
28-03-2022, 02:37 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,225
الدولة :
|
|
خطبة: كيف نستقبل رمضان؟
خطبة: كيف نستقبل رمضان؟
مالك مسعد الفرح
إِنَّ الْحَمْد للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمْنْ يَضْلُلُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدُهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
أَمَّا بَعْدُ:
نستقبل بعد أيام ضيفًا عزيزًا كريمًا يحتفي به المؤمنون ويفرحون بهلاله؛ كيف لا وهو الشهر الذي شرف الله به البشرية ببعثة خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الشهر الذي رفع الله به قدر الأمة المحمدية بنزول ذكرها الخالد وشرفها الدائم وهو القرآن الكريم، فكيف نستقبل رمضان؟ لا بد من أمور لحسن استقبال رمضان:
أولها: معرفة شرف الزمان وفضله؛ قال الله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]، أنزل الله فيه أفضل كتبه في ليلة مباركة؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1 - 5]، نعم ليلة القدر خير من ألف شهر؛ قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه) و(مَن حُرم خيرُها فهو المحروم).
شهر افترض الله علينا صيام نهاره؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾، وقال عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه).
إخوة الإسلام، ها قد أقبل رمضان فأبشروا، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من رمضان فُتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وغُلقت أبواب جهنم فلم يُفتح منها باب، وصُفِّدت الشياطين، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبِل، وباغي الشر أقصِر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة).
إخوة الإسلام، نستقبل رمضان بالشوق إليه والدعاء ببلوغه، وبالبشارة والتهنئة بقدوم رمضان، كما بشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فقال: (قد جاءكم رمضان شهر مبارك).
عباد الله، إن شهود رمضان نعمة تستوجب الشكر لله بأن مدَّ في أعمارنا، وشهدنا هذا الفضل الكبير، فكم صام معنا في العام الماضي من المسلمين من الأقارب والجيران والأصدقاء، فرحلوا عن عالمنا، ومَن الله علينا بهذا الفضل، فشهِدنا شهر رمضان.
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلَّك شهر الصوم بعدهما
فلا تصيره أيضا شهر عصيان
كم كنت تعرف ممن صام من سلف
من بين أهل وجيران وخِلَّانِ
أفناهم الموت واستبقاك بعدَهمُ
حيًّا فما أقرب القاصي من الداني
إخوة الإيمان، من حسن استقبال رمضان: تعلُّم أحكام الصوم والإفطار بقراءة أو سماع، وما أسهل ذلك علينا في عصرنا هذا وفي فراغنا هذا، حتى نصوم على بيِّنة، ولا نقع في محظورات الصيام، أو التلاوة والقيام، كما يلزمنا عقد العزم وتمحيص النية، وتقوية الهمة وشد العزيمة على صيام وقيام رمضان، وحسن استغلال وقته المبارك، فإنما الأعمال بالنيات.
عباد الله، من أحسن ما نستقبل به رمضان أن نتوب إلى الله بترك الذنوب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، و(رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب)، و(الصيام جُنَّة، فإذا كان صوم يوم أحدكم، فلا يرفُث ولا يصخب)، و(ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث)، و(من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه).
قلت ما سمعتم، فاستغفروا الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى، ثم أما بعد:
فعباد الله، شرع الله الصوم لحكم عدة خلاصتها تحقيق التقوى، والتقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، والتقوى هي أن تجعل بينك وبين المعاصي والنار وقاية.
إخوة الإسلام، بالصوم نتعلم العفاف، عفةَ الفرج والفم، عفة الطعام والشهوة، وبالصوم نتعلم الصبر، فالصوم نصف الصبر، وبالصبر يكون النجاح، وفي الصوم صحة وشفاء ورحمة وعطاء وكرم، وإيثار للفقراء.
إخوة الإسلام، إن الأهداف المكتوبة عادة تتحقق، ولأن أوقات رمضان غالية فحبذا لو كتبنا أهدافنا، وسجَّلنا أعمالنا، ووضَعنا خطة مكتوبة مجدولة على أيام وساعات رمضان، نكتب في جدولنا أعمالنا المقترحة: من صيام وصلاة، وقيام وأذكار ودعاء، وصدقات وتلاوات، وصلة رحم، وحسن جيرة، وتعلُّم وتأهيل، وقضاء حوائج المحتاجين والتحلي بكل حميد، والتخلي عن كل قبيح؛ حتى نحاسب أنفسنا، ونقيس أداءنا، ونتدارك نقصنا، ونستغل أوقاتنا.
هذا وصلوا وسلموا على النبي الأمين كما أمركم الله في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم أعنَّا فيه على الصيام والقيام وصالح الأعمال.
اللهم ارفَع عنا الوباء والبلاء والغلاء والفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أنزلت الداء فعلِّمنا الدواء، وقوِّ عزائم المسعفين والأطباء، وامنُن على المرضى بالشفاء.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفجاءةِ نقمتك وجميع سخطك. اللهم اكفِنا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمَّن سواك.
اللهم احقِن دماءَ المسلمين، وألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم.
اللهم اشفِ مرضانا وعافِ مبتلانا، وأغنِ فقيرنا، وفرِّج كربنا، وتولَّ أمرنا.
اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا.
اللهم استُر عوراتنا وآمِن روعاتنا.
اللهم احفَظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
اللهم اغفِر لنا ولوالدينا وأرحامنا وجيراننا وأصحابنا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|