد الشيطان ويطيعه ويعصي ربه ويكفر نعمته ويجحد إحسانه. هكذا وبمثله يدعو الدعاة إلى الله ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].

الدعوة إلى الله سبيل الفلاح ومفتاح النجاح وباب العز وأصل الاستقلال والحرية وأشرف ما تنفق فيه النفوس والأموال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].

فمن أقام هذه الدعوة وبذل فيها نفسه وماله عاش عزيزاً ومات شريفاً ﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ [التوبة: 52]، ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾، ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾، ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10].

فاستمدوها أيها المسلمون من ربكم وادعوا إليه من تنكب عن سبيل الاستقامة إن المسلمين لما تركوا الدعوة إلى الله وانصرفوا إلى شهواتهم مكن الله منهم عدوهم فأذلهم واستباح أموالهم وأعراضهم وسامهم كما تسام البهائم العجماوات. وذلك جزاء من تشبه بالبهائم في اتباع الشهوات، وعصى رب الأرض والسموات ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ﴾ [المجادلة: 20].

ولا عجب أن يسلط الله تعالى على المسلمين من يذلهم ويستعبدهم لما تركوا الدعوة إلى الله والعمل الصالح فقد سلط الكفار والمشركين على من كانوا أبر منهم قلوباً وأفضل إيماناً وأعظم شجاعة وهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد فأوقعوا فيهم القتل والذبح حتى بقروا بطن حمزة عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وما ذلك إلا لأنهم خالفوا أمراً واحداً من أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال لهم: "لا تبرحوا أماكنكم غَلبنا أم غُلبنا" فغلبوا المشركين أولاً ثم تركوا أماكنهم يجمعون الغنائم فلما فعلوا ذلك انقلب عليهم المشركون ثانية وكان ما كان، فكيف بمن خالفوا الدين كله أصولاً وفروعاً وفعلوا جميع المنهيات وعصوا جميع الأوامر حتى ما كان منها متعلقاً بنظام الدنيا والسيادة فيها؟.

وإن من أعظم المصائب، وأشد الكوارث نسيان الغياث الحق عند حلول الخطوب وفجاءة النقم، وأذل من الذل أن تطلب الحرية ممن عزه في إذلالك. وسعادته في إشقائك.

إن المسلمين لا يحيون حياة طيبة، ولا ينالون العزة والسيادة إِلا بأن يدعوا أنفسهم أولاً إلى الله فإذا أفردوه بالإلهية وأبوا أن يكونوا لغيره عبيداً. وتواصوا على ذلك وصبروا عليه لم يلبثوا عشية أو ضحاها حتى يحيا منهم من حي عزيزاً ويموت منهم من يموت شهيداً شريفاً إن شاء الله تعالى.


المصدر: "مجلة الإصلاح"، العدد الأول - 15/2/1347هـ، صـ11.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-02-2020, 01:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,350
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدعوة إلى الله تعالى

الدعوة إلى الله تعالى (2)


الشيخ عبدالظاهر أبي السمح



(الجزء الثاني)


كيف تكون وعلى أي أساس تقوم




إن الدعوة إلى الله من أسهل الأمور وأشقها على النفوس فلذا ينبغي أن نبين كيف تكون ووجه المشقة فيها ما يلاقيه الداعي من أذى المدعوين واستهدافه لتقولاتهم ومعاداتهم واحتياجه إلى معرفة طبائع النفوس وما يليق بها والطرق الحكيمة التي يسلكها لبلوغ غايته وجذب الناس إلى دعوته وإنقاذهم من مصايد الشيطان وشفائهم من أمراض الشهوات وعلل الشبهات واستعمال الرفق في موضعه والبرهان عند أهله وأما وجه السهولة فيها فلأنها تتضمن ذكر الله تعالى وبذكره تطمئن القلوب وموعود عليها بالنصر في غير ما آية من كلام الله تعالى وغير ما حديث من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ï´؟ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ï´¾ [غافر: 51] ï´؟ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ï´¾ [الحج: 40]، ï´؟ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾ [الروم: 47]، ï´؟ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ï´¾ [محمد: 7]. ولأن الداعي لله تعالى يجد من الآيات والأدلة والبراهين على صحة الدعوى ما لم يجده داع لغير الله عز وجل.

ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد



ولأن الفطر مستقر فيها معرفة الله تعالى بآياته ونعمه أما كيف تكون الدعوة إلى الله تعالى فإنك تجده في القرآن الحكيم وسيرة النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم تجده في قوله تعالى: ï´؟ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ï´¾ [النحل: 125] وفي قوله:ï´؟ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ï´¾ [فصلت:32، 35]، ï´؟ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ï´¾ [الأنعام: 108]، ï´؟ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾ [الأعراف:199، 200] وفي آية هو السميع العليم، وفي قول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم:ï´؟ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ï´¾ [يونس: 31] ï´؟ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا ï´¾ [النمل: 69]، ï´؟ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ï´¾ [سبأ:24، 26] إلخ هذا تعليم الله لرسوله في موضع الرفق والملاينة، وقوله:ï´؟ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ï´¾ [الأنفال: 38]، ï´؟ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ï´¾ [آل عمران: 12] في موضع المخاشنة والوعيد والتهديد ولا ريب أن من الناس من ينقاد بالرفق ويسترقه اللين ويعطفه العتاب، ومنهم من قست قلوبهم وغلظت طباعهم فلا يؤثر فيهم إلا الكلام الشديد كالتهديد والوعيد أو لمعان الحديد وقطع الوريد على أَن الداعي إلى الله لا يمتشق حساماً ولا يكره إنساناً بل يحبب الله إلى عباده ويعرفهم به ويقودهم بالحسنى إليه وإنما يضطر إلى امتشاق الحسام وإشراع الرمح والسنان إذا صودر في دعوته واعتدي على دينه ووقفت شياطين الإنس تحول بينه وبين هداية عباد الله إلى الله وإقامة ما أمر الله به من العدل والإحسان وإزالة ما نهى عنه من الظلم والعدوان وعبادة الأوثان مما يجعل الإنسان الذي كرمه الله أَخس أنواع الحيوان.



ولقد لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة بين قومه ثلاث عشرة سنة يدعوهم باللين والرفق وهم يؤذونه ويؤذون أصحابه بما قدروا عليه حتى هاجروا غير مرة ولم يكف المشركين ذلك حتى بيتوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم آخر الأمر ولولا أنّ الله أمره بالهجرة منها لبقي صابراً محتسباً.



فالدعوة إلى الله تكون بالرفق واللين ومقابلة السيئة بالحسنة والإعراض عن الجاهلين وتحمل أذاهم بالصبر الجميل والدعاء لهم بالهداية إلى أقوم سبيل ولولا أنّ الرفق واللين في الدعوة من أسباب نجاحها وأنهما من الحكمة المشار إليها بقوله تعالى:ï´؟ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ ï´¾ [النحل: 125] لما أمر موسى عليه السلام أن يقول لفرعون حين أمره بالتوجه إليه ودعوته إلى الله ï´؟ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ï´¾ [طه:43، 44] فالقول باللين يشرح الصدر ويفسح للنفس مجالاً للتفكر ويرغبها في القبول وأما الشدة فهي مدعاة للتنفير والإعراض عن الداعي وسبب في صرفه عن الدعوة والاشتغال بما أثار من شَر كان كامناً وفتنة كانت نائمة ومضاعفة مرض كان على وشك الشفاء لو صادف طبيباً ماهراً وسائساً حكيماً فينبغي للداعي إلى الله أن يكون أوسع حلماً ممن يدعوه وأصبر على أذى يلاقيه وأن يكون سخياً في الحق موطناً نفسه على الشهادة في سبيل الله بادئاً من يدعوهم بما هو الأهم، ويجب أن يكن عاملاً بما يدعو إليه وإلا كان عمله المخالف لقوله حجة عليه ومناقضاً لما يدعو إليه.



إن الدعوة إلى الله لا تقوم إلا على أساس التوحيد وإخلاص الداعي لله، فأما إذا كان غير مخلص لم يثمر عمله وإن أثمر في الدنيا لم يكن له عليه ثواب في الآخرة.




المصدر: مجلة الإصلاح، العدد الثالث، ربيع الأول سنة 1347هـ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-02-2020, 01:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,350
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدعوة إلى الله تعالى

الدعوة إلى الله تعالى (3)


الشيخ عبدالظاهر أبي السمح



(الجزء الثالث)







الدعوة إلى الله تستلزم جهاداً وصبراً من الداعي وحلماً ورفقاً بالمدعو. وهذه أركان الدعوة، فإذا جاهد ولم يصبر لم يُنصر، وإن صبر ولم يكن حليماً رفيقاً بالناس لم يظفر بالنجاح، وربما كان ضرره أكثر من نفعه، وتنفيره أكثر من تأليفه، وإفساده أكبر من إصلاحه.







ويشترط في الداعي إلى الله أن يكون على بصيرة مما يدعو إليه عاملاً به، كما يفهم من قوله تعالى: ï´؟ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ï´¾ [يوسف: 108]، ومن قوله عز من قائل: ï´؟ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ï´¾ [محمد: 19] وقوله تعالى في قصة شعيب حاكياً عنه ï´؟ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ï´¾، وقوله تعالى عن نوح عليه السلام ï´؟ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ï´¾ وقوله عز وجل لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -: ï´؟ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ï´¾ [الأنعام:-162 163] أي أول المنقادين المطيعين لما أدعوكم إليه.







فأما إذا كان الداعي على غير بصيرة فيما يدعو إليه فقد ضل وأضل. وكذلك إذا خالف إلى ما ينهى عنه أي تخلف عن رُفقة المطيعين وخالفهم ما نهاهم عنه. وقد قال تعالى ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ï´¾ [الصف:2-3].







فالقائل قولاً لا تصدقه فعاله مخذول مرذول ممقوت عند الله وعند الناس، معدود في زمرة المنافقين المرائين، ومن الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ï´؟ فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾، وإنك لتجد كثيراً من الناس كذلك، وكما قال الشاعر:





إذا ندبوا للقول قالوا فأحسنوا

ولكن حسن القول خالفه الفعل












وقال تعالى في المنافقين ï´؟ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ï´¾ الآيات - وقال ï´؟ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ï´¾ [البقرة: 204].







ومعنى ذلك - والله أعلم - أن قوله مخالف لما في قلبه وأنه إذا تكلم في الدنيا أي في وصفها وشأنها أعجبك كلامه لوصفه إياها بما يطابق الحقيقة من فنائها وعدم بقائها وأنها كعجوز شمطاء تزينت للناس بمتاعها وزخرفتها، وبدت لهم في ثياب الفتيات تغرهم بالآمال وتخدعهم بمزيف الجمال، وهو ألد الخصام أي شديد الخصومة في الباطل إن عرض له منها عارض أو بدت له فيها أية منفعة، فتراه مثلاً يؤوّل الآيات لأجل حطامها، ويضعف الأحاديث طمعاً في وصلها ويحل الشيء عاماً ويحرمه عاماً، وإن وصف لك المتقين خلته منهم، وإن ذم لك المنافقين حسبته من أشد الناس عداوة لهم، ولكنك إذا بلوت أخباره، ورأيت فعاله، عجبت من أحواله، ومخالفة أفعاله لأقواله. فمثل هذا لا يصلح للدعوة إلى الله ولا يكون من أهلها. ولكنه إذا وجد في هذا الزمان يعد من أئمة الإصلاح ويعطى أضخم ألقاب العلم والفضل، وأشرف أسماء السيادة والنبل والذكاء والعقل.







حق على علماء المسلمين في كل بلد وقطر أن يقوموا متضافرين متناصحين داعين إلى الله، ناعين على أهل البدع الشركية بدعهم مقيمين عليهم الحجة رافعين لهم لواء السنة، فإنهم متى رأوا ذلك اللواء في يد ثقاة الأمة انضووا إليه ولحقوا به، وكانوا تحت ظله فكانوا من المصلحين.







فليستعذ العلماء العارفون بالتوحيد من الجبن وحب الدنيا والحرص عليها، ويقوموا على قدم وساق بادئين بما هو الأهم كما في حديث معاذ "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن عليهم خمس صلوات" الحديث - فواجب على العلماء العارفين معنى الشهادتين أن يدعوا الناس إليهما حتى يحققوا العمل بهما إيماناً بالله ورسوله وكفراً بالطواغيت - واجب على العلماء أن يعملوا أمام العوام بما يعلمون ليكونوا لهم خير قدوة يفهمون بها الكتاب والسنة فهماً عملياً، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس بالعمل. والأحاديث الدالة على ذلك في الصحيحين وغيرهما. وكأن علماء التربية في هذا العصر وقفوا على كيفية تعليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاقتدوا به وأصبحوا لا يدخل مدرس المادة من العلم إلا أخذ معه عدة تمثيلية وتصويرية. إن لم يمكنه عمل الشيء بنفسه أو إيجاده تحت حواس المتعلمين، كما في تعليم الكيمياء والطبيعة وغيرهما من العلوم. وبعد فمتى يعود المسلمون إلى دينهم ويعملون بكتاب ربهم وسنة نبيهم. ليعود إليهم عزهم وسيادتهم وملكهم؟ سؤال يخالج كل ذي ضمير حي وعقل سليم. والجواب عليه: إذا وجد دعاة يدعونهم إلى الله بالرفق، ويبينون لهم خطأهم في العقائد ويبصرونهم بالعواقب، ويضربون لهم الأمثال؛ ويتلون عليهم قصص الأمم الغابرة في القرآن، ويخطبون في المساجد والمجتمعات. وأنى لنا بأولئك الدعاة الذين توفرت فيهم شروط الدعوة وأنابوا إلى الله وأخلصوا له؟








أقول - والحزن ملء فؤادي - إنهم قليلون، بل هم أقل من القليل نسأل الله أن يكثرهم في المسلمين وأن يلهم الأغنياء والملوك والأمراء البذل في هذا السبيل وإعداد طائفة من الدعاة والمرشدين. كما أسأله أن يوفقهم للأخذ بأحكام الشريعة الغراء ويقيموا الحدود فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. والسلام.







المصدر: "مجلة الإصلاح"، العدد الأول - 15/2/1347هـ، صـ109



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.31 كيلو بايت... تم توفير 2.63 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]