|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التربية على العفة عدنان بن سلمان الدريويش إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ- أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَهِيَ الْعِصْمَةُ مِنَ الْبَلَايَا، وَالْمَنْعَةُ مِنَ الرَّزَايَا، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. يا عباد الله، العفة من الأخلاق الإسلامية الكريمة، وهي ترك الشهوات من كل شيء، ومنها الامتناع عن اللذات الجسدية غير المشروعة؛ قال تعالى: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 33]، وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه أنه قال: إن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفِد ما عنده، قال: "ما يكن عندي من خير فلن أدَّخره عنكم، ومن يستعفف يعفَّه الله، ومن يستغنِ يغنه الله، ومن يصبر يصبِّره الله، وما أعطي أحدٌ من عطاءٍ خيرٌ وأوسعُ من الصبر"؛ رواه مسلم. قال النووي- رحمه الله -: "أما العفاف والعفة، فهو التنزه عما لا يُباح، والكف عنه، والغنى هنا غنى النفس، والاستغناء عن الناس، وعما في أيديهم"؛ شرح صحيح مسلم. أيها المسلمون، والعفة نوعان: عفة عن المحارم، وعفة عن المآثم والمعاصي، ويندرج تحتهما: • العفَّة عن أكل الحرام أو شربه؛ امتثالًا لأمر الله سبحانه: ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ﴾ [طه: 81]. • عفَّة الجوارح؛ كالعين والأذن واليد والرجل والفرج عن التعرُّض للمحرمات، جاء في حديثه صلى الله عليه وسلم: "ورجلٌ طلَبَتْه امرأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجمالٍ، فقال: إني أخافُ اللهَ". • عفَّة اللسان، وذلك بالكَفِّ عن السَّبِّ والغيبة والنميمة والبهتان، والاستهزاء والتنابز بالألقاب، وغير ذلك من الكلام المحرَّم. • عفَّة الجسد، بستره وعدم إظهار عورته، وذلك للرجل والمرأة على حد سواء. • العفَّة عن السؤال، وهو الكفُّ عن طلب المعونة والمال من الناس، والاعتقاد بأنَّ الله تعالى سيُغنيه من فضله؛ لأنَّ من يستعفف يُعِفَّه الله. • العفَّة عن أموال الغير؛ كالعفة عن أموال الناس بغير حقٍّ، ومنهم اليتيم. يا عباد الله، هذا نبي الله يوسف عليه السلام تُراوده امرأة العزيز عن نفسه، فيأبى، مع أنه شاب صغير، وفي غربة بعيدًا عن والديه، وأمامه امرأة ذات منصب وجمال، لكنه أعلنها: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ [يوسف: 23]. أيها المسلمون، وحتى نربي أولادنا على قيمة وخلق العفة علينا بالتالي: • تذكيرهم بأن الله يراهم ويراقبهم، مع سرد الآيات والأحاديث التي تقوي إيمانهم بالله؛ قال تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]. • ومنها: دعاء الله والتضرع له بأن يحفَظهم من كل زلة وحرام، مع تدريبهم على مجاهدة النفس، وتربيتها على الصبر، وتذكيرهم بثواب الله. • ومنها: الزواج للقادرين؛ فهو طريق للعفة والتحصين، وصرف الشهوات في مجالها. • ومنها: غضُّ البصر عن الحرام، سواء في الأسواق أو على الشاشات أو في المواقع الإلكترونية؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]. • ومنها: اختيار الصحبة الصالحة للأولاد ذكورًا وإناثًا، فإن الصحبة الصالحة تُعينهم على التحلي بالفضائل، وتجنُّب الرذائل، وعلى التزام غض البصر. نفعني الله وإيَّاكم بهدي نبيه وبسنة نبيه- صلى الله عليه وسلم-، أقول قُولِي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهَدَى، وَصَلَّى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1]. يا عباد الله، إن تربيةَ الأولاد على ستر عوراتهم منذ نعومة أظفارهم، وتعظيم أمر كشفها في أنفسهم سببٌ في تعظيم خلق الحياء والحشمة والعفة في قلوبهم. أيها المسلمون، ومن وسائل تربية الأولاد على خلق العفة، التفرقة بين البنين والبنات في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين، وهذا بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ"؛ رواه أبو داود. • ومنها تعليم الأولاد أدب الاستئذان في الدخول إلى البيوت والتسليم على أهلها، والاستئذان في الدخول إلى الغرف داخل البيوت، ولو لم يكن في البيت إلا المحارم، وقد قال رجل لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ قَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا". أخيرًا - يا عباد الله- علينا ألا نستهين بخُلُق العفة وأثره في شخصية الأولاد، فهو يُكسبهم قوةً في القلب، ووفرةً في العقل، ونزاهةً في النفس وعزتها، وانشراح الصدر وقلة الهمِّ والغمِّ، كما أن انتشار هذا الخُلُق في المجتمع يطهِّره من الفساد، كما يرفع عنه ألوانًا من العقوبات الربانية، وينمِّي فيه روحَ الغيرة على الأعراض التي تعدُّ سياجًا منيعًا يَحميه من التردي في مهاوي الرذائل والفواحش والتبرُّج والتعري. هذا وصلُّوا وسلِّموا- عباد الله- على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ. عِبَادَ اللَّهِ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |