|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() على طريق الريادة عند الغضب يرحل الأدب د. سعد الله المحمدي لم أغضَب في حياتي العمليَّة إلا مَراتٍ عديدة، وأستغفرُ الله مما كان، ولكنْ للأمانة كنتُ أنا الخاسر في كلِّ مرة انتابتْني فيها موجةُ الغضب، حتَّى وإنْ كنتُ على حقٍّ، بينما كان الطرف الآخر هو الرابح وإن كانَ على خطأ واضحٍ بَيِّنٍ. وأعتقدُ أنَّ الأمور التي غضِبتُ بسببها، وانفعلتُ فيها، وكلّفتُ نفسي فيها فوقَ طاقتها، لم تكن سوى أمورٍ تافهة وصغيرة جدًّا، بل لم تكن حتى جديرةً بالغضب والانفعال، كانَ يمكن حلُّها بكلمة طيبة، وابتسامة صادقة نابعة من القلب، ولين الحديث، وحُسن التعامل، وبشاشة الوجه، وكظم للغيظ، واحترام الطرف الآخر، وإحسان إليه، فالرِّفق كما قيل: يُخرجُ الحَيَّة مِنْ جُحرها. ولقد ندمتُ كثيرًا في كلِّ مرة غضبتُ فيها، وجلدت ذاتي، وكرِهتُ سرعة انفعالي، واعتذرتُ لكلِّ منْ أغضبني، وطلبتُ عفوَه وصفحَه. هكذا قال أحد أصدقائي المعروف بالحلم والصبر وسعة الصدر عندما سألته: هل غَضبتَ في حياتك؟ وذكرَ لي أنَّ الغضب يَسلُب الإنسانَ عقلَه، ويعرِّضه للخطر في تصرُّفاته، ويُخرجه من شخصيته الطبيعية المتوازنة إلى شخصية أخرى، يغلبُ عليها الانفعال والتوتر والتسرُّع، والطَّيش الذي هو من أعدى أعداء الإنسان. ولم أرَ في الأعداءِ حين اختبرتُهم ![]() عدوًّا لعقلِ المرءِ أعدَى مِن الغَضَبِ ![]() ![]() ![]() فالغضب جِماعُ الشرِّ، وأصلُ البلاء، وَمَنْ أطاعَ غضبَه أضاعَ أدبَه، وأوَّلُ الغضب جنونٌ وآخره ندمٌ، ومَنْ يملك زِمَامَ غضبه يَملِك زِمامَ أعدائه، ويقول ابن المقفع: "إذا حاججتَ فلا تغضب، فإن الغضب يدفعُ عنك الحُجَّة ويُظهر عليك الخَصم". وقد وصَف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بكظْم الغيظ والعفو عن الناس، فقال تعالى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]. قال أهل التفسير: "والكاظمين الغيظ"؛ أي: الجارعين الغيظ عند امتلاء نفوسهم منه"، والكظمُ: حبسُ الشيء عند امتلائه، وكظمُ الغيظ أن يَمتلئ غيظًا فيردَّه في جوفه ولا يُظهره. "والعافين عن الناس"؛ أي: عمَّن ظلمهم وأساءَ إليهم بقولٍ أوْ فعلٍ، والعفوُ أبلغ مِنَ الكظم، ولا يكونُ إلا مِمَّن تحلَّى بالأخلاق الجميلة، وَتَاجَرَ مع الله"؛ (تفسير البغوي والسعدي). وقد شدَّد النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن الغضب، وجعَل امتلاك النفس والسيطرة عليها عند الانفعال، من علامات البطولة والقوَّة، فقال: "ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ"؛ أخرجه البخاري: 6114. وقيل لابنِ المبارك: (اجْمَعْ لنا حُسنَ الخلق في كلمة، قال: تركُ الغَضَب)، وقد مدح الشعراء من كان معروفًا بالحلم بعيدًا عن الغضب والسخط والبغض، يقول أحدهم: من لي بإنسانٍ إذا أغضبتُه ![]() وجهِلتُ كان الحِلمُ ردَّ جوابه ![]() ![]() ![]() ويجدرُ بالمسلم أن يتجنَّب الغضب المذموم، ويَضبِط نفسه، ويتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يذكر الله سبحانه وتعالى، وأن يفكِّر في عاقبة الغضب، فأحيانًا يبني سنواتٍ، ويَهدِمه الغضب في ثوانٍ ودقائقَ، وأن يتفهَّم حاجات الناس، ويُوجِد لهم أعذارًا. وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ ![]() جاءت محاسنُه بألفِ شَفيعِ ![]() ![]() ![]() شمعة أخيرة: "كل امرئ يُمكنه أن يغضب، إنَّ ذلك في غاية السهولة، ولكن أن يكون غاضبًا على الشخص المناسب، وللغاية المناسبة، وبالطريقة المناسبة، فليس ذلك بإمكان أحدٍ، وليس سهلًا"؛ (أرسطو).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |