|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تعاطي أسباب الرخص وإناطتها بالمعاصي مقالات في الرخصة والعزيمة (9) د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن لو تعاطى المكلَّف سبب الترخص حتى يتوصَّل به إلى الرخصة، فهل يحلُّ له ذلك أو لا؟ ذكر الزركشيُّ: أن تَعاطي سبب الترخص لِقصْد الترخص لا يُبيح: كما إذا سلك الطريق الأبعد لغرض القصرِ، لم يقصر في الأصحِّ، وكما لو سلك الطريقَ القصير ومشى يمينًا وشمالاً حتى بلغَت المرحلة مرحلتَيْن، وقريب من ذلك ما لو دخل المسجدَ في أوقات الكراهة لقصد صلاة التحية لا يصحُّ[1]. وإني مع الزركشي في أن تَعاطي سبب الرخصة للوصول إليها لا يصحُّ، ولكنا سنرى صورًا نضطر فيها إلى الأَخْذ بالرخصة مع تعاطي سببها؛ كما في حالة من تعمَّد كسر يده أو رجله؛ حتى يأخذ برخصة التيمُّم والمسح على الجبيرة، أو من أراقَ الماء الذي معه كي يأخذَ برخصة التيمُّم، وله أن يأخذ حينئذ بالرخصة مع الكراهة. ولذا يقول ابن اللحَّام: "ومن الرُّخص ما هو مكروه؛ كالسفر للترخُّص، قال صاحب "المحرر": "يُكره قصدُ المساجد للإعادة؛ كالسفر للترخُّص"، قلت: قصد الإعادة ليس برخصةٍ حتى يقاس عليه قصدُ السفر للترخُّص، وظاهر كلام صاحب "المحرر" لا فرق بين الصوم وغيره، وقد ذكر غيرُه من الأصحاب: لو سافر ليفطر أو يقصر حرما" اهـ[2]. إناطة الرخص بالمعاصي: لقد اختلف الفقهاء في جوازِ الأَخْذ بالرخص إذا أُنيطت بالمعاصي، وكانت المعصية سببًا لها على قولين: القول الأول: عدم جواز الأخذ بالرخص: وهو ما عليه جمهورُ العلماء والأئمة الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد[3]. والقاعدة الفقهية عندهم: أن (الرخص لا تُناط بالمعاصي)[4]. القول الثاني: جواز الأخذ بالرخص: وهو ما عليه أبو حنيفة وأصحابُه، وأبو ثورٍ والثوري[5]. وهؤلاء لا يُسلِّمون بالقاعدة الفقهية (الرخص لا تُناط بالمعاصي)، ولا عَلاقة عندهم بين المعصية والرخصة. والراجح عندي: أن الرُّخص لا تناط بالمعاصي، وهو ما عليه الجمهور؛ لأن الرخصة منحةٌ من الله تعالى لا ينالها إلا طائع، وهي نوعٌ من التخفيف والتيسير على المكلف، والعاصي ليس أهلًا لذلك. وهناك فرق بين كون المعاصي أسبابًا للرُّخص وبين مقارنة المعاصي لأسباب الرخص: أما الأولى: فممنوعة، ولا يجوز الترخُّص بسببها. وأما الثانية (وهي مقارنة المعاصي لأسباب الرخص): فإنها لا تمتنع إجماعًا. ولذا؛ كان هناك فرقٌ بين المعصية بالسفرِ والمعصية فيه، فمن سافر للزنا أو للتجارة في الحرام كان سفرُه معصيةً، والرخصة منوطة به دائمة بدوامه، فتحرمُ عليه ما دام على معصيته. ومن سافر سفرًا مباحًا؛ نحو: طلب العلم، أو صلة لرحم، أو تجارة حلال، ثم عصى في سفره، كان سفره مباحًا، والرخصة في حقِّه جائزة؛ لأنها منوطة بالسفر المباح؛ ولذا فيجوز له القصر والفطر[6]. [1] المنثور: 2 / 170. [2] القواعد والفوائد: ص: 101، 102. [3] انظر: الهداية: 1/ 88، وبداية المجتهد: 1/ 168، والوجيز: ص: 47، وشرح المهذب: 1/ 337، والميزان: 1/ 314، والكافي: 1/ 306. [4] انظر: الأشباه والنظائر؛ للسيوطي: ص: 140، والمنثور في القواعد: 2/ 167، والقواعد الفقهية: ص: 314. [5] انظر: بداية المجتهد: 1/ 168، والهداية: 1/ 88. [6] انظر: الفروق: 2/ 33، 34، والأشباه والنظائر؛ للسيوطي: ص: 140.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |