حقوق الأخوة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 365 - عددالزوار : 78673 )           »          صفحات مِن ذاكرة التاريخ _____ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 26833 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 30275 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 170 - عددالزوار : 53358 )           »          التمدد الشيعي في المغرب العربي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 20 )           »          المشروع الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 774 )           »          الصالون الأدبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 25422 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 43 - عددالزوار : 15713 )           »          وقفات مع حديث الشفاعة العظمى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 5343 )           »          شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 867 - عددالزوار : 75240 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-08-2020, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,000
الدولة : Egypt
افتراضي حقوق الأخوة

حقوق الأخوة


يوسف المطردي







إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].


أما بعد:
كثير منا مرت عليه هذه الآية ﴿ إنما المؤمنون إخوة ﴾، لكن هل هذه الأخوة أمر ظاهري فقط أم أن هناك حقوق مترتبة على هذه الأخوة؟
الجواب: نعم هناك حقوق لهذه الأخوة الإيمانية، وسنذكر شيئا من هذه الحقوق.

الحق الأول: الحب في الله والبغض في الله:
المحبة في الله أمرها عظيم، ولن تستكمل إيمانك إلا بها، روى أبو داود في سننه بسنده عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإيمَانَ)).

فيا ترى صحبتنا مع أصحابنا هل هي لله أم لأمور دنيوية ومكاسب شخصية، هل هي صحبة للطين أم أنها صحبة للدين؟

ما أحوجنا إلى مراجعة صداقاتنا وتصحيح نياتنا حتى نستكمل إيماننا، وحتى نتشرف بهذا الأجر الكبير وهو أن نكون ممن أستكمل إيمانهم.

الحق الثاني: التناصح:
يقول سبحانه في سورة التوبة: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، أولياء وليسوا أعداءً، ركزوا إخوتي أولياء وليسوا أعداء، نتناصح وندل على الخير وننهى عن الشر، لكن لا يكون هناك غل ولا حقد ولا حسد بل إخوة أحباب في الله.

وتتمة الآية: ﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [التوبة: 71]، فعليك أن تأمر أخاك بالمعروف وتنهاه عن المنكر لكن بالمعروف.

والنصيحة كانت من بنود مبايعة الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقد روى البخاري في صحيحه بسنده عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: (( بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ)).

وروى مسلم في صحيحه بسنده عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: (( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلائِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)) والحديث رواه أيضا أبو داود والنسائي وغيرهما.

لسنا ملائكة، وبالتالي كلنا عرضة للخطأ، فلماذا يسب بعضنا البعض، ويبدّع بعضنا بعضاً، بل وصل الأمر إلى تكفير بعضنا بعضا.

الله يخاطب نبيه فيقول له ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125] ما هي الحكمة؟ قال ابن القيم: الحكمة هي فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، وأركانها: العلم والحلم والأناة، وآفاتها وأضدادها ومعاول هدمها: الجهل والطيش والعجلة.


وتأمل معي ماذا قال الله لموسى – عليه السلام – عندما أرسله إلى فرعون، ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً [طه: 43 - 44] قرأ سيدنا قتادة هذه الآية وقال: يا رب! تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون الذي قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى ﴾ [النازعات: 24] أن يقولا له قولاً ليناً؟ فإن كان هذا هو حلمك بفرعون الذي قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى ﴾ [النازعات: 24] فكيف حلمك بعبدٍ قال: ((سبحان ربي الأعلى))؟.

بعضنا إذا سار على طريق الالتزام أخفى الأسنان وعبّس الوجه، وشتم فلان لخطئه، ونشر عيبه وفضحه وانتقص منه، وغاب عنا أيها الإخوة تلك القصة الجميلة التي يتبين لنا منها جمال الرفق المحمدي، لشاب يريد إذنا بماذا؟ إذنا بالزنا، روى الإمام أحمد في مسنده بسنده عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ. مَهْ. فَقَالَ: (( ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا )). قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: (( أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟ )) قَالَ: لا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: (( وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأمَّهَاتِهِمْ )). قَالَ: ((أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ؟ )) قَالَ: لا. وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ قَالَ: (( وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ )). قَالَ: (( أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ )) قَالَ: لا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: (( وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأخَوَاتِهِمْ )). قَالَ: (( أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ )) قَالَ: لا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: (( وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ )). قَالَ: (( أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ قَالَ: لا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: (( وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ )). قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: (( اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ )) قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.

بالله عليك وبدون مجاملة لو جاء إليك شخص وطلب هذا الإذن، ما الرد المتوقع عليه؟
بدون مبالغة لو تكلم شاب اليوم بمثل هذا الكلام اليوم لربما كفره بعض الناس.
فما أحوجنا إخوتي إلى الرفق والرحمة ببعضنا البعض.

الحق الثالث: حفظ اللسان عن إخوانك:
هذه اللحمة الصغيرة كثيرا ما أوقعت القتلى وسببت سفك الدماء وهدّمت الأسر، وغاب عنا قول الله ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

وكثير من المواضيع التي تنقل، إذا سألت ناقلها عن مصدر معلوماته لأجابك وبكل برود: فلان قال، أو الشبكة الالكترونية (النت)، وبعد مدة يسيرة ترى أن ذلك الموضوع كان زورا وبهتانا، روى البخاري في صحيحه بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ )) والحديث رواه أحمد وغيره.

فلنتق الله في أعراض المسلمين فمن حقي عليك وحقك علي أن ندافع عن أعراض بعضنا، لا أن نقع في أعراض بعضنا، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - يحذرنا من خطر الوقوع في اعراض المسلمين، روى الطبراني في الأوسط بسنده عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((الرِّبَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ بَابًا، أَدْنَاهَا مِثْلُ إِتْيَانِ الرَّجُلِ أُمَّهُ، وَأَرْبَى الرِّبَا اسْتِطَالَةُ الرَّجُلِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ )).

وتزداد الكارثة والمأساة حينما يؤكل لحم العلماء أئمة الهدى مصابيح الدجى، فتجد شخصا لا يدري حتى فرائض صلاته فيقع في أهل العلم بالسب والشتم، وهناك كلمة جميلة للحافظ ابن عساكر يقول فيها: (اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني الله وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، اعلم بأن لحوم العلماء مسمومة، وأن عادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب).

الحق الرابع: صفاء القلب لإخوانك المسلمين:
فيجب أن نصفي قلوبنا من الغل والحقد والحسد، روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( لا تَحَاسَدُوا، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا)) وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ (( بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ )).

ولهذا نجد أن من دعاء الصالحين في القرآن الكريم ﴿ ولا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾، فلننتبه لقلوبنا ونطهرها من شوائب الغل والحقد والحسد.

ولتعلم أن صفاء قلبك سبب لدخول جنة ربك، روى الإمام أحمد في مسنده بسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ قَالَ: ((يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، قَالَ: فَاطَّلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ مَاءِ وُضُوئِهِ، مُعَلِّقٌ نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، فَاطَّلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ مَرْتَبَتِهِ الْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-: (( يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، فَاطَّلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ مَرْتَبَتِهِ الأُولَى، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اتَّبَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي لاحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ إِنِّي لا أَدْخُلُ عَلَيْهِ ثَلاثَ لَيَالٍ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَحِلَّ يَمِينِي فَعَلْتَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ ثَلاثَ لَيَالٍ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ، وَكَبَّرَهُ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَيُسْبِغَ الْوُضُوءَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنَّى لا أَسْمَعُهُ يَقُولُ إِلاّ خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلاثُ اللَّيَالِي، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَاللَّهِ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ، وَلا هَجْرٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لَكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلاثَةِ مَجَالِسَ: ((يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، فَاطَّلَعْتَ أَنْتَ فِي تِلْكَ الثَّلاثِ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ؛ فَأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ؟ فَأَقْتَدِيَ بِكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلاّ مَا رَأَيْتَ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ، دَعَانِي، وَقَالَ: مَا هُوَ إِلاّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لا أَجِدُ فِي نَفْسِي غِلاّ لأحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلا أَحْسِدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لا نُطِيقُ.

فهنيء لمن صفا قلبه من الغل والحقد والحسد، ونال محبة الله، وأحب الخير لإخوانه، جعلني الله وإياكم ممن هذا وصفه.

الحق الخامس: الزيارة في الله:
روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (( أَنَّ رَجُلا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ، عَلَى مَدْرَجَتِهِ، مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ )) والحديث رواه أحمد وغيره.

فزار صاحبه لا لمصلحة ولا لتجارة ولا لمصالح دنيوية، بل زاره لأنه يحبه في الله، ولم يكن المكان قريبا، بل سافر من قرية إلى قرية، وبهذه الزيارة نال محبة الله.

الحق السادس: إعانة أخوك المسلم في حاجته:
روى الطبراني في الأوسط بسنده عن ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ )) والحديث حسنه الألباني.


فهذه - إخوتي - بعضٌ من حقوق الأخوة التي تربط بيننا، ونسأل الله العظيم أن يديم بيننا الألفة والمحبة والمودة، وأن يرفع من بيننا الشقاق والخلاف، اللهم آمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.51 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]