تحريم الاعتداء على البيئة في الإسلام: أدلة شرعية ورؤية متكاملة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5074 - عددالزوار : 2306452 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4658 - عددالزوار : 1587964 )           »          الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 399 - عددالزوار : 47631 )           »          الينبوع الروحي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          الإسلام دين الرحمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 71 - عددالزوار : 18797 )           »          وصايا تربوية وأسرية واجتماعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          بين مالك والليث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 39 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 2928 )           »          قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-11-2025, 12:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,984
الدولة : Egypt
افتراضي تحريم الاعتداء على البيئة في الإسلام: أدلة شرعية ورؤية متكاملة

تحريم الاعتداء على البيئة في الإسلام: أدلة شرعية ورؤية متكاملة

أ.د. محمود عبدالعزيز يوسف حجاب

مقدمة:
يتميَّز الإسلام برؤيته الشاملة للكون والحياة؛ حيث يربط بين الإنسان والطبيعة في نسيج متكامل من التوازن والتناغم، وتحظى قضية البيئة في الإسلام بمكانة كبيرة؛ إذ إن الاعتداء عليها يشكل انتهاكًا للتوازن الذي أقامه الله تعالى في الكون، وتستند الشريعة الإسلامية في تحريم الإضرار بالبيئة إلى أدلة متنوعة من القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والقواعد الفقهية.

الإسلام يعتبر حماية البيئة والمحافظة عليها من القيم الدينية الأساسية، وينص على أن الاعتداء على البيئة وتلويثها حرام؛ لما فيه من الفساد والإضرار بمصالح المخلوقات.

يُحرِّم الإسلام كل أشكال الفساد الحسي؛ كتلويث البيئة والإسراف في استغلال مواردها، ويحث على إزالة الضرر والمحافظة على الجمال الطبيعي والموارد مثل الماء والشجر.

أما الصيد الجائر أو الصيد بقصد اللهو والعبث دون الانتفاع، فهو منهيٌّ عنه، ويُعتبر مكروهًا أو محرمًا عند بعض العلماء، خاصة إذا أدَّى إلى الإضرار بالتوازن البيئي أو كان في مواسم تزاوُج وتكاثر الحيوانات، استنادًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من إنسانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فما فَوْقَها بغيرِ حَقِّها، إلَّا سَأَلهُ اللهُ عَنْها يومَ القيامةِ. قيل: يا رسولَ اللهِ، وما حَقُّها؟ قال: حَقُّها أنْ يذبحَها فَيأكلها، ولا يَقْطَعَ رَأْسَها فَيَرْمِيَ بِه"؛ رواه النسائي.

وفيما يتعلَّق بحرق وقطع الأشجار، فلا يجوز قطع الأشجار المثمرة ولا غير المثمرة للعبث أو الاعتداء؛ لأنه يعد إفسادًا في الأرض، ويتعارض مع عمارة الأرض التي أمَرَ بها الله.

وتعاليم الإسلام تُشدِّد على حرمة قطع الأشجار أو حرقها دون ضرورة، وتجيز ذلك فقط عند الضرورة القصوى ووَفْق ضوابط منها غرس شجرة بديلة أو إزالة الضرر المباشر عن الناس.

الاعتداء على البيئة وأشكال الفساد البيئي حرام شرعًا، ويجب أن تكون فيه عقوبات رادعة من الدولة.

الصيد الجائر بدون انتفاع به أو في مواسم التزاوُج والتكاثر منهيٌّ عنه.

حرق أو قطع الأشجار للعبث مُحرَّم في غير حالات الضرورة أو إذا تعارض مع مصالح الناس.

كل هذه الأحكام تنطلق من نصوص القرآن والسُّنَّة، وتهدف لتحقيق التوازن البيئي وضمان صلاح الأرض للناس والحيوان والنبات، وتُعَد مسؤولية دينية واجتماعية لكل مسلم.

أولًا: الأدلة القرآنية:
جاء القرآن الكريم بمجموعة من الآيات التي تُؤسِّس لاحترام البيئة والمحافظة عليها:
1. تحريم الإفساد في الأرض:
يقول تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 85]، ويشمل الإفساد كل ما يضرُّ بالتوازن البيئي.

2. النهي عن الإسراف والتبذير:
يقول تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، والإسراف في استهلاك الموارد الطبيعية يدخل في هذا النهي.

3. التكريم الإلهي للكون:
خلق الله الكون بمقدار وتوازُن، يقول تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، فالإخلال بهذا التوازن يعتبر خروجًا على الحكمة الإلهية.

ثانيًا: الأدلة من السُّنَّة النبوية:
جاءت السُّنَّة النبوية بمجموعة من الأحاديث التي تُحرِّم الإضرار بالبيئة:
1. النهي عن تلويث المياه: قال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل"؛ (رواه أبو داود)، وهذا يشمل تحريم تلويث مصادر المياه.

2. الحث على الزراعة والغرس:
قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة"؛ (متفق عليه).

3. الرفق بالحيوان:
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة"؛ (رواه مسلم).

4. النهي عن قطع الأشجار:
في الحديث: "من قطع سدرةً- ظلًّا يستظل به ابن آدم- صوب الله رأسه في النار"؛ (رواه أبو داود).

ثالثًا: الإجماع والقواعد الفقهية:
أجمع الفقهاء على عدد من القواعد التي تحمي البيئة:
1. قاعدة "لا ضرر ولا ضرار":
وهي من القواعد الكلية في الشريعة، وتشمل منع كل ما يسبب ضررًا للبيئة والكائنات الحية.

2. تحريم إيذاء الجيران: بما في ذلك الضرر البيئي الناتج عن التلوث والضوضاء وغيرها.

3. المسؤولية عن الضرر: قال صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسؤول عن رعيته"؛ (متفق عليه)، وتشمل المسؤولية عن رعاية البيئة.

رابعًا: تطبيقات معاصرة لتحريم الاعتداء على البيئة:
ينطبق تحريم الاعتداء على البيئة في الإسلام على العديد من القضايا المعاصرة:
1- تلوُّث الهواء والماء: يعتبر من الإفساد في الأرض المنهي عنه.

2- الاحتباس الحراري: يندرج تحت الإضرار بالتوازن البيئي الذي حَثَّ الإسلام على الحفاظ عليه.

3- الصيد الجائر: يخالف النهي عن قتل الحيوان إلا لمصلحة.

4- التبذير في الموارد: يخالف النهي القرآني عن الإسراف.

الخاتمة:
يقدم الإسلام رؤية متكاملة للتعامل مع البيئة، قائمة على التوازن بين الاستفادة من الموارد والحفاظ عليها. وتأسيسًا على الأدلة الشرعية من القرآن والسُّنَّة، فإن الاعتداء على البيئة بمختلف أشكاله يعتبر محرمًا في الشريعة الإسلامية؛ لما فيه من إفساد في الأرض وإضرار بالكائنات الحية، وانتهاك للأمانة التي استخلف الله الإنسان فيها، فالمسلم مطالب بأن يكون حارسًا أمينًا للبيئة، يعمر الأرض ولا يفسدها، ويستمتع بنِعَم الله دون إسراف أو تبذير.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.71 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]