|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مصاب الأمة بفقد العلماء إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ماجد بن عبد الرحمن آل فريان الخطبة الاولى أما بعد : فيا عباد الله ، اتقوا الله حق التقوى . معاشر المسلمين : لقد بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الخلق على حين فترة من الرسل، وقد مقت أهل الأرض عربَهم وعجمَهم إلا بقايا من أهل الكتاب، ماتوا أو أكثرهم قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم، والناس إذ ذاك في جاهلية جهلاء، يعبدون الأصنام، ويأكلون الميتة، ويأتون الفواحش، ويقطعون الأرحام، ويأكل القويُ منهم الضعيف؛ فبعث الله لهم محمداً صلى الله عليه وسلم يعرفون نسبه ويعرفون صدقه ويعرفون أمانته وعفته، فهدى اللهُ الناسَ ببركة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هدايةً جلَّت عن وصف الواصفين، وفاقت معرفة العارفين، حتى حصل لأمته عموماً ولأولي العلم منهم خصوصاً، من العلم النافع والعمل الصالح، والأخلاق العظيمة، والسنن المستقيمة، ما يعتبر منَّة عظمى تفضل الله بها على عباده حيث قال: ” لقد منَّ الله على المؤمنين إذا بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ” . ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّ له تركة وميراثاً، لا يمكن أن يُختص بها إلا من أراد الله له الخير، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا الميراث ليس من فئة الدينار والدرهم، وإنما هو ميراث معنوي من فئة العلم الذي من تحصل عليه فإنما تحصَّل على خير عظيم. قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ” إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ و إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَه أَخَذَ بِحَظٍّ وافر” رواه أبو داود والترمذي وغيرهم . معاشر المسلمين: إن العلماء يقومون في الأمة مقام الأنبياء، يبصرونها الهدى، ويجنبونها الردى، ويمسكون بِحُجَزها أن تسلك درب ضلالة، أو تقع في هاوية غواية. إن العلماء في الأمة بمنزلة العينين من الرأس، وهم الذين يبصرون الأمة بدينها ويوقعون عن الله في وقائع حياتها، فتصدر الأمة عن أحكامهم وتقتفي فتياهم واجتهادهم. وحيث كان العلماء من الأمة بهذه المثابة وتبوَّئوا منها هذه المرتبة فإن رزيتها بفقدهم من أعظم الرزايا وأقساها، وإن فقد العالم ليس فقداً لشخصه، وليس فقداً لصورته، ولا لحمه ودمه، ولكنه فقد لجزء من ميراث النبوة، بحسب ما قام به العالم من الجهد والتحقيق، وهكذا يختلس العلم ويقبض بقبض حملته الذين هم العلماء. وكيف لا يكون فقد العلماء مصيبة وهم الذين يحفظون الدين ويحوطونه من الأفهام الخاطئة والأقوال الحادثة، ويكشفون زيف الطفيليات التي تعلق به وليست من أهله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين). كيف لا يكون فقد العلماء مصيبة وهم الذين أشرق وجودهم وبقاؤهم أصحاب البدع والضلال، وأصحاب الأهواء والشهوات، كلما أرادوا في الدين إحداثاً، وفي الأخلاق إفساداً. كيف لا يكون فقد العلماء مصيبة وهم الذين يجابهون المكتشفات الحديثة التي يكتشفها أهل الأهواء، إذ يطالعوننا بين يوم وآخر بمكتشفات في دين الله لم يكتشفها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر، ثم اكتشفها مغموص بالنفاق وسيء الأخلاق لا يحافظ على الصلاة ولا يجيد قراءة القرآن، ويكتشف تحليل ما حرم الله، بالتأويل الفاسد، والفهم السقيم، يحسب الدين شركة مساهمة يزيد فيه من أحب، ويساهم فيه من أراد. كيف لا يكون فقد العلماء مصيبة ونحن نرى أن أهل الأهواء هم أول الفرحين بفقدهم، وقد كانوا يتعرضون لهم في حياتهم بالسخرية بهم، والتقليل من شانهم، والتحريض عليهم، فإذا ماتوا رأوا في ذلك فرجاً ومخرجاً، وتحطماً للسد المنيع الذي يحول بينهم وبين ما يشتهون. أن المصيبة بفقد العلماء كبيرة، والرزية بنقصهم وقلتهم وتتابع موتهم لا تخفى على ذي بصيرة. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ” خُذُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ “. قَالُوا : وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَفِينَا كِتَابُ اللَّهِ قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: ” ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ أَوَلَمْ تَكُنِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمْ شَيْئًا، إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ، إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ ” رواه أحمد والدارمي . وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: ” هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ ” فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ، فَوَ اللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم :” ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا يُغْنِي عَنْهُمْ ؟ ” رواه الترمذي والدارمي . وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ” رواه البخاري ومسلم . أن فقد العالم لا يعوِّض عنه مال ولا عقار، ولا متاع ولا دينار، بل إن فقده مصيبةٌ على الإسلام والمسلمين لا يعوض عنها شئ من متاع الدنيا، وهو ثلمة في دين الناس ودنياهم، قال ابن مسعود رضي الله عنه : ” موت العالم ثلمة في الإسلام لا يعوض عنه شيء ما اختلف الليل والنهار ” رواه ابن عبد البر. قال ـ سبحانه ـ : ” أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ” قالابن عباس : ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها. وطلب العلم الشرعي عبادة عظيمة، وحاجة الناس إليه حاجة دينية، وهي أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب وفنون الطب والهندسة والعمارة، ولا يطلب العلم ويدرَّسُ من أجل سوق العمل، وإنما من أجل حفظ الدين، وحياطة الشريعة، حتى لو لم يجد العلماء وطلبة العلم في سوق العمل وظيفة، ولا بد أن يعود العلم الشرعي لله تعالى، فما كان يطلبه العلماء إلا لله، ولا كان يدرَّس إلا لله، فما بال هؤلاء الدنيويون لا يكادون يفقهون حديثاً. معاشر المسلمين: وإن المتبصر في حزن الأمة على العلماء دون غيرهم، وبكائهم عليهم، وتأثرهم بفقدهم يدرك قيمة العلم الشرعي، ونفعه المتعدي، وعظيم بركته على الخلق كلهم، فلم تبك الأمة بكاملها على الأطباء ولا المهندسين، ولا أصحاب المناصب والوجيهين، وإنما بكت على فقد علماء الشريعة، وحزنت على فقد ورثة الأنبياء الذين يوقعون عن الله في قضايا الأمة ومستجدات العصر. وقد نفى الله سبحانه التسوية بين أهل العلم وبين غيرهم، كما نفى التسوية بين أصحاب الجنة وأصحاب النار، فقال تعالى : ((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) كما قال : ((لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون)). ولعل الله أن يكتب الخلف على المسلمين، في تيسير مَنْ يخلُف العلماء الربانيين، من طلبة العلم والشباب الطامحين، فليس على الله بعزيزٍ أن يكون في شباب الإسلام من يستنهض همته ما يرى من تتابع موت العلماء، وانفراط عقد الفقهاء فيكون ذلك حافزاً له على طلب العلم، والاجتهاد في تحصيله، والثبات عليه والتفرغ له. قال أبو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه : ” مَا لِي أَرَى عُلَمَاءَكُمْ يَذْهَبُونَ وَجُهَّالَكُمْ لَا يَتَعَلَّمُونَ فَتَعَلَّمُوا قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ فَإِنَّ رَفْعَ الْعِلْمِ ذَهَابُ الْعُلَمَاءِ “. فيا شباب الإسلام ألا يجدر بكم أن تبذلوا الجهد لتحصيل العلم النافع ؟ لتفوزوا بإرث الأنبياء الكرام، وتكونوا عزاء لأمتكم في فقد علماء الإسلام. (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون). بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم الخطبة الثانيـــة : الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وصلاة الله وسلامه على أشرف رسله وخاتم أنبيائه نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد : فيا عباد الله اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ عنهم شذ في النار. معاشر المسلمين: قال كميل بن زياد النخعي: أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيدي فأخرجني ناحية الجبانة، فلما أصحر جعل يتنفس، ثم قال: يا كميل بن زياد، القلوب أوعية، فخيرها أوعاها للخير. احفظ عني ما أقول: الناس ثلاثة؛ فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلِّ ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكوا على الإنفاق، والمال تنقصه النفقة، العلم حاكم والمال محكوم عليه، ومحبة العلم دين يدان بها، العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته، وصنيعة المال تزول بزواله، مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم القلوب موجودة … الخ ما قال رضي الله عنه. قال أبو بكر الخطيب : هذا حديث حسن من أحسن الأحاديث معنى، وأشرفها لفظاً، وتقسيم أمير المؤمنين للناس في أوله في غاية الصحة ونهاية السداد؛ لأن الإنسان لا يخلو من أحد الأقسام التي ذكرها مع كمال العقل وإزاحة العلل، إما أن يكون عالماً أو متعلماً، أو مغفلاً للعلم وطلبه ليس بعالم ولا طالب للعلم. أ. هـ فالعلماء والمتعلمون هم القسم المرحوم، وهم أئمة الأنام و زوامل الإسلام، يحفظون على الأمة معاقد الدين ومعاقله، ويحمون من التغيير والتكدير موارده ومناهله، وهم الذين قال فيهم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في خطبته المشهورة في كتابه الرد على الزنادقة والجهمية : (الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل على الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم !!، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين). وأما القسم الأخر في كلام أمير المؤمنين فهو القسم المحروم، وهم المغفلون للعلم وطلبه، وسماهم بالهمج الرعاع أتباع كل ناعق، لأنهم لجهلهم يستجيبون لكل دعوة سواء كانت حقاً أم باطلاً، وهؤلاء من أضر الخلق على الأديان كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : فهم الأكثرون عدداً، الاقلون عند الله قدراً، وهم حطب كل فتنة، بهم توقد الفتن، ويشب ضرامها، ويعتزلها العلماء وأهل الدين، ويتولاها الهمج الرعاع، الذين يميلون مع كل ريح، وليس لهم علم ولا نور يفرقون به بين الحق والباطل، فهم كما قال الله عز وجل : (أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها). نسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعل علمنا حجة لنا لا حجة علينا، ونسأل الله أن يغفر لعلمائنا ومشايخنا، وأن يرفع درجتهم في المهديين، ويخلفهم في عقبهم في الغابرين، ويجمعنا بهم في جنات النعيم، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والصالحين. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ….
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |