مناقشة شبهات التكفيريين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 39 - عددالزوار : 320 )           »          الوقفات الإيمانية مع الأسماء والصفات الإلهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 86 )           »          مناقشة شبهات التكفيريين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          تكنولوجيا النانو ما لها وما عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 465 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 5373 )           »          تجديد الإيمان بآيات الرحمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 2814 )           »          نور الفطرة ونار الشهوة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 42431 )           »          بيع وشراء رباع مكة ودورها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          من أخطاء المصلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 397 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم اليوم, 08:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي مناقشة شبهات التكفيريين

مناقشة شبهات التكفيريين



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد شهِدت الفترة الأخيرة رواجًا كبيرًا لفكر التكفير، وبالتالي نشطت عمليات التفجير والاغتيالات السياسية، ونحاول في هذه المقالة أن نناقش على عجالة أهم الشبهات التي يتم الترويج لهذا الفكر عن طريقها:
الشبهة الأولى: "تكفير الشعوب والحكومات مِن خلال قضية الحكم بغير ما أنزل الله":
وجوب الحكم بما أنزل الله هو أحد مقتضيات توحيد الله، وقد وصف الله مَن لم يحكم بما أنزل بالكفر تارة، وبالظلم تارة، وبالفسق تارة ثالثة فقال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44)، وقال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة:45)، وقال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة:47).
لكن المشكلة أن هؤلاء يطبقون هذه الآيات بطريقة توصلهم إلى تكفير معظم الأمة، بل ربما رمى بعضهم الأمة بأنها ارتدت ردة جماعية منذ القرن الرابع الهجري أو القرن السابع الهجري.
وفي الواقع: إن دعوى هؤلاء أن الأمة رضيت هذا الوضع وقبـِلتْ به دعوى عارية مِن الصحة؛ فنحن -بلا شك- نُعَاني منذ عصور الاحتلال الغربي الذي سعى أَوَّل ما سعى إلى تغيير شكل الحياة في المجتمعات التي سيطر عليها، وكان مِن ضمن ذلك: التعليم والإعلام والفن والثقافة، وكذلك النظام القضائي الذي فرض فيه قوانين الغرب المخالفة للشريعة، وهذا الأمر كان مرفوضًا مِن عامة جماهير الأمة، ولم يزل مرفوضًا كذلك، إلا قِلَّة قليلة هي التي صارت تتبنى وجهة النظر الغربية، لكن معلوم أن عامة جماهير الأُمَّة في مشارق الأرض ومغاربها يريدون شرع الله -سبحانه وتعالى-.
ومعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- قد قال في كتابه: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)؛ هذا الذي يستغله الكثيرون في الحكم بالتكفير على الدول والمجتمعات والحكومات؛ لأنهم مَن يباشر الحُكْم بغير ما أنزل الله، والمجتمعات بزعم أنها ترضى بهذا الأمر، وغَفَل عن حقيقة ما ذَكَرْنا مِن أن تحكيم القوانين الغربية قد وقع في عصور الاحتلال؛ والمسلمون إلى الآن لم يتخلصوا مِن آثار السيطرة الغربية أو العُلُو الغربي على العالم، المشكلة أن أكثر الدول استقلت، ولكنها كُبِّلت بوثائق واتفاقات، ولم يتمكن جمهور الأمة مِن انتزاع ما يريدون لبلادهم وشعوبهم، بينما كانت النُّخَب منقسمة على النحو الذي استمر حتى الآن بين مَن يصدق عليهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا) (متفق عليه)، وقوله: (قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ) (رواه مسلم)، وبين محبين للشريعة معتزين بهوية الأمة حريصين عليها.
وهؤلاء انقسموا فيما بينهم حول الطريقة المثلى التي ينبغي سلوكها للوصول إلى تحكيم الشريعة، وانتصر في النهاية الفريق الذي يطالِب بالتدرج الهادئ جدًّا في هذا الباب؛ خوفًا مِن حدوث فراغ تشريعي، ومراعاة للعالم المتربص ببلاد المسلمين، وهي تخطو خطواتها الأولى نحو الاستقلال، ومهما يكن لنا مِن اعتراضاتٍ على هذا المسلك إلا أنه لا يمكن أن تصف أصحابه بحال مِن الأحوال أنهم خصوم للشريعة أو حاكمين بغير ما أنزل الله بهواهم، وقد استمر النجاشي حاكمًا في قومه بما يطيق مِن إقامة العدل مع عجزه عن دعوة قومه إلى الإسلام؛ فضلًا عن تطبيق الشريعة فيهم.
وبالفعل اقتربت الشعوب العربية والمسلمة تدريجيًّا في دساتيرها وقوانينها مِن تأصيل مرجعية الشريعة، وإن كانت لا تستطيع أن تطبقها في كل جوانب الحياة كما هو معلوم؛ لأن هناك ارتباطات قوية، وتأثيرًا هائلًا للقوى العسكرية، وللقوى الاقتصادية، وللقوى الإعلامية في المشاحنات داخل المجتمعات بين أناس ذوي تأثير هائل يتبنَّوْن الفكر الغربي، ويتبنَّوْن فصل الدين عن الدولة وعن الحياة وبين عامة الناس.
وفي مصر قطعنا شوطًا جيدًا؛ حيث يَنُص الدستور على مرجعية الشريعة، بل ويَنُص على أن الواجب هو تغيير كل القوانين المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، وإنما لا بد مِن مُهْلة للدراسة العلمية والتحقيق والنظر في المصالح المعتبرة وسط تداخل مع كل دول العالم، ولا يمكن أن يصَنَّف مَن قال ذلك واعتقده بأنه محارب للشرع ومحارب للدين ورافض للشريعة أو أنه يُلزم في التشريع العام بما يخالفها، نعم؛ هناك موروث مِن العهود السابقة -عهود الاحتلال- في ذلك، لكن ما زال المسلمون لا يستطيعون أن يحققوا في بلادهم كل ما يريدون إلا بنوع مِن التدرج -كما ذَكَرْنا-.
فالذي يقرر التدرج مراعاة للمصلحة ومراعاة لعدم الانهيار في المنظومة القضائية التي تؤدي إلى فوضى عارمة لا يستطيع الناس أن يتحملوا مفاسدها - بهذا التأصيل يُعلَم أنه لا يُعَد ذلك محاربة لدين الله -سبحانه وتعالى-، ذلك أنه يقرر الإلزام بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وعدم جواز الالتجاء إلى غيرها؛ فانتفى الجانب العقدي في هذا الباب، وبالتالي يبقى الجانب العملي، وهذا الأمر قد سَبَق فيه كلام ابن عباس -رضي الله عنهما- ومَن وافقه مِن الصحابة والتابعين في أن هذا كُفْر دون كفر، وليس بالكفر الذي يَنْقِل عن الملة.
وإذا تبيَّن فساد الأصل؛ تبيَّن فساد ما يرتبونه عليه مِن أن الحكومات كافِرة؛ لذا الجيوش كافرة، والشرطة كافرة! وبعضهم تجاوز إلى أن كل مشارك في الأعمال السياسية والأحزاب السياسية والانتخابات والبرلمانات كلهم كفار! وبعضهم جاوز إلى أن الشعوب كذلك؛ لأنها تتحاكم في كل أمورها إلى هذه المحاكم -وهي مضطرة لأن تذهب في مصالحها وزواجها وطلاقها وشئونها إلى هذه المحاكم-، فحكموا على الكل بالكفر، وهذا -كما ذكرنا- مِن الباطل الذي لا يحتمل قبول الاجتهاد فيه، ولا يصح أن يقال إن هذا فيه اجتهاد أن يكفـَّر بهذه الطريقة.
ولو افترضنا جدلاً أن المسألة كانت كفرًا أكبر، فلا يلزم منه تكفير الـمُعَيَّن، بل لا بد مِن التفرقة بين النوع والعين؛ يعني أنه قد يقع المسلم في كفر قولي أو عملي، ولكن يمنع مِن وَصْفِه وإسقاط حُكْم الكفر عليه مانع كمانع الجهل، والتأويل -وهو مِن أوسع الموانع في وقتنا-، والإكراه، والخطأ، والنسيان، وموانع التكفير تمنع إطلاق وصف الكفر على شخص بعينه، حتى وإن ثبت أنه وقع في الكفر الأكبر؛ فضلاً أن لم يكن يقع في وصف الكفر الأكبر.
الشبهة الثانية: التكفير بالموالاة:
ومِن الشبهات الخطيرة التي تستعملها هذه الجماعات: قضية "الموالاة"؛ فمِن صور غلوهم في ذلك الباب -قضية الموالاة- تكفيرهم للشعوب بزعم أنها راضية بالحكم بغير ما أنزل الله، وقد ذكرنا أن الشعوب -بحمد الله تبارك وتعالى- منذ البداية غير راضية إلا بشرع الله -عز وجل-، وهذا أمر ظاهر، حتى صار مِن مسلـَّمات العمل السياسي في مصر أن جميع الساسة -إلا ما ندر- لا بد أن يعلنوا قبولهم للشريعة.
ومِن ذلك: زعمهم موالاة النظم العربية والجيوش العربية لأعداء الإسلام والمسلمين، فيزعمون ولاءهم لليهود ونحو ذلك مِن الألفاظ المستعملة؛ وهم في ذلك يعتمدون على الظنون والشائعات والأخبار التي تُقَال في المجالس وعلى المقاهي، وهي أمور لا تثبت بها أدنى تهمة "فضلاً عن التكفير" فلا يمكن أن يُكَفَّر إنسان بمجرد الظن والتخمين، ويجب أن يُعلَم أن تصريحات الأعداء ليست بدليل معتبر شرعًا ولا واقعًا.
وقد رأينا كيف أبرزت بعض القنوات الإخبارية تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن إسرائيل ومصر في خندق واحد في محاربة الإرهاب، ثم وقع بعدها الهجوم الخسيس على الجيش المصري وقتْل أبنائه الذين هم أبناء هذا الشعب -ابني وابنك وأخي وأخوك-، وهم في الحقيقة ما ذهبوا إلى سيناء إلا للدفاع عن هذه البلاد، وأن تقع تحت سيطرة الأعداء، وأنهم يدافعون في الحقيقة مِن أجل أن تبقى هذه البلاد مسلمة، وهم يريدون ذلك، وصيحات الجنود في العاشر مِن رمضان: "الله أكبر" تؤكد لك أنهم يريدون نصرة الدين، ويريدون أن تظل مصر عزيزة كريمة بإسلامها، وليست بعيدة عن إسلامها.
لذلك نقول: قضية الموالاة لا يتم الحكم فيها بمجرد أخبار لا يُعْرف ناقلوها، وإنما هي أكاذيب يقولها البعض ويرددونها مِن أن هناك تحالفًا ضد الإسلام بين النظام المصري أو غيره مِن النظم وبين اليهود.
ومِن غلوهم في هذا الباب أنهم قد يُكفِّرون الحكام والأفراد بصور مِن الموالاة المحرمة، ولكنها لا ترقي إلى الكفر، ومِن ثَمَّ فلابد مِن التفرقة بين قضية الولاء المُكَفِّر والولاء المُحَرَّم، ومعرفة الفرق بين الكفر والمعصية: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) (النساء:48)، لا بد أن تُدْرَس هذه المسائل؛ فليست كل أنواع الموالاة لو ثبتت مكفرة.
ومِن وسائل الجماعات المنحرفة في خداع الشباب الصغير "لا سيما مَن لم يتعلموا العلم": أنهم ينقلون لهم عبارات مجْملة لبعض أهل العلم مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمهما الله- دون معرفة التفاصيل التي يبينها هؤلاء العلماء، والضوابط، والشروط والموانع -كما ذكرنا-، وإنما تُطلق كلمات ثم يحكم بعد ذلك على الناس بالكفر، لكن لو درس هؤلاء العلم لعلموا الفرق الهائل بيْن الموالاة المكفـِّرة والموالاة المحرمة.
ولا يقتصر الأمر عند هؤلاء على الخلط بيْن الموالاة المكفرة والموالاة المحرمة، بل ربما أدخلوا في الموالاة صورًا مِن صور التعامل الجائز مع الكفار، فلابد مِن بيان "ما يجوز مِن المعاملة مع الكفار"، وقد عقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلح الحديبية مع المشركين، وتضمن أن يَرُد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- مَن أتاه مسلمًا إلى المشركين؛ يعني: يُسَلِّم مَن أتاه مسلمًا مضطهدًا معذبًا يُفْتن في دينه في بلاد الكفر، ومع هذا قَبِل أن يُسَلِّم -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء إذا أَتَوا مِن أجل أنها في النهاية تكون في مصلحة الدولة الإسلامية وقوتها التي هي في النهاية في مصلحة هؤلاء المستضعفين، وبالفعل قد كان سببًا لنجاتهم وهجرتهم -بفضل الله سبحانه وتعالى- إلى المدينة.
ومِن نماذج الخلل في فهم ما يجوز وما لا يجوز مِن المعاملة، ما يتعلق بمعاهدة السلام أو "كامب ديفيد" بيْن مصر وإسرائيل؛ لأن هناك مَن يجعل هذه المعاهدة سببًا لمقاتلة الجيش المصري باعتباره مواليًا لليهود، وهذا الكلام باطل لا شك فيه؛ فهذه المعاهدة وإن تضمَّنت جورًا ومخالفة في بعض بنودها لِمَا لا يجوز، لكن باتفاق العقلاء -لا أقول فقط العلماء أو المسلمين والوطنيين-، بل الكل يتفق على أن مصلحة بلادنا اليوم في الالتزام ببنود هذه المعاهدة؛ لأننا لن نستطيع في ظروفنا الحالية تغيير بنودها بهذه الطريقة.
ومما يؤكد هذا: أن الإسلاميين قد نجحوا في أن يسيطروا على نحو ثلاث أرباع البرلمان بعد الثورة -أول برلمان بعد الثورة- وتولى أحد المنتسبين إلى إحدى الجماعات المنسوبة إلى العمل الإسلامي رئاسة الجمهورية، وبقي هذا الأمر أكثر مِن سنة؛ فلماذا لم يُقَدِّم النواب في البرلمان ولا بادر الرئيس في وقته إلى إلغاء المعاهدة؟! لأن الكل يعلم أننا لن نستطيع أن نُلْغي ولا أن نُغَيِّر بنودها، وأن مصلحتنا في الالتزام بهذا، والعلماء كلهم أقروا ذلك، وهناك فتاوى مِن العلماء الكبار سواء في مصر أو في غيرها بأن الالتزام بهذه المعاهدة هي مِن مصلحة المسلمين.
وبعض هذه الجماعات تطبـِّق هذه المفاهيم بطريقة "انتقائية!"، فمن المعلوم أنه توجد هدنة تلتزم بها حماس التابعة لجماعة الإخوان مع اليهود، وكثير مِن هذه الجماعات تقرها على ذلك، بينما يكفر بعضهم الجيش المصري مِن أجل ما ظنوه موالاة لليهود، بينما يَسلم منهم اليهود بزعم أن الجيش المصري مرتد، وأن جيش إسرائيل كفار أصليون، وأن قتال المرتدين مقدَّم على الكفار الأصليين، وهذا أعجب مِن العجب أن يتجرءوا على التكفير وعلى الحكم بالردة دون ضوابط شرعية، وهم ليسوا أَهْلاً بالحكم -كما ذكرتُ-، وهذا جهل يؤدي إلى السقوط في هذه البدع.
الشبهة الثالثة: "المظالم":
مما تتذرع به الجماعات التكفيرية: الدماء التي أُريقت، والظلم الذي يقع، وأن هناك أنواعًا مِن الحبس ظلمًا وأنواع القتل ظلمًا، وما حدث في رابعة، والنهضة، والحرس الجمهوري، وغير ذلك، ونحن نُسَلِّم مبدئيًّا أنه قد وقعت تجاوزات، وأنه يوجد بالفعل مظلومون في كثير جدًّا مِن هذه الأحداث، وتوجد تقارير لجان تقصِّي الحقائق، ولجان المجلس القومي لحقوق الإنسان تُقِر بذلك، وبعض التقارير الحكومية تقر بذلك.
لكن كيف يعالَج هذا الأمر؟!
أولاً: يجب أن نعلم أن الظلم ليس كفرًا، ويجب أن نعلم أنه لا يجوز فعل أشياء تساعد على زيادة الظلم بزعم مقاومته، ولا يجوز إذا وُجد ظلم مِن بعض أجهزة الدولة أن نسعى إلى انهيار الدولة؛ فإن انهيار الدولة معناه أن هذا الظلم يتضاعف آلاف الأضعاف، بدلًا مِن أن الإنسان محبوس أُخرج مِن داره ظلمًا يمكن أن يفقد ألف إنسان بيته مِن الأصل، وقد حذرنا مرارًا مِن إدخال بلادنا في المسار السوري أو الليبي، ومَن ينظر إلى الصورة الملتقطة جوًّا لمدينة "حمص" وأشد منها مدينة "حماة" يجد أنه لا يوجد منزل واحد غير مدمر، وقد كان عدد سكان حلب نحو 4 ملايين أو 5 ملايين والآن لم يبقَ منهم إلا حوالي 2 % فقط مِن السكان يعني عدة ملايين فقدوا بيوتهم؛ فعلينا أن نوازن بيْن قدر الظلم الواقع على أفراد مِن المجتمع وبين الظلم الذي يتعرض له المجتمع ككل بمن فيهم أهل هذا المظلوم وأضعاف أضعاف مضاعفة إذا وقعت البلاد في الفوضى والحرب الأهلية؛ كحال ليبيا والعراق وسوريا، والذي يُضَحِّي بمصر ويقول: نسير بها في هذا المسار بلا شك أن هذا ليس بحكمة ولا بعقل، ولا بعلم ولا بدين.
ولعل في هذا العرض المختصر إجابة على التساؤل الذي يطرحه البعض: لماذا آثرنا عدم الصدام؟ لماذا آثرنا أن نكون في صفِّ بقاء الدولة؟
نحن لا نُعِين على ظلم، ولكن نحن نعين على بقاء الدولة؛ لمنع مزيدٍ مِن الظلم ومنع مزيدٍ مِن الفساد، نحن لا نرضى بسفك دم بغير حق، ولا بظلم ولا بعدوان، ولكن ليس معنى ذلك أننا نساهم في هدم بلادنا، ولا أننا نساهم في إدخالها في نفق الفوضى المظلمة، ولا أننا نسعى مِن أجل هدم النظام وهدم المجتمع، لا... أبدًا؛ هذا لا يصح، بل نُحافظ على المجتمع ونُحافظ على النظام مِن أجل بقاء البلاد في قدرٍ مِن الاستقرار.
نسأل الله أن يُنعِم على مصر وغيرها مِن بلاد العرب والمسلمين بالاستقرار والأمن والرخاء.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 80.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.04 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]