|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أسباب التوفيق عبدالعزيز أبو يوسف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:كل إنسان في هذه المعمورة يبحث عن التوفيق ويسعى جاهدًا لنيله والفوز به، ويخشى الخذلان ويأباه، فما التوفيق، وما الخذلان؟ قال الإمام ابن القيم رحمه الله مبينًا لهما جميل البيان: "وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد، وكل شر فأصله خذلانه لعبده، والتوفيق: ألَّا يكلك الله إلى نفسك، والخذلان: أن يُخلي الله بينك وبين نفسك، والعبيد متقلبون بين توفيقه وخذلانه، فيُطيعونه سبحانه ويذكرونه ويشكرونه بتوفيقه لهم لذلك، ويعصونه ويُسخطونه ويغفلون عنه بخذلانه لهم، فمتى شهد العبد هذا المشهد علم شدة ضرورته وحاجته إلى التوفيق في كل لحظة وطرفة عين". ولتحقيق التوفيق والظفر به، والسلامة من الخذلان أسباب وطرائق كثيرة: أولًا: الإيمان الصادق بالله تعالى؛ كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ﴾ [يونس: 9]، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: "يوفق الله تعالى ويهدي عباده المؤمنين فيعلمهم ما ينفعهم، ويهديهم في هذه الدار إلى الصراط المستقيم، وفي دار الجزاء إلى الصراط الموصل إلى جنات النعيم"، فالمؤمنون هم أولى الناس بنيل التوفيق الديني والدنيوي"، فمن أراد التوفيق فليلزم الإيمان بربِّه عز وجل، وليتعاهده ويرعاه حق الرعاية والحفظ، ومن أعظم علامات صدق الإيمان وسلامته: إقامة الصلاة والمحافظة عليها جماعةً في المساجد للرجال، بخشوع وحرصٍ على إكمال أركانها وواجباتها، وشروطها، فمن أحسن في صلاته أحسن الله تعالى له الرزق، تأمل أمره سبحانه نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "أي: استنقذ أهلك من عذاب الله بإقامة الصلاة، واصطبر أنت على فعلها، ﴿ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾ [طه: 132]، فإذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب". ثانيًا: الافتقار إلى الله تعالى، وإظهار الحاجة إليه سبحانه بكمال الحُبِّ والذل له عز وجل، والإلحاح في الدعاء بطلب التوفيق، فإن ذلك من أقوى الأسباب الجالبة له، والمانعة من الخذلان، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إذا كان كل خيرٍ فأصله التوفيق، وهو بيد الله فمفتاحه الدعاء، والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه، فمتى أُعطي العبد هذا المفتاح، فقد أراد الله تعالى أن يفتح له، ومتى أضله عن المفتاح بقي باب الخير مُرْتَجًا دونه! وما أُتي من أُتي إلا من قِبَل إضاعة الشكر، وإهمال الافتقار والدعاء، ولا ظفر من ظفر بمشيئة الله وعونه إلا بقيامه بالشكر وصدق الافتقار والدعاء"، وتأمل قوله سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [فاطر: 15]، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: "هم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواءً شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله ألَّا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربِّه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها"، فالموفق من عباد الله سبحانه من يُكثر الدعاء بأن يعينه مولاه عز وجل على جميع أموره، ويسأله التوفيق، ويستعيذ به من الخذلان، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربِّه جل وعلا. ثالثًا: ملازمة طاعة الله تعالى وتقواه ومجاهدة النفس عليها، فهي خير سبيل للتوفيق والفضل من الله تعالى للعبد مع ما يدَّخِره له في الأخرى، أليس الله تعالى يقول: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، ويقول سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]. رابعًا: بر الوالدين، وتجنب عقوقهما، ذلك أن طاعة الله سبحانه ببرهما والإحسان إليهما سبيل لنيل رضاه سبحانه، ثم رضاهما ودعائهما، تأملوا وصف نبي الله عيسى عليه السلام لنفسه بقوله: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32]، فالعقوق سبب للشقاء في الدارين، فمن كان بوالديه برًّا رحيمًا، كان التوفيق له جزاءً وفاقًا. خامسًا: تجنُّب المعاصي والمنكرات وكل ما يُغضب الكبير المتعال، فإن المعاصي والإصرار عليها سبب موجب لحرمان التوفيق ونيل الخذلان، قال سبحانه: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 49]، قال الشيخ السعدي رحمه الله: "إن للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات أن يُبتلى العبد ويُزين له ترك اتِّباع الرسول، وذلك لفسقه"، وهذا من الخذلان، قال الإمام ابنُ القَيمِ رَحِمهُ اللهُ: "وللمَعَاصِي من الآثارِ المُضِرَّةِ بالقلبِ والبَدَن في الدنيا والآخرةِ ما لا يَعْلمُهُ إلا الله، فمنها: أنها مَدَدٌ مِنَ الإِنسانِ يَمُدُّ بِهِ عَدُوَّهُ عليهِ، وَجَيْشٌ يُقَوِّيهِ بهِ على حَرْبِهِ، ومِن عُقُوباتِها أَنَّهَا تَخُونُ العَبْدَ أَحْوَجَ ما يكون إلى نفْسِهِ، ومنها: أنها تُجَرِّئُ العبدَ على مَنْ لم يكُنْ يَجْتَرئُ عَليهِ. وَمنها: الطَبْعُ على القلب إذا تكاثَرَتْ حتى يَصيرَ صَاحبُ الذَنْب منَ الغافِلين، كما قال بعضُ السَّلَفِ في قوله تَعَالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]: هو الذنْبُ بعدَ الذنْب، وقال: هو الذنْبُ على الذنْبِ حتى يَعْمَى القلبُ. وأصْلُ هذا أنَّ القَلْبَ يَصْدأُ مِنَ المعصية، فإِذا زادَتْ غَلَبَ الصدأُ حتى يَصيرَ رَانًا، ثم يغلبُ حتى يَصِيرَ طَبْعًا وَقَفْلًا وَخَتْمًا فَيَصِير القلبُ في غِشَاوةٍ وَغِلاف"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه"؛ رواه ابن ماجه وأحمد، والرزق من التوفيق، فمن كان مصرًّا على المعاصي مستكثرًا منها فقد أتى بابًا عظيمًا وخطيرًا لحرمانه التوفيق. سادسًا: كثرة الاستغفار والتوبة، فهما باب عظيم للتوفيق، والنصوص من الكتاب والسُّنَّة الدالة على ذلك كثيرة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]، قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: "أي مَنْ تجرَّأ على المعاصي واقتحم على الإثم، ثم استغفر الله استغفارًا تامًّا يستلزم الإقرار بالذنب، والندم عليه والإقلاع، والعزم على ألَّا يعود، فهذا قد وعده من لا يخلف الميعاد بالمغفرة والرحمة، فيغفر له ما صدر منه من الذنب، ويُزيل عنه ما ترتب عليه من النقص والعيب، ويُعيد إليه ما تقدَّم من الأعمال الصالحة، ويوفِّقه فيما يستقبله من عمره، ولا يجعل ذنبه حائلًا عن توفيقه؛ لأنه قد غفره، وإذا غفره غفر ما يترتب عليه"، ومما يدل على أن ملازمة الاستغفار والتوبة موجبة للتوفيق، قول الله تعالى على لسان نبيِّه شعيب عليه السلام في خطابه لقومه: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90]، وكذا قول الله تعالى على لسان نبيِّه صالح عليه السلام في خطابه لقومه: ﴿ فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ [هود: 61]، فإذا كان الاستغفار والتوبة موجبين للرحمة وإجابة الدعاء فبهما التوفيق والعطاء والفضل والإحسان من الله تعالى للعبد، وقال سبحانه: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3]، قال الإمام القرطبي رحمه الله: "يمتعكم متاعًا حسنًا: هذه ثمرة الاستغفار والتوبة؛ أي: يمتعكم بالمنافع، ثم سعة الرزق ورغد العيش، ولا يستأصلكم بالعذاب، والأجل المسمى: هو الموت، ﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾؛ أي: يؤت كل ذي عمل من الأعمال الصالحات جزاء عمله"، فالمتاع الحسن في هذه الحياة الدنيا وسعة الرزق ورغد العيش بسبب ملازمة الاستغفار والتوبة توفيق من الله تعالى بلا ريب، وغير ذلك من الآيات، وكذا الأحاديث الدالَّة على فضل الاستغفار والتوبة وثمارهما الطيبة، ومنها التوفيق. سابعًا: كثرة الصدقة في أوجه البر المختلفة، والإحسان لعباد الله بشتى صوره، قال سبحانه: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 7]، ولا شك أن التوفيق من التيسير لليُسْرى، وقوله عز وجل: ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]، وقال صلى الله عليه وسلم: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"؛ رواه مسلم، فمن أحسن في أوجه البر المختلفة بماله وجهده وما أُوتي فإنه ينال محبة الله سبحانه، ومن أحبه عز وجل نال توفيقه وعونه على جميع شئونه يقينًا. ثامنًا: ملازمة سلامة الصدر ونقاء القلب فهو من أعظم أسباب التوفيق، وهو من سمات الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، فهم أطهر الناس قلوبًا، وأحسنهم سريرةً، وأسلمهم صدورًا، أحبوا الخير لأقوامهم وأممهم، وبذلوا كل غالٍ ونفيس في نصحهم وإرشادهم، قال جل وعلا عن خليله إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 83، 84]، فليس أروح للمرء، ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب، مبرَّأً من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمة تنساق إلى أحد رضي بها، ودعا له بالبركة، وأحس بفضل الله فيها، ولسانه يلهج بذكر الله، قائلًا: "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك؛ فلك الحمد ولك الشكر"، وإذا رأى أذًى يلحق أحدًا من خلق الله رثى له، وتألم لألمه، ودعا له بدعوة الخير بظهر الغيب، ورجا الله أن يفرج كربه، ويغفر ذنبه، وبذلك يحيا المسلم هادئَ البال، طاهر القلب، سليم الصدر، راضيًا عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد والكراهية؛ فإن فساد القلب بالضغائن داءٌ عضال، وما أسرع أن يتسرَّب الإيمان من القلب المغشوش، كما يتسرَّب السائل من الإناء المثلوم، ومن سلامة الصدر الدعاء للمسلمين بالتوفيق والرزق الواسع وتيسير الأمور وغير ذلك مما يصلح به أمر دينهم ودنياهم، والداعي لأخيه في ظهر الغيب يناله من الخير بمثل ما دعا به، وهذا من التوفيق، يقول عليه الصلاة والسلام: "دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ، وَلَكَ بمِثْلٍ"؛ رواه مسلم. تاسعًا: شُكر الله تعالى على نعمه، وتجنب الكِبْر والعجب والغرور، فقد وعد الله تعالى الشاكرين بالمزيد من فضله، فقال سبحانه: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، وقال عز وجل: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 53]، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "أي: أليس هو أعلم بالشاكرين له بأقوالهم وأفعالهم وضمائرهم، فيوفقهم ويهديهم سُبُل السلام، ويهديهم إلى الصراط المستقيم"، ومن الكبر المانع من التوفيق ما ورد في قوله سبحانه: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146]، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: "يتكبَّرون على عباد اللّه وعلى الحق، وعلى من جاء به، فمن كان بهذه الصفة حرمه اللّه خيرًا كثيرًا وخذله، ولم يفقه من آيات اللّه ما ينتفع به، بل ربما انقلبت عليه الحقائق، واستحسن القبيح"، ومن تأمل التاريخ بدا له أن كل من تكبَّر ولحقه العُجب والغرور كان الخذلان حليفه، والخيبة والخسران مصيره، فما خُذِل من خُذِل كإبليس وفرعون وقارون وأبو جهل وغيرهم من الطُّغاة وروَّاد الضلال إلا بسبب كبرهم وعتوِّهم وردهم للحق، نسأل الله تعالى السلامة والعافية. عاشرًا: ملازمة الحرص على الكسب الحلال، وإطابة المطعم والمشرب والملبس والمسكن، فإن ذلك باب عظيم للتوفيق من الله تعالى للعبد، وإجابة الدعاء، وحلول البركة في الرزق والعمر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقالَ:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُحَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!"؛ رواه مسلم، فمن حُرم إجابة الدعاء فقد حُرِم التوفيق، وناله الخذلان، نسأل الله تعالى لطفه. أخي الفاضل، أختي الفاضلة: من وجد شيئًا من التعثر في تحقيق مصالحه، أو التعَسُّر في شيء من أموره، أو لحقه هَمٌّ أو غَمٌّ أو ضيق في ماله أو نفسه أو ولده أو زوجه أو تأخَّر رزق طال انتظاره، وطال أمد ذلك، فليراجع نفسه ويعرضها على الأسباب الجالبة للتوفيق، فإن وجد من نفسه شيئًا من التقصير أو الخلل في شيء منها، فليبادر لعلاجه وتقويمه لتستقيم حاله ويحسُن مآله، اللهم وفقنا لهداك، واجعل أعمالنا في رضاك. يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |