كيف نستقبل رمضان؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         صلاة التطوع (فضائلها وأحكامها) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          احترام وتقدير النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          "يا غزة المجد .. عذرا" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          المسلمون بالهند يخشون المجاهرة بإسلامهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          مراتب الجهاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          ما كانَ خلقٌ أبغضَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منَ الكذبِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          حديث: أبغضَ الكلامِ إلى اللَّهِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 80 )           »          وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 79 )           »          إنَّ اللَّه جمِيلٌ يُحِبُّ الجمال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 50 )           »          الانتكاسة: أسبابها وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-02-2024, 12:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,846
الدولة : Egypt
افتراضي كيف نستقبل رمضان؟

كيف نستقبل رمضان؟ (1)



كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة: أهمية الاستعداد لاستقبال شهر رمضان:
- الكل يستشعر قرب إقبال رمضان، ولكن هل أعددنا أنفسنا لإقباله واستقباله؟ سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: (وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟) (متفق عليه).
- سيد الصائمين -صلى الله عليه وسلم- كان يستعد لرمضان بكثرة الصيام في شعبان: قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ" (متفق عليه).
- فجدير بالمؤمنين أن يتواصوا على تحصيل أعلى درجات الفوز بهذا الجود الإلهي، بحسن الاستعداد، فهم أولى بذلك مِن دعاة الباطل، واللهو والفجور، الذين يزداد عملهم وجهدهم في الاستعداد لهذا الشهر: قال الله -تعالى-: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (الليل:4).
- تنبيه: إذا كنت تنتظر ضيفًا عزيزًا، فهناك أمور تقوم بها قبل حضوره ، وأمور تقوم بها عند حلوله، ولنبدأ بالأمور التي تكون قبل حلوله.
أولًا: استشعار فضل موسم رمضان:
- استشعار فضائل رمضان من أعظم الأسباب في حسن استقباله "الذي لا يعرف الذهب لا يعرف قيمته": قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).
قال ابن رجب -رحمه الله-: "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان؛ كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟!".
- ولِمَ لا.. وهو خير الشهور؟!: فلسان حال الشهور معه كحال إخوة يوسف -عليه السلام- معه: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا) (يوسف:91).
- ولِمَ لا.. وقد سبق من أدرك رمضان المجاهد الشهيد؟!: فعن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِىٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-وَكَانَ إِسْلاَمُهُمَا جَمِيعًا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّىَ. قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِهِمَا فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّىَ الآخِرَ مِنْهُمَا ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَىَّ فَقَالَ ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ. فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: (مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ)؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ وَدَخَلَ هَذَا الآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً)؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: (وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ)؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).
ثانيًا: مطالعة أسرار الصيام وحِكَمِه:
- إن الله -تعالى- شرع الصيام لفوائد جمة، وأسرار وحكم عظيمة؛ إذا تدبرها المسلم أقبل على صيام رمضان في سعادة إيمانية عالية، فمن هذه الحكم، والغايات ما يلي:
- الصيام وسيلة لتحقيق التقوى والتي تعد من أبرز حكم الصوم، فحقيقة الصيام أنه مدرسة سلوكية تُربي النفوسَ على التقوى وعلى طاعة الله -سبحانه-؛ ذلك أن الصائم يمارس في نفسه التغلب على اللذة المباحة حتى يستطيع التغلب على اللذة الآثمة، ففي الحديث القدسي: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي) (رواه البخاري)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183).
- الصيام وسيلة لتربية الأمة على الوحدة والتوحد: انظر مع دخول أول ليلة من رمضان، وكيف تتغير أحوال الناس مع لحظة ثبوت الهلال؟! قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصَّوْمُ ‌يَوْمَ ‌تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
- الصيام مدرسة في الجماعية التي بها تسهل معها الطاعات وفعل الخيرات، فقليل هم الذين يقدرون على صيام شهر كامل في غير رمضان: قال الرجل الذي عليه كفارة الصيام للنبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال له: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ ‌تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟)، قَالَ: "لَا" (متفق عليه)، مع أنه كان يصوم شهر رمضان! فلا عجب أن الله -تعالى- سمَّى الشهر: (‌أَيَّامًا ‌مَعْدُودَاتٍ) (البقرة: 184)!
- الصيام تربية اجتماعية، فهو يبعث على التكافل والتعاون فتشعر الأمة في رمضان بالجسد الواحد، يجوع الناس فيه جوعًا واحدًا، ويعطشون عطشًا واحدًا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (متفق عليه).
ثالثًا: التوبة الصادقة:
- وأنت إذا كنتَ تنتظر زائرًا عزيزًا لبيتك، ووجدتَ بيتك غير نظيف، فماذا سيكون حالك؟! فكذلك قلوبنا وجوارحنا، بل وعموم حياتنا تحتاج إلى تغيير وتطهير؛ لا سيما قبل رمضان: قال الله -تعالى-: (وَتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: 31).
- ففي الأزمان الشريفة يتأكد التطهير والتغيير؛ لأنها توقظ الغفلة لما يصاحبها مِن أحوال شريفة تعين على التطهير والتغيير: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ) (متفق عليه).
- كلنا أصحاب ذنوب وإن تفاوتت(1)، والناصحون العقلاء هم الذين يخافون عاقبة ذنوبهم فيسارعون بالتوبة وملازمتها: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني)، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا على مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:135)، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ" (رواه الترمذي والبيهقي).
- ولقد رغَّب الغفور الغفار، العفو الرحيم عباده في التوبة، والمسارعة إليها والتزامها مهما عظمت وكثرت الذنوب، وفتح لهم أبوابها في كل الأوقات والساعات: قال -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا على أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر: 53)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).
- فكيف بأعظم الأوقات، وأفضل المواسم؟! قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ ‌رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ ‌يُغْفَرَ لَهُ) (رواه الترمذي، وقال الألباني: "حسن صحيح").
- ابدأ ولا تسوِّف، واصدق الله يصدقك؛ لا سيما وأن بعض الذنوب تحتاج إلى وقتٍ لتصلح التوبة فيها(2): (‌وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) (طه:84).
رابعًا: تعويد الجوارح على الاستقامة "سيما اللسان":
- ليس الصيام في رمضان عن الأكل والشرب، ثم إطلاق الجوارح ترتع هنا وهناك، وإنما هو للتربية والتهذيب: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).
- اللسان أخطر الجوارح، وإن كان أصغرها: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ، فَتَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني). (تُكَفِّرُ اللِّسَانَ): تذل له وتخضع.
- الذكر والصيام خير علاج للسان: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
- ابدأ مِن الآن في تعويد اللسان على الاستقامة، وطهِّره مِن أمراضه: "الغيبة - النميمة - الكذب - ... " وإلا ضاع أجر الصيام: (لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ، فَلْتَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ) (رواه ابن خزيمة، وصححه الألباني).
اللهم بلغنا رمضان، وأعنا على طاعتك فيه، وفي سائر العام.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) احذر إحسان الظن بنفسك لمجرد عدم ارتكابك الذنوب الظاهرة: (الزنا والسرقة، وعقوق الوالدين، وسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، والتدخين، والتبرج، إلخ)؛ فهناك ذنوب باطنة أصيبت بها قلوبنا لا تقل سوءًا عن الذنوب الظاهرة، مثل: (الحسد، الحقد، الكبر، الغرور، حب الرياسة، الحرص، حب الشهرة والصدارة، وغيرها)، فنحتاج إلى التوبة منها قبل دخول رمضان.
(2) كما هو معلوم في شروط التوبة؛ أن منها ما هو متعلق بحقوق الخلق، من ردٍّ للحقوق أو تحلل من مظالم، وقد يحتاج ذلك إلى وقت لتحقيقه، ومنها ما هو متعلق بحق الخالق -سبحانه-؛ كالعادات المتأصلة، مثل: التدخين، وسماع الأغاني، وتأخير الصلاة، والتبرج، إلخ).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-02-2024, 09:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,846
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نستقبل رمضان؟

كيف نستقبل رمضان؟ (2)



كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة: أهمية الاستعداد لاستقبال شهر رمضان:
- الإشارة إلى ما جاء في مقدمة الموعظة السابقة.
- التذكير بأن هناك أمورًا نقوم بها قبل حلول هذا الضيف الحبيب، وأمور نقوم بها عند حلوله، وتحدثنا عن بعض الأمور التي تكون قبل حلوله، واليوم نتحدث عن الأمور التي ينبغي أن نقوم بها عند حلوله.
أولًا: الإقبال على المساجد:
- المساجد تستعد وتنتظر موسم رمضان، لتعمَّر بالقائمين والمتهجدين والذاكرين والمعتكفين، فكن أول المعمرين: قال الله -تعالى-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور: 36-37).
- أقبل على المساجد، وأكثر من المكث فيها تحفظ صيامك: "كان السلف -رحمهم الله- يتحفظون لصيامهم بكثرة المكث في المسجد".
من فوائد المكث في المسجد:
- بالمكث في المسجد، أنت في صلاة ما دمت في المسجد، والملائكة مشغولة بالدعاء لك: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لاَ يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلاَةُ) (متفق عليه).
- بالمكث في المسجد تتساقط ذنوبك، وتكفر سيئاتك ما دمت في المسجد: في الحديث القدسي في اختصام الملأ، قال الله -تعالى-: (يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الكَفَّارَاتِ، قَالَ: مَا هُنَّ؟ قُلْتُ: مَشْيُ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَالجُلُوسُ فِي المَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ) (رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"). وقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ -رحمه الله تعالى-: (إِنَّ لِلْمَسَاجِدِ أَوْتَادًا مِنَ النَّاسِ، وَإِنَّ لَهُمْ جُلَسَاءَ مِنَ الْمَلَائِكَةَ، فَإِذَا فَقَدُوهُمْ سَأَلُوا عَنْهُمْ، فَإِنْ كَانُوا مَرْضَى عَادُوهُمْ، وَإِنْ كَانُوا فِي حَاجَةٍ أَعَانُوهُمْ) (رواه أحمد، وقال الألباني: "حسن صحيح").
- بالمكث في المسجد تطرد همومك وغمومك، وترتاح نفسك، وينصلح بالك، فأنت في خير مكان على الأرض: قَالَ: (أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا) (رواه مسلم). (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد: 28). (أبو إمامة -رضي الله عنه- يأوي إلى المسجد لما أصابته هموم وديون، فعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاءً نافعًا، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يأوي إليه لما تشاحن مع زوجته).
- بالمكث في المسجد تورث قلبك التعلق بالمساجد، وبه تنال ظل العرش يوم دنو الشمس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ، إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ) (متفق عليه). وقال ابن جريج: "كان المسجد فراش عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- عشرين سنة، وكان من أحسن الناس صلاة"، "وكان الربيع بن خثيم -رحمه الله- من كثرة حبه وملازمته للمسجد يقول: إني لآنس بصوت عصفور المسجد عن أُنسي بزوجتي" (السير).
- فإذا كانت هذه مكانة المساجد في سائر أيام العام؛ فكيف بهذه البقاع الطاهرة في أيام وليالي أعظم موسم لها في العام؟
ثانيًا: الإقبال على القرآن:
- رمضان له خصوصية عظيمة مع القرآن شهر القرآن الأعظم: قال الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ...) (البقرة: 185).
- سيد التالين للقرآن طوال العام، يضاعف من التلاوة في رمضان: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ) (متفق عليه).
قال الحافظ ابن رجب: "دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له… وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان" (لطائف المعارف).
- الصالحون إذا أقبل رمضان تفرغوا لتلاوة القرآن: "كان الزهري -رحمه الله- إذا أقبل رمضان يتوقف عن التحديث، ويقول: إنما هو لتلاوة القرآن وإطعام الطعام"، و"كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن"، وقال سفيان: "كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه" (انظر: لطائف المعارف).
- بل يجتهدون في زيادة الختمات: قال القاسم عن أبيه الحافظ ابن عساكر: "كان مواظبًا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة ويختم في رمضان كل يوم" (سير أعلام النبلاء)، "وكان الأسود يختم القرآن في رمضان كل ليلتين، وكان قتادة إذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة، وقال ربيع بن سليمان: كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيء إلا في صلاة".
قال النووي -رحمه الله-: "وأما الذي يختم القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم، فمن المتقدمين عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير -رضي الله عنهم-" (التبيان، وانظر: اللطائف، وصلاح الأمة)(1).
- ولمَ لا؟ والقرآن قرين الصيام في الشفاعة يوم القيامة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ) (رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني).
- ستعرف قيمة ذلك عند معاينة الجزاء: قال -صلى الله عليه وسلم-: (يَجيءُ القُرْآنُ يومَ القيامةِ كالرَّجُلِ الشَّاحبِ، فيقولُ: أنا الَّذي أسهَرْتُ ليلَكَ وأظمَأْتُ نهارَكَ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني)(2).
خاتمة:
- تلاوة القرآن سبب مضاعفة الحسنات في سائر الأوقات؛ فكيف بشهر تضعيف الأجور؟! قال النبي - -صلى الله عليه وسلم- -: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)(3).
- أقبل على القرآن في رمضان، ولو كنت ضعيف القراءة، كثير الأخطاء: قال -صلى الله عليه وسلم- -: (الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ) (متفق عليه).
- بل أقبل على القرآن في رمضان، ولو كنت أميًّا لا تحسن القراءة، فعندك السماع: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن مسعود -رضي الله عنه-: (اقْرَأْ عَلَيَّ) قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: (إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) (متفق عليه).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وأما حديث ابن عمرو: قال رسول الله -صلى اللهم عليه وسلم-: («‌لَا ‌يَفْقَهُ ‌مَنْ ‌قَرَأَ ‌الْقُرْآنَ ‌فِي ‌أَقَلَّ ‌مِنْ ‌ثَلَاثٍ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، فقد أجاب عنه الأئمة -رضي الله عنهم-.
قال ابن رجب -رحمه الله-: "إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك؛ فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان، خصوصًا في الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنامًا للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره" (لطائف المعارف).
(2) كالرَّجُلِ الشَّاحبِ": هو المتغيِّرُ اللَّونِ والجِسمِ؛ لِعارِضٍ مِن العَوارضِ؛ كمرَضٍ أو سفرٍ ونحوِهما، وكأنَّه يَجيءُ على هذه الهيئةِ؛ ليَكونَ أشبَهَ بصاحبِه في الدُّنيا، أو للتَّنبيه له على أنَّه كما تَغيَّر لونُه في الدُّنيا لأجلِ القِيامِ بالقرآنِ؛ فكذلك القرآنُ يأتي لأجلِ صاحبِه يومَ القيامةِ، حتَّى يَنالَ به الغايةَ القُصوى في الآخرةِ.
(3) إن قراءة سورة الإخلاص تعدل خمسمائة حسنة؛ فكيف بسورة ق؟ وكيف بالبقرة؟ وكيف بالقرآن كله؟! وكيف لو كررت ذلك مرات؟!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-03-2024, 11:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,846
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نستقبل رمضان؟

كيف نستقبل رمضان؟ (3)

(موعظة الأسبوع)




كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة:
أهمية الاستعداد لاستقبال شهر رمضان.
- الإشارة إلى ما جاء في مقدمة الموعظة الأولى من أهمية الاستعداد.
- التذكير بأن هناك أعمالًا نقوم بها قبل حلول هذا الضيف الحبيب، وأعمالًا نقوم بها عند حلوله، وقد تحدثنا في الموعظة الأولى عن بعض الأمور التي تكون قبل حلول رمضان، وكانت: (استشعار فضل موسم رمضان - التوبة الصادقة - تعويد الجوارح على الاستقامة)، وتحدثنا في الموعظة الثانية عن بعض الأمور التي ينبغي أن نقوم بها عند حلوله، وكانت: (الإقبال على المساجد - والإقبال على القرآن).
- واليوم نستكمل بقية هذه الأعمال التي هي بمثابة المعالم على طريق الفوز برمضان، وهي: (الإقبال على صلاة القيام - الإكثار من الصدقة - إحياء ليلة القدر - الإكثار من الدعاء - العمرة لمن استطاع).
أولًا: الإقبال على صلاة القيام:
- رمضان شهر القيام والسهر والتهجد لله -عز وجل-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه).
- كان الذي غفرت له ذنوبه -صلى الله عليه وسلم- ما تقدم منها وما تأخر، يقوم طوال العام: عن عائشة -رضي الله عنها-: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُلْتُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: (أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا؟!) (متفق عليه). وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ. فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ! فَمَضَى فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا! ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا. يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، ‌وَإِذَا ‌مَرَّ ‌بِسُؤَالٍ ‌سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ: (سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ)، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: (سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى)، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. (رواه مسلم).
- فلك أن تتصور، كيف كان قيامه -صلى الله عليه وسلم- في شهر القيام؟: روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ رَمَضَانَ شَدَّ مِئْزَرَهُ، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْسَلِخَ" (رواه ابن خزيمة، وقال الألباني: "إسناده صحيح؛ لولا عنعنة المطلب بن عبد الله").
- ولك أن تتصور: كيف كان حال من رباهم -صلى الله عليه وسلم- مع قيام رمضان؟
عن أبي سفيان -رضي الله عنه- قال: لما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة -شهر رمضان سنة 8هـ-، جاءتني هند فقالت: إني أريد أن أبايع محمدًا، وقد رأت أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أقاموا ليلة الفتح في المسجد الحرام يتهجدون، فقلتُ: قد رأيتك تكفرين! قالت: أي والله، والله ما رأيتُ الله عُبد حق عبادته في هذا المسجد قبْل الليلة! والله إن باتوا إلا مصلين؛ قيامًا وركوعًا وسجودًا. (انظر: البداية والنهاية، نقلاً عن رهبان الليل للعفاني ص 367). وذلك حرصًا على ألا تفوتهم ليلة قيام من ليالي رمضان!
- رمضان شهر قيام الليل في جماعة -التراويح- التي سَنَّ أصلها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأحياها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: عن أبي إسحاق الهمداني قال: "خرج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في أول ليلة مِن رمضان، والقناديل تزهر في المساجد، وكتاب الله يُتلى، فجعل ينادي: نوَّر الله لك يا ابن الخطاب في قبرك كما نورت مساجد الله بالقرآن" (كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: لعلاء الدين الهندي).
- هيا نحيي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أحياها عمر -رضي الله عنه-، فننورُ المساجد بالصلاة والقيام، هيا نحيي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أحياها أصحابه ففتحوا بها قلوب العباد قبل البلاد.
- هيا إلى التراويح والتهجد (تعب سيزول بعد قليل، وسيبقى الأجر الكثير): قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
ثانيًا: الإكثار من الصدقة:
- رمضان شهر الصدقات الأعظم (رمضان كريم): فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" (متفق عليه).
وجوه شرف الصدقة في رمضان:
1- شرف الزمان ومضاعفة الأجر فيه: كما روي في الحديث: "أفضَلُ الصَّدقةِ في رمضانَ" (رواه الترمذي، وضعفه الألباني).
2- إعانة الصائمين والقائمين على طاعتهم، فينال مَن أعانهم مثل أجرهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
3- أن الجزاء مِن جنس العمل؛ فمن جاد على عباد الله، جاد الله عليه، وإنما يرحم الله مِن عباده الرحماء.
4- أن الصائم لا بد أن يقع منه خلل ونقص، والصدقة تجبر ما فيه مِن الخلل والنقص؛ ولذا شرعت صدقة الفطر.
5- أن إطعام الفقراء والمساكين والمحتاجين في رمضان يبعث سعادة في نفس المتصدق، ويجد حلاوة الإيمان، فيرجى له أن يكون ممن قال الله في حقهم: (‌وَيُطْعِمُونَ ‌الطَّعَامَ ‌عَلَى ‌حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا . إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا . إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا . فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا . وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) (الإنسان: 8-12).
ثالثًا: إحياء ليلة القدر:
- تلك الليلة المشهودة، كثيرة البركات؛ إنها ليلة الهدايا والعطايا من الكريم الجواد: قال -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (سورة القدر).
- مَن قامها مؤمنًا محتسبًا نال المغفرة لما سلف الذنوب: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه).
- لذا كان سيد الصائمين القائمين يعتكف لأجلها العشر الأواخر تفرغًا لها: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ‌يَجْتَهِدُ ‌فِي ‌الْعَشْرِ ‌الْأَوَاخِرِ، ‌مَا ‌لَا ‌يَجْتَهِدُ ‌فِي ‌غَيْرِهِ") رواه مسلم). وقالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌إِذَا ‌دَخَلَ ‌الْعَشْرُ، ‌أَحْيَا ‌اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ") رواه مسلم).
- كان السلف يخصون ليلة القدر بمزيد اهتمام: "كان ثابتٌ البُناني -رحمه الله- يلبس أحسن ثيابه ويتطيب، ويطيب المسجد بالنضوح في الليلة التي يُرجى فيها ليلة القدر".
رابعًا: الإكثار من الدعاء:
- أعظم الدعاء ما كان في حال الصيام: (الله -تعالى- ذكر آية الدعاء العظيمة بيْن آيات الصيام وأحكامه): قال الله -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186).
قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: "هذا التفات عن خطاب المؤمنين كافة بأحكام الصيام، إلى خطاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يذكِّرهم ويعلمهم ما يراعونه في هذه العبادة وغيرها مِن الطاعة والإخلاص، والتوجه إليه وحده بالدعاء الذي يُعِدُّهُمْ للهدى والرشاد" (تفسير المنار).
- هذا شهر الدعاء المستجاب فاجتهد فيه بالزيادة عن غيره: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ المُظْلُومِ، ودَعْوَةُ المُسافِرِ) (رواه البيهقي، وصححه الألباني).
خامسًا: العمرة لمن استطاع:
- العمرة في رمضان تعدل حجة: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: (مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟) قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ -بعيران-، فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ -نسقي عليه- الأرض، قَالَ: (فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً)، وفي رواية: (فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي ‌حَجَّةً ‌مَعِي) (متفق عليه).
- العمرة في رمضان تجمع وجوه الشرف الثلاثة لمضاعفة الأجور: (شرف المكان -مكة-، شرف الزمان -رمضان-، شرف العامل -صائم-): قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا ‌الْمَسْجِدَ ‌الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي ‌الْمَسْجِدِ ‌الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ ‌مِائَةِ ‌أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاه) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وهذا يشمل صلاة الفرض وصلاة التطوع.
اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه، إيمانًا واحتسابًا، واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.29 كيلو بايت... تم توفير 2.59 كيلو بايت...بمعدل (3.02%)]