|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الجنة تفتح في رمضان، فهل من مقبل بالخير والقرآن؟ خميس النقيب الجنةُ مفتَّحة أبوابها، والنار مغلقة أبوابها، السُّبل معبَّدة، والشياطين مقيَّدة، والوساوس مصفَّدة، كل ذلك إذا أقبل رمضان؛ شهر القرآن، شهر الإحسان، شهر عِباد الرحمن، الله يحطُّ فيه الخطايا وينزِل فيه الرحمةَ، ويباهي بعباده الصوامين الملائكة، ويرى فيه تنافسَهم في الخير...، شهر زيادةِ الأرزاق، وتحسين الأخلاق، ومضمار السباق، تتألَّق فيه مزايا الإسلام وفيه تصفو نفوسُ الصائمين. أخلاق عظيمة، وقِيَم عالية، وآداب رَفيعة من خلال فرائضه، المؤمن يسمو أخلاقًا، ويزداد إيمانًا، ويعلو روحًا، ومن خلال نوافله يرقى الصائم سلوكًا، ويبقى سعيدًا، وينقى فريدًا، بتأدُّبه مع خالقه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء رمضان فُتِّحـت أبوابُ الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين))؛ رواه مسلم. يدلُّ هذا الحديث العظيم على ثلاثة أشياء يتميَّز بها شهرُ رمضان المبارك عن غيره من الشهور: أولاً: ((تُفتَّح أبواب الجنة))؛ ترغيبًا للعاملين لها بكثرة الطاعات من صلاةٍ وصيامٍ وصدَقةٍ وذِكرٍ وقراءةٍ للقرآن وغير ذلك. ثانيًا: ((تغلق أبواب النيران))؛ وذلك لقلَّة المعاصي فيه من المؤمنين. ثالثًا: ((وصُفِّدت الشياطين))؛ أي: شُدَّت بالأصفادِ وهي الأَغلال، وهو بمعنى سُلسِلَت، والمراد بالشياطين المَرَدَة منهم - كما جاء ذلك في رواية أخرى - وهم أشدُّ الشياطين عداوةً وعدوانًا على بني آدم، والمعنى: تُغلُّ أيديهم حتى لا يخلصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيرِه، وكلُّ هذا الذي أَخبر به نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم حقٌّ، وقد أخبر به نُصحًا للأمة، وتحفيزًا لها على الخير، وتحذيرًا لها من الشرِّ. في الصوم: تجد المؤمنين صوَّامين قوَّامين، شكَّارين ذكَّارين، منيبين مخبتِين، والصوم نصف الصَّبر، والصبر نصف الإيمان، والإيمان ما وَقَر في القلب وصدَّقه العملُ، والصبر من الأعمال التي أجرها بلا حساب، كيف؟ ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، قال العلماء: يُغرَف لهم من الحسنات غرفًا، الأيام تتوالى، والليالي تتسارع، الزَّمن يدور، والحياة تسير مِن عامٍ إلى عام تنقل الإنسان، وتحمل لنا البشرى بقدوم شهر رمضان، تزيد الصائم من الإيمان، وتدفعه إلى البرِّ والإحسان، وتأخذه إلى الرحمة والغفران، وترشده إلى العتق من النيران... يقول الحسن البصري رحمه الله: إنَّ الله جعل شهر رمضان مِضمارًا لخلقه يستبقون فيه بطاعتِه إلى مرضاته، فسبق قومٌ ففازوا، وتخلَّف آخرون فخابوا! فالعجب من اللاَّعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسِنون، ويخسر فيه المبطلون! الصَّائم يصبر على الجوع والعطَش وحقِّه من زوجته في نهار رمضان، يصبر على الطَّاعة؛ فيصلِّي ويزكِّي ويقرأ القرآن ويصل الرَّحِم، يصبر عن المعصية؛ فلا يرتكبها. والصيام نفسُه من الأعمال التي أَجْرُها على الله وحده، كيف؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عزَّ وجلَّ: كلُّ عمل ابنِ آدم له، إلاَّ الصوم؛ فإنَّه لي وأنا أجزي به))؛ رواه الشيخان، فلم يحدِّد الأجر، وينادي مُنادٍ يوم البعث: أين الذين أَجْرهم على الله؟ فيُقبِل الصابرون والصائمون والعافون عن الناس، الصوم إذًا عفوٌ وصبر، وهو سِرٌّ بين العبد وربِّه، فالمؤمن الصائم يتأدَّب مع الله في صومه وفطرِه، في ترحاله وحلِّه، في قوَّته وضعفه، في غناه وفقره، في يُسره وعُسْره... في الصلاة: تجد المصلِّي الذي أقبل على ربِّه قائمًا بجوارِحه، خاشعًا بقلبه، راقيًا بنفسه، متواضعًا مع غيره، يتعلَّم من خلالها مراقبةَ الله تعالى في جميع أَحواله، ألزَم نفسَه الكفَّ عن كلِّ حركة وإن كانت مباحة خارجَ الصلاة، وكفَّ لسانَه عن كلِّ قول غير أذكارِ الصلاة...، يتعلَّم من ذلك كيف يكفُّ لسانَه عمَّا حُرِّمَ عليه خارجها؛ مِن غيبة، ونميمة، وكذب، وفحشٍ، فيعيش نزِيه اللِّسان، عفيف النُّطق، حريصًا على القول الحسن. وألزَم نفسَه النظرَ إلى موضع سجوده؛ يتعلَّم منه كيف يغضُّ عن الحرام بصرَه خارجَها. وألزم سمعَه الإنصاتَ لتلاوة إِمامه، ومنعه استماع كلِّ قولٍ عداه وإن كان مباحًا؛ يتعلَّم كيف يمنع سمعه الإنصات لكل قول سيِّئ. وألزم يدَه أن تقبض يمناه على يسراه حال قيامِه، ومنعها كلَّ حركة مباحة عداها؛ يتعلَّم منها كيف يكفُّ يده عن البطش في الحرام، من سرقةٍ، وإيذاءٍ للخلق، وهكذا في جميع جوارحه. وبذلك تكون صلاتُه ناهيةً عن المنكرات، محرِّضة له على الصالحات، محفِّزة على فعل الخيرات، قال الله تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]. وفي الزكاة: شهر الصوم موسم البذل والعطاء، موسم الإنفاق والسَّخاء، موسمٌ للأيتام والفقراء، موسم الجود والكرَم، من فطَّر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه، وعتقًا لرقبته من النار، وكان له مثل أَجْر الصائم لا يَنقص من أجر الصائم شيئًا، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ربِّه العبدَ الطائع، ومع نفسه الرسولَ القانع، ومع النَّاس الجوادَ الكريم، ومع أهله المحبَّ الودود؛ روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلَّم أجودَ النَّاس، وكان أجود ما يكُونُ في رمضان حين يلقاه جبريلُ، وكان يلقاه في كلِّ ليلةٍ من رمضان فيُدارِسُه القُرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الرِّيح المُرسَلة"، وفي رواية أحمد زيادة "لا يُسأل عن شيءٍ إلاَّ أعطاه". وقد حثَّ الله عبادَه المؤمنين على الإنفاق من طيِّبات ما كسبوا وممَّا أخرجه الله لهم من الأرض، كما نهاهم وحذَّرهم من النَّفَقة من كلِّ مالٍ خبيث؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267]. عن البراء بن عازب رضي الله عنه في قول الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 267]، قال: نزلَت في الأنصار، كانت الأنصارُ إذا كانت أيام جذاذ النَّخل أخرجَت من حيطانها البُسْر فعلَّقوه على حَبْلٍ بين الأسطوانتين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأكل فقراءُ المهاجرين منه، فيعمد الرجلُ منهم إلى الحَشَف فيُدخله مع أَقْناء البُسر يظنُّ أنَّ ذلك جائز، فأنزل الله فيمن فعل ذلك: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾. يتأدَّب المخلوقُ مع خالقه، والمرزوقُ مع رازقه، في صومِه وفي صلاته، وفي حجِّه وفي زكاته، وفي تلاوته للقرآن، اللهم سلِّمنا رمضان وتسلَّمه منا متقبلاً.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |