حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 96 - عددالزوار : 51507 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 14470 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 221 - عددالزوار : 68839 )           »          انحراف الفكر مجلبة لسوء العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق الصحفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الهداية والعقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          حقوق غير المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          مواقيت الصلوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 304 )           »          الاستصناع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          تخريج حديث: إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم يوم أمس, 02:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين

حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين

د. نبيل جلهوم

يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكُرني، إن ذكرني في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكَرني في ملإٍ، ذكرتُه في ملإٍ هم خيرٌ منهم، وإن تقرَّب منِّي شبرًا، تقرَّبتُ إليه ذراعًا، وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا، تقرَّبتُ منه باعًا، وإن أتاني يمشي، أتيتُه هَرْولةً)). وفي روايةٍ: بهذا الإسنادِ، ولم يذكُرْ ((وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا، تقرَّبتُ منه باعًا)).


[الراوي: أبو هريرة / المحدِّث: مسلم / المصدر: صحيح مسلم، الحديث: 2675 / خلاصة حكم المحدث: صحيح].

حقيقة لا ريب فيها.. إن الحياة الحقيقية هي حين نحسن بالله الظن.

إن السعادة الحقيقية هي حين نحسن بالله الظن.

إن طمأنينة النفس ستتحقق وستأتي حين نحسن بالله الظن.

إحسان الظن بالله خلق رباني.

إحسان الظن بالله من أخلاق المؤمنين.

إحسان الظن بالله دليل حب لله.

إحسان الظن بالله إثبات لعبوديته، وتحقيق لربوبيته، وتوحيد واعتراف بألوهيته.

فإذا مررت بظروف مؤلمة أصابتك في نفسك فثق بربِّك، وأحسن الظن به، واعلم أن الفرج والمخرج لن يكون إلَّا من الله، فكن مع الله ولا تبالي، وفوِّض أمرك إليه ولا تحزن، وردِّد: "قدَّر الله وما شاء فعل"، وردِّد: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62].

إحسان الظن بالله نور رباني يقذفه الله في قلب العبد الذي يحبه.

إذا أردت الوصول إلى أملك وبُغيتك ثم تعثرت شيئًا ما، فثق بأن السعادة آتية... فأحسن بالله الظن.

إحسان الظن بالله شعلة تضيء طريقك نحو راحتك وجنتك.

إحسان الظن بالله سعادة وعبادة، فالذي يحسن الظن بربه يكون دومًا متفائلًا، ويكون سعيدًا، ويُسعِد مَنْ حوله.

إن اليوم الذي تبدؤه بحسن الظن بالله هو خير بداية؛ بل هو من أجمل أيام حياتك، فكن ربانيًّا، وابدأ يومك بإحسان الظن بربك، واجعل عنوان يومك: "يا رب، لقد أحسنت الظن بك فكن عند ظني ياكريم".

أحسن بالله الظن فقد يكون الخير أمامك ولا تراه ولا تبصره، وقد يكون خلفك الخير ولم تره لتكاسُلك، أو لعدم اهتمامك، أو لعدم اكتراثك، أو لعدم رغبتك في النظر، لا إلى الأمام ولا إلى الخلف، أو لأنك قد حجبت الرؤية عن عينيك ولو قليلًا؛ فصرت ترى أنت ولا تريد لغيرك أن يشاركك رؤيتك.

إحسان الظن بالله هو تطبيق للإيمان العملي.

إحسان الظن بالله هو لحن من ألحان الحياة الهادئة السعيدة.

إحسان الظن بالله مع النفس ومع الأم والأب والإخوة والزوج والزوجة يعينك ويُعيدك ويأخذ بيدك ويرجعك إلى مربع الإنسانية الأول الذي يجب أن تكون عليه كي تكون إنسانًا بحق لتحيا من جديد.

إحسان الظن بالله يقضي على ظلمك لنفسك وظلمك لغيرك أيًّا كانت درجات الظلم، فتعدل وتؤمن بقدرة ربك عليك إذا أنت ظلمت، زوج مع زوجته أو زوجة مع زوجها، أو أبناء مع والديهم، أو غير ذلك.

إحسان الظن بالله يبعث على الأفكار الجميلة الجليلة، يوسع الصدر، يأتي بالخير، يعود بالسكن، يُلوِّن الحياة بلون جميل مبهج، يجلب السرور، يُبدِّد الخوف، يزيد في المحيطين الأمان النفسي.

إحسان الظن بالله يُغيِّر مجرى حياتك بشكل رباني فيمنحك المعية الربانية من الله التي هي دواء الروح من كل ألم، ومن كل يأس، ومن كل عثرة، وكل إصابة.

إحسان الظن بالله هو صورة من أبهى صور الإيمان والاعتقاد السليم في الله تعالى.

إحسان الظن بالله هو أيضًا كلمات ومواقف تنير صفحات حياتنا، وتمحي لحظات اليأس من قلوبنا، وتجلب الثقة والحب بين أفراد البيت الواحد، فيصير البيت متماسكًا، يصير الزوج ربانيًّا لا يسمح لنفسه أن يقع في الشبهات، وتصير الزوجة ربانية لا تسمح لنفسها أن تقع في الشبهات، ويصير الأبناء ربانيين لا يسمحون لأنفسهم مع زملائهم وأصدقائهم أن يقعوا معهم في الشبهات، فيتحوَّل البيت إلى بيتٍ رباني، تستريح فيه وتسكن ملائكة الرحمن، وتندحر منه شياطين الإنس والجان، فتستمر الحياة دون عناء أو قلق.

ثمرات إحسان الظن بالله:
من أحسن بالله الظن.. وقتها سيرى بنوره وسيُلهم منه البصيرة.. وقتها سيكون نورًا يمشي بين الناس.. وقتها لن يعرف لليأس طريقًا.. وقتها سيصبر وسيتسع صدره فلا يكون ضيِّقًا حرجًا.. وقتها سيسمع النصيحة بحب ورضا ما دامت أنها من محب وتقع في صالحه.. وقتها لن يتكبر المرء، لن يعرف للغرور سبيلًا، سيخفض جناحه.. وقتها لن يعاند، ولن يكابر، ولن يجادل، ولن يهرب، ولن ينافس، وكأنه في صراع ويجب أن يكسب ويثبت ذاته وكأنها حرب.. وقتها سيجد كل ضيق ينفرج، وكل عُسْر سيتيسَّر، وكل بلاء سيزول.. وقتها سيقسو المرء على نفسه من أجل شريك حياته باعتباره السكن والحياة والأمان الروحي والقلبي والنفسي والجسدي والمادي وكل ما تحمل كلمة السكن والحياة، وسينير بيده بيته، ولن يسمح بسبب تقلُّب نفس أو تغيُّر حال أو أي ظروف أو أخطاء وقع فيها برغبة منه أو بدون رغبة أن يهدم عُشًّا هو صرح كبير بناه بالشراكة، بناه بالحب، بناه بالتضحية والسهر والتفكير، بناه كل منهما برغبته، بناه كل منهما بميثاق رباني غليظ؛ شريك مع شريك، روح مع روح، يد فوق يد، عهد مع عهد، مرورًا بتضحيات كل منهما تجاه الآخر وتبادلهما المسئولية وتشاركهما في الألم والوجع، ومواجهتهما الصعاب طيلة حياتهما من تربية أولاد وأمراض وعوز مادي ومصائب ومتاعب من الأهل والجيران والصَّحْب والوظيفة والخلَّان وغيره وغيره، ومضايقة من هنا وحرب مستعرة من هناك، حتى وصلا معًا إلى شاطئ أمان ليستريحا بعد عناء.

من ثمرات إحسان الظن بالله:
إن شريك الحياة وقتها سينظر إلى الجانب المشرق في نفسه فيعتني به وينميه، وإلى الجانب المعتم فيمحوه حسبةً لله قبل أن يكون من أجل الشريك، ويتخلَّص منه حبًّا أيضًا في شريكه، وإبقاءً عليه وعلى تضحيته التي قدَّمها من أجله واهتمامه الذي أوْلاه له، ولم يُوله لغيره، وتفضيله له على العالمين، وطمعًا في جنة الله وتلهُّفًا على ذاك القصر الذي ينتظرهما في رحاب الجنة.

من أحسن الظن بالله وجعله خلقه الرباني.. وقتها سيشعر بزوال الظلمة التي تعشعش في نفسه فيفيق يبزغ فجره.. وقتها سيجد الواقع بقسوته ينمحي ليحل محله زهرة الأمل والاطمئنان من جديد.. وقتها سيجد الروح والبسمة تنبعث وتشرق كل صباح لتعلن عن يوم سعيد كما كان من ذي قبل.. وقتها سيأتي الخيط الرقيق الطيب الحنون المضيء ليبعث دفأه وضوءه من جديد.

إحسان الظن بالله سيجعل من الزوجة شمعة تحترق، وقد تصل تضحيتها إلى أن تُنهي جمالها وتفنيه لتضحي من أجل زوجها شريك الميثاق الغليظ الذي صدق وأحبَّ واختار وخاف ربَّه واحتضن وبذل وقدَّم وترك نساء العالمين، واهتمَّ وتألَّم وفكَّر وساند وذهب وتعب، ومن أجل زوجته احترق، ولمستقبلها سعى واجتهد حُبًّا فيها، وعملًا بشرع الله الذي قضاه وارتضاه.

إحسان الظن بالله خُلُق رباني سيجعل الزوج والزوجة عمودَي البيت، ينظر كل منهما إلى الآخر وكأن نجوم السماء كلها قد اجتمعت فيه، فلا يرى الزوج نجمًا غير نجم زوجته، ولا ترى الزوجة نجمًا غير نجم زوجها مهما كانت المغريات والفتن والذئاب من حولهما على الفضائيات أو المواصلات أو المنتديات أو أيّ من منافذ التواصل الاجتماعي.

إحسان الظن بالله خُلُق رباني يُسخِّر كل الأشياء من حولك لك، يفتح عينيك على الحياة تراها جميلةً، تنصف، تعدل، ترفُق، تبذل.

إحسان الظن بالله خُلُق رباني لو جعلته سلاحك فثق بأن الأمل سيبتسم لك، والروح سترجع إليك.

إحسان الظن بالله خلق رباني. ثِقْ بأنه كفيل بأن يحوِّل قنوطك في الأمس إلى رجاء في اليوم.

إحسان الظن بالله خُلُق رباني سيجعلك تحجب غيومك عن السماء، وستغمض بصرك حتى ترى خلف الغيوم نجومًا.

إحسان الظن بالله خلق رباني سيجعلك صاحب وفاء، ولن تُفكِّر يومًا أن تكسر غيرك، أو تأكل حقَّه، أو تنسى فضله، أو تمحو ذكره، أو تتعالى عليه أو تتكبَّر أو تغتر أو تتجاهله في وقت هو يكون قد فضَّلك على العالمين وصرت أنت لديه تمثل الروح الجديدة والحياة الآمنة السعيدة.

إحسان الظن بالله خلق رباني سيمنحك الضوء لترى الخير كله عاجلًا قبل آجل، في الدنيا قبل الآخرة.

إحسان الظن بالله خُلُق رباني ستنال به الفتوحات والكرامات وما يذهلك من العطيات الربانيات.

قصة وعبرة وموعظة: هناك قصة تحكي عن أحد الملوك بأنه طلب من وزيره الحكيم أن يكتب له عبارة يضعها أمام عينيه ليراها في كل وقت وحين، تكون بمثابة الموعظة الدائمة، فذهب الوزير وعاد إليه ومعه رقعة قد كتب عليها بخطٍّ كبيرٍ واضح "كل هذا حتمًا سيمرُّ"؛ أي: إنه مهما كان الموقف والمواقف التي تقابلك حزينةً ومؤلمةً ومُستغربةً وقاهرةً، ومهما قصَّر في حقِّك الآخرون، فما رعوك حق الرعاية، إلَّا أن الله كبير بيده مقاليد الأمور، لن يتخلَّى عنك، وسيكون بجانبك.

أخيرًا: فلنزرع حسن الظن بالله في داخلنا، ولنجعله خلقنا الرباني الأول. وثق تمامًا بأن الله لن يتخلَّى عنك ما دمت ربانيًّا تحسن الظن فيه أبدًا ودائمًا، وعلى كل حال.

ولتكرر عبارات الظن الجميل بالله: "لن يتركني ربي؛ لأنني قد أحسنت الظن به.. كيف يتخلَّى عني خالقي وأنا قد أحسنت الظن به.. ربي ناصري ومعيني؛ لأنني قد أحسنت الظن به..

﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ ﴾ [النمل: 62]".. وهكذا من عبارات التفاؤل وإحسان الظن بالله.

وعلى أمل أن يصبح حسن الظن بالله خلقنا الرباني وشعارنا في كل مكان ومرحلة وزمان حياة مشرقة لقلوب مفعمة بحسن الظن بربها.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد وآله الطيبين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.15 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.42%)]