|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() نمط حياة سلبي يهدد الشباب! «التعفّن السريري».. رؤية إسلامية تربوية
في زمن تكثر فيه التحديات وتتنوع فيه أساليب الغزو الفكري والسلوكي، يبرز ما يُعرف بـ«التعفّن السريري» بوصفه خطرًا خفيًّا يهدّد شباب الأمة في عقولهم وأجسادهم وأرواحهم.. لإنه انعكاس لحالة من الضعف والضياع؛ حيث تتسلل مظاهر الكسل والفراغ وفقدان الهدف إلى حياة الشباب؛ فتضعف هممهم، وتتشتت مسيرتهم، وتقتل فيهم طاقة البناء والعطاء، ومع ما يحمله هذا الخطر من أبعاد تربوية وصحية واجتماعية؛ فإن التصدي له أصبح ضرورة ملحّة لحماية الشباب من الفشل والخمول . المصطلح والمفهوم: يُطلق على حالة المكوث -غير المبرّر- في الفراش لساعات طويلة تتجاوز حاجة الجسم الطبيعية للنوم -أكثر من 9-10 ساعات للبالغين- مصطلح: «التعفّن السريري» Bed Rotting - وهو مصطلح مجازي شعبي (غير طبي) - وهو نوع من «النوم المفرط والمكوث غير المبرّر في الفِراش» المصحوب غالباً بالخمول والكسل وعدم الرغبة في النهوض، حتى بعد الاستيقاظ، ويعبّر عن حالة من عدم وجود هدف أو دافع وحافز للنهوض من السرير، ونحن هنا لا نتكلم عن الحالة الطبية المعروفة بذات الاسم أحيانًا وتعني الالتهاب الشامل بسبب تلف الأنسجة والذي قد يتسبب في الإصابة بتعفن الخلايا.. التعريف من منظور إسلامي: يمكن وصف ذلك السلوك بـ «الكسل والخمول المُفرط» الذي يصرف عن أداء الصلاة في وقتها، وعن طلب الرزق، وعن القيام بواجبات المسلم تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه»، وهو يدخل في دائرة «إضاعة الوقت» الذي هو رأس مال الإنسان في الحياة الدنيا. ![]() الجذور والأسباب: تعود هذه الظاهرة لأسباب كثيرة متشابكة؛ فقد يكون السبب فيها نفسيًا أو اجتماعيًا أو إيمانيًا أو صحيًا، وقد يكون حصيلة أكثر من عامل منها: أولاً: الأسباب النفسية والدينية: ١- الاكتئاب والقلق: وهو من أكثر الأسباب شيوعاً في العصر الحديث؛ حيث يشعر الشخص بالإحباط والحزن وفقدان الطاقة، فيلجأ إلى النوم هرباً من مواجهة الواقع. ٢- ضعف الهمة والإرادة: حيث تتراجع قوة الإرادة لدى الشخص المصاب به، ويصبح أسيراً لرغباته الجامحة في الراحة والدعة وعدم النهوض واللامبالاة وعدم استشعار المسؤولية. ٣- التكاسل في العبادات والبعد عن ذكر الله: فعندما يفقد الإنسان صلته بربّه، فإنه يفقد المعنى الأساسي والهدف الحقيقي من حياته، ومن ثم يفقد الحافز للنهوض والنشاط، والسعي في الأرض، وذلك كما قال -تعالى-: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه: 124). ثانياً. الأسباب الاجتماعية والتربوية: ١- ضعف التربية في تنظيم الوقت: وذلك بسبب عدم تعويد الأبناء منذ الصغر على نظام النوم المبكر، والاستيقاظ المبكر وعدم إدراك أهمية الوقت وسوء إدارته. ٢- غياب القدوة: فعندما لا يرى الشاب أو الفتاة نماذج ناجحة ونشيطة من حوله، في الأسرة أو المجتمع فإنه يسهل عليه الانجرار تجاه المزيد من الكسل والخمول. ٣- السلبية وعدم وجود مسؤوليات: فعندما لا يُكلف الشاب بمسؤوليات في البيت أو المجتمع، فإنه لا يشعر أن له دوراً مهما، وهذا مما يسهل عليه التكاسل. ٤- رفاهية الحياة وكثرة المغريات الليلية: فالتدليل الزائد والسهر الطويل على الألعاب أو وسائل التواصل الاجتماعي، كما يؤدي إلى اضطراب النوم والاستيقاظ متأخراً. ٥- العزلة الاجتماعية: التفكك الأسري وضعف الروابط الاجتماعية، يجعل بعض الشباب يجدون في السرير منطقة أمان بعيدًا عن العالم الخارجي. ٦- ضغوط التوقعات المجتمعية: أحيانًا تدفع كثرة المطالب الأسرية والمجتمعية بعض الشباب للهروب باعتبار المكوث في الفِراش أسهل وسيلة لمواجهة الإحباط أو الفشل المتوقع. ٧- انتشار تلك الظاهرة عبر وسائل التواصل: وذلك من خلال المشاركة في الترندات والشعور بالانتماء لجيل يعاني مثل تلك الضغوط، وهذا بلا شك يزيد في انتشار هذه الظاهرة، ولا سيما عند ربطه بفكرة «الرعاية الذاتية». ![]() ثالثاً. الأسباب الصحية: وذلك مثل اضطرابات النوم العضوية: مثل انقطاع النفَس الانسدادي النومي، وكذلك نقص بعض الفيتامينات: مثل فيتامين (د) أو (ب12)، أو الإصابة بكسل الغدة الدرقية، أو تناول بعض الأدوية التي تسبب الخمول بوصفها أثرا جانبيا، (ولا شك أن مثل هذه الحالات المرضية تستدعي مراجعة الطبيب ولا نستطيع لوم من يقع فيها). خطورة الظاهرة والآثار المترتبة عليها: لا شك أن لهذه الظاهرة الكثير من الآثار السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع ومن ذلك ما يلي:
طرائق الوقاية والعلاج: لا شك أننا بحاجة إلى منهج إسلامي تربوي متدرج؛ فالعلاج يجب أن يكون شاملاً، بحيث يبدأ من الداخل (القلب والعقل) وينعكس على السلوك الخارجي، وذلك من خلال الخطوات التالية: أولا: البناء الإيماني: وذلك من خلال اتباع الخطوات التالية: 1 - تذكير النفس بالهدف من الحياة، وذلك كما في قوله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وقوله -سبحانه-:{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، مع استشعار أهمية الوقت كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيم أفناه، وعن جسده فيم أبلاه، وعن ماله فيم أنفقه ومم اكتسبه»؛ فالحياة قصيرة والوقت هو رأس المال. 2- تقوية الصلة بالله: وذلك من خلال المحافظة على الصلوات في وقتها؛ امتثالا لأمر الله -عز وجل- بقوله:{إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}، ولا سيما صلاة الفجر، التي هي مفتاح النشاط لليوم كله. 3- ذكر الله والدعاء: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ» (صحيح البخاري) فيجب المداومة على هذا الدعاء؛ كما جعل الله أذكار الصباح والمساء وقوداً لليوم، فهي تمدّ القلب بالطاقة والنشاط، وتحفظ الإنسان من شرور الشيطان. ثانيا: البناء النفسي والسلوكي وذلك من خلال ما يلي: 1- وضع أهداف واضحة: ينبغي أن يكون للإنسان -ولا سيما الشاب- أهداف يومية وأسبوعية وسنوية: (الدراسة، والعمل، وتعلم المهارات والتدريب، وخدمة الأسرة وصلة الأرحام... إلخ). العلاج السلوكي: وذلك باستخدام تقنيات علاجية مثل: أ- الخطوات الصغيرة: عدم إجبار النفس على الاستيقاظ فجأة في الساعة 5 صباحاً، ولكن التدرج (مثلاً الاستيقاظ اليوم عند 10 صباحاً، غداً عند 9:30... وهكذا). ب- ربط الاستيقاظ بشيء محبّب: مثل قهوة الصباح، أو سماع برنامج مفضل. ج- مكافأة الذات: عند الالتزام بالاستيقاظ لمدة أسبوع. د- طلب المساعدة المهنية: فإذا كان السبب اكتئاباً أو قلقاً حادا، يجب اللجوء إلى مختص نفسي دون تردد. ثالثا: البناء الصحي والعُضوي وذلك من خلال الأمور التالية: 1- الفحص الطبي الشامل: لاستبعاد أي أسباب عضوية (نقص فيتامينات، أو مشكلات في الغدة...). 2- تنظيم مواعيد النوم: النوم مبكراً (بعد صلاة العشاء) هو سنة نبوية وصحية عظيمة. 3- العناية بالتغذية الصحيحة وتجنب المنبهات والسكريات قبل النوم. 4- ممارسة الرياضة: ولا سيما الرياضات الخفيفة، فهي تنشط الدورة الدموية وتحسن المزاج. رابعًا: البناء الاجتماعي والتربوي وذلك من خلال تفعيل الأدوار الأسرية والمجتمعية التالية: 1- اتخاذ القدوة: بأن يرى الأبناء آباءهم يلتزمون بمواعيد النوم والاستيقاظ. 2- الحوار والتحفيز: وذلك بدلاً من التوبيخ؛ فإن استخدام أسلوب التحفيز وتذكير الأبناء بأهدافهم وطاقاتهم من شأنه أن يسهم في علاج تلك الظاهرة. 3- توكيل المسؤوليات: وذلك من خلال إشراك الشاب أو الفتاة في مشاريع أسرية، مثل زيارة الأقارب، والمشاركة في الأعمال التطوعية، ليشعروا بأهميتهم وإنجازاتهم. 4- توفير بيئة منزلية منظمة: وذلك من خلال تحديد أوقات للوجبات والعشاء، ما يساعد على تنظيم الساعة البيولوجية للجميع. 5- توفير البدائل الجذابة: مثل الأنشطة البدنية والترفيهية (رياضة، وتطوّع، ورحلات)؛ بحيث تشبع رغبات الانتماء وتخفيف الاعتماد على التكنولوجيا، وهنا يأتي دور الدولة بشكل كبير. 6- توفير برامج الصحة النفسية في المدارس: وذلك بهدف توعية الطلاب والكوادر التعليمية حول المخاطر، وتوفير جلسات الدعم النفسي أو المجموعات الحوارية لتعزيز المهارات الحياتية وتقوية الصمود أمام الضغوط. 7- التوجيه الرقمي والاجتماعي: وذلك من خلال توفير برامج تدريبية حول الاستخدام الآمن والمتوازن للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الإلكترونية والتركيز على الإنتاجية، ونماذج ملهمة من أقرانهم بعيدًا عن «الترندات» السلبية. التوجيه التربوي والإسلامي: التشجيع على الاعتدال في الراحة والنشاط، والحرص على تحقيق التوازن بين احتياجات الجسد والروح والنفس، مع الالتزام بالقيم الإسلامية التي تدعو إلى إشغال الوقت بالعمل النافع والعبادة والبرّ والصلة، وتجنب إضاعة العمر في الكسل والخمول؛ إذ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». هذا بالإضافة إلى توجيه الأطفال والشباب لفهم معنى الراحة الحقيقية في الإسلام وربطها بالتوازن بين العبادة والعمل والترفيه. ![]() أهم الخلاصات:
الخاتمة: وهكذا نجد أن ظاهرة «التعفّن السريري» ليست سوى جرس إنذار ينبه إلى وجود خلل في حياة الفرد، إيمانيا أو نفسيا أو صحيا أو اجتماعيا .. الخ، ولا شك أن العلاج الناجح يتطلب نظرة شمولية، تبدأ بإصلاح العلاقة مع الله؛ فهي التي ستمنح الطاقة والدافعية لإصلاح باقي جوانب الحياة ولا سيما لدى الشباب؛ فالصلاة والعبادات هي بوصلة المسلم وتقويمه الذي يربط به حياته وأنشطته؛ كما إن دور الأسرة والمجتمع محوري في خلق البيئة الداعمة والمحفزة على النشاط والإنتاج؛ مستلهمين مثل تلك الطاقة والإيجابية من الهدي النبوي في التعامل مع الوقت والنوم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، حتى يكون للشباب أهداف واضحة، ومهام محددة من أجل تحقيق الخيرية والعمارة في الأرض. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |