موقف السلفيين من الحكام وولاة الأمور.. الحقائق والأكاذيب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دور المواد الغذائية في التطور الجسمي والعقلي للجنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          دليلـك نحـو المهـارات التربويـة المهمة للتعامل مع فترة المراهقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          فضائل عرفة وأحكام الأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          الخلاصة النافعة في أحكام الحج والعمرة (word) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          استحباب صوم يوم عرفة وإن وافق يوم السبت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          مختصر الطواف وبعض ما يتعلق به من أحكام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          العشر والأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          صفة النحر والذبح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          خطبة فقهية عن الحج والعمرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          فضائل يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-03-2024, 08:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,471
الدولة : Egypt
افتراضي موقف السلفيين من الحكام وولاة الأمور.. الحقائق والأكاذيب

موقف السلفيين من الحكام وولاة الأمور.. الحقائق والأكاذيب



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي ظل حالة اختلاط المفاهيم التي يعاني منها مجتمعنا، ومع تعمد الخلط والتشويش من كثير من نجوم الإعلام الفاسد ممن يسمون أنفسهم كُتـَّابًا ومفكرين وباحثين، فضلاً عن كثير من الإعلاميين المضللين أنفسهم، ومع كثرة الاتهامات الظالمة الموجهة للسلفية عن جهل أحيانًا وعن سوء قصد أحيانًا أكثر، في ظل هذا كله نبيِّن مواقف السلفيين في قضية غاية في الأهمية، وكثيرًا ما تَرد في نقاشات الناس إذا ما جاء ذكر السلفية والسلفيين، ألا وهي: «قضية الحكم والحاكمية وولاية أمر المسلمين», وهي مِن ضمن القضايا التي اختلطت فيها الأوراق كثيراً.
والمتابع للمسائل التي نذكرها هنا يجدها مرتبطة بالعقيدة الإسلامية الصافية كما ينادي السلفيون بها دائمًا، وكما دونوها في كتبهم ومحاضراتهم المعلنة المبثوثة، وهاهي ذي هذه المسائل وأقوال السلفيين وفتاواهم منقولة عن مواقعهم وكتبهم ومحاوراتهم، وقد اقتصرت على فترة ما قبل الثورة ردًا على المشككين في الدعوة السلفية والمتهمين لها بالتلون حتى نرد عليهم ظلمهم وعدوانهم، كما اقتصرت على بعض المنشور بموقع «صوت السلف»، وأغلبه من فتاوى الشيخ «ياسر برهامي» -حفظه الله- لأنه الموقع الأكثر جمعًا والأكثر استيعابًا في مثل هذه القضايا، وما فيه من قضايا المنهج السلفي إنما يعبر في حقيقته عن موقف السلفيين عامة، وليس د/ «ياسر» -حفظه الله- خاصة.
وجوب طاعة ولاة الأمور الشرعيين
- السلفيون يعتقدون وجوب طاعة ولاة الأمور الشرعيين الذين يقودون الناس بكتاب الله -إن وجدوا- ولا يرون جواز الخروج عليهم ما داموا قائمين بالحق والعدل ما لم يفسدوا ويزد فسادهم وجورهم على مفسدة الخروج عليهم: قال الله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء:58-59).
- قال العلماء: «نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور، عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم عليهم أن يطيعوا أولي الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم، وغير ذلك إلا أن يأمروا بمعصية الله فإن أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، و«إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» (متفق عليه).
فإن تنازعوا في شيء ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن لم تفعل ولاة الأمر ذلك أطيعوا فيما يأمرون به من طاعة الله؛ لأن ذلك من طاعة الله ورسوله[، كما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2).
وأما من لم يتحلَّ بهذه الصفة -إقامة كتاب الله- من الحكام المتغلبين فغاية ما هنالك الإجابة إلى الحق إن دعا إليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا» (رواه البخاري).
وعند السلفيين لا تكون المعارضة للحاكم مقصودة بذاتها، بل المعارضة السياسية ينبغي أن تكون نوعًا من الحسبة، وتصحيح مسار الحاكم في حال انحرافه عن الشرع الحكيم وعن الحق والعدل.
وفي هذا المعنى نتذكر الخطبة الشهيرة لأبي بكررضي الله عنه أول خليفة وإمام للدولة الإسلامية بعد النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال كلمته المضيئة: «أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا سمع ولا طاعة».
إذاً فلا ادعاء للعصمة لولي الأمر ولا تقديس له، بل الحاكم والمحكوم في الإسلام تنطبق عليهما القاعدة نفسها، طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويحاسبان طبقًا للقانون ذاته.
وإن وقع خلاف أو نزاع -وذلك وارد- بين الحاكم والمحكومين في مسائل الحلال والحرام والحق والباطل؛ فالجميع مخاطبون بكتاب الله -تعالى- وعليهم أن يردوا ذلك النزاع إلى الشرع الحكيم: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.
مَن حكم بالقوانين الوضعية
السلفيون لا يحكمون بالكفر على مَن حكم بالقوانين الوضعية بأعيانهم إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع، وهذا لا يتعارض مع المسألة السابقة، وتحرير المسألة مبني على فهم الاختلاف بين كفر النوع وكفر العين، وبين الكفر الأكبر والأصغر المشار إليه سابقًا، فحينما تقول: «هذا الفعل يعد كفرًا» لا يعني هذا بالضرورة أن كل من قام بهذا الفعل كافر عند الله -تعالى- بل قد تمنع من تكفيره موانع معينة تخص حاله.
وقد ذكر الشيخ ياسر برهامي الشروط التي ينبغي توافرها في شخص حتى يحكم عليه شخص من أهل العلم بتكفيره بعينه، وهي:
1- العقل: فلا نكفـِّر من ذهب عقله بالكلية كالمجنون، أو من غاب عن الوعي: كالنائم، والمغمى عليه.
2- البلوغ: فلا نكفر طفلاً صغيرًا لم يبلغ.
- والدليل على ما ذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم : «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
3- بلوغ الحجة التي يكفر منكرها: فلا نكفِّر من يُحتمل في حاله الجهل الناشئ عن عدم البلاغ، وهذا نوع من الجهل يُعذر من يتصف به -على عكس جهل الإعراض- مع التنبيه على أن مَن يصح عذره بجهله قد يأثم إن كان مقصرًا في طلب العلم الواجب عليه، والدليل على هذا الشرط قوله -تعالى-: {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام:19).
4- القصد المنافي للخطأ: فقد يريد إنسان حقًا فيصيب باطلاً، خطأً منه وليس عمدًا.
5- التذكر المنافي للنسيان.
- وهذان الشرطان علمناهما من قوله -تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (البقرة:286)، فقد قال الله -تعالى-: «قَدْ فَعَلْتُ» (رواه مسلم).
6- الاختيار وعدم الإكراه: فالمرء يحاسب على ما فعله اختيارًا بمحض إرادته؛ لقوله -تعالى-: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} (النحل:106).
7- عدم التأويل المحتمل: فقد يقع إنسان في أمر من الباطل متأولاً له وجهًا.
ومسألة أخرى ينبغي أن تتضح في الأذهان، وهي أن الكفر الأكبر هو المخرج من ملة الإسلام، أما الكفر الأصغر فلا يخرج صاحبه من الملة، وإنما سمي بذلك تشنيعًا له وتحذيرًا منه، ولدلالة أنه باب قد يؤدي إلى الكفر الأكبر.
وعلى ما سبق نفهم من قوله -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:44)، أن بعض هؤلاء كفروا الكفر الأكبر، وبعضهم كفروا الكفر الأصغر، بحسب التفاصيل المذكورة في المسألة السابقة (رقم:3).
وعلى ما سبق -أيضًا- فالحكم بغير ما أنزل الله كفر، ولا يعني هذا أن كل من قام بهذا الفعل يكون كافرًا بعينه وشخصه كفرًا أكبر، بل قد لا ينطبق عليه هذا الحكم حتى تنتفي موانع تكفيره وتتحقق شروط ذلك التكفير، وحتى تقام عليه الحجة بواسطة عالم حجة ثبت يزيل الشبهات، ويبين الأدلة.
وهذه المسألة -التفريق بين كفر النوع وكفر العين وفهم شروط تكفير المعين- مسألة دقيقة لا يعلمها كثير من المشنعين في الإعلام والمتربصين بالإسلاميين، ولو علموا ما أراهم يبرحون مكانهم من التشنيع والتصيد.
وقد بيَّن ذلك أيضًا الشيخ «ياسر برهامي» في فتوى له نشرت بموقع «صوت السلف» بتاريخ 7 شعبان 1428هـ - 20 أغسطس 2007، بعنوان:
مسألة في العذر بالجهل في باب الحكم بغير ما أنزل الله
- كنتم قد أجبتم عن سؤال لي بخصوص تكفير النوعين الخامس والسادس في الشرك في الحكم بأن: «استيفاء الشروط لاحتمال التأويل بأنه ورث هذا النظام ولم يستحدثه، وأنه يخشى احتلال البلاد لو طبقت الشريعة، فظن الإكراه أو وجوده وقد يظن معه جواز الإبقاء على هذه الأنظمة الوضعية، وقد يلبس عليه علماء السوء أن القوانين الوضعية ليست مخالفة للشريعة؛ لأننا في حالة ضرورة، وغير ذلك» .اهـ، فهل هذا الكلام ينطبق على النوع السادس أيضًا؟
- الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
نعم، ينطبق احتمال الجهل والتأويل، بل الجهل عند هؤلاء أكثر والله أعلم.
واعلم أننا قد نعذر إنسانـًا لم تقم عليه الحجة في ظننا، ولا ينفعه ذلك عند الله إذا لم يكن جاهلاً ولا متأولاً، فالمنافقون يَحكم المسلمون بإسلامهم، وهم عند الله في الدرك الأسفل من النار..» انتهى النقل.
- وفي فتوى أخرى بعنوان: «حكومة حماس وما يطلقه عليها بعضهم من أوصاف الدولة الإسلامية» ونشرت بموقع «صوت السلف» بتاريخ: 21 شوال 1431هـ - 29 سبتمبر 2010، يقول الشيخ أيضًا: «وأما من لم يحكم بما أنزل الله؛ فإنه لا تثبت له «الولاية الشرعية» حتى لو كان لا يكفر لتأويل أو جهل أو أي مانع آخر.. « انتهى النقل.
- وفي فتوى ثالثة نشرت في الموقع نفسه بتاريخ: 15 ربيع أول 1428هـ - 2 أبريل 2007، وفي إطار الفكرة نفسها يقول الشيخ: «أما الحكام الذين يطبقون خلاف الشرع ففيهم تفصيل: منهم من يكفر كفرًا أكبر، ومنهم من يكفر كفرًا أصغر، والذي يأتي الكفر الأكبر لا يكفر بعينه إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع من قِبَل أهل العلم أو القضاء الشرعي» انتهى النقل.
الخروج على الحاكم
الخروج على الحاكم الظالم مرتبط عند السلفيين بالمصالح والمفاسد، والقدرة والعجز، فلا يرى السلفيون الخروج على كل حاكم ظالم في أية ظروف وملابسات، بل الأمر عندهم ينضبط بالمصالح والمفاسد، فرب محاولة خروج على فساد انقلبت فسادًا أكبر، أو مكَّنت من هو أكثر فسادًا من الحكم، وربما يقدر بعض الناس في مكان ما وزمان ما على ما لا يقدر عليه آخرون في المكان والزمان نفسيهما أو غيرهما.
ولا أظن أن عاقلاً يجادل في هذه القاعدة، ولكن دعنا نقر أنه قد يختلف الناس في تطبيقها، فهذا لا شك محل اجتهاد ورأي وأخذ ورد.
ولا بد أيضًا أن نقر أنه قد يخطئ إنسان في تقدير المفسدة والمصلحة فيمتنع مثلاً من الخروج في ثورة على حاكم ظالم؛ لغلبة ظن حدوث المفسدة الكبرى، لا لأنه يسوّغ الظلم وينافق الحكام، وإن قدر الله وعافى البلاد والعباد فلم تتحقق هذه المفسدة الكبرى التي كان يخافها فلا يصح لإنسان آخر أن يعاتبه على رفق الله بالناس إذ قدر لهم العافية في هذه المرة فلم تقع البلية، ولا يصح أيضًا أن يحتج عليه بالقدر بعد وقوعه، وبعد أن علمه الجميع وقد كان مجهولاً للجميع.
ولا ينبغي أن يستخدم هذا الاختلاف في تقدير الأمر من أجل التشنيع على من تحفظ وعلق الأمر على المصالح والمفاسد، والاتهام بالسلبية أو ولاية مَن حارب الله وظلم عباده! لا سيما إن كان هذا الحذر وهذا التحفظ خوفًا على غيره من الناس وحرماتهم، وليس جبنًا أو ضعفًا أو عجزًا ذاتيًا.
وتطبيقاً عملياً لذلك، وفي أزمة المسجد الأحمر في باكستان كان للشيخ «ياسر برهامي» هذه الفتوى التي نشرت بموقع «صوت السلف» بتاريخ: 3 ذو الحجة 1428هـ - 12 ديسمبر 2007، بعنوان:
أزمة المسجد الأحمر في باكستان
- نرجو من فضيلتكم التعليق على أزمة المسجد الأحمر؟ وهل ما فعله عبد الرشيد غازي في الخروج على برويز مشرف كان صحيحًا وجائزًا؟ وهل ما فعلته الحكومة في قتالهم في المسجد وقتلهم لغازي وتلاميذه يُعتبر من باب قتال الخارجين على الإمام؟ نرجو التفصيل في هذه المسألة.
- الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فأولاً لابد من النظر في مثل هذه الأمور إلى مسائل عدة، منها:
أمر المصلحة والمفسدة، ومنها أمر القدرة والعجز، ومنها اعتبار الضرر الخاص والضرر المتعدي، فلو وجد منكر فلا يجوز إزالته بمنكر أعظم؛ وذلك لأن المقصود إزالة منكرات الشرع كلها، والله -عز وجل- لا يحب الفساد، ولا يحب المفسدين، فإذا ترتب على إنكار منكر فساد أعظم كان ذلك مما لا يحبه الله -عز وجل- والموازنة بين المصالح والمفاسد إنما تكون بميزان الشريعة.
ولا شك أن سفك الدماء المعصومة مع بقاء المنكرات كما هي فيه عدم تقدير للمصالح والمفاسد والقدرة والعجز؛ فليس كل ما نتمناه نقدر عليه، فإذا كان الإنسان يؤدي بعمله إلى ضرر متعدٍ فذلك لا يجوز له، والله أعلى وأعلم.
ثم إذا كان الخارج على الحاكم المسلم ينقم أمرًا معينًا فلا يجوز له الخروج لمجرد وجود المعاصي والمنكرات ما داما كان الحاكم قائمًا بأمر الله -سبحانه وتعالى- ولو خالفه في بعض المعاصي، لكن قتال الحاكم للخارج عليه لابد أن يكون بعد إزالة ما نقمه إذا كان مخالفًا للشرع، فلا يجوز أن يقاتله مع بقائه على ظلمه، فلا يُعان في تلك الحالة، وإن كان الخارج الذي يفسد أكثر مما يصلح مخطئًا أيضًا، فقد سئل الإمام مالك -رحمه الله- عمّن يخرج على أئمة الجور والظلم، فقال: «دعه، فينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم منهما جميعًا».
فلا يجوز لنا أن نغير المنكر بمنكر أعظم، ولا يجوز لنا أن نغير المنكر بحدوث منكرات متعدية على غيرنا من المسلمين آحادهم وعامتهم.
وإن كان الحاكم الذي خرج عليه بعض الخارجين بغاة عليه، لا يجوز له أيضًا أن يقاتلهم حتى يزيل ما ينقمون عليه من مخالفة الشرع، فموقف المسلم في مثل هذا نصح المسلمين؛ لمراعاة ما ذكرنا من القواعد، وضبط الأمور بميزان الشريعة بالرجوع إلى العلماء، والحرص على دماء المسلمين وعوراتهم وحرماتهم كلها.
وفي الوقت نفسه نصح كل من تولى أمرًا من أمور المسلمين بالالتزام بالشرع في رعيته، وأن يتقي الله -سبحانه وتعالى- بإقامة الدين فيهم وتولي أمرهم بالإصلاح، وليس بمجرد الملك والرياسة يتسلط عليهم بأنواع التسلط، مع التنبيه إلى أن الحكم بشرع الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يقي الأمة كل هذه المنكرات، وأن تحكيم غير شرع الله -عز وجل- من أعظم أسباب الفساد للأمة، ولكن لا يُغيَّر منكر بمنكر أعظم» انتهى النقل.
اللهم أرنا الحق حقـًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه.
وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


اعداد: علاء الدين عبد الهادي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.21 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]