|
|||||||
| ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
هل أنا من المنافقين؟ فارس محمد علي محمد استيقظتُ في هذا الشهر للمرة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة بعد الشروق... لا أدري كم مرة استيقظت فيها بعد الشروق نادمًا على ضياع صلاة الفجر، مُتَّهِمًا نفسي في كل مرة بالنفاق، متذكرًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أثقلُ الصلاةِ على المنافقين صلاةُ العشاءِ والفجرِ". فهل أنا من المنافقين؟ .. لا أدري! كنتُ جالسًا مع صديقٍ لي، فأفادني بفائدةٍ عجيبةٍ من كتاب "رقائق القرآن"؛ حيث جاء فيه: إن النفاق ليس قرارًا يتخذه المرء، فلا يقرر المرء أن يستيقظ، ثم يتناول فطوره، ثم يقرر أن يكون منافقًا! لا. النفاق -كما يقول الشيخ- أثَرٌ وليس قرارًا؛ انظر إلى قول الله عز وجل: ﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التوبة: 77]. منذ زمن بعيد، حين انتهت فترة الإيمان البِكر التي كان يصحبها ندم واتهام بالنفاق على ضياع صلاة الليل، لا الفجر، بعد هذا البكور تبدأ رحلة الفتور، أو رحلة اللامبالاة، إن لم تتدارك هذه الفترة بأمور مثل محاسبة النفس، وأشياء ذكرها أهل العلم. المهم أنني لم أتدارك رحلة البكور بهذه الأمور، فدخلتُ منغمسًا في رحلة اللامبالاة، حيث ظللتُ ما يقرب من سنة كاملة أو أكثر لا أستيقظ إلا عند إقامة صلاة الفجر. ركعتا الفجر هاتان أصبحتا من الخيال، لا آتي بهما إلا بعد الشروق، وتكبيرة الإحرام لم تكن إلا محض صدفة: إن أيقظتني والدتي قبل الفجر واستجبت لها، أو كان هناك موعدٌ مهم في الصباح، أو امتحان يحتاج إلى تحضير من البكور! والغريب أنني لم أكن نادمًا في كل مرة أستيقظ فيها على الإقامة، ثم بالكاد أُدرك الركعة الثانية، إلا إذا كان الإمام من أهل السرعة، فإن وصلتَ قبل أن يُسلِّم فـأنت محظوظ. انتهت فترة اللامبالاة، ثم دخلتُ في فترة... لا أعلم، أسميها انتكاسة أم ماذا؟ منذ زمنٍ ليس ببعيد، كان الحلم أن تصلي ركعتَي الفجر، والآن الحلم أن تستيقظ قبل الشروق لتُدرك الفجر ثم تنقره نقرًا كنقر المنافقين! كل مرة أسمع فيها الأذان ثم الإقامة، ولا شيء! كأنه حلم جميل يمر... ثم الشروق. أصبح الفجر بالنسبة إليَّ وكأن موعده قد تغيَّر! أصبح الطبيعي أنه بعد الشروق! تذكرتُ الآن، في هذه الأيام، قول صديقي: "النفاق أثرٌ لا قرار"، وهذا ما أنا فيه، ليس إلا أثر تفريطٍ دام سنة أو أكثر، أثر إخماد النفس، بأن ركعتي الفجر وقيام الليل "سُنَّة" أو "مستحب"، ثم بعد ذلك، تترك المستحب، ثم تترك الفرض... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. هذه النوافل لم تُشرع عبثًا، إنما لحكمة؛ كان أحد المشايخ يقول لنا: "الفروض أساس، والسنن حُرّاس". أدركتُ هذا الآن، بعد أن أصبحت صلاة الفجر عندي أثقل من نقل جبل! وقد كنت كتبتُ مقالة منذ فترة، موجودة على موقع الألوكة بعنوان: "سوق السمك والخضار"، أشكو فيها خيبتي في ضياع الخشوع في الصلاة. أما الآن، فأشكو خيبتي في ضياع الصلاة نفسها، ولا أدري كم من المقالات المخيبة سأكتبها مستقبلًا! نسأل الله السلامة والعفو والعافية. نحن نُدرِك جيدًا أن الإنسان قد تكون فيه خصلة من خصال المنافقين، ولذلك بصرنا ربنا بهم، وبصرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصفاتهم، لكي نتجنب هذه الصفات التي تودي بنا، صفةً وراء صفة، إلى وادي النفاق المهلك. ولا حول ولا قوة إلا بالله. لكن، مع يقيننا بأن الله هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، سوف نقف في كل مرة نُضيِّع فيها صلاة الفجر، أو تلج صفة من صفات المنافقين إلى قلوبنا، ونعود إلى المولى الذي نوقن بأنه وحده الذي يغفر الذنب، وبأنه وحده الذي بيده القلوب، يُقلبها كيف يشاء. لا نملك إلا أن نقول: نحن الفقراء إليك، نحن العبيد وأنت الرب، يَسِّر لنا عبادتك، وصَرِّف قلوبنا على طاعتك. وأتذكر دعاءً جميلًا يدعو به خطيب يوم الجمعة، وهو يقول: "اللهم هذا حالُنا لا يخفى عليك، وهذا ضعفُنا ظاهرٌ بين يديك، فاغفر لنا، وارحمنا، وأنت خير الراحمين". وصلى الله على نبينا محمد، إمام المتقين، وسيد الغُرِّ المحجّلين، وعلى آله وصحبه وسلِّم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |