درء المفاسد مقدم على جلب المصالح بين الماضي والحاضر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4877 - عددالزوار : 1871423 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4445 - عددالزوار : 1207046 )           »          القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 9758 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 3501 )           »          الخوارج أوصافهم وأخلاقهم.. وذكر التعريف الصحيح لهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 129 - عددالزوار : 65155 )           »          الملك القدوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          حديقة الأدب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 98 - عددالزوار : 29679 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 21 - عددالزوار : 4644 )           »          عون المعبود شرح سنن أبي داود- الشيخ/ سعيد السواح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 449 - عددالزوار : 86082 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-08-2021, 05:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,816
الدولة : Egypt
افتراضي درء المفاسد مقدم على جلب المصالح بين الماضي والحاضر

درء المفاسد مقدم على جلب المصالح بين الماضي والحاضر









السيد مراد سلامة








الخطبة الأولى



الحمد لله الحميد، المبدئ المعيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العرش المجيد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خير العبيد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم التسليم المزيد، أما بعد:



فاتقوا الله عباد الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 278].







أيها الإخوة الأعزاء، حديثنا في هذا اللقاء عن قاعدة أصولية لا غنى لأي مسلم عن معرفتها، وهي « درء المفاسد مقدم على جلب المصالح » بين الماضي والحاضر، فما معنى هذه القاعدة؟ وكيف طبَّقها النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته؟ وكيف نطبِّقها في حياتنا اليومية؟







أَعيروني القلوب والأسماع.



أولًا: معنى هذه القاعدة بأدق عبارة وأرق إشارة:



إذا تعارضت مفسدة ومصلحة، وكانت المفسدة غالبة أو مساوية للمصلحة، فيقدَّم دفع المفسدة على جلب المصلحة، فإذا أرد شخص مباشرة عمل يتيح له مصلحة، ولكنه من الجهة الأخرى يستلزم ضررًا مساويًا لتلك المصلحة، أو أكبر منها يلحق بالآخرين أو بنفسه، فيجب أن يقلع عن إجراء ذلك العمل درءًا للمفسدة المقدَّم دفعُها على جلب المصلحة، وذلك أيها الإخوة لأن اعتناء الشرع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، لِما يترتب على المناهي من الضرر المنافي لحكمة الشرع في النهي.











ثانيًا: تطبيقات هذه القاعدة من حياة خير البرية صلى الله عليه وسلم:



هيا لنرى كيف طبَّق النبي صلى الله عليه وسلم في حياته الدعوية:



أولًا: هدم الكعبة وبناؤها على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فهدم الكعبة وبناؤها على قواعد سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام سيحقق مصلحة شرعية، ولكن سيترتب على ذلك مفاسد أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما في حديث عائشة رضي الله عها، قال صلى الله عليه وسلم: « لولا قومك حديث عهدهم بكفر، لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس منه، وباب يخرجون »، ففعله ابن الزبير [1].







فبناء الكعبة على قواعد إبراهيم مصلحة، ولكن افتتان الضعفاء وتشهير الأعداء مفسدة راجحة على تلك المصلحة، فتركه النبي صلى الله عليه وسلم؛ يقول ابن بطال رحمه الله: قال المهلب: فيه أنه قد يترك شيئًا من الأمر بالمعروف إذا خشي منه أن يكون سببًا لفتنة قوم ينكرونه، ويسرعون إلى خلافه واستبشاعه.







وفيه أن النفوس تحب أن تُساسَ بما تأنَس إليه في دين الله من غير الفرائض، بأن يترك ويرفع عن الناس ما ينكرون منها؛ قال أبو الزناد: إنما خشي أن تنكره قلوب الناس لقرب عهدهم بالكفر، ويظنون أنما يفعل ذلك لينفرد بالفخر دونهم.







المثال الثاني: قتل المنافقين، فقتلهم مصلحة لتصفية الصفوف من مكرهم، ولكن هناك مفسدة أعظم منها حديث الناس أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، فعن عمرو بن دينار أنه سمع جابرًا رضي الله عنه يقول: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعاب، فكسع أنصاريًّا، فغضب الأنصاري غضبًا شديدًا، حتى تداعوا وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما بال دعوى أهل الجاهلية، ثم قال: ما شأنهم، فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاريَّ، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها خبيثة، وقال عبدالله بن أبي ابن سلول: أقد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة، ليُخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ، فقال عمر: ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث لعبدالله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه)[2].








يقول النووي رحمه الله قوله صلى الله عليه وسلم: (دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه).







فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الحلم، وفيه ترك بعض الأمور المختارة، والصبر على بعض المفاسد، خوفًا من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم منه، وكان صلى الله عليه وسلم يتألف الناس، ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين وغيرهم لتقوى شوكة المسلمين، وتتم دعوة الإسلام، ويتمكن الإيمان من قلوب المؤلفة، ويرغب غيرهم في الإسلام، وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك، ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى [3].







المثال الثالث عدم سب آلهة المشركين لما يترتب عليه من سبهم اللهَ ورسوله، وتلك مفسدة كبرى؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [الأنعام: 108].







وجه الدلالة: أن الله منَع المسلمين من أن يسبُّوا آلهة المشركين؛ خوفًا من مفسدةِ سبِّ المشركين لله تعالى، ويُثاب المرء إذا التزم بهذه الآية الكريمة، فقد نَهى الإسلام عن سب آلهة المشركين مع ما فيه من المصلحة، ولكن مفاسدها أكبر.







المثال الرابع: رد النبي صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون رضي الله عنه؛ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: رد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَان بن مَظْعُون التبتل، وَلَو أذن لَهُ لاختصينا [4].







فالاختصاء فيه منفعة، وهي الانقطاع للعبادة وتفريغ القلب من شواغل الشهوة، ولكن فيه مفسدة كبرى وهي انقطاع نسل المسلمين، فيقل عدد المسلمين ويكثر عدد الكفار، وهو خلاف المقصود من البعثة المحمدية.







نسأل الله أن يرزُقنا الفقه في الدين، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب.







الخطبة الثانية



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:



فثالثًا: أمثلتها في الواقع المعاصر:



إخوة الإسلام، إن من تطبيقات تلك القاعدة في الواقع المعاصر: نازلة كورونا التي ضربت العالم فشلَّت حركته، وأوقفت مسيرته، وأغلقت الدول حدودها خوفًا من ذلك الفيروس، وقد تم إغلاق المساجد في تلك الفترة، ونحن نعلم أن فتح المساجد فيه مصلحة للعباد في دينهم ودنياهم، ولكن سيترتب على ذلك مفاسد كبرى، وهي انتشار تلك الأوبئة مما يؤدي إلى الوفاة، والشريعة الإسلامية الغراء إنما جاءت من أجل الحفاظ على الأروح من الهلكة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].







فالمقصد العام من تشريع الأحكام الشرعية هو تحقيق مصالح الناس في العاجل والآجل معًا، فإذا كان حضور الجُمع والجماعات من شعائر الإسلام الظاهرة، فإن تحقيق مصالح الناس ودفع المفاسد عنهم، هو أساس إرسال الرسل وتشريع الأحكام التي أرسلوا بها؛ ما يعني أنها مُقدمة على تلك الشعائر، فبرغم كون الجمعة فرضًا من الفروض، وصلاة الجماعة سنة مؤكدة على القول الراجح، فإن هناك أعذارًا تمنع من حضورهما دفعًا للضرر الناشئ عن التجمع عن قرب في مكان واحد ومن هذه الأعذار: المرض.







وكذلك تم تعليق الحج والعمرة، وفيهما مصالح دينية ودنيوية، ولكن أيها الإخوة المفاسد التي سيترتب عليها أكبر بكثير من تلك المصالح، لذا صدرت الفتاوى من الهيئات العلمية بوجوب تعليق الحج والعمرة لدرء مفاسد ذلك الوباء، ولقد روى إمامنا مالك عن عبدالله بن أبي بكر بن حازم عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى امرأة مجذومة تطوف بالبيت، فقال لها: (يا أمة الله، لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك، فجلست، فمر بها رجل بعد ذلك، فقال لها: إن الذي كان قد نهاك قد مات فاخرجي، فقالت: ما كنت لأطيعه حيًّا وأعصيه ميتًا) [5].







قال أبو عمر: فيه أنه يحال بين المجذوم ومخالطة الناس لما فيه من الأذى، وهو لا يجوز، وإذا منع أكل الثوم من المسجد، وكان ربما أخرج إلى البقيع في العهد النبوي، فما ظنك بالجذام، وهو عند بعض الناس يعدي، وعند جميعهم يؤذي.











رابعًا: قاعدة درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة بعد عودة فتح المساجد:



أيها الإخوة، لقد منَّ الله تعالى علينا وخفَّ ذلك الوباء، وعادت المساجد بعودة المساجد جُمعًا وجماعات، لذا أيها الإخوة ينبغي علينا أن نأخذ الحذر والحيطة، فإذا مرض إنسان، أو أحس بأي عرَضٍ من أعراض ذلك الوباء، فإنه يجب عليه شرعًا أن يلزم بيته، وأن يعزل نفسه، وألا يأتي إلى المسجد لشهود الجمعة أو الجماعة؛ حتى لا يضرَّ غيرَّه، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم علَّمنا ذلك؛ كما في الحديث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا ضَرَر وَلَا إِضْرَار[6].







خامسا تجريم التعدي على الأراضي الزراعية بالبناء:



فمعلوم أن البناء فيه مصلحة للباني ولكن المفسدة المترتبة على ذلك البناء أكبر وأكثر حيث تتقلص الرقعة الزراعية ويقل الإنتاج الزراعي وفي ذلك تهديد كبير للأمن الغذائي وفي هذا ضرر بالمجتمع عَن ابْن عَبَّاس قَالَ، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لَا ضَرَر وَلَا إِضْرَار»[7].







وللحاكم تقييد المباح للضرورة العامة، فإذا منع ولي الأمر البناء على الأراضي الزراعية، فله ذلك، لما جاء في الحديث أن الصحابة الكرام قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يَا رَسُولَ اللهِ نَهَيْتَ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا) [8]، فإذا منع ولي الأمر مثل هذا كان هناك معنى زائد في المنع؛ إذ ولي الأمر منوط به أن يتصرف بما فيه مصلحة الرعية.



الدعاء.









[1] أخرجه مالك (الموطأ) صفحة (238)، وأحمد (6/ 176)، والبخاري (2/ 179)، ومسلم (4/ 97)، والنسائي (5/ 214)، وابن خزيمة (2726).




[2] أخرجه أحمد ح 12147، والبخاري ح 3257، ومسلم ح 3372.



[3] شرح النووي على مسلم، (ج 8 / ص 392).



[4] أخرجه أحمد 1/ 175(1514)، و"البخاري" 7/ 5 (5073).



[5] أخرجه الإمام مالك في الموطأ كتاب العدوى والطيرة، حديث رقم: 961.



[6] خرجه أحمد (1/ 225) (2307)، وابن ماجه (2337).



[7] خرجه أحمد (1/ 225) (2307)، وابن ماجه (2337).



[8] أبي داود في سننه ج3/ ص100 ح2812 وصحيح سنن أبي داود: 2812






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.95 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]