من هم الأنام الذين وضع الله عز وجل لهم الأرض؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4521 - عددالزوار : 1313985 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 138324 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42220 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5467 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم يوم أمس, 06:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي من هم الأنام الذين وضع الله عز وجل لهم الأرض؟

من هم الأنام الذين وضع الله عز وجل لهم الأرض؟

د. نبيه فرج الحصري

يقول عزَّ من قائل: ﴿ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴾ [الرحمن: 10]، ويبيِّن المولى عز وجل في الآية الكريمة أن الأرض قد وُضعت لخلقه كلهم؛ ليتم فيها التطبيق العادل للميزان الذي وضعه الله عز وجل يوم رفع السماء عن الأرض، مختبرًا في إطار ذلك خلقه المكلفين بالأمانة كلهم، دون غيرهم من الخلائق غير المكلفين بحمل الأمانة، لينظر عز وجل هل يطبق أولئك المكلفون بحمل الأمانة ذلك الميزان الذي وضَعه الله عز وجل لتتيسر به الحياة على ظهر الأرض خيرَ تطبيقٍ أم لا؟! إذ إن الأرض تشتمل على إنس وجان وحيوان ونبات وأنهار وغابات وجبالٍ، ومخلوقات أخرى متنوعة لا يعلم مداها إلا خالقها عز وجل، والإنسان هو المكلَّف من بين هؤلاء بحمل الأمانة ومحاسَب عليها، هو المكلف بالعدل بينه وبين أقرانه من البشر، وليس ذلك فحسبُ، وإنما الاستخدام الطيب العقلاني للعناصر والمخلوقات الأخرى التي تشاركه في سُكنى الأرض؛ لأن الاستخدام السيئ والعشوائي لتلك العناصر والمخلوقات، يؤدي إلى عواقب وخيمة ومؤلمة، ومدمرة للكوكب الأرضي ومن ينتفعون به، لكن هل الإنسان هو الكائن الوحيد المكلف في هذا الكوكب أو في هذا الكون؟ تقول الآية الكريمة: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

وتفيد الآية بوضوح أن مَن يحمل الأمانة هو الإنسان، والخطاب في سورة الرحمن موجَّه إلى الثقلين الإنس والجان، ويقول تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، في إشارة من المولى عز وجل بتكليف الجن بالعبادة كالبشر، ويتساوى الصنفان في أنهم مخلوقان أساسًا لعبادة الله عز وجل.

وقد سكن الجن وهم نَسل الشياطين - أعاذنا الله السميع العليم منهم - الأرضَ قبل آدم وذريته، ويقول عز من قائل: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، وتشير الآية الكريمة إلى سكنى الأرض مِن قِبَل جنس آخر قبل البشر، ويقال بأنهم الجن، ولما فسَدوا وطغوا في الأرض حارَبتهم الملائكة، وطرَدوهم إلى الجزر والجبال والمناطق النائية والأماكن المنعزلة؛ لذا يسأل الملائكة ربَّهم، مستفسرين عن الحكمة من أن يجعل الله عز وجل في الأرض خليفةً كرَّةً أخرى بعد ما حدث ممن سكَنوها مِن قبلُ مِن الفساد، فأجابهم عز وجل بقوله: ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، وقد شَمِلت الجن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أرسل إلى الثقلين الإنس والجن، وعلى ذلك فمن الجن مَن يدخل الجنة، ومنهم مَن يدخل النار، أعاذنا الله من شرها وشرِّهم.

ويعني ذلك أننا لسنا وحدنا المكلفين على كوكب الأرض، ولكن آية الأمانة تعني تكليف البشر وحدهم بحمل الأمانة، ولا تعارض في ذلك بين التكليف الشامل للجن إلى جوار البشر وقضية حمل الأمانة؛ لأن الجن مكلفون بأمور أخرى غير الأمانة التي يحمل البشر على عاتقهم أداءَها، وتكليفهم، هذا وَفق الشرائع السماوية ومن بينها الإسلام بطبيعة الحال، وقد بلَّغهم محمد صلى الله عليه وسلم بمقتضى تكليفهم، والله عز وجل أعلى وأعلمُ.

نعود للآية الكريمة: ﴿ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴾ [الرحمن: 10]، وتفيد الآية الكريمة أن الأرض قد وضعها الله عز وجل لخلْقه كلهم إنسهم وجنِّهم، وغيرهم من المخلوقات الأرضية التي أسكنها الله الأرض، وقد أورد المولى عز وجل الآية الكريمة في عقب قوله: ﴿ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [الرحمن: 9]، في إشارة كريمة منه إلى أنه وضع الأرض للأنام؛ لكي يسعى المكلفون منهم في رعاية تطبيق الميزان بمعانيه الشاملة على ظهرها، فيحافظوا على طبيعتها التي طبَعها الله عليها، ويرعوا تطبيق الميزان على النحو الذي يرضيه عز وجل.

وما دامت الأرض قد وُضعت للأنام كلِّهم، وهم خلقُ الله عز وجل، وليس للبشر وحدهم، فيجب ألا يَطغى أولئك البشر على باقي المخلوقات، ويسعون إلى إبادتهم من أجل المصالح البشرية الآنية الخاصة؛ لأن ذلك يؤثر تأثيرًا سلبيًّا خطيرًا على التوازن البيئي الطبيعي، ويقول صلى الله عليه وسلم: «في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ»، وذلك حضٌّ من النبي صلى الله عليه وسلم على الرِّفق بالحيوان والإحسان إليه.

وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أن الإنسان محاسَب على قتله للمخلوقات الأخرى غير البشر أيضًا، بدءًا من العصفور فما فوقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ما من إنسان قتَل عصفورًا فما فوقها بغير حقِّها، إلا سأله الله عز وجل عنها، قيل: يا رسول الله، وما حقُّها؟ قال: يذبحها فيأكلها، ولا يقطَع رأسها يرمي بها، ونهى صلى الله عليه وسلم عن تعذيب المخلوقات بالنار، ويتضح ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يعذِّب بالنار إلا ربُّ النار".

ولا يعني ذلك أن تتوقَّف حركة التعمير والبناء والتنمية والتطوير تحت دعوى الحفاظ على البيئة، وما تضمُّه تحت لوائها من مخلوقات وعوالِمَ، لكن المقصود أن يتم ذلك بحساب دقيق ونظام محكم، وحسب الضرورة وبحكم الاضطرار، وليس الترف أو التزيُّد، والضرورة والاضطرار مقدَّر في الشرع؛ حيث يقول تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119].

فحياة الإنسان مقدَّمة على حياة غيره من المخلوقات الأرضية، فهو دون غيره الخليفة المكلف بذلك من لدُن ربه عز وجل، فإذا تعرَّض الإنسان للجوع أو الهلاك أو نُدرة المسكن المناسب لمجتمعه، جاز للمسؤولين معالجة مشكلاته وظروفه في الحدود التي توفِّر أقلَّ الأضرار للطبيعة والبيئة والمخلوقات الأخرى شريكتنا في الحياة على الأرض.

أما القتل العشوائي أو الإفناء المنظَّم للطبيعة والبيئة، فإنه بلا شك يُخل إخلالًا رهيبًا بالتوازن البيئي، أو الميزان الطبيعي الذي وضعه الله عز وجل للحفاظ على جودة الحياة على الأرض؛ مما يسبِّب الدمار ويَجُر الويلات على البشر، وليست الراحة التي يطمحون إليها.

الأمر على العكس تمامًا، فلكي ينعم الإنسان بحياته واستقراره على الأرض، يجب عليه أن يُلبِّي احتياجات المخلوقات الأخرى غير البشر إن استطاع إلى ذلك سبيلًا، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم استخدام رَوث أو عظام الحيوانات عند الاستجمار البديل للاستنجاء في حالة عدم توفُّر الماء؛ لأنها طعام إخواننا من الجن، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تَستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زادُ إخوانكم من الجن).

وقد حدث في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بإذن الله أن سار الذئب بجانب الحمل لا يعتدي عليه؛ لأن الخليفة الراشد قد وفَّر للوحوش كفايتها من اللحوم تُذبح وتُجهَّز وتُوضَع لها بصفة خاصة في أماكن محددة، فلم تَعُدِ الذئاب ولا غيرها بحاجة للعدوان على الخلائق، لقد فَهِمَ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلام الله عز وجل خيرَ فَهْمٍ، وعمِل على تطبيق الميزان الذي وضعه الله خيرَ تطبيقٍ، وفَطِنَ إلى أن الله عز وجل وضع الأرض للأنام كلهم وليس للبشر فقط، والخليفة مسؤول عن الخلائق كلهم وليس البشر فقط؛ لأنه بوصفه مستخلَفًا في الأرض فَطِنَ إلى أنه مكلَّف بحمل الأمانة التي تتضمن العدل بين ما تحتويه البلاد من خلائق متنوعة.

ورحِم الله جدَّه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه إذ يقول: "لو أن جملًا أو قال: شاة، أو قال: حملًا هلك بشط الفرات، لخشيت أن يسألني الله عنه"، فالأرض موضوعة للأنام كلهم، والخليفة المسيَّد فيهم هو آدم وذريَّته، والمكلف بالأمانة المسؤول عما صنَعه بشأنها هم آدم وذريته كذلك، والله أعلم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.44 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]