|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة بين يدي رمضان د. عطية بن عبدالله الباحوث الخطبة الأولى المقدمة:الحمد لله الملك المعبود، ذي العطاء والمَنِّ والجود، واهِب الحياة وخالق الوجود، الحمد لله لا نُحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، نحـمـده تبـارك وتـعـالى ونستعينـه، فـهـو الـرحيـم الـودود، وأشـهـد أن لا إلـه إلا الله الـحـي القيوم ذو العـرش المجـيـد، الـفَـعَّـال لمـا يُـريـد، وأشهد أن سيدَنـا محمـدًا عبـدُه ورسـوله ذو الخُلُق الحميد، والـرأي الـرشيـد، والقـول السـديـد، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، فصلَّى الله عليه وسلم، وعلى آله وصَحْبه ومَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: مقصد الصيام: • فقد جعل الله لعباده المؤمنين مواسم للخير، وأزمنة يعيش فيها مع الطاعة، ويتزوَّد منها زادًا ليوم الرحيل، ويُغذِّي القلب الضعيف بزاد التقوى؛ فينشرح لعبادة الله وحب العطاء والبذل، وإنَّ من أعظم ذلك ما نحن مقبلون عليه من شهر رمضان، شهر شرَّفَه الله بإنزال القرآن ومغفرة خاصة من الرحمن، وجعل حكمته وتاجه تقوى الديَّان، فقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، قال عليٌّ رضي الله عنه عن التقوى: ((الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والاستعداد ليوم الرحيل، والرِّضا من الدنيا بالقليل))، فإذا كنت لله تقيًّا كنت لله وليًّا، ويُدقِّق في ذلك عمر بن عبدالعزيز رحمه الله فيقول: ((ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك؛ ولكن تقوى الله ترك ما حَرَّم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرًا فهو خير إلى خير)). خصائص عبادة الصوم: • وقد أعطى الله لكل عباده مقامًا، وإنَّ الصيام ليتحلَّى بروائع وأشرف المقامات، ففي حديث أبي هريرة: ((قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيامَ، فإنَّه لي، وأَنا أجْزِي به، والصِّيامُ جُنَّةٌ، وإذا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإنْ سابَّهُ أحَدٌ أوْ قاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صائِمٌ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتانِ يَفْرَحُهُما: إذا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ))[1]، فهنا مقامات الصيام. الحسنة بعشر أمثالها عدًّا، وأما الصوم فلا يحصي أجره وقدره إلا الله، فجعل أجره لا حَدَّ له ولا عَدَّ، وجعل الصوم جُنَّةً وحمايةً من كل عدوٍّ سواء كان نفسًا أمَّارة أو نزغات الشياطين أو هوًى مُتَّبعًا، وجعل ما يعتريك من تغيُّر يتأفَّف منه الناس أطيبَ عنده من ريح المسك، وإكرام الله الصوَّام بفرحتينِ: فرحة في الدنيا عند فطره، ويتبعها فرحة في الآخرة عندما يُوفَّى أجره بغير حساب. ترك الطعام والشراب وسيلة: إن الإنسان خُلِق من طين، وجعل رزق وغذاء هذا الجسد من الأرض، ونفخ فيه الروح فكرم وشرف، وجعل غذاء هذا الروح من السماء بالنور المبين والذكر الحكيم، ومنع من الأكل والشرب في رمضان؛ تخفيفًا للطينية وزيادة في الروحانية؛ ولذا ترك الطعام وسيلة لترقية الروح وتزكيتها، فإذا لم يكن فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ))[2]، ففحش المقال وسوء الأعمال تذهب بحقيقة الصيام فلم يبْقَ إلا جوع النهار ومكابدة السهر ومَقْت الرحمن. الصوم فرصة الطاعة: رمضان رحمة الله بعباده، والرحمة تجد فيها من المعونة الشيء الكثير، والله لا يريد من عباده إلا ما تيسَّر من طاقتهم، ولا يدخل عليهم ما يشق، فهو أعلم وأحكم بما يصلح لهم، وقد زادهم في رمضان فضلًا، ففي حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء رمضانُ فُتِّحَت أبوابُ الجنَّة، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ، وصُفِّدَت الشَّياطينُ))[3]، ففتحت أبواب الخير في رمضان، فالأجر مضاعف، والذنب مغفور، والرب شكور، وغُلِّقت أبواب الشر، وضاقت مجاري الشيطان، وحبسهم الله فلا يصِلُون إلى العبد كما كان في غير رمضان، كل هذا، فلماذا لا يكفُّ بعض الناس عن المعاصي في رمضان؟ الجواب بقي النفس الأمَّارة بالسوء والهوى، وشياطين الإنس، فمن لم يكن منهم على حذر وتقوى، ذهب رمضان وكأنه ما كان، ونستغفر الله ونتوب إليه ونعوذ به من الخذلان. الخطبة الثانية الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصلى الله على نبيِّنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الكِرام ما تعاقب الليل والنهار، وبعد:فالصوم كما له مقصد وحكمة، فإن له فرائد انفرد بها عن بقية العبادات، ومن ذلك على وجه الاختصار لا الحصر: 1- شهر العطاء والبذل؛ فعن عبدالله بن عباس: ((كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أجْوَدَ النَّاسِ، وأَجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ، حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ))[4]، فكما يتابع الله فيه بالعطاء لعباده نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك عبادةً ومحبَّةً لربِّه، ونحن نفعله طاعةً ومحبةً لله ولرسوله. 2- يعلمنا رمضان الصبر على الطاعة والكفَّ عن المعصية؛ لأنه كما ورد عن أبي أمامة الباهلي قال صلى الله عليه وسلم: ((صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ رَمَضانَ، صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وثلاثَةَ أيامٍ من كلِّ شهرٍ))[5]، رسالة دقيقة هي حجَّة على العاصي، تقول: يا مَن صبرتَ على ترك الحلال لله، أنت قادر على ترك الحرام لوجه الله، وهذا حُجَّةٌ عليك لا لكَ. 3- رمضان شهر يرمض الذنوب ويمحوها؛ لكثرة الأعمال الصالحة؛ فعن أبي هريرة: ((مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ))[6]، فبالإيمان بما ورد في نصوص الوحيَيْنِ، والاحتساب وحُسْن الظَّنِّ بالله تحطُّ الذنوب عن أهل الإيمان. 4- أشقى الناس مَنْ دخل موسم الخير ولم ينل منه شعبة من الفضل؛ فعن جابر بن عبدالله: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رقِي المنبرَ، فلمَّا رقِي الدَّرجةَ الأولى، قال: آمين، ثمَّ رقِي الثَّانيةَ، فقال: آمين، ثمَّ رقِي الثَّالثةَ، فقال: آمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، سمِعْناك تقولُ: آمين ثلاثَ مرَّاتٍ، قال: لمَّا رقِيتُ الدَّرجةَ الأولى جاءني جبريلُ، فقال: شَقِي عبدٌ أدرك رمضانَ فانسلخ منه ولم يُغْفَرْ له، فقلتُ: آمين، ثمَّ قال: شَقِي عبدٌ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُدْخِلاه الجنَّةَ، فقلتُ: آمين، ثمَّ قال: شَقِي عبدٌ ذُكِرتَ عنده فلم يُصَلِّ عليك، فقلتُ: آمين))[7]، إنما هي سويعات وأيام معدودات، لعلَّنا ندرك فيها نفحات الرحمن عز وجل، ولعلَّنا لا نلقاه بعد عامِنا هذا. الدعاء: اللهُمَّ أهِلَّ علينا رمضان باليُمْن والإيمان، والسلامة والإسلام، اللهُمَّ اجعلنا ممَّن يصومه ويقومه إيمانًا بفضلك واحتِسابًا لأجرك، اللهُمَّ فرِّج همَّ المهمومين من المُسْلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، ونفِّس كربَ المكرُوبِين، واقْضِ الدَّيْنَ عن المَدينين، واشْفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انْصُر دينَكَ وكِتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، واحفظ اللهم ولاةَ أمورِنا وسدِّدْهم في القول والعمل، واجعلهم خيرًا وعافيةً للإسلام والمسلمين. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، سبحان ربِّنا ربِّ العِزَّة عمَّا يصِفُون، وسلامٌ على المرسلين، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين. [1] البخاري. [2] البخاري. [3] البخاري. [4] البخاري. [5] صححه الألباني في صحيح الجامع. [6] البخاري ومسلم. [7] قال السخاوي في القول البديع: حسن، وقال الألباني في صحيح الأدب المفرد: صحيح لغيره.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |