أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (4) عائشة رضي الله عنها في بيت النبوة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         7 خطوات لتأمين حسابك على فيس بوك وحمايتك من الاختراق وسرقة البيانات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          كيفية نقل القنوات المشترك بها على يوتيوب إلى حساب آخر.. خطوة بخطوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          5 طرق لمنع الكمبيوتر من جمع بياناتك الشخصية.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كيفية معرفة طراز جهاز iPad الخاص بك بعدة طرق مختلفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كل ما نعرفه عن جهاز بلاى ستيشن المحمول.. صور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيف يهدد البرد عمر بطارية هاتفك؟ 5 خطوات لتجنب ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيفية حذف حسابك على تويتر أو منصة x (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          موبايلك بيتجسس عليك؟ ..اعرف إزاى التطبيقات بتراقب كل تحركاتك من غير ما تحس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          واتساب يقدم طريقة جديدة لإنشاء المجموعات.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          طريقة تحويل ملف PDF إلى Excel بسهولة فى 5 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-09-2021, 07:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,050
الدولة : Egypt
افتراضي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (4) عائشة رضي الله عنها في بيت النبوة

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (4) عائشة رضي الله عنها في بيت النبوة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل





الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الْأَحْزَابِ: 70-71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: حَاجَةُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ يُقِرُّهَا كُلُّ عَاقِلٍ، وَنِعْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ لَا يُنْكِرُهَا إِلَّا جَاحِدٌ؛ فَالْمَرْأَةُ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ وَبِنْتٌ، وَكُلُّ أُولَئِكَ مِمَّا يَحْتَاجُهُ الرَّجُلُ، وَيُؤَثِّرُ فِي حَيَاتِهِ. وَسَادَةُ الرِّجَالِ وَهُمُ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَمْ يَنْفَكُّوا عَنِ الْحَاجَةِ لِلنِّسَاءِ ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [الرَّعْدِ: 38].

وَرَسُولُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالصِّدِّيقَةِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ؛ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا، فَكَانَتْ نِعْمَ الزَّوْجَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وُلِدَتْ فِي الْإِسْلَامِ، بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِ سَنَوَاتٍ، وَنَشَأَتْ فِي بَيْتٍ مُسْلِمٍ، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَفَتَحَتْ عَائِشَةُ عَيْنَيْهَا وَأُذُنَيْهَا وَقَلْبَهَا عَلَى الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَلَمْ تَقَعْ فِي الشِّرْكِ قَطُّ؛ فَكَانَتْ نَقِيَّةَ الْقَلْبِ مِنَ التَّعَلُّقِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَضَرَتْ تَنَزُّلَ الْوَحْيِ مُنْذُ بِدَايَاتِهِ إِلَى نِهَايَتِهِ، وَهَذَا شَرَفٌ عَظِيمٌ قَلَّ أَنْ يَجْتَمِعَ لِغَيْرِهَا. كَانَ أَبُوهَا مِنْ أَشْرَافِ قَوْمِهِ، وَمِنْ أَعْلَمِهِمْ بِالنَّسَبِ وَالْفَلَكِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ، وَكَانَ عَزِيزًا بِمَالِهِ وَتِجَارَتِهِ، فَيَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ هُوَ إِلَيْهِمْ. وَكَانَ صَدِيقًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَآمَنَ بِهِ فَوْرَ بِعْثَتِهِ؛ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ، وَتَبَعًا لِإِسْلَامِهِ أَسْلَمَتْ زَوْجُهُ أُمُّ رُومَانَ، أُمُّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَكَانَ أَبَوَاهَا مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ.

وَفِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنَ الْبِعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سَنَوَاتٍ، خَطَبَتْهَا لَهُ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَوَافَقَ الْوَالِدَانِ وَزَوَّجَاهُ إِيَّاهَا، لَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَدْ بَلَغَتْ تِسْعَ سَنَوَاتٍ، وَكَانَتْ بَنَاتُ قُرَيْشٍ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ وَلَهُنَّ تِسْعُ سَنَوَاتٍ.

وَقَدْ رَآهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ زَوْجَةً لَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَهَا، وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ حَقٌّ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ: «أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ».


وَلَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكْرًا غَيْرَهَا، «وَلَمْ يَنْكِحِ امْرَأَةً أَبَوَاهَا مُهَاجِرَانِ سِوَاهَا»، وَهَذَا فَضْلٌ اخْتُصَّتْ بِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ حَظِيَّةً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاعِي مَيْلَهَا لِلَّعِبِ لِصِغَرِ سِنِّهَا، وَيَسْمَحُ لِصَوَاحِبِهَا أَنْ يَلْعَبْنَ مَعَهَا؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَكَنَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؛ بِابْنِ أُخْتِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ صَوَاحِبِي لَهَا كُنْيَةٌ غَيْرِي. قَالَ: فَاكْتَنِي بِابْنِكِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَانَتْ تُدْعَى بِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى مَاتَتْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَاعِبُهَا وَيُسَابِقُهَا، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «سَابَقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْتُهُ، فَلَبِثْنَا حَتَّى إِذَا رَهِقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: هَذِهِ بِتِيكِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَحَظِيَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِحُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَتْ أَحَبَّ نِسَائِهِ إِلَيْهِ، كَمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَوَّلُ حُبٍّ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ حُبُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ.

وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ غَارَ مِنْهَا ضَرَائِرُهَا بِسَبَبِ أَنَّ الصَّحَابَةَ يُهْدُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِهَا الَّذِي يَكُونُ فِيهِ عِنْدَهَا، فَاجْتَمَعَ جَمْعٌ مِنْ نِسَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقُلْنَ: «كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، وَكَرَّرَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ سَاكِتٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ، أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ قَالَتْ: بَلَى، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ فَأَخْبَرَتْهُنَّ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُبِّهِ لَهَا، وَفَهْمِهِ لِسَجِيَّتِهَا يَعْرِفُ رِضَاهَا مِنْ غَضَبِهَا، وَقَالَ لَهَا: «إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْجَبًا بِقُوَّةِ حُجَّتِهَا، وَحُسْنِ مَنْطِقِهَا، وَقُدْرَتِهَا فِي الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِهَا رَغْمَ صِغَرِ سِنِّهَا، فَلَمَّا وَقَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ خُصُومَةٌ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَسْكَتَتْهَا عَائِشَةُ، وَأَلْزَمَتْهَا الْحُجَّةَ؛ «فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَائِشَةَ وَقَالَ: إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَحِينَ رُمِيَتْ بِالْإِفْكِ دَافَعَتْ عَنْ نَفْسِهَا بِكَلَامٍ يَعْجِزُ عَنْهُ الْكِبَارُ، وَعُمْرُهَا آنَذَاكَ لَا يَتَجَاوَزُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَتْ: «إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ -وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يُوسُفَ: 18]» فَبَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِقُرْآنٍ يُتْلَى إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ. فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ عَائِشَةَ وَأَرْضَاهَا، وَجَمَعَنَا بِهَا فِي دَارِ النَّعِيمِ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [الْبَقَرَةِ: 281].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ أَنْ يَبْقَى عِنْدَ عَائِشَةَ مِنْ حُبِّهِ لَهَا، فَأَذِنَ لَهُ نِسَاؤُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ بِذَلِكَ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

مَكَثَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي بَيْتِ النُّبُوَّةِ تِسْعَ سَنَوَاتٍ، فَمَاتَ عَنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمْرُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا فَقَطْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَمَاتَتْ وَعُمْرُهَا خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ لِلْهِجْرَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ جِدًّا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَدُفِنَتْ مَعَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَقِيعِ.

وَبَعْدُ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: فَيَنْبَغِي لِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَعْتَنُوا بِسِيرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسِيرَةِ أَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَأَنْ يَجْعَلُوا سِيَرَهُمُ الْأُنْمُوذَجَ الَّذِي يَتَرَبَّى عَلَيْهِ أَبْنَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَبَنَاتُهُمْ؛ فَهُمْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَزْكَاهَا، وَدِينُ اللَّهِ تَعَالَى وَصَلَ إِلَيْنَا عَنْ طَرِيقِهِمْ؛ فَلَهُمُ الْفَضْلُ -بَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى- فِي ذَلِكَ، فَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، وَجَعَلَ دَارَ الْخُلْدِ مَأْوَانَا وَمَأْوَاهُمْ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.20 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]