|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الصراط يوم القيامة: أدلته، وصفته، وأحوال الناس عليه، وآثار الإيمان به الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري الحمدُ للهِ الذي أسكَنَ عبادَهُ هذهِ الدَّار، وجَعَلَها لهم منزلةَ سَفَرٍ منَ الأسفارِ، وجَعَلَ الدَّارَ الآخرةَ هيَ دارُ القَرارِ، وجعَلَ بينَ الدُّنيا والآخرةِ برْزَخَاً يَدُلُّ على فَنَاءِ الدُّنيا باعتبار، وهُوَ في الحقيقةِ إمَّا روضةٌ من رياضِ الجنَّةِ أو حُفرةٌ من حُفَرِ النَّار، فسُبحانَ مَن يَخلُقُ ما يَشَاءُ ويَختارُ، ويَرْفُقُ بعبادهِ الأبرارِ، وسبَقَت رحْمَتُهُ بعبادهِ غَضَبَهُ وهو الرَّحيمُ الغفَّار، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريك لهُ الواحدُ القهَّار، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه النبيُّ المختار، المبعوثُ بالتبشيرِ والإنذارِ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وعلى آلهِ وصحبهِ صلاةً تتجدَّدُ بَرَكَاتُها بالعشيِّ والإبكار. أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى، وتذكَّرُوا أنَّ من أركانِ الإيمان: الإيمان باليوم الآخر، ولقد أخبَرَنَا اللهُ في كتابهِ الحكيمِ عن هذا اليومِ وأهوالهِ وعلاماتهِ، وسمَّاهُ سُبحانَهُ بخمسةٍ وعشرينَ اسْمَاً، فسمَّاه باليومِ الآخرِ ويومِ البعثِ والجزاءِ والحشرِ والنشرِ والتنادِ والقيامةِ والساعةِ والحسابِ والفصلِ، وسمَّاهُ بالآزفةِ والواقعةِ والحاقةِ والقارعةِ والطامَّةِ والصاخةِ والغاشيةِ، وسمَّاه بالدارِ الآخرةِ ودارِ القرارِ ودار الخلودِ، وسمَّاهُ بيومِ الخروجِ والخلودِ والحسرةِ والتغابُنِ، وأمَرَنا أن نكون دائماً على ذكرٍ من هذا اليومِ، وأن نذكره كُلَّ يومٍ على الأقل سبع عشرة مرةً في سورة الفاتحةِ: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]، أي: يومُ الجزاء، وكلٌّ من هذه الأسماءِ يَعكِسُ جانباً من عِظَمِ يومِ القيامةِ وفَظَاعتهِ وهولِهِ، ﴿ كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾ [الإنسان: 7]، ﴿ يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 10]، ﴿ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4]، ذكَرَهُ الله لنحذر شرَّ ذلكَ اليومِ ونستعدَّ لَهُ بالإيمانِ والعَمَلِ الصالح والتوبة. أيها المسلمون: إنَّ من أُمور الغيبِ التي تقعُ في ذلك اليومِ ويجبُ الإيمانُ بها: الصراط، وهو جسرٌ مَمدودٌ على مَتْنِ جهنم، يَرِدُهُ الأولون والآخرون، وهو طريقُ أهلِ المحشرِ لدخولِ الجنةِ، وقد دلَّت الأدلةُ من الكتابِ والسُّنةِ على إثباته، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72]، فقد ذهبَ أكثرُ المفسِّرين أنَّ المقصود بوُرودِ النار هُنا: المرور على الصراط، وهو منقولٌ عن ابنِ مسعود وابن عباس وغيرهما، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ثُمَّ يُؤْتَى بالْجسْرِ، فيُجْعَلُ بينَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ) رواه البخاري، وأجمَعَ أهلُ السُّنةِ والجماعةِ على إثباتهِ ووجوبِ الإيمانِ بهِ، قال أبو عمرو الداني: (وقد ذكر الله تعالى الصراط في غير موضع من كتابه، وتواترت الأخبار فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يلحق الناس عليه من الأهوال) انتهى، وقال الأشعريُّ: (وأجمعوا على أن الصراطَ جِسْرٌ ممدودٌ على جهنم، يَجوزُ عليهِ العبادُ بقدرِ أعمالِهِم، وأنهم يَتفاوتون في السُّرْعةِ والإبطاءِ على قدرِ ذلكَ) انتهى، وقال النوويُّ: (وقَدْ أَجْمَعَ السَّلَفُ على إثباتِهِ) انتهى. عبادَ اللهِ: لقد وردَ ذكرُ الصراط في السُّنة النبوية بأوصافٍ دقيقة، وتفاصيل عديدة، مثل: صفة الصراط المتعدِّدة، وبيان حال الأُمم وهي تعبرُ الصراط، وإرسال الأمانة والرَّحم للقيام على جنبتي الصراط، وتواجد البشر على الصراط، سألَ يهوديٌّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (أينَ يكونُ الناسُ يومَ تُبَدَّلُ الأرضُ غيرَ الأرضِ والسَّمَاوَاتُ؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «هُمْ في الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ») رواه مسلمٌ، وشفاعةُ نبيِّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وشفاعةِ إخوانهِ من الأنبياءِ عليهم السلام، ودُعائهم لأُمَمِهِم بالسلامةِ واجتياز الصراط، والإتيان بالموت على هيئة كبش وذبحه على الصراط... إلى غير ذلك مما وَرَدَت به السُّنة. أيها المسلمون: إذا جَمَعَ اللهُ الأولين والآخِرين، وحُشِرَ الناسُ، ويُؤخذ بالكُفَّارِ إلى النارِ، فيبقى مَن ينتسبُ إلى الإسلامِ ينتظرون الله تعالى، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (فيأْتِيهِمُ الجبَّارُ في صُورَةٍ غيرِ صُورَتِهِ التي رَأَوْهُ فيها أَوَّلَ مَرَّةٍ، فيقولُ: أَنا ربُّكُمْ، فيقُولُونَ: أنتَ ربُّنا، فلا يُكَلِّمُهُ إلاَّ الأنبياءُ، فيقولُ: هلْ بينُكُمْ وبَيْنَهُ آيةٌ تعرفُونَهُ؟ فيقولُونَ: السَّاقُ، فيكْشِفُ عنْ ساقهِ، فيَسْجُدُ لهُ كُلُّ مُؤمنٍ، ويَبْقَى مَن كانَ يَسْجُدُ للهِ رِياءً وسُمْعَةً، فيذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ، فيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقَاً واحداً، ثمَّ يُؤْتَى بالْجَسْرِ فيُجْعَلُ بينَ ظَهْرَيْ جهَنَّمَ، قُلْنَا: يا رسولَ اللهِ وما الجَسْرُ؟ قالَ: مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عليهِ خَطَاطِيفُ وكَلاليبُ وحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَها شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ، تكونُ بنجْدٍ، يُقالُ لَها: السَّعْدَانُ، المؤمنُ عليها كالطَّرْفِ وكالْبَرْقِ وكالرِّيحِ وكَأَجاوِيدِ الخَيْلِ والرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وناجٍ مَخْدُوشٌ، ومَكْدُوسٌ في نارِ جَهَنَّمَ، حتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْباً) رواه البخاري. عباد الله: وَصَفَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الصراط في هذا الحديث بعدَّة أوصاف: أولاً: (مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ)، قال ابنُ الأثير: (أرَادَ أنه تزلَقُ عليهِ الأقدامُ ولا تَثْبُتُ) انتهى. ثانياً: له جَنَبتانِ أو حافَّتانِ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (يُحْمَلُ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ القيامةِ، فَتَقَادَعُ بهِمْ جَنَبَتَا الصِّرَاطِ تَقَادُعَ الفَرَاشِ في النَّارِ، فَيُنْجي اللهُ برَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، ثمَّ يُؤْذَنُ للملائكَةِ والنَّبيِّينَ والشُّهَدَاءِ أنْ يَشْفَعُوا) رواهُ الإمام أحمد، وقال الهيثميُّ: (رِجالُهُ رِجالُ الصَّحيحِ) انتهى، ومعنى: (تتقادعُ بهِم) قال ابنُ الأثير: (أيْ تُسْقِطهم فيها بعْضَهُمْ فوْقَ بَعْضٍ). ثالثاً: (عليهِ خَطَاطِيفُ وكلاليبُ وحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ)، وفي روايةٍ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (وفي جَهَنَّمَ كلاليبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هلْ رأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ قالوا: نعَمْ، قالَ: فإنها مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غيرَ أنهُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إلاَّ اللهُ، تَخْطَفُ الناسَ بأعمالِهِمْ) متفقٌ عليه، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (وفي حَافَتَيِ الصِّرَاطِ كلاليبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بأَخْذِ مَنِ أُمِرَتْ بهِ) رواه مسلم. الخطاطيف: قال ابنُ الأثير: (وهو الحديدة الْمُعْوَجَّة) انتهى، والْكَلالِيبُ: قال النووي: (حَدِيدَةٌ مَعْطُوفَةُ الرَّأْسِ يُعَلَّقُ فيها اللَّحْمُ وتُرْسَلُ في التَّنُّورِ.. وأمَّا الْحَسَكُ.. هُوَ شَوْكٌ صُلْبٌ مِنْ حَدِيدٍ) انتهى، وعُقيفاء: قال ابن الأثير: (أيْ مَلْوِيَّةٌ كالصِّنَّارةِ) انتهى. رابعاً: من صفات الصراط أيضاً، ما قاله أبو سعيدٍ الخدري رضي اللهُ عنه: (بَلَغَني أنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ، وأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ) رواه مسلم. خامساً: وَصَفَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أحوالَ الناس على الصراط فقالَ: (فيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كالْبَرْقِ، قالَ: قُلْتُ: بأبي أنتَ وأُمِّي أيُّ شيءٍ كَمَرِّ البَرْقِ؟ قالَ: أَلَمْ تَرَوْا إلى البَرْقِ كيفَ يَمُرُّ ويَرْجِعُ في طَرْفَةِ عينٍ؟ ثمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وشَدِّ الرِّجالِ، تَجْرِي بهِمْ أعمالُهُمْ ونبيُّكُمْ قائمٌ علَى الصِّراطِ يقولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حتَّى تَعْجِزَ أعمالُ العِبادِ، حتى يَجِيءَ الرَّجُلُ فلا يَستطيعُ السَّيْرَ إلاَّ زَحْفاً) رواه مسلم، وفي روايةٍ للبخاري: (فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وناجٍ مَخْدُوشٌ، ومكْدُوسٌ في نارِ جَهَنَّمَ، حتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْباً)، وفي روايةٍ لمسلمٍ: (ثُمَّ يَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ، فَتَنْجُو أوَّلُ زُمْرَةٍ وجُوهُهُمْ كالقَمَرِ ليْلَةَ البَدْرِ سَبْعُونَ أَلْفاً لا يُحاسَبُونَ، ثمَّ الذينَ يَلُونَهُمْ كأَضْوَأِ نَجْمٍ في السَّمَاءِ، ثمَّ كذلكَ ثمَّ تَحِلُّ الشَّفاعةُ)، وفي روايةٍ: (فيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فيُعْطِيهِمْ نُورَهُمْ علَى قَدْرِ أعْمَالِهِمْ، فمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الجَبَلِ العظِيمِ يَسْعَى بينَ يدَيْهِ، ومِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ أصْغَرَ مِنْ ذلكَ، ومنهُمْ مَنْ يُعْطَى نُوراً مِثْلَ النَّخْلَةِ بيَمِينِهِ، ومنهُمْ مَنْ يُعْطَى نُوراً أصْغَرَ من ذلكَ، حتى يكُونَ رَجُلاً يُعْطَى نُورَهُ على إبْهَامِ قَدَمِهِ يُضيءُ مَرَّةً ويَفِيءُ مَرَّةً، فإذا أَضَاءَ قَدَّمَ قَدَمَهُ فَمَشَى، وإذا طُفِئَ قامَ، قالَ: والرَّبُّ عزَّ وجَلَّ أمَامَهُمْ، حتَّى يَمُرَّ في النارِ فيَبْقَى أَثرُهُ كَحَدِّ السَّيْفِ دَحْضُ مَزِلَّةٍ، قالَ: ويقولُ: مُرُّوا، فيَمُرُّونَ على قَدْرِ نُورِهِمْ، منهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَطَرْفِ العَيْنِ، ومنهم مَنْ يَمُرُّ كالْبَرْقِ، ومنهم منْ يَمُرُّ كالسَّحَابِ، ومنهُمْ مَنْ يَمُرُّ كانقِضَاضِ الكَوْكَبِ، ومنهم من يَمُرُّ كالرِّيحِ، ومنهم من يَمُرُّ كَشَدِّ الفَرَسِ، ومنهم من يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّجُلِ، حتى يَمُرَّ الذي أُعْطِيَ نُورَهُ على إبهامِ قَدَمَيْهِ يَحْبُو على وَجْهِهِ ويَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ تَخِرُّ رِجْلٌ، وتَعْلَقُ رِجْلٌ، ويُصِيبُ جَوَانِبَهُ النارُ، فلا يَزَالُ كذلكَ حتى يَخْلُصَ، فإذا خَلَصَ وَقَفَ عليها ثمَّ قالَ: الحمدُ للهِ، لقدْ أعطاني اللهُ ما لَمْ يُعْطِ أحَداً أنْ نَجَّاني منها بعدَ إذْ رأَيْتُهَا) رواه الطبرانيُّ في الكبير وصحَّحه الألباني. اللهُمَّ سلِّمنا ووالدينا وأهلينا من النار يا أرحم الراحمين، ﴿ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8]. أقول قولي هذا وأستغفرُ الله لي ولكم ولكافة المسلمين الأحياءِ والأموات من كُلِّ ذنبٍ، فاستغفرُوه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ. أمَّا بعدُ: (فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و (لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ). أيها المسلمون: سادساً: أولُ من يجوز الصراط: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (ويُضْرَبُ الصِّرَاطُ بينَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فأَكُونُ أَنا وأُمَّتِي أوَّلَ مَنْ يُجيزُ) رواه مسلم. قال النووي: (ومعناهُ: يكُونُ أوَّلَ منْ يَمْضِي عليهِ ويَقْطَعُهُ) انتهى. سابعاً: إرسالُ الأمانةِ والرَّحِم: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (وتُرْسَلُ الأمانةُ والرَّحِمُ، فتَقُومَانِ جَنَبَتَيِ الصِّراطِ يَمِيناً وشِمَالاً) رواه مسلم، قال ابنُ حجر: (والْمَعْنَى: أنَّ الأمانةَ والرَّحِمَ لِعِظَمِ شَأْنِهِما وفَخَامَةِ ما يَلْزَمُ العبادُ مِنْ رِعايةِ حَقِّهِمَا يُوقَفَانِ هُناكَ للأمينِ والخائنِ والْمُوَاصِلِ والقاطِعِ، فيُحَاجَّانِ عن الْمُحِقِّ ويَشْهَدانِ على الْمُبْطِلِ) انتهى. ثامناً: مَنْ يتكلَّمُ على الصِّراطِ؟ لِعِظَمِ الموقفِ لا يستطيعُ أحدٌ أن يتكلَّم إلاَّ الرُّسل عليهم السلام، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (ولا يَتَكَلَّمُ يومئذٍ إلاَّ الرُّسُلُ، ودَعْوَى الرُّسُلِ يومئذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ) متفق عليه. وإذا تَجاوَزَ المؤمنون الصِّراط: حُبسُوا بقنطرةٍ لِيَقْتَصَّ بعضُهُم من بعضٍ، قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إذا خَلَصَ المؤمنُونَ مِنَ النَّارِ حُبسُوا بقَنْطَرَةٍ بينَ الجنَّةِ والنَّارِ، فيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كانتْ بينهُمْ في الدُّنيا، حتَّى إذا نُقُّوا وهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بدُخُولِ الجنَّةِ، فوالذي نَفْسُ محمَّدٍ بيَدِهِ، لأَحَدُهُمْ بمَسْكَنِهِ في الجنَّةِ أَدَلُّ بمَنْزِلِهِ كانَ في الدُّنيا) رواه البخاري. عبادَ الله: إن للإيمانِ بالصراط يوم القيامة ثَمَراتٍ: منها: أن تُخلصَ لله عزَّ وجلَّ وتُتابعَ رسوله صلَّى الله عليهِ وسلَّم، وأن تحذر من الدُّنيا وتزهد فيها وتصبر على شدائدها، وتتزود بالأعمال الصالحة وأنواع القُربات، وأن تجتنب الفسوق والمعاصي، وأن تُبادرَ بالتوبة والاستغفار، وأن تجتنب الظلم والشحناء بين المسلمين، وأن تحذر من قطيعة الرحم، وأن تتحاكم للكتاب والسنة في كل شيءٍ، وأن تُقْصِرَ الأمل وتحفظ وقتك، إلى غيرها من الثمرات. يا بديعَ السماواتِ يا حيُّ يا قَيُّومُ نَجِّنا يومَ الدِّين، وثبِّت أقدامنا يومَ تَزِلُّ الأقدام.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |