|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تهديد الآباء للأبناء بالعقاب عدنان بن سلمان الدريويش إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد: فأوصيكم - أيها المؤمنون - ونفسي بتقوى الله؛ فهي العصمة من البلايا، والمَنَعة من الرزايا؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. يا عباد الله: إن تربية الطفل تتطلب الكثير من المهارة والحكمة، والوعي والصبر، ليشبَّ سويًّا طبيعيًّا، يتمتع بالصحة والسعادة والنجاح، بعيدًا عن الآفات والعيوب، فإذا كانت الحماية الزائدة والدَّلال يؤثران سلبًا في تصرفات الطفل لاحقًا، فإن القمع والتهديد والوعيد، وعدم إعطاء الطفل الفرصةَ للتعبير عن تصرفاته بحرية وطلاقة، ينعكس سلبًا عليه كذلك. أيها المسلمون، يعتقد كثير من الآباء والأمهات أن أسلوب التهديد والوعيد والعقاب من شأنه أن يؤثر في الأبناء والبنات، ويُسهم في تقويم سلوكهم، حتى أصبح أسلوب العقاب بحرمان الطفل من شيء يحبه، نهجًا يتَّبعه كثير من الأهالي مع أولادهم؛ كطريقةٍ لتربيتهم أو عقابهم، فتجد مثلًا: الطفل يبلغ من العمر 7 سنوات ينظر من نافذة البيت إلى أصدقائه وهم يلعبون ويمرحون، وهو يتأملهم بحسرة وألم، لا يستطيع مشاركتهم؛ لأنه محروم ومعاقَب ومهدَّد، إن خرج من البيت، فسوف ينال جزاءه من الضرب، منظرٌ أليم وحزين، يقطِّع قلب الطفل وقلب والديه. تقول إحدى الأمهات: أعرف أن أكثر شيء يحبه طفلي هو اللعب مع أقرانه؛ لذا كلما أخفق أو تكاسل في تنفيذ أوامري، عاقبته أو هددته بحرمانه من اللعب معهم، تقول: أكثر شيء كان يؤلمني هي توسلاته لي باللعب معهم، وحزنه وألمه وبكاؤه، لكنني كنت مصرةً على منعه من الذهاب إلى اللعب معهم، حتى أعدِّل سلوكه، فلا يوجد حل آخر أمامي. ويقول أحد الآباء: اتبعت كل الأساليب مع ابني البالغ من العمر 10 أعوام، لعقابه على الأخطاء التي يقوم بها، ومنعه من فعلها مرةً ثانيةً، لكنني مع الأسف لم أجد أيَّ تجاوب منه إلا من خلال الأسلوب الأخير الذي توصلت إليه؛ وهو منعه من أكثر شيء يحبه، وهو جهاز "الآيباد". يا عباد الله، إن تهديد الطفل ووعيده بالعقاب والحرمان له آثار سلبية عليه؛ منها: الشعور بالقلق والخوف وعدم الأمان مع أسرته، وقلة الثقة بنفسه، ومنها: العناد الزائد والمتكرر، وهذا ليس بسبب الطلب الذي طلبته الأسرة منه، وإنما بسبب التهديد والوعيد؛ مما يزيد في توتر العلاقة وزيادة المشاكل معهم، ومنها: تجاهل الطفل لأوامر والديه، وهو نوع من التحدي لهم؛ لكونهم يمارسون أسلوب التهديد معه. أيها المسلمون، وللتعامل مع مشاكل الصغار وعنادهم، بعيدًا عن التهديد والوعيد، أنصح الآباء بالآتي: أولًا: عدم الاستعجال في العقوبة والتهديد حتى يتم التأكد من المشكلة، ولماذا يرفض الطفل تنفيذ الأوامر؟ ثانيًا: الابتعاد عن أسلوب الأوامر والتهديد؛ لأنها رسالة توحي للطفل بانتقاص كرامته، وأنه لا قيمة له. ثالثًا: أن تكون العقوبة تتناسب مع السلوك الخاطئ، فما علاقة رفض ذهاب الولد إلى بيت جَدِّه بحرمانه من الهاتف الخلوي مثلًا؟! رابعًا: ألَّا تكون المدة الزمنية للعقوبة والتهديد طويلة جدًّا، حتى لا يتأقلم معها، وتصبح عاديةً ولا تؤثر في نفسيته. خامسًا: ألَّا يكون الحرمان والعقوبة يهدم خُلُقًا حسنًا وقيمةً تربويةً؛ مثل: تهديده بمنعه من الذهاب إلى المسجد، أو الذهاب إلى بيت جدته، أو الذهاب إلى المدرسة. سادسًا: ألَّا يكون التهديد والعقاب قاسيًا جدًّا؛ كضربه بالسِّياط، أو حرمانه من الأكل، أو منعه من الذهاب إلى الحمام، أو التعامل مع الخطأ الكبير باستهانة. سابعًا: الهدف من التهديد والعقاب هو تغيير السلوك، فإذا لم يتغير، فعلينا تغيير العقوبة بأسلوب آخر. نفعني الله وإياكم بهديِ نبيِّه، وبسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثمٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إن ربي لَغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1]؛ أما بعد عباد الله:فإن تعليم الطفل النظامَ في البيت منذ صغره، وأن يكون الوالدان هما أول من يطبِّق ذلك؛ مثل: الصلاة في وقتها، وعدم السهر، وآلية استخدام الأجهزة الإلكترونية وغيرها - لَمن أهم وسائل بناء القيم والسلوك الإيجابي عند الطفل. أيها المسلمون، علينا احترام رغبة الطفل عند إصراره، والتعرف على سبب رأيه، فقد يكون رأيه أفضلَ من رأي والديه، ومن المهم أن يتعلم الطفل من أخطائه، فنترك له حرية القرار حتى يتعلم، لكن دون أن يكون في قراره مَضرةٌ عليه أو على غيره، وعلينا الاتفاق معه مسبقًا على العقوبة، لو أخفق في تنفيذ مسؤولياته، حتى يتحمل قراراته، مع الحرص على عدم التهديد بأشياءَ لا ننوي فعلها. يا عباد الله، إن أسلوب التهديد والوعيد ثبت فشله في تربية الأطفال؛ فهو أسلوب يؤدي إلى نتائج عكسية تضر بالطفل والأسرة والمجتمع، وهنا علينا استبدال أسلوب أفضل منه به كتوضيح وتفسير ما نريده منه، وتعريفه على السلبيات التي من الممكن أن تنتج عن قيامه أو عدم قيامه بهذا الأمر. هذا، وصلُّوا وسلِّموا - عباد الله - على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا ووالدينا عذاب القبر والنار. عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]؛ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |