|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ظاهرة السحر وخطورتها على المجتمع د. محمد جمعة الحلبوسي الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد: أيها المسلم الكريم: نقف اليوم مع ظاهرة خطيرة للغاية، هذه الظاهرة تؤدي دمار البيوت، وتفريق الأسر، وطلاق بين الأزواج، هذه الظاهرة صاحبها يُعدُّ كافرًا بما أُنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. هذه الظاهرة بسببها كم من شاب دُمِّرت حياته؟! وكم من فتاة ضاع مستقبلها؟! وكم من انسان مَرِضَ وقُتِلَ؟! وكم بُثَّ من الخصومة والأحقاد والكراهية بين الأخوة والأخوات؟! وكم من أسرة تفرقت؟! وكم من شاب تزوج ولكنه لا يستطيع أن يأتي زوجته؟! وكم من عائلة كانت تعيش بسعادة واطمئنان، لكن بسبب هـذه الظاهرة أصبحت حياتها جحيمًا؟! هذه الظاهرة هي ظاهرة الميل إلى السحر والسحرة والمشعوذين. فيا ترى ما هو السحر؟ وكيف يكون الساحر ساحرًا؟ وماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الذي يطرق أبواب السحرة والمشعوذين؟ وكيف للمسلم أن يتحصَّن من شر السحر والسحرة؟ هذه أسئلة نطرحها على مائدة اليوم وسنجيب عليها بإذن الله عز وجل. أيها المسلم: ما هو السِّحْر؟ السحر في لغة العرب: هو صَرْفُ الشَّيْء عَن حَقِيقَتِه إِلَى غَيره[1]، وفي الاصطلاح كما قال ابن قدامة رحمه الله: هُوَ عُقَدٌ وَرُقًى وَكَلَامٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ الساحر، أَوْ يَكْتُبُهُ، أَوْ يَعْمَلُ شَيْئًا فيؤثر فِي بَدَنِ الْمَسْحُورِ أَوْ قَلْبِهِ، أَوْ عَقْلِهِ، مِنْ غَيْر مُبَاشَرَةٍ للمسحور"[2]. والسحر على نوعين: الأول: سحر تخيّل: وهذا لا حقيقة له، وإنما يُخيل للإنسان، ويأخذ بالأبصار فقط، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذا النوع، فقال تعالى عن النازل الذي جرى بين سحرة فرعون، وبين سيدنا موسى عليه السلام: ﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾[3]، وقال تعالى: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾[4]قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: " خَيَّلُوا إِلَى الْأَبْصَار أَنَّ مَا فَعَلُوهُ لَهُ حَقِيقَة فِي الْخَارِج، وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا مُجَرَّد صَنْعَة وَخَيَال ".[5] والثاني: سحر له حقيقة: وهو الذي يصيب القلوب، يعملونه بأمور خبيثة، فيأخذون من ثيابه من يريدون أذيته، أو من شعره، أو من مشطه، من أظفاره، ثم يعملون هذا السحر الذي منه مَا يَقْتُلُ، وَمَا يُمْرِضُ، وَيَأْخُذُ الرَّجُلَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَيَمْنَعُهُ وَطْأَهَا، وَمِنْهُ مَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَمَا يُبَغِّضُ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ، أَوْ يُحَبِّبُ بَيْنَ اثْنَيْنِ[6]. وقد قام أحد اليهود واسمه لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ فعمل له سحرًا في مشط آلة تسريح الشعر ومشاطة ما يسقط من الشعر وجف طلعة ذكر النخل هو الغشاء الذي يكون على الطلع، ويطلق على الذكر والأنثى، فلهذا قيده بالذَّكَر، فصار يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء مع أهله ولم يفعله، لكن لم يزل بحمد الله تعالى عقله وشعوره وتمييزه معه فيما يحدِّث به الناس، ويكلم الناس بالحق الذي أوحاه الله إليه، لكنه أحس بشيء أثر عليه بعض الأثر مع نسائه، وبقي على ذلك ستة أشهر، حتى نزلت سورتي المعوذتين - سورة الفلق وسورة الناس - رقية له[7]. ثم هل تدري أخي الكريم كيف يكون الساحر ساحرًا؟ الساحر لا يكون ساحرًا إلا أن يعاهد الشيطان بأن يطيعه في كل شيء، فيأمره بأن لا يغتسل من الجنابة لفترة طويلة، ويذهب في مغارة أو أماكن مهجورة، أو أماكن فيها قاذورات ونجاسة فيطيل الجلوس فيها، ويرتدي المصحف الشريف في قدميه ويدخل به الخلاء، ويكتب آيات القرآن بالقذارة، وبدم الحيض، ويقرأها بالمقلوب، ويصلي بلا وضوء، فالساحر لا يتمكَّن من سحرِه إلا بالخروج من هذا الدِّين، إما بالذَّبح للجن، أو الاستغاثة بهم، أو إهانة كلام الله، أو غير ذلك من الموبقات، ولهذا كلما كان الساحر أكفرَ وأخبث، وأشدَّ معاداة لله ولرسوله ولعباده المؤمنين، كان سحرُه أقوى وأنفذَ.[8] ولذلك اتفق العلماء على أن تعلم السحر، وتعليمه، وممارسته حرام، وسَببٌ للطَّردِ مِن رَحمةِ الله، قال تعالى: {أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِن الكِتَابِ يُؤمِنُونَ بِالجِبتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهدَى مِن الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُم اللَّهُ وَمَن يَلعَن اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}[9] قال سيدنا عُمَر رضي الله عنه: الْجِبْتُ: السِّحْرُ، وَالطَّاغُوتُ: الشَّيْطَانُ.[10] بل إن السحر هو من السبع الموبقات، (فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ) - أي المهلكات - قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ).[11] واذا كان العلماء قد اتفقوا على حرمة السحر، إلا أنهم اختلفوا في تكفير الساحر، فذهب جمهور العلماء ومنهم مالك وأبو حنيفة وأصحاب أحمد وغيرهم إلى تكفيره، واستدلوا بقوله تعالى: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾[12]. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فَإِنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِذَلِكَ، وَلَا يُكْفَرُ بِتَعْلِيمِ الشَّيْءِ إِلَّا وَذَلِكَ الشَّيْءُ كُفْرٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ عَلَى لِسَانِ الْمَلَكَيْنِ ﴿ إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر ﴾ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ كُفْرٌ فَيَكُونُ الْعَمَلُ بِهِ كُفْرًا، وَهَذَا كُلُّهُ وَاضِحٌ".[13] ...وذهب الشافعي إلى التفصيل، فإن كان في عمل الساحر ما يوجب الكفر، كفر بذلك، وإلا لم يكفر.[14] ولذلك أنا أحذر المسلمين من أن يذهبوا إلى السحرة أو العرافين أو الكهنة في أي أمر؛ لأن الساحر لا يملك أمرًا، ولا يغير شيئًا؛ ولو اجتمع سحرة أهل الأرض لا يستطيعون أن يؤثروا بسحرهم في مخلوق واحد إلا بإذن الله، فهو القائل: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾. ومع الأسف الشديد ترى بعض الناس يصبون المال عند الساحر صبًا: البنت إذا تأخر زواجها قالوا هذه مسحورة، الزوجة إذا تأخر حملها قالوا هذه مسحورة، الزوجة التي تشكو من مشاكل مع زوجها قالوا هذه مسحورة، الرجل الذي لم يوفق في وظيفته او عمله قالوا هذا مسحور، الطالب الذي لم يوفق في دراسته قالوا هذا مسحور، هل أصبح الساحر والعراف والدجال وكيلًا عن الله؟! هل هو الذي يعطي التوفيق في العمل والوظيفة والانجاب والزوجة؟ ألا يسأل العاقل نفسه: إذا كان عنده كل هذه الإمكانيات، فماذا لا يغني نفسه، لماذا لا يجلب الخير لنفسه؟! لماذا لا يقلب الحصى الى ذهب؟! لماذا لا يسكن القصور العالية، ويركب السيارات الفاخرة؟ ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الذهاب إلى السحرة والعرافين والكهنة فقال: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)[15]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم )[16]. فمن أتى ساحرًا أو عرافًا أو فتاح فال، أو قارئ فنجان، أو قارئ كف، من أتى هؤلاء فقد خلع رداء الاسلام، وخرج من الدين كله، وكفر بما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن هؤلاء لا يتوصلون إلى مقاصدهم إلا بخدمة الجن وعبادتهم من دون الله، ويدّعون علم الغيب وذلك كفر، فلا يعلم الغيب إلا الله ﴿ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾[17]، ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾[18]، وقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34][19]، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق يقول بلسانه: ﴿ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾[20]. لتسمع كل امرأة تذهب الى الساحر، والكاهن، والعراف، بحجة الحمل، أو للتفريق بين الزوج وزوجته، أو لزرع الفتنة بين العوائل الآمنة والمطمئنة، أو من أجل أن تقرب بين فلان وفلانة، أو تزرع الكره والبغض بين فلان وفلانة، أو تنفر فلان عن أبيه وأمه، أن مصيرها الخزي والعار والهلاك في الدنيا، وفي الآخرة الحرمان من دخول الجنة، والخلود في نار جهنم. وأنا أحذر أخواني جميعا أن يحذّروا أهل بيتهم من كل امرأة يثبت أنها تترد على السحرة والمشعوذين، أن يقاطعوها ولا يختلطوا معها، ولا يستقبلونها في بيوتهم؛ لأنها فاسدة وتحاول إفساد النساء معها، فاحذروا منها. والله ثم والله لو كانت بيوتنا عامرة بالصلاة، وأذكار الصباح والمساء، وتلاوة القرآن، لعاشت بعيدة عن كل هذه المشاكل، لكن بيوتنا بعيدة عن ذكر الله، تسهر الليل وتنام عن صلاة الفجر، وليس فيها تلاوة للقرآن، واستبدلت الأذكار النبوية بالمسلسلات والاغاني، لذلك عشعشت فيها الشياطين، من الذي يعمل المشاكل بين الزوجة وزوجته؟ الشياطين، من الذي يحرض المرأة على عمتها؟ الشياطين، من الذي يحرض الأخ على أخيه؟ الشياطين، من الذي يعمل المشاكل بين الأولاد ثم بين الكبار؟! الشياطين. فلو كانت البيوت عامرة ومحافظة على ما أمرنا به الاسلام من الصلاة والاذكار والقرآن لفرّت منها الشياطين ولا تقربها، وعاشت بسعادة وأمن واستقرار. وبقي أن نعرف: كيف للمسلم أن يتحصَّن من شر السحر والسحرة؟ هذا سنجيب عنه في الخطبة الثانية إن شاء الله...أسأل الله تعالى ان يحفظنا ويسلمنا وإياكم من كل شر، ويقينا شر الظالمين والمعتدين، وإن يهلك كل من يزرع الفتن والاحقاد بين المسلمين آمين يا رب العالمين. الخطبة الثانية: الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد: كيف للمسلم أن يتحصَّن من شر السحر والسحرة؟ أولًا:على المسلم أن يعلم يقينًا أن الأمر كله بيد الله، وأنه لا يقع شيء في هذا الكون كله إلا بأمره، وتحت سمعه وبصره، فهو القائل: ﴿ وعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيبِ لاَ يَعلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَمَا تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعلَمُهَا وَلا حَبَّهٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرضِ وَلا رَطبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ في كِتَابٍ مُّبينٍ ﴾[21]. ثانيًا: الاكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: قال تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾[22]ذكر الإمام ابن الجوزي رحمه الله: أن شيخًا من الشيوخ قال لطالب علم عنده: يا بني! ماذا أنت صانع لو مررت على غنم فنبحك كلبها؟ فقال التلميذ: ادفع الكلب ما استطعت، قال: فماذا تصنع إن نبحك الثانية؟ قال: أدفع الكلب ما استطعت، قال: فإن نبحك الثالثة؟ قال: أدفع الكلب ما استطعت، فقال الشيخ لتلميذه: يا بني! ذاك أمر يطول، ولكن استعن بصاحب الغنم يكف عنك كلبها، وكذا استعن بالله يكف عنك كيد الشيطان[23]. ثالثًا: المحافظة على قراءة أذكار الصباح والمساء:لأن هذه الأذكار تحفظك من شر الإنس والجنّ وشر كلّ المخلوقات، تحفظك من الحسد والعين، تحصنك من الشيطان ومكائده، تكفيك الهم والغم في الدنيا والآخرة، تمتعك بحفظ الله عزّ وجلّ وحمايته، وتغفر ذنوبك وتزيد من حسناتك، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله: أذكار الصباح والمساء بمثابة الدرع كلما زاد ذلك الدرع سماكة لم يتأثر صاحبه – يعني كان صاحبه في أمان-، بل تصل قوة الدرع أن يعود السهم فيصيب من أطلقه[24]...فالمسلم الذي يحافظ على أذكار الصباح والمساء فهو في أمان من كل شر. رابعًا: قراءة سورة البقرة في البيوت: (فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ )[25]. والذي لا يعرف قراءة القرآن، فلا بأس بتشغيل الجهاز لتلاوتها في المنزل. خامسًا: قراءة آية الكرسي وأواخر البقرة والمعوذات: قبل أن تنام توضأ ونم على شقك الأيمن وأقرأ آية الكرسي،ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ).[26] وكذلك قراءة الآيتين من اخر سورة البقرة، فعن أَبي مسعودٍ البدْرِيِّ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (منْ قَرَأَ بالآيتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورةِ البقَرةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ ).[27] ومعنى كفتاه: قال أهل العلم: كفتاه عن قيام الليل وقال آخرون: كفتاه شر كل شيء شر الشيطان، وشر الجن، والإنس في ليلته.[28] وكذلك أقرأ الاخلاص والمعوذتين: فعَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لَنَا، قَالَ: فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: قُلْ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، قَالَ: قُلْ، فَقُلْتُ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.[29] وتأملوا في كلامه صلى الله عليه وسلم: تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وهذا اللفظ عام، يعني تكفيك من كل مخاطر تخطر على بالك من هموم نفسية، وأخطار بدنية، ومن كل شيء يخافه ويخشاه. سادسًا: قراءة الأدعية النبوية ومنها: قول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها ثلاث مرات لم يضره شيء، وقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات. سابعًا: قراءة هذا الذكر:عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَـوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ).[30] ثامنًا: أكل سبع تمرات صباحا قبل أن يأكل أو يشرب شيئًا:فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرُّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ، وَلاَ سِحْرٌ).[31] ومن العلماء من قال: ويرجى أن يعم ذلك جميع أنواع التمر. فهذه تحصينات يحتاجها كل واحد منا، فأنت بحاجة اليها، زوجتك بحاجة إليها، أولادك بحاجة إليها، بيتك بحاجة إليها، لأنها تحفظك من شر الإنس والجنّ، وشر كلّ المخلوقات، تحفظك من الحسد والعين والسحر، وتحصنك من الشيطان ومكائده، تكفيك الهم والغم في الدنيا والآخرة، تمتعك بحفظ الله عزّ وجلّ وحمايته. اسال الله ان يحفظنا واياكم من كل شر، وأن يوفقنا لكل خير آمين يا رب العالمين. [1] الأزهري، تهذيب اللغة: (4/ 170). [2] ابن قدامة، المغني: (12/ 299). [3] سورة الاعراف: من الآية (116). [4] سورة طه: من الآية (66). [5] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: (3/ 456). [6] ابن قدامة، المغني: (12/ 299). [7] عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَان يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي أَتَانِي رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ، وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ قَالَ فِي مَاذَا قَالَ فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ نَخْلُهَا كَأَنَّهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ فَقُلْتُ اسْتَخْرَجْتَهُ فَقَالَ: لاَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتِ الْبِئْرُ. صحيح البخاري، بدء الخلق- باب صفة إبليس وجنوده: (4/ 148)، برقم (3268). [8] ابن تيمية، مجموع الفتاوى: (19/ 35)، ابن القيم، بدائع الفوائد: (2/ 234). [9] سورة النساء: الآية (51، 52). [10] الطبري، جامع البيان: (8/ 462). [11] صحيح البخاري، كتاب الوصايا - باب قول الله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما.. ): (4/ 12)، برقم (2766)، وصحيح مسلم، كتاب الايمان - بَابُ بَيَانِ الْكَبَائِرِ وَأَكْبَرِهَا: (1/ 92)، برقم (89). [12] سورة البقرة: الآية (102). [13] ابن حجر، فتح الباري: (10/ 225). [14] شرح النووي على مسلم: (14/ 176)، وابن قدامة، المغني: (12/ 300). [15] صحيح مسلم، كتاب السلام- بَابُ تَحْرِيمِ الْكَهَانَةِ وَإِتْيَانِ الْكُهَّانِ: (4/ 1751)، برقم(2230). [16] الحاكم، المستدرك على الصحيحين: (1/ 8)، برقم()، وقال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. [17] سورة النمل: الآية (65). [18] سورة الانعام: من الآية (59). [19] سورة لقمان: الآية (34). [20] سورة الاعراف: من الآية (188). [21] سورة الانعام: من الآية (59). [22] سورة فصلت: الآية (36). [23] ابن الجوزي، تلبيس إبليس: (ص: 35). [24] ابن القيم، الوابل الصيب: (ص:٧١). [25] صحيح مسلم، كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا- بَابُ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي بَيْتِهِ، وَجَوَازِهَا فِي الْمَسْجِدِ: (1/ 539)، برقم (780). [26] صحيح البخاري، فضائل القرآن- باب فضل البقرة: (6/ 232)، برقم (5010). [27] صحيح البخاري، فضائل القرآن- باب فضل سورة البقرة ![]() [28] ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم (6/ 91)، وفتح الباري لابن حجر: (9/ 56). [29] سنن الترمذي ت بشار (5/ 459)، برقم (3575)، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. [30] صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق - باب صفة إبليس وجنوده: (4/ 153)، برقم (3293). [31] صحيح البخاري، كتاب الأطعمة- باب العجوة: (7/ 104)، برقم (5445).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |