|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بالبسمة تستطيع أن تتعدى حدود القلب ، إلى أيِّ قلب ، ولربما حققت بالبسمة ما عجزتَ عن تحقيقه بغيرها ابتسم فإن اليوم خير من الأمس والغد خير من اليوم، والله جميل يحب الجمال ، ولا يعني هذا أن لا نفي من لم يحظ من الجمال بقدرٍ يؤهله لأن يكون جميلا، فما عليك إلا أن تقدم البسمة ؛ ابتسامك لقبيح أدل لمروءتك من إعجابك بجميل ، وليكن إعجابك بعام الأمور بين بين ، وليدم قلبكَ ملازماً للصواب ، وإن جانبه قليلاً فلا يكن منه على بعدٍ وتجانبٍ بيِّنينِ ؛ فأجهل الناس من قل صوابه وكثر إعجابه، وإياك أن تثنيك الشدائد أو أن يوهنك الإخفاق ، وليكن إخفاقك الخطوة الأولى لنجاحك ، فلا خجل من أن تخفق في شيء ؛ذلك أن الإخفاق أساس النجاح والشدائد تخلق الرجال ، وليكن اعتيادك الشدائد ديدنك ، فقد قيل : إِذا اِعتادَ الفَتى خَوضَ المَنايا فَأَهوَنُ ما يَمُرُّ بِهِ الوُحولُ وقد قيل : إذا العِبْءُ الثقيلُ توزَّعَتْهُ رقابُ القومِ خفَّ على الرِّقابِ إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا إِذا رُمتَ أَن تَحيا سَليماً مِنَ الرَدى وَدينُكَ مَوفورٌ وَعِرضُكَ صَيِّنُ فَلا يَنطِقَن مِنكَ اللِسانُ بِسَوأَةٍ فَكُلُّكَ سَوءاتٌ وَلِلناسِ أَلسُنُ وَعَيناكَ إِن أَبدَت إِلَيكَ مَعائِباً فَدَعها وَقُل يا عَينُ لِلناسِ أَعيُنُ وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ وإياك أخي القارئ وسوء الظن فإنه دليل على سوء فعالك ونيتك ، وما حملك على مثل هذا الظن إلا أنه بنفسك ما يوافق هذا الظن ، ثم إنك به تفقد صحابك ومن تخالطهم فقد قيل : إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ إِذا تَمَّ أَمرٌ بَدا نَقصُهُ تَوَقَّ زَوالاً اِذا قيلَ تَمّ اشتدي أزمَةُ تَنفَرِجي قَد آذَنَ لَيلُكِ بِالبَلَجِ أخي القارئ الدنيا مسرح ، و لكلٍ منا دور فيه ، فإذا لم يكن لك دور به كنت زائداً عليه ، فاختر لنفسك دورك ووجودك ، إذا لم تزد شيئاً على الدنيا كنت أنت زائداً على الدنيا ، وانظر إلى الماء وخذ حكمتها في مسيرتها ، فإذا ما اعترضها سد أو عائق ، غيرت اتجاهها لغيره ، وإذا لم تستطع إلى غيره سبيلاً اعتلته . إِذا لم تستطع شيئاً فَدَعهُ وَجاوِزهُ إِلى ما تستطيعُ إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ والكيس من عرف لنفس صديقه طريقاً قبل أن يتصادقا حتى لا تأتي المعرفة متأخرة فيصدم هذا أو يفتتن ذاك أُصادِقُ نَفسَ المَرءِ مِن قَبلِ جِسمِهِ وَأَعرِفُها في فِعلِهِ وَالتَكَلُّمِ أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ أخي القارئ هناك نوعان من المتعلمين : أنصاف متعلمين ومتعلمين ، وأنصاف المتعلمين أخطر من الجهلاء ، أما التصميم والإرادة فهما المعول الذي تستطيع به أن تخرق جبلا ، وإنك بالإبرة تستطيع أن تحفر بئراً ؛ ذلك بإرادتك ومثابرتك . ليس في علاقاتنا التي نحياها أفضل من معاشرة جميلة فبحسن المعاشرة تدوم المحبة ، وتعاونك مع أخيك على التخلص من عيوبه إنما هو عين العقل ، ولب الصداقة ، وما نفع المرء لأخيه إذا لم يرشده لزلـله ومعايبه ؛ لأجل تفاديها لا لأجل إثباتها ، إنما أحدكم مرآة أخيه فإذا رأى عليه أذى فليمطه عنه ، والتجمل بالصبر من شيم الرجال ، لكن متى الصبر ، الصبر عند الشدائد ، لا سيما الصدمة الأولى ، إنما الصبر عند الصدمة الأولى ، ومهما كان حجم الشدائد فلا تفوق الصابرين عندها ، إنما تصغُر الخُطوب لدى القو م إذا كانت النفوس كبارا إني رأيت وفي الأيام تجربة للصبر تجربة محمودة الأثر فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر وما كل ذلك إلا بعقل المرء ورأيه وحزمه وخوضه التجارب ، ولا دليل على رجحان عقل المرء إلا من خلال ما شهده الناس منه في المواقف والشدائد ، إنما يستدل على عقل المرء وخلقه بعمله ، ولو أردنا تعريف ذلك لم نجد غير الفضيلة اسماً ، وأول عناوين الفضيلة التضحية بالنفس . أخي تحر الأمل واطرد التشاؤم ، واحرص على أن تكون نفسك جميلة ، وأن ترى من زاوية كلها بشرى وظنون خيِّرة ، فلن تجد غير هذا ؛ فقد قيل : أيهذا الشاكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلا إن شر النفوس في الأرض نفس تتوقى قبل الرحيل الرحيلا وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلا والذي نفسه بغير جمالٍ لا يرى في الكون شيئاً جميلا أيهذا الشاكي وما بك داء كن جميلا ترى الوجود جميلا يتحلى المرء بحس الظن ، ويتجمل بالتفاؤل ، غير أنه لا يركب مطية الأمل دون أن يَجِدَّ في سعيه ، أو أن يثابرَ في نيل مبتغاه ، فلا تدرك الأمور إلا بالإصرار وكثرة المحاولة والتصبر والجد والتخطيط الجيد ، والسهر على بلوغ الغايات ، فإذا نسيت كل هذا فتذكر قول الشاعر : بقدر الجد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي ومن طلب العلا من غير كدٍ أضاع العمر في طلب المحال وإذا تساوى كلامك وصمتك فقدم الصمت ، فبكثرة الصمت تكون الهيبة ، وحاذر أن يأخذك الجزع في مصابك أياً كان ؛ فكل ذلك من قضاءٍ كتبه الله عليك ، وبه الخير الكثير ، ولربما رأيت مكروهاً وأعقبه خيرٌ كثير . تَجري الأَمور عَلى حُكم القَضاء وَفي طيّ الحَوادِث مَحبوبٌ وَمَكروهُ وَرُبَّما ساءَني ما بتُّ أَرجوهُ كن جواداً تغنم بمحبة الناس ، وإياك والبخل فإنه منقصة للرجل ، فالجُود محبَّة والبُخْل مَبْغضة ، واعمل بكل جوارحك ، وتحرى الدقة والإتقان ، إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ، فلا يكفي عمل اليد بغير العقل ، ولا يكفي عمل العقل بغير القلب ؛ فالحرفي يعمل بيده ، والمهني يعمل بعقله ، والفنان يعمل بقلبه وعقله ويده ، وما العمل إلا طريقاً نتخذه وصولاً إلى السعادة ، فالحكمة اكتشاف مفاتيح السعادة ، واعلم أنه الحياة هي السعادة ، ولكن أي حياة ، وما هي الحياة التي بمعنى السعادة ، تذكر أنه إذا كان للحياة معنى فإن للسعادة وجود ،
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() عزيزي خير ركاب المرء حكمته ونيته ، فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها ممن سمعها ولا يبالي من أي وعاء خرجت ، ومن الحكمة أن تحافظ على نفسك باحترامها كي يحترمها الآخرين ؛ حين تفقد احترامك لنفسك يكون من الصعب على الآخرين أن يحترموك ، وتحري الصدق أمر مطلوب في كل الشؤون ، فابتعد عن الكذب ، ولو كنت تاجراً فاعلم بأنه قد خاب وخسر المنفق سلعته بالحلف الكاذب ، والنجاح يأتي خطوة بخطوة ، غير أن الخطوة الأولى لتحقيق النجاح هي الاستيقاظ من الأحلام ، وكن ثابت الخطى وتيقن أن ثمة خطوة واحدة بين النصر والخذلان ، واعلم أن الكيس لا يخطو خطوة إلا أن تكون على نهجٍ لا يخالطه ريب ، خير الرجال من تقيد بأحكام النبوة ،واستمع لناصحك بتأنٍ وروية ، فالدين النصيحة ، والتريث مطلوب ؛إذ خير للمرء أن يقال عنه جبانا من أن يكون متهوراَ ، على أن المرء يجب أن يكون شجاعاً ، فالشجاعة تاج تتزين به هامات الرجال وتتشرف به قلوبهم ، الشجاعة عزيزة يضعها الله فيمن شاء من عباده ، إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية ، فالزمها دائماً يقف الحق بجانب الشجعان ؛ لأن الشجاع لا يحتاج لأن يفعل ما يثبت به شجاعته من ظلمٍ أو نحوه ، والرجل الذي توفرت فيه الشجاعة بلا استقامة لا يعدو أن يكون قاطع طريق وإذا امتطيت الشجاعة فعليك الحذر ؛ الشجاعة بلا حذر حصان أعمى ، وأمامك أمران : إما أن تكون ذا عقل ولربما أعياك بالتفكر ونحوه ، أو أخو جهالة ووصب يصيبك بغياب العقل ، قيل : ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ الرِزقُ لا تَكمَد عَلَيهِ فَإِنَّهُ يَأتي وَلَم تَبعَث إِلَيهِ رَسولا الرِفقُ يُمنٌ وَالأَناةُ سَعادَةٌ فَتَأَنَّ في أَمرٍ تُلاقِ نَجاحا الرفقُ يمنٌ وخير القول أصدقه وكثرة المزح مفتاح العداواتِ لا تَجزَعَنَّ إِذا نابَتكَ نائِبَةٌ واصبر ففي الصّبر عند الضّيقِ متَّسعُ إن الكريمَ إذا نابتهُ نائبةٌ لَم يَبدُ مِنهُ عَلى عِلّاتِهِ الهَلَعُ صُنِ النَفسَ وَاِحمِلها عَلى ما يزيِنُها تَعِش سالِماً وَالقَولُ فيكَ جَميلُ وإن تملكتك عادات أو ورثتها فاعمل جاهداً على التخلص منها ، وما من أحدٍ إلا له عادات ، حسنها يعتز به ويعلي شانه ، وسيئها يعيبه ويدني مكانه ، فأعمل عقلك في عاداتك ؛ العادات قاهرة فمن اعتاد على شيء في السر فضحه في العلانية ، واطلب الحكمة دائماً ، وظن نفسك أنك مفتقدها ؛ العاقل يجاهد في طلب الحكمة .. والجاهل يظن أنه وجدها ، وعين الحكمة أن يحفظ الإنسان نفسه ويعزها ، عز الرجل استغناؤه عن الناس ، وهذا يتطلب منك الجهد الكبير ، غير أن الثمرة أكبر ، على قدر الحاجة يكون التعب ، ولا تتخيل أن التعب للجسد ، فتعب العقل أكبر ، عظمة الإنسان في فكره لا في جسمه ، فمرن عقلك على التبحر في خيالات الكون وعوالم الدنا وخفاياها ، وافتح له على العالم نافذة وافتح للعالم في عقلك نافذةً يتعشق نور الكون مع شذرات عقلك ، عقلك كالمظلة لا يعمل إلا إذا انفتح ، وحرر عقلك على قرطاس فيكتب لك من الحرف مدينة ، ومن الكلمة عالم ، ومن الجملة كون ، ومن الكتاب عقل ، عندها تكون قد ملكت زمام العقل ، عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم . وإذا ما نظر الرائي منا إلى نفسه فلن تغفل عينه عن عيب بها ، غير أنه لا يظهر أحياناً لأعين الناس ، عيبك مستور .. ما أسعد حظك ، وما لك أخي القارئ من بدٍ في محك الحياة ، حلوها ومرها ، وبيدك الأمر ، فكيف تمهد لها تجدها . واعلم أنه ما أتت الدنيا طيعة لأحد ، فلابد من التضحية والفداء والمثابرة وقوة الإرادة . غَلَتِ الحَيَاةُ فَإِنْ تُرِدْهَا حُرَّةً كُنْ مِنْ أُبَاةِ الضَّيْمِ وَالشُّجْعَانِ وَاقْحَمْ وَزَاحِمْ وَاتَّخِذْ لَكَ حَيِّزاً تَحْمِيهِ يَوْمَ كَرِيهَةٍ وَطِعَانِ ولا خيار ثالث للأنفس الأبية فإما حياة كما تريدها هي أو الموت فخو أكرم . فأما حياة ...... وأما الفناء أشرف للبشر والسعي إلى العلم من أجل الفضائل ، ولا سيما التفقه في الدين ، فمن أراد الله به خيراً يفقهه في الدين ، وفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ، وتخير أهل النصح ، فإن النصيحة فن يهبه الله لبعض عباده ، كما وهب لبعضهم العقل دون فضيلة النصح ، ولربما اجتمعا النصح والعقل عند واحدٍ فتجب طاعته ، إذ إن بعض الناصحين لا ينصحك بمعروف ، وبعض العاقلين لا يوفق في نصحك . فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمؤتيكَ نُصحَهُ وَما كُلُّ مؤتٍ نَصحَهُ بِلبيبِ وَلَكِن إِذا ما استَجمَعا عِندَ واحِدٍ فَحقٌّ لَهُ مِن طاعَةٍ بِنَصيبِ وليستجمع كل منا قوته وشدته ، ولكن ربما رجعت عليه هذه القوة بالتحطم ، فليست كل القوة شدة ؛ قوة الخيزران في مرونته ،وقيل لا تكن يابساً فتكسر ولا ليناً فتعصر ، والكرم خير ما يتصف به المرء ، فالكريم يحس نفسه غنياً دائماً ، ولا مكان للكسل مثل ضعاف الناس ؛ فهو ينمو ويترعرع ، تغذيه أوهام وأماني ، الكسل ملجأ العقول الضعيفة ، فاسع لطلب شأنك وتحرر كل دقيقة من الكسل ، واقحم باب الراحة من المشقة ، لا تدرك الراحة إلا بالمشقة ، وليكن الرفق واللين ممشاك ، واحرص على أن لا ينطق لسانك إلا حسن الكلام ؛ الكلام الحسن درع ، هوه يدل على لباقتك وذوقك الرفيع ، ولا يتأى هذا إلا بشيء لا يكلفك شيئاً ، وهو الإنصات لكلام غيرك ، كن مستمعاً جيداً لتكون متحدثاً لبقاً ، وثمة أمر يهد القلوب وهو القلق والجزع على ملمات الأمور ، فعلى الإنسان أن لا يذهب جهده وتفكيره في موقف طارئ أو غير طارئ ؛ لأنه لا يدوم هذا ولا ذاك . لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ مادامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ فَما يَدومُ سُرورُ ما سُرِرتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ لا تَيأَسَنَّ من اِنفِراجِ شَديدَة قَد تَنجَلي الغَمَراتِ وَهيَ شَدائِد كَم كُربَة اِقسَمَت اِن لَن تَنقَضي زالَت وَفَرجُها الجَليلُ الواحِد لا خَيرَ في وُدِّ اِمرِئٍ مُتَمَلِّقٍ حُلوِ اللِسانِ وَقَلبُهُ يَتَلَّهَبُ لا يُدرِكُ المَجدَ إِلّا سَيِّدٌ فَطِنٌ لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ ومجمل القول أن كل ذلك يتركز في كلمة واحدة ، يضعها كل إنسان نصب عينيه ، وهي الهمة . ما الجودُ عَن كَثرَةِ الأَموالِ وَالنَشَبِ وَلا البَلاغَةُ في الإِكثارِ وَالخُطَبِ وَلا الشَجاعَةُ عَن جِسمٍ وَلا جَلَدٍ وَلا الإِمارَةُ إِرثٌ عَن أَبٍ فَأَبِ لكِنَّها هِمَمٌ أَدَّت إِلى رِفَعٍ وَكُلُّ ذلِكَ طَبعٌ غَيرُ مُكتَسَبِ وَرُبَّ مَحمودِ فِعلٍ ما لَهُ حَسَبٌ إِلّا صَنايِعُ جاءَتهُ مِن الأَدَبِ فَجَلَّلَتهُ بِعِزٍّ بَعدَ مَخمَلَةٍ وَرَتَّبَتهُ مِنَ الإِفضالِ في الرُتَبِ ولا تتوانى في تنفيذ شأنك لبلوغ سؤلك ، أو لأسداء معرف أو لدحض مكروه ؛ فلربما سبق عليه أحد فتلوم نفسك على تأخيره ، لكل شيء رأس ، ورأس المعروف تعجيله ، ولكل شيء عدو وعدو الفن الجهل ، والنية مطية المؤمن ، والأعمال بالنيات ، والنية أبلغ من العمل ، فلربما تبلغ المقصود بنيتك لا بعملك ، لذا ما أرى عجزاً في البشر كالعجز عن النية ، وكلٌ ميسر لما خلق له . ما كلف الله نَفْساً فوقَ طَاقتها ولا تَجُود يدٌ إلاّ بما تَجِدُ جمِّلْ نفسك بالخلق الحسن كما تجمل مظهرك باللباس الحسن ، واحرص على أن تربي ابنك ونفسك التربية المثلى ، وهل أفضل من الأدب الحسن ؛ ما نحل والد ولداً من نحل أفضل من أدب حسن ، ولربما كانت البسمة مفتاح لما صعب عليك فتحه ، وعلامة على أدبك الحسن ، وعلى الرغم من هذا نجد أن معظم ابتساماتنا تبدأ بابتسامة شخص آخر ، فلما لا نكون نحن من يبادر بهذه النعمة ، وقد يقول قائل : التبسم يزيل المهابة فأجبه : والجد يكسو الوجه منك مهابة وكذا التبسم للقلوب ضياها فاجعلن بينهما لنفسك مسلكاً وانفذ بنفسك من شرور هواها يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ وإن حدثتك النفس إنك قادر على ما حوت أيدي الرجال فجرِّبِ وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ واتق الله فتقوى الله ما جاورت قلب امرئ إلا وصل ليس من يقطع طرقاً بطلا إنما من يتقي الله البطل
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() وثمة أمر في الأهمية غاية ، وهو الطموح ، فالطموح هو الذي يقودك إلى رتبٍ عليا ، لذا يجب أن يكون القلب بحجم الطموح كما ينبغي للطموح أن يكون صلباً ، وقيل : وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ مَن كانَ مَرعى عَزمِهِ وَهُمومِهِ رَوضُ الأَماني لَم يَزَل مَهزولا يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود مَن يَفْعل الخيرَ لا يَعْدَم جَوازِيَه لا يَذْهبُ العُرْفُ بين الله والناس مَنْ كانَ للخَيرِ مَنّاعاً فليسَ لَهُ على الحَقِيقَةِ إخوانٌ وأخْدانُ وَإِذا النُفوسُ تَطَوَّحَت في لَذَّةٍ كانَت جِنايَتُها عَلى الأَجسادِ إِنّا لَفي زَمَنٍ تَركُ القَبيحِ بِهِ مِن أَكثَرِ الناسِ إِحسانٌ وَإِجمالُ ومن كثر كلامه قل احترامه ، والصمت من شيم الأكارم ، فلا يقل أحدنا إلا ما هو خير وصحيح ، من عادتي أن أسكت عما أجهله ،ومن أروع ما قيل : لا أدري، ونصف العلم قول لا أدري ، ولتجعل أخي من عاداتك أن لا تشكو لأحدٍ ، فلا مفرج غير الله ، وثمة أشياء يحبب كتمانها من كنوز البر كتمان المرض والمصائب والصدقة ، والهموم لا تدوم وَكُلُّ الحادِثاتِ إِذا تَناهَت فَمَوصولٌ بِها فَرَجٌ قَريبُ وحسنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ ولتكن لين الجانب فإن من لانت كلمته وجبت محبته ، ولا تؤخذ الأمور بغير الرفق فاليد اللينة تقود الفيل بشعرة ، الناس رجلان: رجل ينام في الضوء .. ورجل يستيقظ في الظلام ، ولا يحسن بك الترفع إلا على ما يحط من قدرك ، أما أن يكون ترفعك على غيرك لأجل مكانة أو مادة أو منصب أو لا شيء فهذا ربما ما يدخلك في قول القائل: يَستَخشِنُ الخَزَّ حينَ يَلمُسُهُ وَكانَ يُبرى بِظُفرِهِ القَلَمُ ملأى السنابل ينحنين تواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ فاعمل على أن تكون ممن يحني رأسه تواضعاً ؛ كي يرفعه الله عز وجل ، وأجمل ما يكون عليه المرء أن يكون ذا نفسٍ طيبة ، يتعايش مع كل ذي طبع ، والطبع إنما هو المسلك الذي نجد أنفسنا سائرين به ، ولو نظرنا الخلق لوجدنا أنهم يبذلون قصارى جهدهم ليرفعوا من شأنهم ، غير أن طباعهم التي جبلوا عليها تقودهم إلى غير مقصدهم ، فلنحرص على زرع الطبع القويم والصالح لأنفسنا ، فتسير عليه بكل انسياب . وَكُلٌّ يَرى طُرقَ الشَجاعَةِ وَالنَدى وَلَكِنَّ طَبعَ النَفسِ لِلنَفسِ قائِدُ والقلب أطهر ما يكون على التقى والنفس أطيب ما تراها شاكرة واحرص على أن تظلم أحداً ؛ فهو ظلمات ، نم مظلوماً ولا تنم ظالماً ، وأوف بالوعد ، وإذا كنت تعلم أنك لا تستطيع للوفاء بالوعد سبيلاً فلا تقطع الوعد وتكبل به نفسك ، فأنت حر ما لم تعد ، فوعد الحر دين عليه، الوعود هي الشَّرك الذي يقع فيه الحمقى ، واحرص على تدوين كل شيء ، خاصة الوعود ، فلربما نسيت وعداً ، ولآخر يظنك تتجاهله ، كما أن الكتاب هي الفن الذي يتقنه القليل ، من يكتب يقرأ مرتين ، وكل إنسان يسعى للنجاح في أموره ، ولكي تعرف النجاح انجح ، النجاح أفصح الخطباء ، وهو ليس من السهل الوصول إليه ، وليس من المحال تحقيقه ، فالنجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك ، واعرف من الناجح في حياته ، إنه من يغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم ، ويفتح أذنيه قبل أن يفتح الناس أفواههم ، ومن أسباب النجاح أداؤك للواجب بكل أمانة ، من قام بواجبه لا يضيع إذا خفت أن تهلك ولم تسعفك الشجاعة على مواجهة الأمر فاحرص على الموت توهب لك السلامة ، وما بدنيانا راحة ، غير أنه إذا أردت أن لا تتعب .. اتعب ، ويشقى الجسد في خدمة النفوس الأبية . قيل : إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسامُ فدبر الأمور ، خطط لها ، أحسم أمرك ، ودع التردد جانباً ، وإلا فلن تكون ذا رأي سديد : إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمةٍ فإن فساد الرأي أن تترددا فالعمل سعي الأركان إلى الله، والنية سعي القلوب إلى الله، والقلب ملك والأركان جنود ولا يحارب الملك إلا بالجنود، ولا الجنود إلا بالملك. الدنيا كلها ظلمات إلا موضع العلم، والعلم كله هباء إلا موضع العمل، والعمل كله هباء إلا موضع الإخلاص، هذا هو العمل. اعلم أن الكلمة الطيبة تفتح الأبواب الحديدية ، وإذا ما أردت أن تعالج أمراً ما فلا تعالجه بتشدد وتعصب فالرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، وتحرى العمل الجالب للخيرات والدافع للمضرات ، واعلم أن الحياة الدنيا إلى فناء ؛ فاعمل لما بعدها فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ولا يخلو قلبك من أمرين أحدهما دنياك فعش عزيز النفس بها ، وآخرتك لتي إليها معادك فالله تعالى يبغض كل فارغ من أعمال الدنيا والآخرة ، وقد أعطاك الله العافية والصحة ؛ فلا تبخل على نفسك بهما ، واشغل نفسك بما يغنيك عوده ؛ إن الله تعالى يبغض العبد الصحيح الفارغ وثمة حلاوة لا يذوقها إلا من كان الحب مسلكه ، وهي حب الناس ؛ أن تحب كل الناس شيء جميل فحاول تجربته ، واحذر من أن تأخذك الفاقة إلى حيث المذلة ، فلا عيب في الفقر ، وإذا فقدت المال فلا تفقد عزتك ، وإن كان جيبك فارغاً فحاول أن يكون رأسك شامخاً ، أما أفعالك فلا يلام غيرك عليها ، فلسان العاقل يقول : أنا مسؤول عن عقلي .. إذن أنا مسؤول عن أفعالي ولا تجعل التسويف يفوق عملك ؛ أنذرتكم سوف ؛ فإنها جند من جنود إبليس . وتوخ أن تكون في منأى عن دخولك فيما لا يخصك ولا منه لك مصلحة ولا نافع ، واجعل هذه كلمة " بخلاف ما فيك " نصب عينيك ؛ فقد سأل رجلٌ الأحنف قائلاً : بم سدت قومك، وما أنت بأشرفهم بيتاً، ولا أصبحهم وجهاً، ولا أحسنهم خلقاً؟ فقال الأحنف : بخلاف ما فيك، قال: وما ذاك؟ قال: تركي من أمرك ما لا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا يعنيك . احرص على استغلال وقتك وجدك ، ولا تجعل للكسل إليك منفذاً ، وعلى قدر جدك يكون إنجازك . بقدر الجد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي ووقوفك بوجه الشدائد إنما هو ساعة صبر ، بصبر ساعة قالها عنترة عندما قال له أحدهم : كيف تقتل الرجال ولا يقتلونك ، قال له ضع إصبعك في فمي ، ووضع إصبعه في فمه ، وقال : لـُكْ اصبعي وألوكُ إصبعك ، ففعلا وصرخ الرجل ؛ فقال له عنترة : بصبر ساعة ، لو لم تصرخ أنت لصرخت أنا . واعلم أنه لا كيان بلا نظام ، لكي تشيد صرحك ، وتقيم أمرك فلا مناص من ترتيب أمرك ، وتنظيم شؤونك ، وهكذا الأمر ، بني الكون على النظام ، وتعلم في هذه الدنيا من أي شيء ، فاجعل من الحجر معلماً لك يعلمك كيف يكون عزمك ، ومن السماء كيف يكون قلبك ، ومن الماء كيف يكون تدبيرك ، تعلم ولو من خصمك ، وليكن عقلك متحمساً في شأن الخير والصلاح ، فحماس العقل لا يشيب ، وتزود من دقيقتك هذه للدقيقة الآتية و خذ من يومك لغدك وإياك والخجل من السؤال فمن يسأل فهو غبي لخمس دقائق لا أكثر ، ومن لا يسأل غبي طول عمره ، فاختر ما تكون ، وخير لك أن تسأل مرتين من أن تخطئ مرة واجعل مخافة الله الحكمة التي تنشدها والتي تطلبها دائماً ف رأس الحكمة مخافة الله ، وستلاقي في مسيرتك من يشدك إلى الخلف فلا تأبه وإن قيل لك : ولو أن بان خلفه هادم كفى فكيف ببانٍ خلفه ألف هادم إِمّا فَتىً نالَ العُلى فَاِشتَفى أَو بَطَلٌ ذاقَ الرَدى فَاِستَراح ولا تنس نصيبك من دنياك ، ولا تهمل معادك وآخرتك عش لدنياك كأنك تعيش دوماً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ، أما العزم فاحرص على أن تكون ممن عزائمهم قوية ، هممهم عالية ؛ لتكون غاياتك على مستوى هممك وعزمك ، ؛ إذ لو كان عزمك صغيراً فلن تتجاوز غاياتك ذلك العزم قدراً ، وكذا مكارمك وأعطياتك إنما تقاس على قدر كرمك وعلو نفسك ، فقد قيل : عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() وما عمر الإنسان قياساً بما عاشه من سنين وإن كانت كثيرة ، غير أننا عندما نعيش لأنفسنا تصبح أعمارنا قصيرة ، وعندما نعيش لأنفسنا وللآخرين تمتد أعمارنا إلى ما بعد موتنا . فعلى الإنسان أن لا يعيش لنفسه فحسب بل للآخرين ما استحق أن يولد من عاش لنفسه والنجاح لا يأتي بدون جهد ، ولا يجنى من غير زرع ، وإذا ما زرعته فإنك جانيه ، لا شك من زرع النجاح جناه ، والنجاح لا يأتي إلا من النفوس القوية ، التي تتحلى بالإرادة وقوة العزم ، ولربما رأى أحد أن القوة هي أن تطيح بخصمك ، ذاك جانب من القوة ، ليس الشديد بالصرعة .. إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ، أي بمعنى أن القوة في النفس والتحكم بها ، وإذا ما تحكمت بنفسك وكنت سيدها فإن ذلك يؤهلك لتكون سيداً على العالم ، ذلك بحفظك نفسك ، وتحكمك بتصرفك ، لتكون سيد العالم كن سيد نفسك ، وسُئِلَ أحدُهم : بم سدت قومك ؟ قال : لم أخاصم أحداً إلا تركت للصلح موضعاً ،ومما يعرف به السيد تركه الشتم واللعن وتفاتف الأمور ونقائص النفوس ومعاداة الخلق من غير حق : فقد قال أحد كبار النفوس : ما شاتمت رجلاً مذ كنت رجلاً لأني لم أشاتم إلا أحد رجلين إما كريم، فأنا أحق أن أجله، وإما لئيم فأنا أولى أن أرفع نفسي عنه. وحسب المرء أن يكف أذاه عن غيره فمن رزقه الله مالاً فبذل معروفه وكف أذاه فذلك السيد ، ومما يعرف به السيد رجحان العقل واكتماله ، وقد قيل : لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي أحسن إذا كانَ إمكان وَمَقدِرَة فَالغافَلونَ عَن الإحسان عُميان وَكُن إلى فُرصة الإمكان مُنتَهِزاً فَلا يَدومُ عَلى الإنسان إمكان أحسِنْ إلى النّاسِ تَستَعبِدْ قُلوبَهُمُ فطالَما استبَعدَ الإنسانَ إحسانُ وإنْ أساءَ مُسيءٌ فلْيَكنْ لكَ في عُروضِ زَلَّتِهِ صَفْحٌ وغُفرانُ فمهما يصغر الإحسان فإنه لا يضيع . ثمة أمور أخي القارئ تتحكم في مسارنا وتوجهه ، إما إلى نجاحٍ وتفوقٍ ، أو إلى مقابلِ هذا وهو الفشلُ والانحسارُ ، ومن أهم هذه الأمور " الإرادة " فالإدارة سر النجاح ، ولربما تساءل أحد : هل يكفي الرأي السديد بغيرها ؟ ـ أي بغير الإرادة ـ فأجبه بأنه لا رأي لمن لا إرادة له ، وإذا ما حددت وجهتك في أمرٍ ما فإن إرادتك وإصرارك هما أولُ زادكَ ، فقد قيل : الإرادة نصف الطريق ، وإن صادف وتعثرت نتيجة أمرٍ ما أو عائق طبيعي أو مفتعل من غيرك فإن هذا مما يزيدك إصراراً ورغبةً في الصمود والوقوف ؛ فليس العيب أن تقع ؛ إنما أن تبقى مكانك ، فامضي في طريقك ، اسع ولا ترجع بخفي حنين ، واجعل للإعتداد بنفسك في نفسك موضعاًَ ، واعتمد في شؤونك على نفسك ، لا على غيرك ؛ فقد قيل قديماً : من يمتطي جمل جاره لا يصل إلى داره ، وقيل أيضاً : من اتكل على زاد غيره طال جوعه ، فالزم نفسك وساعد غيرك وكُنْ على الدَّهر مِعواناً لذي أمَلٍ يَرجو نَداكَ فإنَّ الحُرَّ مِعْوانُ وإن احتجت من غيرك شيئاً فاطلبه ، ولا يكن ديدنك طلب الناس ، حتى لا تستطيع عمل شيءٍ إلا بمساعدة غيرك ودعمه ، واعمل على أن تكون أنت الذي يتحدث عنه بيت الشعر التالي : وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على رَجُلِ وَحيدٌ مِنَ الخُلّانِ في كُلِّ بَلدَةٍ إِذا عَظُمَ المَطلوبُ قَلَّ المُساعِدُ ولي عزم يشق الماء شقاً ويكسر بيضتين على التوالي وفي الهيجاء ما جربت نفسي ولكن في الهزيمة كالغزال ولتضع نصب عينيك قول الشاعر : تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ تسلح بالإرادة للمعالي وبالإصرار للرتب العوالي وكن للسبق ذا قلبٍ قويٍ عصيٍ للشدائد لا يبالي إرادتنا وعزمٌ واقتدارٌ وذا الإصرار شرط للمعالي فلا التمني يبلغنا الأماني ولا الضعف يؤهلنا لمجابهة الشدائد ، فإياك والإتكال على المنى فإنها بضائع الموتى ، وتخلق بقول القائل : فإنه لا نحقق الأعمال بالتمنيات .... إنما بالإرادة نصنع المعجزات ولربما تعرض أحدنا للفشل في أمرٍ ما ، ولكن لا يعني هذا أن يقف مكتوف الأيدي لذلك ، فأسوأ من الفاشل من لا يحاول النجاح ، ولتعلم أن التعثر يعلم المشي ، وليس سقوط المرء فشلاً إنما الفشل أن يبقى حيث سقط ، ولكي تجد نفسك بعيداً عن الفشل ، على قمة النجاح انظر إلى الأمام دائماً فإنك لا ترى الفشل . أخي القارئ هنالك شخص آخر لا يرى الفشل واحذر أن تكون أنت هو ، لأنه ليس كل من لا يرى الفشل هو ناجح ، فالشخص الوحيد الذي لا يعرف طعم الفشل هو الذي يعيش بلا هدف ، فاحذر أن لا يكون لك الهدف الذي تعيش من أجله . وتوجه إلى الحياة بقلب ذي شغف للانطلاق بالحياة ، فإن لم تفعل فإن الحياة لا تنتظر من لا يبحر فيها بقلبه وعمله وإخلاصه ألا انهضْ وسِرْ في سبيلِ الحَيَاةِ فمنْ نامَ لم تَنْتَظِرْهُ الحَيَاهْ ولك في هذا عوائق كثيرة ، أولها وأهمها : " نفسك " . وإذا سأل سائل : لم النفس أهم العوائق ؟، أجبه بأن الذي ينتصر على غيره قوي .. لكن الذي ينتصر على نفسه أقوى ، والنفس برغم قوتها فإنها تنقاد لصاحبها إذا داوم على تقويمها و تهذيبها ، ولن تعوزك الحيلة وتعجزك القدرة على قيادة نفسك . وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ قيل : أَطَعتُ مَطامِعي فَاِستَعبَدَتني وَلَو أَنّي قَنِعتُ لَكُنتُ حُرّا والمطامع مصدرها النفس واتباعها لما يشقيها ، فلكي تنطلق في حياتك تحكم بنفسك وقدها إلى ما يزكيك ويزكيها ، وانشد أهدافا لنفسك ، ولا تجعلها صغيرة فتصغر نفسك بصغرها ، والتعب في نيل الأهداف واحد ، سواءًا كان الهدف والمطمح صغيراً أم كبيراً ، فلن تدركه بغير جد وكد وتعب ؛ فلما لا يكون الطموح كبيراً ، يستحق تعبك وتضحياتك . إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ ويصاحب سعيك إلى هدفك وسؤلك الصبر والمثابرة في طلبه ؛ فقد قيل : إني رأيت وفي الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثر وقل من جد في أمر يحاوله واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا وهل بلغ أحد مناه بغير ما قيل ؟ بَصُرتَ بِالراحَةِ الكُبرى فَلَم تَرَها تُنالُ إِلّا عَلى جِسرٍ مِنَ التَعَبِ وليست الراحة الكبرى أن يكون المرء في راحة بلا عمل ، إنما يقصد بها ما يبلغه الرجل من الراحة بفضل بلوغه مبتغاه وهدفه ، أما من عكف عن العمل فلا راحة له ؛ من تعود الكسل ومال إلى الراحة .. فقد الراحة ، ولن يصل إلى كينونة المجد إلا من شحذ همته وطار إلى المجد والفخار بجناح العمل ، وزاده قوةُ عزيمتِهِ ؛جاعلاً من الصعاب التي تقف في طريقه سلماً يصل به إلى ما يطلبه ؛ فقد قيل : لن يدرك المجد من خارت عزائمه عند الصعاب ألا فلتشحذِ الهممُ والمثابرة أساس به تدرك مبتغاك ، والتواني مما يبعدك عنه فاحذره وَلا أَدرك الحاجاتِ مِثلُ مثابِر وَلا عاق مَنها النَجح مِثل ثَوانِ وثمة أمر مهم ؛ فقد يبلغ المرء بعض شأنه فيأخذه الغرور والتوهم بأنه قد بلغ أمره كله ، فيتسرب إليه ما يؤدي إلى ترك العمل والمثابرة والجد ، وهو شعوره بانتهاء السبق وفوزه . فقل له : ما الفوز بالسبق أن تزهو بأوله إن المفازة أن بالزهو يختتم والأمر الأهم عند كل شأن تود إتمامه أخي القارئ هو " الخطوة الأولى " فلكل شيء خطوته الأولى ... فأقدم . ولا شك أن الخطوة الأولى تحتاج إلى الشجاعة كي يخطوها المقدم على أمرٍ ، فمن مرادفات الشجاع " المقدام " أي الذي يقدم على أي شيء ، لا يخاف المواجهة ، ولكن ما الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها المرء ؟ ، وكيف يكون المرء شجاعاًً ؟ إن لكلٍ منا رأيه الخاص في الشجاعة ، وتعريفه الذي يقيد به حدود الشجاعة ومعالمها ، ولكن يتحكم بنا أمرٌ وهو طباعنا التي نشأنا عليها ، فما وافق منها الشجاعة أقمناه ، وما جانبها تركناه ، قال الشاعر : وَكُلٌّ يَرى طُرقَ الشَجاعَةِ وَالنَدى وَلَكِنَّ طَبعَ النَفسِ لِلنَفسِ قائِدُ وَإِذا لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدٌّ فَمِنَ العَجزِ أَن تَكونَ جَبانا ويرى بعضهم أن قعودهم دون صنائع الشجعان إنما هو العقل والتأني والتروي . قيل : يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ ولتعلم أخي أن الشجاعة عزيزة يضعها الله فيمن شاء من عباده ، إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية والشجاعة تورث عزة النفس وكرامتها ؛ إذ لا كرامة لمن لا يتحلى بالشجاعة في مواطن الشجاعة والإقدام ، وأنى يعيش المرء بلا عزة نفس ، قال الشاعر : عِش عَزيزاً أَو مُت وَأَنتَ كَريمٌ بَينَ طَعنِ القَنا وَخَفقِ البُنودِ لا كَما قَد حَيّتَ غَيرَ حَميدٍ وَإِذا مُتَّ مُتَّ غَيرَ فَقيدِ فَاِطلُبِ العِزَّ في لَظى وَذَرِ الذُل لَ وَلَو كانَ في جِنانِ الخُلودِ لا بِقَومي شَرُفتُ بَل شَرُفوا بي وَبِنَفسي فَخَرتُ لا بِجُدودي وقال آخر : فلا تَتَّكِلْ إلا على ما فعلتَهُ ولا تحسبنَّ المجدَ يُورَثُ بالنسبْ فليس يسودُ المرءُ إلا بنفسه وإن عَدَّ آباءً كراماً ذوي حسبْ وقال غيره : لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ وإليك ما يغفل عنه كثير من الناس ، وإن كانوا يدركونه ، وهو أنه من يهن نفسه لن تجد له من مكرم ، ولن يشعر هو بذل الهوان ؛ إذ إنه ميت الإحساس بذلك ، قال الشاعر : مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ ما لِجُـــــرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ أَعَزُّ بَني الدُنيا وَأَعلى ذَوي العُلا وَأَكرَمُ مَن فَوقَ التُرابِ وَلا فَخرُ وثمة أمور إذا لم تخالط نفس المرء فهو محمود ؛ فقد قال الشاعر : إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَـــــديهِ جَمـــــــيلُ فَلَيسَ إِلــــــــى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ مَنْ جادَ بالمالِ مالَ النَّاسُ قاطِبَةٌ إلَيهِ والمالُ للإنسان فَتّانُُ وَكُلُّ اِمرِئٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ وَكُلُّ مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيِّبُ وهناك ثمرتان و أمران ، ثمرة القناعة الراحة ، وثمرة التواضع المحبة ، وقيل في ذلك : فَاِقنَع فَفي بَعضِ القَناعَةِ راحَةٌ وَاليَأسُ مِمّا فاتَ فَهوَ المَطلَبُ وَإِذا طَمِعتَ كُسيتَ ثَوبَ مَذَلَّةٍ فَلَقَد كُسِي ثَوبَ المَذَلَةِ أَشعَبُ لَقَد أَسمَعت لَو نادَيت حَياً وَلَكن لا حَياةَ لِمَن تُنادي وَلَو نار نفخت بِها أَضاءَت وَلَكن أَنتَ تَنفخ في رَماد لا تتطاول على من فوقك فيستخف بك من دونك ، كما أنه لا تفرح بسقوط غيرك فلا تدري ما تضمر لك الأيام، ولتجعل نهجك خير الأمور ، فقد قيل : خير الأمور الوسط . وقيل : تكمن الفضيلة في الوسط ، ولتكن مرآة أخيك فقد دخل بعضهم على إبراهيم بن صالح فقال له: عظني. فقال له الولي: بلغني رحمك الله أن أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم الموتى، فانظر ماذا تعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عملك. فبكى إبراهيم حتى سالت دموعه. ولا يخرج بعض المحيطين بك عما يليأولاً يتجاهلونك , ثم يسخرون منك , ثم يقاتلونك , ثم تفوز أنت ، والناس صنفان ، متفائلٌ ومتشائمٌ ، فالمتشائم يرى الصعوبة في كلّ فرصة , أماالمتفائل فيرى الفرصة في كلّ صعوبة. وبعض الناس لهم المتعة شيء آخر ؛ فهم يرون أن هناك نوع من المتعة وهو أن تفعل المستحيل ، وبين البشر من هو موهوب ومن هو عبقري ، فمن هذا ومن ذاك ؟ الموهوب يفعل ما يستطيع فعله، العبقري يفعل ما يجب فعله. وقد قال أحد الناجحين : يومياً أستيقظ وأبحث في قائمة فوربسلأغنياء أمريكا. إذا لم اجد اسمي، أذهب للعمل، ولكي تكون لك المكانة بين الجموع فإن الأمر الأساسي هو أن تحسن عملك وتتقنه ، فحاول المستحيل لكي تحسّن عملك، وهناك ممن تصاحبهم أناس يجعلون نصب أعينهم الحد من طموحاتك ؛ فابق بعيدًا عن الناس الذين يحاولون أن يستهينوا بطموحاتك.ولم يفعلون ذلك ؟ لأنهم صغار النفوس ، فالصغيرونيفعلون ذلك دائما , لكنّ العظام فعلاً يجعلونك تشعر أنك أيضاّ يمكن أن تصبحعظيما، فاختر من تخالط من جهازي إليكم ![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() لا خَيرَ في وُدِّ اِمرِئٍ مُتَمَلِّقٍ حُلوِ اللِسانِ وَقَلبُهُ يَتَلَّهَبُ
كلام رائع خالتي ام عبد الله حفظك ربي ورعاك
__________________
![]() |
#6
|
||||
|
||||
![]() ويحفظك حبيبتي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |