|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() أسباب العنف والتطرف وكيفية علاجها-الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان: إن الإسلام يكابد اليوم حربًا ضروسا تعددت مصادرها، وتنوعت أشكالها أغلب الملتحقين بالحركات الإرهابية من الفاشلين دراسيًا، أو من أصحاب المهن المتدنية في المجتمع كل تطرف في الدين أو غلو فيه لدى المسلمين فسببه هذه الفرق والجماعات والأحزاب، وهي بمجموعها مصدر البدع والفتن والأهواء أهل العلم هم المكلفون ببيان الحق للناس وهدايتهم إليه، وتلك مسؤولية كبرى تقع على أهل العلم والفقه والمعرفة من أسباب اللجوء إلى الإرهاب عند بعض الشباب الإخفاق الحياتي، والفشل المعيشي، وقد يكون إخفاقًا في الحياة العلمية إن الكشف عن جذور التطرف والعنف والإرهاب ومعرفة أسبابه هو موضوع الساعة، وهو من أشد الموضوعات خطورة وأثرًا؛ ذلك لأن المسلمين اليوم وهم يواجهون مشكلات الحضارة وتحديات العصر ومعركة البقاء لا يواجهون ذلك كله وهم على منهج واحد كما تواجهه الأمم الأخرى، بل هناك مناهج لدينا نشأت أو قل نبتت من الابتعاد عن المنهج الأمثل المنهج الحق الذي ارتضاه لنا رب العالمين، يقول -عز شأنه-: {قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿135﴾} (الأنعام:153). من هذا المنطلق، كان لنا هذا اللقاء مع الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان حفظه الله. - شيخنا الكريم -في رأيكم- ما الأسباب والبواعث التي أدت إلى هذا الإرهاب والعنف والتطرف؟- إن أسباب نشأة هذا الفكر متعددة ومتنوعة، فقد يكون مرجع هذا الفكر أسبابًا فكرية أو نفسية أو سياسية أو اجتماعية، أو يكون الباعث عليه دوافع اقتصادية وتربوية.. إلخ. وبالنظرة الشاملة المتوازنة نستطيع أن نجزم بأن الأسباب متشابكة ومتداخلة، ولهذا لا ينبغي أن نقف عند سبب واحد، فالظاهرة التي أمامنا ظاهرة مركبة معقدة، وأسبابها كثيرة ومتداخلة. إن الإسلام يكابد اليوم حربًا ضروسا تعددت مصادرها، وتنوعت أشكالها، وتبدلت وسائلها لتتناسب مع تغيرات الأحوال وتبدلات الزمان واختلاف المكان، وإن اتفقت كلها على وحدة الهدف والمحاولات المستميتة للقضاء على الإسلام في حربه بيد أبنائه لوقف شمسه!! فإنا لله وإنا إليه راجعون!. - إذا كان الأمر معقدا إلى هذه الدرجة، هل يمكن أن توضح لنا ما يتعلق بالجانب السياسي من هذه الأسباب؟ - لاشك أن الجانب السياسي السيء أسهم إسهاماً كبيراً في وجود أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، ومن ذلك: 1) البعد عن شريعة الله هو سبب الضلال والعمى والشقاء الذي نعاني منه الآن في كثير من بلدان الإسلام؛ فالله تعالى يقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ} (طه:124). والمعيشة الضنك هي الضيق وهي الشقاء. إذاً فالبعد عن تطبيق القواعد المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في شؤون الحياة كلها سبب للشقاء، ومن أنواع الشقاء الإرهاب والعنف والتطرف. 2) الإحباط السياسي: فإن كثيرًا من البلدان العربية والإسلامية لم تكتف بتهميش الجماعات الإسلامية وعدم الاكتراث بها، بل وقفت في وجهها، وتصدت لأربابها، وحصرت نشاطها، وجمدت عطاءها، حتى في بعض البلدان التي تدعي الديمقراطية وحرية الرأي، فإن هذه الأمور إذا جاءت في صالح تيار إسلامي، أو جماعة إصلاحية فسرعان ما يتحول الأمر إلى المنع والقمع والتصدي والتحدي مهما كانت الجماعة معتدلة، والتيار متسامحًا، والحزب متنورًا، وهذا من شأنه أن يولد المنظمات السرية، والتوجهات المناهضة، وردود الأفعال الغاضبة التي لا تجد ما تصب فيه غضبها، وتفرغ فيه شحنات عواطفها إلا امتطاء صهوة الإرهاب، وذلك ما تمثل واقعًا حيًا مشاهدًا في كثير من البلدان. 3) ومن سوآت البعد عن شريعة الله تعالى وعدم تحكيمها: الاعتماد على مصادر مغايرة لمصادر الشريعة الإسلامية في التحاكم إليها كالعقول المجردة الفاسدة، والمناطق والفلسفات الكلامية العقيمة التي نُزع ما فيها من خير. وعُدَّ بحال المعطلة وغلاتهم وأمثالهم. 4) إهمال الرعية أو التقصير في أمورهم وما يصلحهم: إن على جميع من يلي أمرًا من أمور المسلمين أن يقوم بما أمره الله به بأداء الأمانة، وحفظ الديانة، والنصح للأمة، والصدق مع الرعية، وتلمس حاجات الناس، وتحقيق الحياة الكريمة لهم، والاستفادة من طاقاتهم، وشغل أوقاتهم، وتسهيل أمورهم المادية والمعيشية، وأمورهم المعنوية والإنسانية، وإشاعة التعليم، وتشجيع المعرفة، وصيانة العقول، والحفاظ على الأفكار.. وهكذا من القيام بكل ما من شأنه أن يحفظ الأجسام والأفهام، والقلوب والعقول، والأخلاق والأرزاق، ومتى ما أهمل أرباب المسؤولية رعاياهم، أو قصروا مع شعوبهم، أو تشاغلوا عن محكوميهم، فذلك مفتاح الضياع، وطريق المهالك، ومتنفس الضلال؛ «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته». 5-المظالم التي ترتكب من قِبَل منْ شأنهُم أن يعدلوا بين الناس فهذا يوجد روحًا من السخط لعدم التعبير عن الرأي الذي حكر أو سجن أو عوقب صاحبه وضيق عليه؛ حيث لمّا عدل العُمَرَان (عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما) أمنا فناما، ولما طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل إلى ناس من المهاجرين فيهم علي رضي الله عنه فقال: «عن ملأ منكم هذا؟ فقال علي معاذ الله أن يكون هذا عن ملأ منا ولو استطعنا أن نزيد من أعمارنا في عمرك لفعلنا» ولما جاء أهل الكوفة وقد رفضوا واليهم: «أبدلهم عمر فورًا بغيره» وهكذا، فسلب الحقوق السياسية والمالية والاجتماعية التي هي نتيجة المظالم يوجد احتجاجًا لدى الرأي العام؛ فما خرج الثوار - زاعمين كذبًا - على عثمان بن عفان رضي الله عنه إلا لزعمهم أن هناك مظالم ثلاثًا!!. ولا شك أن ما كان سياسيًا في داخل أي مجتمع لا يحل حلاً إيجابياً بنَّاء، فلا يصح إعطاء المشروعية لأي حل من الحلول، يقوم على أساس وسائل القهر والإكراه، وإثارة القلاقل والفتن. 6- التحزبات السرية التي نتجت عن قراءات خاصة ومفاهيم خطأ لايعرفها أهل العلم. يقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «إذا رأيت قومًا يتناجون في شيء من الدين دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة». إن دراسة فاحصة للجذور الفكرية للجماعات والأحزاب في «حياة المسلمين المعاصرة» تتطلبُ نظرةً عميقةً لهذه الفِرقِ والجماعات والأحزابِ الدّاعيةِ إلى ذواتِها حصرًا؛ حيثُ تُصور كل فرقةٍ وجماعةٍ وحزب إلى الناس أنها هي القائمةُ على الإسلام، وكلَّ من عداها مخالفٌ لها، وهذا التصور القاصر نراهُ عندَ الجميع مطردًا ومتفقًا عليه. ولهذا كان الجميع أهل فتنة وبدعةٍ، وليس هذا الحكمُ صادرًا فيهم عن رأي أو هوىً، بل هو ما اتفقَ عليه أهلُ العلمِ من المحققين وحكمهم في أولِ فرقةٍ وهي «الخوارج» وحتى آخر فرقةٍ ظهرتْ في هذا الوقت. فكل تطرف في الدين أو غلو فيه لدى المسلمين فسببه هذه الفرق والجماعات والأحزاب، وهي بمجموعها مصدر البدع والفتن والأهواء والآراء، وأصل كل شر معارضةُ الشرع بالرأي، وتقديم الهوى عليه. 7- الاستعمار والسيطرة الاستعمارية وانتهاك حقوق الناس وأخذ أموالهم بالباطل واحتلال الأراضي وانتهاك الحرمات والقتل والتدمير والاغتصاب وإجبار الناس على النزوح وترك أراضيهم وأوطانهم هذا يولد الإرهاب والعنف والتطرف. - إذا كانت هذه هي الأسباب السياسية لوجود الإرهاب والعنف والتطرف، فما الأسباب الفكرية لوجود هذا الفكر الضال؟ - يمكن القول بأن الأسباب الفكرية التي أعانت على انتشار هذا الفكر المنحرف هي: 1) الجهل بقواعد الإسلام وآدابه وسلوكه: إن من علامات الساعة أن يتحدث الرويبضة في شأن العامة والقضايا المصيرية ومن لا همَّ له إلا شهواته، أو من حُمّل بأفكار غريبة يتولى تربية الشباب فتستغل عواطفهم بتحميلهم أفكارًا تؤدي لتحمسهم بلا ضابط ولا رادع ولا رجوع لأهل العلم الصالحين الذين خبروا الأمور، ودرسوا معالم الإصلاح جيدًا، ولا نجد تعليلا لذلك إلا الجهل، فالجهل داء عظيم وشر مستطير تنبعث منه كل فتنة عمياء وشر وبلاء، قال أبو الدرداء رضي الله عنه «كن عالما أو متعلما أو مجالسا ولاتكن الرابعة فتهلك». وهي الجهل. ومنه حديث: «ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما دواء العِيَّ السؤال»، وحديث: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»، ويندرج تحت ذلك القول في دين الله بغير علم؛ وذلك أن الجاهل يسعى إلى الإصلاح فينتهج طرقا يظنها حسنة، فيسيء من حيث أراد الإحسان، فيترتب على ذلك مفاسد عظيمة، كالذي يريد أن ينكر وجود الكفار في الجزيرة فيفجر ديارهم ومساكنهم وفيهم من ليس منهم. بل قد أمرنا أن لا نسيء إليهم للعهد الذي بيننا وبينهم، والأمان الذي أخذوه من ولي أمر المسلمين. هذا فضلا عن شموله من ليس منهم فيضاعف تلك المفاسد الناشئة عن ذلك. 2) الجهل بمقاصد الشريعة، والتخرص على معانيها بالظن من غير تثبت، أو الأخذ فيها بالنظر الأول، ولا يكون ذلك من راسخ في العلم، ألا ترى إلى الخوارج كيف خرجوا عن الدين كما يخرج السهم من الصيد المرمي؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم بأنهم: «يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم»، يعني - والله أعلم - أنهم لا يتفقهون به حتى يصل إلى قلوبهم؛ لأن الفهم راجع إلى القلب، فإذا لم يصل إلى القلب لم يحصل فيه فهم على حال، وهذا يقف عند محل الأصوات والحروف فقط، وهو الذي يشترك فيه من يفهم ومن لا يفهم. وما تقدم أيضًا من قوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا» إلى آخره. 3) الغلو في الفكر: وهو مجاوزة الحد، وهذا الغلو أو ما قد يصطلح عليه بـ (التطرف) خطير جدًا في أي مجال من المجالات، والإسلام قد حذر منه حتى ولو كان بلباس الدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إياكم والغلو» ويقول صلى الله عليه وسلم : «هلك المتنطعون». فمن يتصف بهذا الغلو ويجاوز الحد في فهم النصوص فيعمل ويعتقد في العموميات، ويترك النصوص التفصيلية الأخرى، وهذا شعار الخوارج: العمل بالنصوص العامة وإهمال باقي النصوص، وعدم استقصاء الأدلة وأحوالها. ومن دلائل هذه الضحالة الفكرية، وعدم الرسوخ في فقه الدين، والإحاطة بآفاق الشريعة: الميل دائمًا إلى التضييق والتشديد والإسراف في القول بالتحريم، وتوسيع دائرة المحرمات، مع تحذير القرآن والسنة والسلف من ذلك. 4) تقصير بعض أهل العلم في القيام بواجب النصح والإرشاد والتوجيه: أهل العلم هم المكلفون بذلك ببيان الحق للناس وهدايتهم إليه، وتلك مسؤولية كبرى تقع على أهل العلم والفقه والمعرفة؛ فإن الله جل وعلا حملهم مسؤولية عظمى من هداية البشرية، ونشر العلم، وبذل النصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإبلاغ الحق، وتعليم الجاهل، وتنبيه الغافل، فمتى ما أهمل العلماء هذه المسؤولية العظمى فإن البلدان تخرب، والقلوب تظلم، والنفوس تتيه، والأفكار تزيغ، والباطل يصول، والضلال يجول. 5) اعتماد الشباب بعضهم على بعضٍ دون الرجوع إلى العلماء: يقول ابن مسعود رضي الله عنه : «لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوه عن صغارهم وشرارهم هلكوا». قال ابن قتيبة في تفسير ذلك: «لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ ولم يكن علماؤهم الأحداث؛ لأن الشيخ، قد زالت عنه حِدَّة الشباب ومتعته وعجلته واستصحب التجربة في أموره فلا تدخل عليه في علمه الشبه، ولا يستميله الهوى، ولا يستزله الشيطان، والحَدَثُ قد تدخل عليه هذه الأمور التي أمنت على الشيخ». - تعرفنا الآن على الأسباب السياسية والفكرية لهذه الأفكار المنحرفة، فما الأسباب النفسية للإرهاب والعنف والتطرف؟ - من هذه الأسباب: 1) حب الظهور والشهرة؛ حيث لا يكون الشخص مؤهلًا فيبحث عما يؤهله باطلًا فيشعر ولو بالتخريب والقتل والتدمير. 2) الإحباط: أحد أسباب الخروج على النظام وعلى العادات والتقاليد هو الإحباط وشعور الشخص بخيبة أمل في نيل حقه أو الحصول على ما يصلحه ويشفي صدره، فكثير من البلدان العربية هَمَّشَت دور الجماعات عمومًا ولم تكترث بها، بل عذبت وقتلت وشردت ومنعت وصول خيرها للناس مع زعمهم بحرية الرأي والتعبير، وهذا يكون التحزبات السرية وردود الأفعال الغاضبة في صورة الإرهاب واعتناق الأفكار الهدامة. 3) قد يكتسب الفرد الصفات النفسية من البيئة المحيطة به، سواء في محيط الأسرة أم في محيط المجتمع؛ فكل خلل في ذلك المحيط ينعكس على سلوك ذلك الفرد وتصرفاته حتى تصبح جزءًا من تكوينه وتركيبه النفسي، ويعد الفشل في الحياة الأسرية من أهم الأسباب المؤدية إلى جنوح الأفراد واكتسابهم بعض الصفات السيئة. 4) قد يكون سبب العنف والتطرف فشل من يتصف به في التعليم الذي يعد صمام الأمان في الضبط الاجتماعي ومحاربة الجنوح الفكري والأخلاقي لدى الفرد، والفشل في الحياة يُكَّون لدى الإنسان شعورًا بالنقص وعدم تقبل المجتمع له. وقد يكون هذا الإحساس دافعًا للإنسان لإثبات وجوده من خلال مواقع أخرى، فإن لم يتمكن دفعه ذلك إلى التطرف؛ لأنه وسيلة سهلة لإثبات الذات حتى لو أدى به ذلك إلى ارتكاب جرائم إرهابية. ولهذا فإننا -كثيرًا- ما نجد أن أغلب الملتحقين بالحركات الإرهابية من الفاشلين دراسيًا، أو من أصحاب المهن المتدنية في المجتمع وغيرهم ممن لديهم الشعور بالدونية، ويسعون لإثبات ذاتهم، أو أشخاص لهم طموح شخصي. 5) من أسباب اللجوء إلى الإرهاب عند بعض الشباب الإخفاق الحياتي، والفشل المعيشي، وقد يكون إخفاقًا في الحياة العلمية أو المسيرة الاجتماعية، أو النواحي الوظيفية، أو التجارب العاطفية، فيجد في هذه الطوائف الضالة، والثلل التائهة ما يظن أنه يغطي فيه إخفاقه، ويضيع فيه فشله، ويستعيد به نجاحه. - بحسب ما ذكرت لنا حفظك الله تبقى هناك أسباب اجتماعية واقتصادية وتربوية، فما هذه الأسباب؟ - أما الأسباب الاجتماعية فهي: 1) إن من أسباب نشوء الأفكار الضالة ظهور التناقض في حياة الناس وما يجدونه من مفارقات عجيبة بين ما يسمعون وما يشاهدون، فهنالك تناقض كبير أحيانًا بين ما يقرؤه المرء وما يراه، وما يتعلمه وما يعيشه، وما يُقال وما يُعمل، وما يدرَّس له وما يراه، مما يحدث اختلالًا في التصورات، وارتباكًا في الأفكار. 2) تفكك المجتمع وعدم ترابطه لا يشعر الشخص أمام هذا المجتمع المفكك بالمسؤولية تجاهه ولا الحرص عليه ولا الاهتمام به ولا مراعاة الآخرين، فهذا يولد حالة من الشعور بالحرص الشديد على اقتناء كل جيد فيه وإن لم يكن حقه وحين يمنع يتذمر ويزداد الأمر سوءًا؛ لذلك المجتمع المترابط والأسرة المتماسكة تحيط الأشخاص بشعور التماسك والتعاون، ومن شذ منهم استطاعوا احتواءه ورده عن الظلم؛ لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا» فنصرته ظالمًا بمنعه عن ظلمه والأسرة المتماسكة أقدر على ذلك. 3) الفراغ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة، والفراغ» فهاتان نعمتان كثيرًا ما يغبن فيها الإنسان، فإن الفراغ مفسدة للمرء وداء مهلك ومتلف للدين، ونفسك إن لم تشغلها شغلتك، فإن لم تشغل النفس بما ينفع شغلتك هي بما لا ينفع، والفراغ النفسي والعقلي أرض خصبة لقبول كل فكر هدام وغلو وتطرف، فتتغلل الأفكار، وتغزو القلوب، فتولد جذورًا يصعب قلعها إلا بالانشغال بالعمل الصالح والعلم النافع. إن الفـراغ والشبـاب والجـدَه مفسـدة للمـرء أي مفســده والأسباب الاقتصادية تتلخص في أنه:1) إذا كان الإرهاب السياسي من أكثر صور الإرهاب شيوعًا وأشدها ضراوة وخطرًا وأكثرها دموية، إلا أن هناك أسباب اقتصادية بأخطارها المتراكمة والمتلاحقة؛ لأن الاقتصاد من العوامل الرئيسة في خلق الاستقرار النفسي لدى الإنسان؛ فكلما كان دخل الفرد -مثلًا- مضطربًا كان رضاه واستقراره غير ثابت، بل قد يتحول هذا الاضطراب وعدم الرضا إلى كراهية تقوده إلى نقمة على المجتمع. وهذا الحال من الإحباط يولد شعورًا سلبيًا تجاه المجتمع، ومن آثاره عدم انتمائه لوطنه ونبذ الشعور بالمسؤولية الوطنية؛ ولهذا يتكون لديه شعور بالانتقام، وقد يستثمر هذا الشعور بعض المغرضين والمثبطين فيزينون له قدرتهم على تحسين وضعه الاقتصادي دون النظر إلى عواقب ذلك وما يترتب عليها من مفاسد وأضرار. 2) البطالة: انتشار البطالة في المجتمع داء وبيل، وأيما مجتمع تكثر فيه البطالة ويزيد فيه العاطلون، وتنضب فيه فرص العمل، فإن ذلك يفتح أبوابًا من الخطر على مصارعها، من امتهان الإرهاب والجريمة والمخدرات والاعتداء والسرقة، وما إلى ذلك. أما الأسباب التربوية فمن هذه الأسباب: (1) قلة القدوة الناصحة المخلصة التي تعود على الأمم بغرض النفع إرضاءً لله تبارك وتعالى وحبًا في دينهم وأوطانهم، وغياب القدوة يؤدي إلى التخبط وعدم وجود المرجعية الصالحة والأسوة الحسنة من عوامل التفكك والانحطاط والتخلف. (2) غياب التربية الحسنة التي توجه الأفراد للأخلاق القيمة الحسنة. (3) نقص أو انعدام التربية الحقيقية الإيمانية القائمة على مرتكزات قوية من نصوص الوحي، واستبصار المصلحة العامة ودرء المفاسد الطارئة، وقلة إدراك عبر التاريخ ودروس الزمان وسنن الحياة في واقع الناس! - شيخنا الكريم إذا ما كيفية علاج هذه الظواهر الدخيلة على الفكر الإسلامي الوسطي؟ وما الذي توصي به وتقترحه لعلاج هذه المشكلة؟ - لعلاج هذه المشكلة لابد من اتخاذ خطوات جادة وسريعة، وهذه مجموعة من المقترحات والوصايا تسهم في حل هذه الظاهرة غير الحميدة، فمن ذلك: 1 - تحكيم الإسلام شريعة ومنهاجًا في حياة المسلمين، أفرادًا، ومجتمعات، وأمة قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} (النساء:105). فالأصل في الأحكام الشرعية أنها لمصلحة الخلق، وتحقيق العدل، وحفظ التوازن في الحياة. 2 - وجوب الاهتمام ببناء الفرد المسلم على أسس عقدية إيمانية؛ تعيد صياغة النفوس، وتفتح آفاق العقول، وتبث فيه روح الدين الحقيقي، وتؤصل العزة الإيمانية، وتمحور حياته حول هدف واحد، هو تحقيق العبودية لله بأبعادها كلها، وإعمار الأرض بشريعة الله. وتحقيق هذا مرتهن باتباع طريق الله المستقيم: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام:153). 3 - نشر الوعي الديني والثقافة الشرعية بين عامة المسلمين وخاصتهم عن طريق الوسائل المتاحة كلها وربط المسلمين بدينهم، ولتحقيق التحصين الثقافي ضد الفكر الغازي. 4 - إن مفتاح سعادة هذه الأمة مطوي في كتابها العزيز الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد؛ إذن: فلا يمكن للمسلمين أن ينهضوا نهضة حقيقية إلا إذا أقبلوا عليه واهتدوا بهديه واستضاؤوا بنوره وساروا على دربه. 5 - على العلماء أن يبذلوا جهدهم لترشيد مسيرة المسلم، بتحصينه بالفكر الإسلامي الصحيح وحمايته من الأفكار الضالة الهدامة، وتأصيل معاني الخير في نفسه ليكون عنصرًا بناء لا تخريب وتطوير لا تدمير واعتدال لا غلو وأناة لا تسرع، وكل امرئ يجري إلى ساحة الوغى بما استعد. جزى الله شيخنا الكريم خير الجزاء، والله نسأل أن ينفع به، وأن يصلح شأن أمتنا في الأمور كلها وينصرها على أعدائها داخلًا وخارجًا، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اعداد: وليد دويدار
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |