|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() لا بُـدَّ من اللازم! عبدالرحيم بن عادل الوادعي من القواعد المتَّفق عليها عند أهل العلم: أنّ النفع المتعدي أفضلُ من النفع اللازم، ويخرِّجون عليها الفروعَ والأمثلة، وهي قاعدة صحيحة، مُدَعّمةٌ بأدلَّة الكتاب والسنة. إلا أنّ مما ينبغي أن يُعلم: أن ذلك ليس على إطلاقه، فأحيانًا يكون اللازم أنفعَ وأولى، وأكبرَ عونًا على الأعمال المتعدية، فينبغي أن يكون المسلم فقيهًا بهذا. ولهذا كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوصي بذلك، فيقول: «خُذُوا حَظَّكُم مِنَ العُزْلَةِ»[1] أي: ليكن لكم نصيبٌ من الخلوة والانفراد؛ فنفع ذلك وعوْده عظيم. وكَذَا قَالَ مَسْروْق -رحمه الله-: "إنَّ المرْءَ لحقِيقٌ أنْ يَكُوْنَ لَهُ مَجَالِسُ يَخْلُو فِيهَا فَيذْكُرَ فِيهَا ذُنُوْبَهُ، فَيَسْتَغْفِرَ منْها»[2]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «النفع المتعدي ليس أفضل مطلقا، بل ينبغي للإنسان أن يكون له ساعات يناجي فيها ربه، ويخلو فيها بنفسه ويحاسبها، ويكون فعله ذلك أفضل من اجتماعه بالناس ونفعهم، ولهذا كان خلوة الإنسان في الليل بربه أفضل من اجتماعه بالناس»[3]. وقال أيضًا: «ولا بد للعبد من أوقات ينفرد بها بنفسه في دعائه وذكره وصلاته وتفكره ومحاسبة نفسه وإصلاح قلبه وما يختص به من الأمور التي لا يشركه فيها غيره فهذه يحتاج فيها إلى انفراده بنفسه»[4]. وقال العلّامة السعدي -رحمه الله- وهو يذكر الفوائدَ المستنبطة من قصة داود وسليمان في سورة "ص": «ومنها: أن داود عليه السلام كان في أغلب أحواله ملازمًا محرابه لخدمة ربه، ولهذا تسور الخصمان عليه المحراب، لأنه كان إذا خلا في محرابه لا يأتيه أحد، فلم يجعل كل وقته للناس، مع كثرة ما يرد عليه من الأحكام، بل جعل له وقتا يخلو فيه بربه، وتقر عينه بعبادته، وتعينه على الإخلاص في جميع أموره»[5]. ولله درُّ أحد العلماء إذ يقول: «لولا اللازم؛ لما كان المتعدي». فطالبُ العلم، والداعية إلى الله، والعالم، والمصلح، بل والمسلم، لا بد أن يكون لهم أوقات يخلون فيها بربهم، ويحاسبون فيها أنفسَهم، فإنّ نفحةً من نفحات الخلوات مع الله تثمر الإعانة على الأعمال المتعدية، والتوفيق للأعمال النافعة، واستقامة السير إلى الله، وإصلاح فساد النفس والقلب، فصالحات الخلوات وقود الدعاة، وإكسير لحياتهم، ولهذا كان لنبينا صلى الله عليه وسلم الحظُّ الأوفر من قيام الليل، وأمرَه ربُّه بذلك؛ ليكون عونًا له على مهمته الكبيرة. [1] الزهد لوكيع (253). [2] الزهد لأحمد بن حنبل (2038). [3] شرح عمدة الفقه (3/ 650). [4]مجموع الفتاوى (10/ 426) [5]تفسير السعدي (ص712).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |