قاعدة لا ينسب إلى ساكت قول - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         من هو المكلّف بالفرض الكفائي؟ قراءة في قاعدة الشاطبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          موقع العقل وأهمية عمل القلب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مراجعة كتاب : عبقرية اللغة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          العدول عن الأضحية إلى التبرع لأهل غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أفضل أيام الدنيا العشر المباركات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 5 )           »          عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4884 - عددالزوار : 1888588 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4452 - عددالزوار : 1217123 )           »          فضل الذكر في العشر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          عبادة المراغمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-12-2020, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,189
الدولة : Egypt
افتراضي قاعدة لا ينسب إلى ساكت قول

قاعدة لا ينسب إلى ساكت قول
أ. د. محمد جبر الألفي
دلالة السكوت في الفقه الإسلامي


تمهيد:
يُراد بالسكوت في مجال التعبير عن الإرادة: التزام موقف سلبي لا يعبر فيه الشخص عن إرادته بأية وسيلة يمكن الاعتداد بها[1].

وقد يكون هذا الموقف السلبي مجردًا عن جميع الملابسات والقرائن، ولكنه في بعض الحالات تحف به قرائن وملابسات خاصة يمكن أن يستنبط بواسطتها من السكوت معنًى، وبيان ذلك يقتضي أن نقسم هذا الفصل إلى فروع ثلاثة:
الفرع الأول: القاعدة العامة: "لا يُنسَب إلى ساكت قول" أصلها وتطورها في الفقه المقارن، دلالتها ومسوغاتها.
الفرع الثاني: الاستثناء: "السكوت في معرض الحاجة بيانٌ" معناه، وموقف المذاهب الفقهية إزاءه، وتطبيقات الفقه له.
الفرع الثالث: التأصيل الفقهي لمستثنيات قاعدة: "لا يُنسب إلى ساكتٍ قول"، والمسوغات التي حَدَتْ بالفقهاء إلى اعتماد هذه الاستثناءات.

القاعدة العامة: "لا يُنسب إلى ساكتٍ قول":
أصل القاعدة وتطورها:
أول من صاغ هذه القاعدة - فيما نعلم - هو الإمام الشافعي، وذلك في معرض إنكاره "الإجماع السكوتي"، وهذا نص عبارته: "لا يُنسب إلى ساكتٍ قول قائل، ولا عمل عامل، وإنما ينسب إلى كلٍّ قولُه وعملُه"[2]، ثم تناول الماوردي هذا الموضوع، ليقرر أن لفقهاء الشافعية فيه وجهين: "أحدهما - يكون إجماعًا لا يسُوغ معه الاجتهاد، والوجه الثاني - لا يكون إجماعًا، والاجتهاد معه جائز؛ لأن من نسَب إلى ساكت قولًا أو اعتقادًا فقد افترى عليه، وسواءٌ كان هذا القول حُكمًا أو فتيا"[3]، وانتقلت القاعدة إلى كتب الأصول[4] والمجاميع الفقهية في مختلف المذاهب[5]، إلى أن استقرت في مجلة الأحكام العدلية (المادة 67)[6].

دلالة القاعدة:
جاء في مجلة الأحكام العدلية (م: 67): "لا يُنسب إلى ساكتٍ قول، يعني لا يقال لساكت: إنه قال كذا..." [7]، وهذا تصوير واضح للوضع السلبي الذي يتخذه الساكت؛ حيث لا يعبر عن أية إرادة، ولا ينبئ عن أية دلالة، وهو كذلك تصوير للسكوت المجرد الذي لا يمكن أن يكون له معنى؛ لأنه أمر باطني يتضمن احتمالات متضاربة، فلا يجوز الاعتداد به في مجال الدلالات الشرعية، ولا يترتب عليه أي التزام[8].

تطبيقات القاعدة:
أورد الفقهاء عدة تطبيقات لقاعدة: "لا يُنسب إلى ساكتٍ قول"، ونحن نكتفي بذكر بعضها على سبيل المثال:
أ- لا تثبت الإعارة بالسكوت، فلو طلب شخص من آخرَ إعارةَ شيء، فسكت المالك، فلا يُعَد سكوته قبولًا[9].
ب- لو سكتت الثيب عند الاستئذان في النكاح، لم يقُمْ مقام الإذن قطعًا[10].
ج- لو رأى أجنبيًّا يبيع ماله، فسكت ولم ينهَه، لم يكن وكيلًا بسكوته[11].
د- لو رأى المرتهن الراهن يبيع الرهن، لا يكون سكوته إجازة، ولا يبطل الرهن[12].
هـ- إذا باع إنسان سلعة، وصاحبها حاضر لم يأذن ولم يتكلم ولم ينكر، لم يصح البيع[13].

مسوغات القاعدة:
يكاد الفقهاء يتفقون على أن قاعدة: "لا يُنسب إلى ساكتٍ قول" تجد مسوغها في أن السكوت يقع موقع الاحتمال، "والمحتمل لا يكون حجة"[14].
وبيان ذلك: أن من ينسب إلى ساكت قولًا أو اعتقادًا، حُكمًا أو فتيا، فقد افترى عليه[15]؛ لأن الشرع ربط أحكام المعاملات بالتعبير المتيقن عن إرادة الالتزام، والساكت لم يعبر عن شيء، ودلالة السكوت مشكوك فيها، وحينئذ يكون الأليق بحالة السكوت تطبيق القاعدة الفقهية الأساسية المشهورة في جميع المذاهب: "اليقين لا يزول بالشك"[16].

وهذا ما عبَّر عنه السرخسي بقوله: "إن سكوت المالك حين يرى الغير يبيع ملكه محتمل، قد يكون بطريق الرضا، وقد يكون بطريق التهاون وقلة الالتفات إلى تصرف الفضولي، وقد يكون بطريق التعجب؛ أي: لماذا يفعل هذا في ملكه بغير أمره، وإلى ماذا تؤول عاقبة فعله؟ والمحتمل لا يكون حجة"[17].

[1] ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، مادة "سكت"، ومما جاء فيه: "السكت والسكوت خلاف النطق... وقيل: سكت: تعمَّد السكوت... وفي حديث أبي أمامة: وأسكت واستغضب ومكث طويلًا؛ أي: أعرَض ولم يتكلَّم".
سوار، وحيد الدين، التعبير عن الإرادة في الفقه الإسلامي، الطبعة الثانية، الجزائر، ص264، 1979م.
فرج، عبدالرزاق حسن، دور السكوت في التصرفات القانونية، القاهرة، ص10، 1980م.
القره داغي، علي محيي الدين، مبدأ الرضا في العقود، دار البشائر، بيروت، الجزء الثاني، ص965، 1985، ليتمان، السكوت وإنشاء العقد، رسالة بالفرنسية، قدمت إلى جامعة ستراسبورغ، ص1 - 2، 1969م.

[2] الشافعي، محمد بن إدريس، الأم، ج1، دار المعرفة، بيروت، ص152، 1381هـ، وانظر: السيوطي، الأشباه والنظائر، ص142.

[3] الماوردي، علي بن محمد بن حبيب، أدب القاضي، تحقيق محيي هلال السرحان، ج1، بغداد، ص466 - 467، 1391هـ، 1971.

[4] على سبيل المثال: ابن ملك، عز الدين عبداللطيف، شرح المنار للنسفي، الأستانة، ص240، 1314/ 1315هـ.

[5] في الفقه الحنفي، السرخسي، محمد بن سهل، المبسوط، ج2، القاهرة، ص140، 1324هـ.
ابن نجيم، زين العابدين إبراهيم، الأشباه والنظائر ومعه: غمز عيون البصائر للحموي، ج1، بيروت، ص428، 1405هـ، 1985م، وفي الفقه المالكي: الدردير، أبو البركات أحمد، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، ط عيسى الحلبي، ج2، القاهرة، ص227، وفي الفقه الشافعي: الزركشي، محمد بن بهادر، المنثور في القواعد، تحقيق تيسير فائق، ج2، الكويت، ص205، 1402هـ، 1982م، السيوطي، جلال الدين عبدالرحمن، الأشباه والنظائر، ط مصطفى الحلبي، القاهرة، ص142، 1378هـ، 1959م، وفي الفقه الحنبلي: ابن قدامة، عبدالله بن أحمد بن محمد، المغني، ط مكتبة الرياض الحديثة، ج6، ص493، وانظر كذلك: ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد، المحلى، دار الاتحاد العربي، ج9، القاهرة، ص444، 1389هـ، 1969م.

[6] باز، سليم بن رستم، شرح المجلة، بيروت، ص47، 1888.

[7] باز، المرجع السابق، ص47.

[8] محمصاني، صبحي، النظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية، ط2، بيروت، ص308، 1972، سوار، مرجع سابق، الزرقا، أحمد بن محمد، شرح القواعد الفقهية، ط2، دار القلم، دمشق، ص327، 1414هــ، 1993م.

[9] قاضي خان، محمود الأوزجندي، الفتاوى الخانية، مطبوع مع الفتاوى الهندية بالمطبعة الميمنية، جـ3، مصر، ص417، 1323هـ.

[10] السيوطي، الأشباه والنظائر، ص142.

[11] ابن نجيم، الأشباه والنظائر، ص438.

[12] باز، شرح المجلة، ص47.

[13] النووي، محيي الدين يحيى بن شرف، المجموع شرح المهذب للشيرازي، جـ9، مصر، ص287، 1344 - 1353هـ، ابن قدامة، المغني، جـ4، ص206، الحلي، جعفر بن الحسن، شرائع الإسلام، جـ1، مطبعة الآداب، النجف، ص165، 1389هـ.

[14] ابن ملك، شرح المنار، ص240.

[15] الماوردي، أدب القاضي، جـ1، ص467.

[16] الندوي، علي أحمد، القواعد الفقهية، دار القلم، ط2، دمشق، ص313، 316، 419، 1412هـ - 1991م، وانظر في قاعدة: "اليقين لا يزول بالشك"، الكرخي، عبيدالله بن الحسين، رسالة في الأصول، مطبوعة مع تأسيس النظر للدبوسي، مطبعة الإمام، القاهرة، ص110، السيوطي، الأشباه والنظائر، ص7، النووي، المجموع، جـ1، ص205، البناني، عبدالرحمن، حاشية على شرح جمع الجوامع للجلال المحلي، طبعة عيسى الحلبي، مصر، جـ2، ص290، 1336هـ، 1913م.

[17] السرخسي، المبسوط، جـ20، ص140.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.96 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]