السلوك الأهوج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 866 - عددالزوار : 75165 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 32690 )           »          من أحكام سجود السهو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          فضل الدعاء وأوقات الإجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 2060 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1291 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          مفهوم القرآن في الاصطلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تفسير سورة الكافرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-02-2022, 06:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,974
الدولة : Egypt
افتراضي السلوك الأهوج

السلوك الأهوج
وضاح سيف الجبزي




اللهُمَّ لك الحمدُ، أنْتَ أَحَقُّ مَنْ ذُكِر، وأحَقُّ مَنْ عُبِد، وأنْصَرُ منِ ابْتُغِي، وأرْأَفُ منْ مَلَك، وأجْوَدُ منْ سُئِل، وأكْرَمُ منْ أعْطَى، أنْتَ المَلِكُ لا شَرِيْكَ لك، وأنْتَ الفَرْدُ لا نِدَّ لك، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَك، لا تُطَاعُ إلا بِإِذْنِك، ولا تُعْصَى إلا بِعِلْمِك، تُطَاعُ فَتَشْكُر، وتُعْصَى فَتَغْفِر، أقْرَبُ شَهِيْدٍ، وأدْنَى حَفِيْظٍ، حُلْتَ دُوْنَ النُّفُوسِ، وأخَذْتَ بالنوَاصِي، وكَتَبْتَ الآثَارَ، ونَسَخْتَ الآجَالَ، القُلُوبُ لكَ مُفْضِيَةٌ، والسِّرُّ عِنْدَك عَلانَيِةٌ، الحَلالُ ما أحْلَلْتَ، والحَرَامُ ما حَرَّمْتَ، والديْنُ ما شَرَعْتَ، والأَمْرُ مَا قَضَيْتَ، والخَلْقُ خَلْقُكَ، والعَبْدُ عَبْدُكَ، وأنْتَ اللهُ، المَلِكُ، الرؤُوفُ التواب الرحْمَنُ الرحِيْمُ.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، فالِقُ الحب والنوَى، ومنشئ الأجْسَادِ بَعْدَ البلى، مُؤْوي المنْقَطِعِينَ إِليْه، وكَافِي المُتَوَكلينَ عليه..
اللهُ يَا أَعْذَبَ الأَلْفَاظِ فِي لُغَتِي
اللهُ يَا أَمْتَعَ الْأَسْمَاءِ كَمْ سَعِدَتْ
اللهُ أُنْسِي وَبُسْتَانِي وَقَافِيَتِي
اللهُ يَرْتَاحُ قَلْبِي حِينَ أَسْمَعُهَا
اللهُ أَرْحَلُ فِي أَعْمَاقِهَا وَعَلى
وَيَا أَجَلَّ حُرُوفٍ فِي مَعَانِيهَا
نَفْسِي وَفَاضَ سُرُورِي حِينَ أَرْوِيهَا
اللهُ يَا زِينَةَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
وَحِينَ أُبْصِرُهَا نَقْشًا وَأُمْلِيهَا
إِيحَائِهَا تَسْتَمِدُّ النَّفْسُ بَارِيهَا


تحدثنا فيما مضى عن خلق: العفوِ والصفحِ والحِلمِ والرِّفقِ وكظمِ الغيظ، وحديثُ اليومِ عن خلق مناقض، وسلوك مضاد، خُلقٍ يزداد كلَّ يوم أُوارُه، ويعلو غبارُه، وتستفحل ضراوتُه، وتُومِض شرارتُه، خصوصًا مع تعكُّر الظروف، وضنك العيش، وتوالي الأزمات، وانقطاع المرتبات، وتبخُّرِ الوعود، وسكونِ الرعود، واستفحال الطغيان، وتسلُّط بني الصلبان، وضياع الوازع، وغياب الرادع، وضعف المانع، ووهن المبادئ، وانطماس القيم، وفساد الأخلاق، وتفشي الوباء، وانتشار الداء، وتعسُّر الدواء، وتفرُّق الأمة الغراء.

كم مُزِّقتْ بسببه من أواصر، ودُمّرت من أُسَر، وخرِبت من بيوت، وقُطّعت من أرحام، ورُمِّلت من نساء، وأُريقت من دماء، وأجهضت من أعمال، وطاشت من عقول، وغابت من موازين، وضاعت من حقوق، وصودرت من ممتلكات، وسُلبت من مستحقات!

إنه سلوك الغضب يا عباد الله.. ريحٌ تهُبُّ على سراج العقل فتطفئه، ونار تشتعل في القلب فتحرقه، ومرض يستشري في البدن فيتسلط على عروقه ومفاصله فيهلكه.

إنه شعبة جنون، ومبضع مجون، وجماع شر، ومصدر هلاك، وباب دمار.. يأتي على المجتمع، فيقوِّض بنيانَه، ويهدُّ أركانَه، وينزل على الأسر؛ فيمزق شملها، ويشتت جمعها، ويمر على المحالِّ؛ فيشعلها نارًا، ويجعلها خبوتًا وقفارًا، ويخيم على بدن الإنسان؛ فيغير طبيعته، ويرفع وتيرته، ويهدم سلوكه، ويورده السوء والمنكر، وربما رفع له الضغط والسكر.

عن أَبي هريرة - رضي اللَّه عنه - أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ ﷺ: أَوْصِني، قَالَ: «لا تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ»[1].

وفي روايةٍ: عَلِّمْنِي شَيْئًا وَلَا تُكْثِرْ عَلَيَّ لَعَلِّي أَعِيهِ، قَالَ ﷺ: «لَا تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ ذَلِكَ مِرَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لَا تَغْضَبْ»[2].

قال أبو الدَّرْدَاءِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: «لَا تَغْضَبْ وَلَكَ الْجَنَّةُ»[3].

وَلما قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: اجْمَعْلَنَاحُسْنَالْخُلُقِفِيكَلِمَة، قَالَ: تَرْكُ الْغَضَبِ[4].

عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» قَالَ الرَّجُلُ: فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ[5].

وقد جاء في الأثر «إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ تُوقَدُ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ؛ أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ؟!»[6].

وجاء أيضًا: أقربُمايكونالعبدمِنغضباللهإذاغضب[7].

لهذا حُكي عن إبليس أنه يقول: متىأعجزنيابنُآدمفلنيعجزنيإذاغضب؛ لأنه ينقاد لي فيما أبتغيه، ويعملُ بما أريده وأرتضيه[8].

فالغضب جنون، والعقل ينقص عند الغضب؛ فيؤدي إلى قول الباطل وكتم الحق.
ولم أرَ فضلًا تمَّ إلا بشيمةٍ
وَلَمْ أَرَ فِي الْأَعْدَاءِ حِينَ اخْتَبَرْتُهُمْ
ولم أرَ عقلًا صحَّ إلا على الأدب
عَدُوًّا لِعَقْلِ الْمَرْءِ أَعْدَى مِنَ الْغَضَبْ


والغضب يمنع من النطق والحكم بالعدل، قال ﷺ: «لَا يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»[9]، أو قال: «لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»[10].

وقديمًا قالوا: الغضبُ عَدوٌّ، فلا تُملِّكْه نفسَك[11].

ولذا كان من دعاء النبي ﷺ: «وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ»[12].

قال الحسن: أربعٌ مَن كُنَّ فيه عَصَمه الله من الشيطان، وحَرَّمه على النار: مَن مَلَك نفسَه عند الرغبة، والرهبة، والشهوة، والغضب[13].
لَيْسَتِ الأَحْلاَمُ فِي حَالِ الرِّضَا
إِنَّمَا الأَحْلاَمُ فِي حَالِ الغَضَبْ


عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَنَّهُ لَقِيَ مَلَكًا وَقَالَ لَهُ: عَلِّمْنِي عِلْمًا أَزْدَادُ بِهِ إيمَانًا وَيَقِينًا، قال: لَاتَغْضَبْ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ أَقْدَرُ مَا يَكُونُ عَلَى ابْنِ آدَمَ حِينَ يَغْضَبُ، وَرُدَّ الْغَضَبَ بِالْكَظْمِ، وَسَكِّنْهُ بِالتُّؤَدَةِ، وَإِيَّاكَ وَالْعَجَلَةَ، فَإِنَّكَ إِذَا عَجِلْتَ أَخْطَأْتَ حَظَّكَ، وَكُنْ سَهْلًا لَيِّنًا لِلْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ،وَلَاتَكُنْجَبَّارًاعَنِيدًا[14].

وعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي الْحِكَمِ: يَا دَاوُدُ، إِيَّاكَ وَشِدَّةَالْغَضَبِ،فَإِنَّشِدَّةَالْغَضَبِمُفْسِدَ ةٌلِفُؤَادِالْحَكِيمِ[15].

وقال الماورديّ:ذُكِرَ أنَّ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبًا: يَا ابْنَ آدَمَ، اذْكُرْنِي إِذَا غَضِبْتَ، أَذْكُرْكَ إِذَا غَضِبْتُ؛فَلَاأَمْحَقُكَفِيمَنْ أَمْحَقُ[16].

قال الغزاليّ -رحمه الله تعالى-: «ممّا يدلّ على أنّ الغضب من أخلاق النّاقصين: أنّ المريض أسرعُ غضبًا من الصّحيح، والمرأة أسرع غضبًا من الرّجل، والصّبيّ أسرع غضبا من الرّجل الكبير، وذا الخلق السّيّء والرّذائل القبيحة أسرعُ غضبا من صاحب الفضائل..»[17].

وقال -رحمه الله تعالى-: «حال القلب عند الغضب في الاضطراب أشدّ من حال السّفينة عند اضطراب الأمواج في لُجَّة البحر، إذْ في السفينة من يحتال لتسكينها وتدبيرها وسياستها، أمَّا القلب فهو صاحب السَّفينة، وقد سقطت حيلته بعد أن أعماه الغضب وأصمَّه، ولو رأى الغضبانُ في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته واستحالة خلقته، وقبحُ الباطن أعظم من قبح الظاهر؛ فإنَّ الظَّاهر عنوان الباطن»[18].

وكان ابن المقنع - رحمه الله تعالى - يقول: كظم الغيظ أولى من ذل الاعتذار[19].

وقد قيل: «إيَّاك وعزَّةَ الغضب؛ فإنَّها تفضي إلى ذلِّ الاعتذار»[20].
وإذا ما اعتراك في الغضب العزّ
ة فاذكر تذلُّل الاعتذار


ذكر البخاري في تفسير قول الله -عز وجل-: ﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ﴾ [يونس:11]، قول مجاهد: أنّه قَوْلُ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ وَمَالِهِ إِذَا غَضِبَ: اللَّهُمَّ لَا تُبَارِكْ فِيهِ وَالْعَنْهُ، ﴿ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ [يونس:11]، لَأُهْلِكُ مَنْ دُعِيَ عَلَيْهِ وَلَأَمَاتَهُ[21].
إن النفوس إذا تنافر ودُّها
مثل الزجاجة كسرها لا يجبرُ


قال ﷺ «..فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟» قُلْنَا: الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ، قَالَ: «لَيْسَ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»[22].
فالشجاعة في قوة القلب وثباته، فلا يزعزعه قول جاهل، ولا فعل سفيه، ولا استفزاز معتوه، ولذلك مدحه النبي ﷺ بقوله: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ» قَالُوا: فَالشَّدِيدُ أَيُّمَ هُوَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»[23].

وعند ابن حبان: «لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ [النَّاس] إِنَّمَا الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ»[24].

إن معظم حالات الخصومة، وتففك الأواصر، بل وجلُّ حالات الطلاق إنما هي بسبب الغضب وفي حينه، ثم تمزق الأسرة شذر مذر، ويضيع الأبناء، بسبب غضب لحظة.

والموفق من يقهر نفسه عن الغضب، ويتذكر حِلم الله عليه، ويعلم أن قدرة الله عليه أعظمُ من قدرته على الخلق, فيخشى عقابه، ويخاف بطشه وانتقامه.

قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ –رضي الله عنه-: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ»، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا[25].

والمسلم مطالبٌ بكتمان غيظه، وإطفاء غضبه بما استطاع من تحلُّم وتصبّر، واستعاذة بالله من النفس والهوى والشيطان، ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف:200].

قلت ما سمعتم وأستغفر الله.


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-02-2022, 06:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السلوك الأهوج

الخطبة الثانية
الحمد لله ذي الطول والإنعام، والمنِّ والإكرام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام، وأشهد أن محمدًا عبد ورسوله قائد الغر المحجلين إلى دار السلام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره ورام، أما بعد:
فعن سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ؟ قَالَ: إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ[26].

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ»[27].

وفي الحديث: «عَلِّمُوا، وَيَسِّرُوا، وَلا تُعَسِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ»[28].

أو قال: «وَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ، وَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ، وَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ»[29].

وقد قيل في أحدث تفسير لانتشار الأمراض الخبيثة والمستعصية بشكل مخيف: أن الشدة النفسية –كالغضب- يُضعِف الجهاز المسؤول عن تنظيم الجسم، ونمو الخلايا، ألا وهو جهاز المناعة، ومتى ضعُف هذا الجهاز؛ نمت الخلايا نموًّا عشوائيًّا، والشدة النفسية - بالتعبير الطبي الحديث - أو كلمة الغضب - بالتعبير القديم الإسلامي - هو الذي يسهم في إضعاف جهاز المناعة، وإضعاف هذا الجهاز يسهم في إضعاف سيطرة هذا الجهاز على نمو الخلايا، فهناك تلازم بين انتشار هذه الأمراض الخبيثة بشكل وبائي، وبين ارتفاع التوتر النفسي لدى البشر.

يسأل طبيب القلب المريض عند زيارته: هل هناك شيء أزعجك؟ ومثله طبيب الباطنية.. وكثيرٌ من الأمراض يضعُ الطبيبُ السببَ الأول للمرض: الصدمة النفسية، والتوتر المفاجئ.

ولكن متى نغضب؟
وَإِذا أُغضِبتَ فَاغضَب لِعَظيم
وَتَجَنَّب في الصَغيراتِ الغَضَب
شَرَفٍ قَد مُسَّ أَو عِرضٍ كَريم
إِنَّهُ كَالنارِ وَالرُشدُ الَحطَب


﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ﴾ [الأعراف:150].

إن المؤمن الحق لا يغضب لنفسه، وإنما يغضب حينما يُنال من جناب التوحيد، وتنتهك محارمُ الله، وتتفشى المنكرات، وتنطمس معالم الدين، قال أبو بكر: أينقص الدين وأنا حي؟[30].

كم زُلزل الصخر الأشمُّ فما وَهى
لو أن آسادَ العرين تفزَّعتْ
وكأنَّ نيران المدافع في صدُو
توحيدُك الأعلى جعلنا نقشَهُ
فغدتْ صُدورُ المؤمنين مصاحفًا
من بأسنا عزم ولا إيمانُ
لم يلقَ غير ثباتنا الميْدانُ
رِالمؤمنين الرَّوْح والريحانُ
نورًا تضيء بصُبحه الأزمانُ
في الكون مسطورًا بها القرآنُ


وغضبَ النبيُّ محمدٌ ﷺ لله سبحانه، لما رأى قذارةً في المسجد؛ في بيتِ الله سبحانه، فقد رَأَى رَسُولُ اللهِ ﷺ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَحَكَّتْهَا وَجَعَلَتْ مَكَانَهَا خَلُوقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحسن هذا[31].

هذا وصلوا - رحمكم الله - على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بذلك في قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم انصُر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.

اللهم ما سألناك من خير فأعطنا، وما لم نسألك فابتدئنا، وما قصرت عنه آمالنا من الخيرات فبلغنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

[1] رواه البخاري في صحيحه، باب الحذر من الغضب (8/28).

[2] رواه الترمذي في سننه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب ما جاء في كثرة الغضب (4/114)، صححه الألباني، صحيح وضعيف سنن الترمذي (5/20).

[3] رواه الطبراني في المعجم الأوسط (3/25)، ومسند الشاميين (1/36)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (3/46).

[4] جامع العلوم والحكم (1/363).

[5] رواه معمر بن راشد في الجامع، باب الغضب والغيظ وما جاء فيه (11/187)، ورواه عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه(9/68)، وأحمد في مسنده(38/236)، والبيهقي في السنن الكبرى(10/180)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب(3/45).

[6] أورده البيهقي في شعب الإيمان مرسلاً، من حديث الحسن (10/529).

[7] التوضيح لشرح الجامع الصحيح (19/208).

[8] الذريعة إلى مكارم الشريعة(ص243).

[9] رواه البخاري في صحيحه، من حديث عبدالرحمن بن أبي بكرة، باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان (9/65).

[10]رواه مسلم في صحيحه، من حديث عبدالرحمن بن أبي بكرة، باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان (3/1342).

[11] مخطوطات في الأمثال العربية (1/244).

[12] رواه النسائي في سننه، من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه (3/54)، ورواه البيهقي في الأسماء والصفات (1/319)، صححه الألباني، تخريج الكلم الطيب (1/109).

[13] جامع العلوم والحكم (1/368).

[14] إحياء علوم الدين (3/165).

[15] مساوئ الأخلاق للخرائطي(ص151).

[16] أدب الدنيا والدين(ص258).

[17] إحياء علوم الدين، بتصرف يسير (3/172).

[18] إحياء علوم الدين، بتصرف يسير (3/168).

[19] تنبيه المغتربين(ص181).

[20] أدب الدنيا والدين(ص259).

[21] صحيح البخاري (6/72).

[22] رواه مسلم في صحيحه، من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب (4/2014).

[23] رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب (4/2014).

[24] رواه ابن حبان في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب ذكر الإخبار بأن الشديد الذي غلب نفسه...(2/493).

[25] رواه مسلم في صحيحه، باب صحبة المماليك، وكفارة من لطم عبده (3/1280).

[26] رواه البخاري في صحيحه، باب الحذر من الغضب (8/28).

[27] رواه أحمد في مسنده، من حديث أبي ذر رضي الله عنه (35/278)، وأبو داؤود في سننه(4/249)، وابن حبان في صحيحه(12/501)، صححه الألباني، مشكاة المصابيح(3/1415).

[28] رواه أبو داؤود الطيالسي في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (4/337)، وأحمد في المسند (4/39)، والبخاري في الأدب المفرد(ص95)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة(3/449).

[29] رواه أحمد في المسند، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما(4/338، 5/413)، والبخاري في الأدب المفرد(ص447)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق(ص150)، صححه الألباني، صحيح الأدب المفرد(501).

[30] الرياض النضرة في مناقب العشرة(1/147).

[31] رواه ابن ماجه في سننه، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، باب كراهية النخامة في المسجد (1/251)، والنسائي في سننه(2/52)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة(8/4).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.68 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]