|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الْمِنَّةُ بِبُلُوغِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّة[1] الشيخ محمد بن إبراهيم السبر الْحَمْدُ للهِ، الَّذِي مَنَّ عَلَى عِبَادِةِ بِمَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ لِيَغْفِرَ لَهُمِ الذُّنُوبَ وَيُجْزِلَ لَهُمِ الْهِبَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، رَبُ الأرضِ والسمَاوَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، دَلَّ أُمَّتَهُ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرَاتِ، صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليِهِ وَعَلى آلِهِ وَأصحَابِهِ السَادَاتِ، وَسْلَّمَ تَسْليمًَا كَثِيرًا. أمَّا بَعدُ: فاتَّقوا اللَّهَ -مَعَاشِرَ المُؤمِنينَ-، وأعْلَموا أنَّهُ قَدْ أَظَلَّتْنَا أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ، وَمَوَاسِمُ لِلْخَيْرِ كَرِيمَةٌ، تُضَاعَفُ فِيهَا الْحَسَنَاتُ، وَتُكَفَّرُ فِيهَا السَّيِّئَاتُ، وَتُقَالُ الْعَثَرَاتُ، أَيَّامٌأَقْسَمَ اللهُتَعَالى بِهَا تَنويهًا بِفضْلِهَاوَتَعْظِيمًا لَهَا؛فَقَالَ جَلَ شَأنُهُ:﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2]؛ وَهيَ عَشرُ ذِي الحِجَةِ، وَسَمَّاهَا الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، وَهِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا؛ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أيامٍ العملُ الصَالحُ فيهنَّ أحَبُّ إلى اللهِ مِنْ هذِهِ الأيامِ العَشْرِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الجِهَادُ فِي سبيلِ اللهِ؟ فقَالَ: «وَلا الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ، إلَّا رَجُلٌ خرَجَ بنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذلكَ بشيءٍ»؛رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَغيرُهُ. عِبَادَ اللهِ إِنَّ إِدْرَاكَ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ نِعَمَةٌ عَظِيمَةٌ، يَقْدُرُهَا الْصَّالِحُونَ الْمُشَمِّرُونَ حَقَّ قَدْرِهَا؛ قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- عَنِ السَّلَفِ: "كَانُوَا يُعْظِمُونَ ثَلاث عِشْرَاتٍ: الْعَشْرَ الْأَخِيرَ مِنْ رَمَضَانِ، وَالْعَشْرَ الْأَوَّلَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، وَالْعَشْرَ الْأَوَّلَ مِنَ الْمُحَرَّمِ"، وَكَانَ سَعِيدُ بْن جُبَيْرٍ- رَحِمَهُ اللهُ-: إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ اِجْتَهَدَ اِجْتِهَادَا حَتَّى مَا يُكَادُ يُقَدَّرُ عَلَيْهِ. إِنَّهَا أَيَّامٌ يَتَسَابَقُ فِيهَا الْمُتَسَابِقُونَ، وَيَتَنَافَسُ فِيهَا الْمُتَنَافِسُونَ، خَصَّهَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا بِالْعَطَايَا، وَفَضَّلَهَا بِخَصَائِصَ وَمَزَايَا؛ فَمِنْ ذَلِكَ أنَّ أمْهَاتِ العِبَادَاتِ تَجْتَمِعُ فِيهَا؛ وَهِيَ الصَلَوَاتُ، وَالصِيَامُ، وَالحَجُ، وَالصَدَقةُ، وَالذِكْرُ، وَالهَديُ وَالأضَاحِي، وَلا تَجتَمِعُ فِي غَيرِهَا، فَهِيَ أيامُ الكَمَالِ. وَهِيَ أيامُ الذِكْرُ؛ لقولِهِ تَعَالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، فيستحبُ الإكثارُ في أيَامِ العَشْرِ مِنَ التهليلِ والتحميدِ والتكبيرِ؛ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا»؛ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا. فَيُشْرَعُ فِيهَا التَّكْبيرُ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ، فَأَمَّا التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ فَيَكُونُ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَمَّا التَّكْبِيرُ المُقَيَّدُ فَيَكُونُ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ المَفْرُوضَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ - لِغَيْرِ الحَاجِّ- إِلَى صَلَاةِ العَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ وَالإِجْمَاعُ. وَمِنْ صِيَغِ التكبيرِ: (اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ)، وَمِنْهَا: (اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا). وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلى العَمَلِ الصَالِحِ فيهَا، وَالصِيَامُ مِنْ أفْضَلِ الأعْمَالِ الصَالِحَةِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عمرَ -رضيَ اللهُ عنهمَا- يصُومُهَا، وكذلكَ مُجَاهدُ، وغيرهمَا مِنْ العُلمَاءِ؛ قَالَ النَّوويُ-رحمَهُ اللهُ-:"صِيَامُهَا مُستحَبٌ استحبَابَاَ شَدِيدًا". ويُسَنُ صِيَامُ يومِ عَرَفَةَلغيرِ الحَاجِ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيَومُ عَرَفَةَ، مِنَ الأيَّامِ الفَاضِلَةِ؛ فَهوَ يَومُ مَغْفِرَةِ الذُنُوبِ وَالعِتقِ مِنَ النَّارِ، وَالمُبَاهَاةِ بِأهلِ المَوقِفِ؛ قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاء»؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي هَذِهِ العِشْرِ يومٌ عظيمٌ منْ أيَّامِ اللهِ تَعَالى، وَهوَ يَومُ النَّحرِ، وَيَومُ الحَجِ الأكْبَرِ، وَيَومُ عِيدِ الأضْحَى المُبَاركِ، وَشُرِعَ فِيهِ ذَبحُ القَرابِينِ مِنْ هَديٍ وأضَاحٍ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أعْظَمَ الأيَّامِ عِنْدَ اللهِ تعَالى يَومَ النَّحرِ»؛ أخرَجَهُ أبو دَاودَ بإسنَادٍ جَيدٍ. وَفِي هَذِهِ العِشْرِ يَتَقرَّبُ المُسلِمُونَ إلى اللهِ تَعَالى بذَبْحِ الأُضْحِيَةِ، وَهيَ سُنةٌ مؤكدةٌ فِي حَقِ القَادِرِ عَليهَا؛ قالَ أَنَسٌ -رضيَ اللهُ عنهُ-: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا»؛ مُتَفقٌ عَليِهِ. وَمِنْ خَيْرِ الْأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعِظَامِ أَدَاءُ الْحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ؛ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»؛ مُتَفَقٌ عَليهِ. وَاعْلَموا -عِبَادَ اللهِ- أنَّهُ يُستَحَبُ للمُسْلِمِ أنْ يُكثرَ فِيهَا مِنْ نَوَافِلِ العِبَادَاتِ، ويُسَابقَ بِكلِ عَمَلٍ صَالحٍ؛ مِنْ التَبْكِيرِ للصَلوَاتِ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «عَليكَ بِكَثْرةِ السُّجُودِ، فإِنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ للَّهِ سَجْدةً إلاَّ رفَعكَ اللَّهُ بِهَا دَرجَةً، وَحَطَّ عنْكَ بِهَا خَطِيئَةً»؛رَوَاهُ مُسلمٌ، وَكَذَلِكَ التَّعَبُّدُ للهِ بِقِرَاءةِ الْقُرْآنِ، وَالصِّدْقَةِ وَالصِّلَةِ، وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَغَيْرِهَا مِنَ الْقُرْبَاتِ. مَعَاشِرَ المُؤْمِنِينَ: إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مُتَعَدِّدَةٌ، وَمَيَادِينَ التَّسَابُقِ إِلَى الْفَضَائِلِ فِيهَا مُتَجَدِّدَةٌ، فَطُوبَى لِمَنِ اغْتَنَمَهَا بِالْجِدِّ وَالتَّشْمِيرِ وَالْعَمَلِ، وَتَجَنَّبَ الْكَسَلَ وَالتَّسْوِيفَ. ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقَنَا لِاغْتِنَامِ الأَوْقَاتِ بِالطَّاعَاتِ، وَجَنْبَنَا فِعْلَ الْـمُنْكَرَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ؛ إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ. أقوُلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُم وَلسَائرِ المُسلِمينَ مِنْ كُلِ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخُطبَةُ الثَّانيةُ الْحَمْدُ للّهِ وَكَفَى، وَسَلَاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَبَعْدُ؛ فَاِتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسَكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاحْرِصُوا عَلَى هَذِهِ الْغَنِيمَةِ، وَابْتَغُوا أُجُورَهَا الْعَدِيدَةَ الْعَظِيمَةَ، وَاعمرُوا العشرَ بِالعَملِ الصَالحِ، وَالذكرِ وَالدُعَاءِ، فَهِيَ أيَامُ مُضَاعَفةِ الحَسَناتِ، فَقُومُوا بِحَقِهَا؛ وَأظهِرُوا التَكبِيرَ وَالتهليلَ وَالتحميدَ؛ فهوَ شِعَارُهُا، وَعَظَّمُوا شَعَائِرَ اللهِ، وَحُرْمَاتِهِ. ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].هَذَا، وَصَلُوا وَسَلَّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ؛ امتِثَالًا لِأَمَرِ رَّبِّكُمْ -جَلَّ فِي عُلاهُ-:﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، الَّلهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ الَّلهُمَّ عن خُلفائِهِ الراشِدينَ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثمانَ وَعَليٍّ، وَعَنْ سَائرِ الصَحَابةِ أجْمَعِينَ، وَعنَّا مَعهُم بجُودِكَ وَكرَمِك يَا أكرَمَ الأكرَمِينَ. اللَّهُمُّ أعِزَّ الإسْلامَ وَالْمُسْلِمَيْنَ، واحْمِ حَوزَةَ الدِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا البلدَ آمِنًَا مُطمئنًا وَسائرَ بلادِ المُسلمينَ، وَأعذْنَا مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهِرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. اللَّهُمُّ وَفقْ خَادَمَ الحَرَمَينَ الشَرِيفَينَ، وَوَليَ عَهدِهِ لمَا تُحبُ وَترضَى، يَا ذَا الجَلالِ والإكْرَامِ. عِبَادَ اللَّهِ: اذكُرُوْا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ. [1] للشيخ محمد السبر، قناة التلغرام https://t.me/alsaberm
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |