الرحيل لدار البقاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4857 - عددالزوار : 1809618 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4424 - عددالزوار : 1163660 )           »          استقبال رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          حدث في السابع عشر من شعبان وفاة القائد المغولي تيمور لنك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          نظرات نفسية في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 60 )           »          الأقدار الحزينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 76 )           »          الضيف المنتظر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          كيف نستقبل رمضان - الاستعداد لاستقبال رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          من أسباب الغفران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          من أسرار غزوة الفتح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 55 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-02-2025, 04:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,120
الدولة : Egypt
افتراضي الرحيل لدار البقاء

الرحيل لدار البقاء


إخوتي وأخواتي، لو قيل لعامل أو موظف أو طالب مغترب: إنك ستنال إجازتك السنوية في التاريخ الفلاني، يا ترى كم ستكون فرحته؟! وكيف سيقضي تلك الأيام التي تفصله عن تلك الإجازة، لا بد أنها ستكون أيامًا سعيدةً بلا شك! فكل يوم تطلع شمسه فهو يقربه إلى موعد سفره، وكل أسبوع ينقضي يقربه أكثر فأكثر وهكذا.
وكذلك في أثناء ذلك فإنه يستعد للوازم السفر من ملابس وحاجات وهدايا، فتجده بين الفينة والفينة يذهب للسوق ليشتري بعضًا من حاجاته ولوازمه وهداياه لأحبابه، وفي خضَمِّ ذلك فإن قلبه يكاد يطير فرحًا كلما أنجز شيئًا من لوازم السفر، وأيقن أنه يوشك أن يكون مستعدًّا له، فيتلهَّف قلبه شوقًا إليه وإلى من سيلقاهم من أحبة؛ من أهل وأقارب وأصدقاء ومعارف، متيقنًا أنه سيُمضي معهم أسعد أيامه وأوقاته، مستصغرًا في ذلك أي عناءٍ، متناسيًا ما لاقى في أيام الغربة من تعب ونَصَب ولوعة البعد عنهم وعن بلاده ووطنه.

وهكذا نحن بني آدم كمسافرين في هذه الدنيا[1]، لا بد أن نغادرها يومًا ما، نغادر غربتها وتعبها ومشاقها، متطلعين إلى دار البقاء لنحط رحالنا فيها؛ حيث السعادة الدائمة، والراحة الأبدية والنعيم المقيم في جنات النعيم كما روى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربِّه قوله سبحانه: «أعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولَا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ»، فَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17][2]. فيها نلقى أحبابنا من الرسل وأصحابهم وأتباعهم[3]، نلقى من مضى من آبائنا وأمهاتنا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21][4]، نلقى كافة أحبتنا في جنات الخلد {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55].

وكما أن لسفر الدنيا استعداده، فكذلك السفر للآخرة له استعداداته، وذلك يكون بفعل الطاعات من واجبات ومستحبَّات، وتجنُّب المنكرات من حرام ومكروهات، وحسن التعامل مع الخلق من أنس وغيرهم من المخلوقات التي أمرنا الشرع بالإحسان إليهم[5]. فيا شوق الموفق الصالح المصلح للقيا ربه ومولاه، فإن أيام الدنيا وإن طالت في نظره، ما هي إلا مطايا تقربه إلى دار الخلد يومًا بعد يوم، فكل عام ينقضي من عمره، فهو يقربه أكثر وأكثر ليوم المعاد، وكل طاعة ينجزها تطير به شوقًا إلى الله والدار الآخرة[6]، ويزداد فرحًا وسرورًا كلما تقدم به العمر؛ لأنه مدرك أشد الإدراك أن ما بقي أقل بكثير مما مضى، فتتلهَّف نفسه، ويجتهد في طاعة ربه؛ ليكون جديرًا بالعَوْدِ لدار البقاء، دار أبوينا آدم وحواء عليهما السلام، والتمتُّع بنعيمها الدائم المقيم، ولُقْيا الأحِبَّة والأنس بهم، حيث لا فرقة بعدها ولا غربة.

وليتم سفر الدنيا لا بد من قطع المسافات، وعبور الحدود، والسفر إمَّا بالسيارة أو القطار أو الطائرة أو السفينة، وفي كل هذه الأنواع من الأسفار يختلف الجهد والتعب والمدة باختلاف الوسيلة وطول السفر، ولكن يعقب ذلك لذة اللقاء، وحلاوة الأنس بالأحِبَّة والغائبين، وللسفر للدار الآخرة لا بد من مرحلة وسيطة بينها وبين الدنيا؛ ألا وهي الموت، فبالموت ينتقل العبد من دار الدنيا إلى دار الخلد مرورًا بعدة مراحل زمانية ومكانية مؤقتة[7]؛ حيث تختلف ظروف الموت ومشقته باختلاف نوعه ومدة الاحتضار، فمن الناس من يباغته الموت فجأةً بسبب حادث سيارة أو سكتة قلبية أو غيرها من الأسباب، ومنهم من يمرض مرضًا طويلًا يقاسي خلاله أنواع الألم والأوجاع إلى أن تحين ساعته ويقضي الله فيه أمره، ومنهم ما بين ذاك وذاك، فلله الحِكمُ البالغة في جميع ما قضى وأنفذ في عباده.

الله أسأل أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يرزقنا حسن الختام، وأن يجعلني وإياكم من ساكني جنات النعيم، وأن يكرمنا بجوار خير المرسلين سيدنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنات الخلد.

آمين.

[1] أوصى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عبدالله بن عمر رضي الله عنهما بقوله: (( كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابرِ سبيلٍ))؛ رواه البخاري في الرقائق (6416) بنحوه، والترمذي في الزهد (2333)، وابن ماجه فيه (4114)، وأحمد (4764)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (3/301) واللفظ له. ومصداقه كذلك أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نامَ على حَصيرٍ فقامَ وقد أثَّرَ في جنبِهِ، فقُلنا: يا رسولَ اللَّهِ، لوِ اتَّخَذنا لَك وِطاءً، فقال: ((ما لي ولِلدُّنيا، ما أنا في الدُّنيا إلَّا كراكِبٍ استظلَّ تحتَ شجَرةٍ ثمَّ راحَ وترَكَها))؛ صحيح أخرجه الترمذي في الزهد (2377)، وابن ماجه في (4109)، وأحمد (3709)، والوطاء هو الفراش.
[2]الحديث متفق عليه؛ رواه البخاري في بدء الخلق (3244)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824).
[3] سُمع عمار بن ياسر رضي الله عنهما يُنادي يوم صِفِّينَ، اليوم الذي قُتِلَ فيه: (أُزلِفَتِ الجَنَّةُ، وزُوِّجَتِ الحُورُ العِينُ، اليَومَ نَلْقى الأحِبَّةَ، مُحمدًا وحِزبَه)؛ السلسلة الصحيحة (662/7).
[4] يقول ابن كثير في تفسيره: عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قوله في تفسير الآية: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾، قال: هم ذرية المؤمن، يموتون على الإيمان، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم، ألحقوا بآبائهم، ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئًا.
[5] هناك خمس من الحيوانات أمرنا الشرع بقتلها في الحرم لضررها وإفسادها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهَا فَوَاسِقُ تُقْتَلُ في الحَرَمِ: الغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْكَلْبُ العَقُورُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ))؛ متفق عليه، رواه البخاري في بدء الخلق (3314)، ومسلم في الحج (1198).
[6] قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: (ابْنَ آدَمَ، طَأِ الْأَرْضَ بِقَدَمِكَ، فَإِنَّهَا عَنْ قَلِيلٍ تَكُونُ قَبْرَكَ، ابْنَ آدَمَ، إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ، فَكُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ، ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِي هَدْمِ عُمُرِكَ مُنْذُ يَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ)؛ من كتاب الزهد لابن أبي الدنيا.
[7] أولى تلك المراحل البرزخ، وهو المدة الزمنية الفاصلة بين موت العبد والبعث، ثم يليه البعث والنشور، ثم الوقوف بأرض المحشر، ثم تطاير الصحف وعرض الحساب، ثم عبور الصراط، وهو طريق بين ظَهْرَانَي جهنم، لا ينجو منه إلا المؤمنون، وأما الكُفَّار والمنافقون وبعض عصاة المسلمين فيُلقَون في جهنم والعياذ بالله، ثم (يحبس المؤمنون في قنطرة بينَ الجَنَّةِ والنَّارِ، فيُقَصُّ لبَعضِهم من بَعضٍ مَظالِمُ كانت بينَهم في الدُّنيا، حَتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا أُذِنَ لهم في دُخولِ الجَنة). وفي كل مرحلة يمكث الخلق ما شاء الله لهم أن يمكثوا إلى أن يحين موعد المرحلة التالية، وهكذا تُسلم كل مرحلة المرحلة التي تليها إلى أن تحط رحال المؤمنين في جنات النعيم؛ صحَّحه الألباني، رواه البخاري في (الأدب المفرد) (486) واللفظ له، وأحمد (11110).
_____________________________________________
الكاتب: حكم بن عادل زمو النويري العقيلي








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.16 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]