قضايا إيمانية عبر القوافي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4949 - عددالزوار : 2053457 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4525 - عددالزوار : 1321316 )           »          المنافقون والمنافقات .. خطرهم وصفاتهم في كتاب الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          حكم تخصيص أدعية معينة لكل يوم من أيام رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حديث موضوع مكذوب حديث يا علي لا تنم قبل أن تأتي بخمسة أشياء لا يصح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          كيف نستعد لرمضـــــان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تدبر جزء تبارك فضيلة الشيخ/ ماجد الجاسر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          ما يهمكم من معلومات عن بقية شهر شعبان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ميزة جديدة من واتساب ستمنعك من مشاركة رقم هاتفك المحمول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          كيف يجنب الآباء أطفالهم من اضطراب fomo ويقللون الاعتماد على وسائل التواصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-06-2021, 03:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي قضايا إيمانية عبر القوافي

قضايا إيمانية عبر القوافي


محيي الدين صالح







أدب الأطفال من منظور إسلامي










(إبراهيم شعراوي نموذجًا)





قضايا إيمانية عبر القوافي











قَلْبِي بِالإِيمَانِ تَكَلَّمْ



قَالَ: تَأَمَّلْ كَيْ تَتَعَلَّمْ



اقْرَأْ بِاسْمِ اللهِ لِتَفْهَمْ



بهذه الكلمات الموجَزة البليغة، بدأ "شعراوي" أنشودتَه لأصحاب القلوب الغضَّة، التي لم تتلوَّث بعدُ بنفايات التيَّارات الفكرية المنحرفة وأدرانها؛ تلك القلوب البِكْر التي ما زالت تحتفظُ بنقائها وصفائها، وهي في مقتبَل نشاطها النَّاضج، وتتأهَّب لِتَنْهل من معطيات الثقافة التي تَمُور حولها.







بهذه الكلمات الموحِيَة، يستهلُّ الشاعر وصيَّتَه لأصفى الناس فكرًا، وأصدقِهم توجُّهًا، وأكثَرِهم استعدادًا للتلقِّي والتعلُّم، وأحقِّهم بعصارات التجارب التي اكتسبَها الكبار بعد جولاتٍ عديدة في عالَم المعرفة.







بهذه الكلمات بدأت القصيدة التي عنوانها "صلَّى الله عليه وسلَّم" المُهْداة إلى أطفال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربِها، من مُحبِّهم العاشق لهم "إبراهيم شعراوي"، ولأنَّ قلوب البشر تتكلَّم بكثيرٍ من الأمور؛ فإن تحديد ما يتحدث به القلب، وفيم يخوض، وبم يتكلم، وذلك في بدايات القصيدة تشدُّ انتباه القارئ إلى المحتوى فلا يتلفَّت، ومسألة كلام القلب من المسائل التي توقَّف عندها الشعراءُ طويلاً؛ فقد قال أحد الشُّعراء:





قُلُوبُ العَارِفِينَ لَهَا عُيُونٌ

تَرَى مَا لاَ يَرَاهُ النَّاظِرُونَا




وَأَلْسِنَةٌ بِأَسْرَارٍ تُنَاجِي

تَغِيبُ عَنِ الكِرَام الكَاتِبِينَا












ومع تحفُّظاتي، بل اعتِراضي وعدم اقتناعي بالشَّطر الثاني من البيت من حيث المضمونُ، فإنَّ ما زعمه هذا الشاعر من أنَّ قلوب العارفين لها ألسنةٌ تناجي ربَّها بأسرار، يعدُّ من بليغ القول، وإن كان قلبُ هذا العارف له لسانٌ يناجي بالسِّر، فإنَّ قلب شعراوي هو نفسه (اللِّسان)، ويتكلم صراحة بإعلان، ولا يناجي بأسرار، وهذا من قبيل ما قاله "ابنُ الفارض" وهو يتحدَّث عن الأنوار الإلهيَّة:





جَرَى حُبُّهَا مَجْرَى دَمِي فِي مَفَاصِلِي

فَأَصْبَحَ لِي مِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِهَا شُغْلُ




فَإِنْ حَدَّثُوا عَنْهَا فَكُلِّي مَسَامِعٌ

وَكُلِّي إِذَا حَدَّثْتُهُمْ أَلْسُنٌ تَتْلُو












فماذا قال قلبُ شعراوي عندما تكلَّم وهو يُوَجِّه كلامه للأطفال؟



قَالَ تَأَمَّلْ كَيْ تَتَعَلَّمْ







وهذا البيت رغم بساطته وقلَّةِ كلماته، فإنه يغوص بنا في أعماق التَّاريخ الإسلاميِّ، حتَّى يصل بنا إلى بداية الوحي، خاصَّة أن القصيدة عنوانها: "صلَّى الله عليه وسلَّم"، والمصطفى - عليه الصَّلاة والسَّلام - بدأ حياته متأمِّلاً، حيث تربَّى في بادية بني سَعْد، بعيدًا عن ازدحام مكَّة، وحركتها الدؤوبة بالتُّجار، وزُوَّار الكَعْبة، واشتغل بالرَّعي فترةً منَ الزمان، وكلُّ النبيِّين قد هشُّوا على الغنَم كذلك، وقضى الليالِيَ ذوات العدَد متَفَرِّدًا في غار ثور، وكلُّ هذه المراحل ما هي إلاَّ فترات تأمُّل طويلة، انتهتْ بأعظم رسالة وجَّهَتها السماء إلى أهل الأرض، في لحظة كانتْ فاتحتها: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، وخاتمتها: ﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 5]، هذه اللحظة هي التي شُيِّدَت عليها بعد ذلك دعاماتُ التوجُّه الإسلامي، دعوةً وعقيدةً، ومنهاجًا وشريعة.







و"شعراوي" استعرض بنا كلَّ هذه الآفاق في كلمات قليلةٍ ساقها إلى أبنائنا الصِّغار، وما أحوجَنا نحن الكبار أيضًا إلى هذه الكلمات، ولأنه يدري أنَّ "ما كان من القلب فإلى القلب"؛ فإنه جعل القلب هو المتكلِّم، وليس عضوًا آخر، ولأنه يلتزم في رسالته الأدبية بالمنهج الإسلاميِّ؛ فإنه يؤكِّد أن الأدب ينبغي أن يسير في رَكْب العقيدة الصحيحة لِيُؤتي ثِماره، فإذا أراد الإنسانُ أن يفهم ويستوعب، فالله - سبحانه وتعالى - هو الذي يوفِّق إلى ذلك، والطِّفل في مراحله الأولى لا يدري كثيرًا مما نقول، فتكون له العظة البليغة بأبسط الكلمات، وأقلِّها، كما يقول له "شعراوي":



اقْرَأْ بِاسْمِ اللهِ لِتَفْهَمْ







وبعد هذه الكلمات المجنحة التي تطير بآفاق الطِّفل إلى سماوات القضايا الإيمانيَّة، يطوف الشاعر بأبنائه بين بعض العلوم التي ينبغي على الأطفال أن يُدْرِكوها عن خالقهم، وعن رسولِهم، وبعض صفاته، بما يتناسب مع مَداركهم، دون الدُّخول إلى التفاصيل التي سيعرفها الطِّفل في مراحِلَ لاحقةٍ عندما يصل إلى العمر المناسب.







والحقيقة أن "شعراوي" بهذه القصيدة، يشارك زملاءه من أدباء الطِّفل الإسلاميِّين في تحطيم كثيرٍ من أصنام المعرفة المضلِّلة، التي يحاول أعداءُ الإسلام بثَّها في قلوب صغارنا، من خلال رُؤًى هدَّامة لا تُقِيم وزنًا للمشاعر الإيمانيَّة عند الأطفال، فهو يُطَمئنهم أن "العاقبة للتَّقوى" بأسلوب مبسَّط، قائلاً:



لاَ أَخْشَى اللَّيْلَ إِذَا أَظْلَمْ



إِنَّ طُلُوعَ الصُّبْحِ مُحَتَّمْ







وفي مقطوعة شِبْه نثريَّة، عن سيرة سيِّدنا إبراهيم - عليه السَّلام - يُعلن الشاعرُ عن حقيقة توجُّهِه الأدبي قائلاً:



يَا أَحْبَابِي أَسَمِعْتُمْ قِصَّةَ (إِبْرَاهِيمْ)؟



قَدْ كَانَ صَغِيرًا مِثْلَكُمْ فِي سِنِّكُمْ



وَلِهَذَا عِشْتُ أُحِبُّكُمْ



وَأُحَطِّمُ كُلَّ الأَصْنَامْ







و"شعراوي" قطعًا لم يأخذ مِعْولاً، ويَدُرْ على تماثيل الخصوم يجعلها جُذاذًا كما فعل مثَلُه الأعلى من قبل، وإنما في سبيل تحقيق أهدافه التربوية؛ حمل قلمَه، ومضى لحاجةٍ في نفسه "سيقضيها بإذن الله"، وتوجَّه بآماله تلقاء فلذات الأكباد، وحمل معه كلَّ رصيده الثقافي والدِّيني؛ لِيَضعه أمامهم ويعرضه عليهم؛ فهو يحبُّهم، ولأن الشُّعراء مُرْهَفو الحسِّ دائمًا؛ فإنَّهم لا يَبْخلون بِخُلاصة خبراتِهم التي اكتسبوها في مشوار حياتهم الطَّويل على من يحبُّون.







وقصيدة "صلَّى الله عليه وسلَّم" بالإضافة إلى أنها تُنعش قلوب الأطفال بمحتواها، كما تأسر ألبابهم بأسلوبها الرقيق الجذَّاب، فإن هناك جانبًا ثالثًا مِن جَوانب التأثير، وهو الإيقاع والتناغُم، فمِن حيث الوزن: القصيدة جاءت على بحر "المتدارك" (فعلن فعلن فعلن فعلن)، وهذا البحر يعدُّ من أقربِ بحور الشِّعر إلى قلوب الأطفال، ولذلك نلاحظ أنَّ أكثر الشعراء المُجيدين صاغوا كثيرًا من أشعارهم على وزن هذا البحر؛ لمعرفتهم الدقيقة وخبرتهم العريضة في أدب الطِّفل، وعلى سبيل المثال، فإن الشاعر الرائد "كامل كيلاني" - رائدَ أدب الطفل المعروف - له قصائدُ كثيرة من هذا الوزن المَحبوب إلى الصِّغار منها:



أَنْتَ جَوَادِي وَأَنَا الْحَادِي



لَيْسَ لِمِثْلِي مِنْ أَنْدَادِ



غَيْرَ شَقِيقِي عَبْدِالْهَادِي







وكذلك فإنَّ الشاعر "يحيى الحاج يحيى" - عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية - له أيضًا مجموعة كبيرة من القصائد الجميلة على هذا الوزن، في ديوان "تغريد البلابل" قصيدة "أسماء الأبطال" منها:



اسْمِي سَعْدٌ وَأَخِي عُمَرُ



شَمْسٌ لِلإِسْلاَمِ وَبَدْرُ



فَأَبِي سَمَّانَا أَسْمَاءَ



كَانَتْ فِي التَّارِيخِ ضِيَاءَ



(فعلن فعلن فعلن فعلن)







كما أن الشاعر المعاصر "عبدالمنعم عواد يوسف" أيضًا، شارك في تثبيت هذه الوجهة الموسيقيَّة في وجدان الأطفال في قصيدة "رمضان القرية" منها:





وَأَحَبُّ الأَيَّامِ لَدَيْنَا

كَانَتْ رَمَضَانَ إِذَا هَلاَّ




أَيَّامٌ تَمْلَؤُنَا بِشْرًا

مَا أَشْهَى العَهْدَ وَمَا أَحْلَى












وأيضًا في ديوان "الطفل والزهرة" يقول "عبدالمنعم عواد":





هَذِي الزَّهْرَةُ مَا أَبْدَعَهَا

تَبْدُو فِي ثَوْبٍ فَتَّانِ




مَا أَجْمَلَهَا مَا أَرْوَعَهَا

بَيْنَ النَّرْجِسِ وَالرَّيْحَانِ












ومن القصائد الشهيرة على هذا الوزن أيضًا:





الدِّيكُ أَطَلَّ بِنَظْرَتِهِ

مِنْ فَوْقِ جِدَارٍ مُنْهَارِ




فَرَأَى بِجِوَارِ حَظِيرَتِهِ

دِيكًا يَمْشِي بِاسْتِهْتَارِ












وحبُّ هذا الوزن لدى الأطفال ليس مقصورًا على الإبداعات باللُّغة العربية الفصحى، بل في الأزجال وأشعار العامِّية المصرية أيضًا، وهناك نماذج كثيرة توضِّح ذلك، وما يؤكد أن حميميَّة هذا البحر مسألة فطريَّة عند الأطفال بصورة عامة، أنَّ الأغاني والأشعار باللُّغة النوبية للأطفال أغلبها أيضًا على هذا الوزن لِبَحر المتدارك.










يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 108.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 106.81 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.58%)]