وقفات مع اسم الله السميع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 270 - عددالزوار : 4902 )           »          أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          لطائف من القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 302 )           »          من صفات الرجولة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3116 - عددالزوار : 476104 )           »          إشراقة آية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 6692 )           »          تفسير قوله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حقوق القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 25 )           »          المضاف إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 11:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,965
الدولة : Egypt
افتراضي وقفات مع اسم الله السميع

وقفات مع اسم الله السميع

رمضان صالح العجرمي


1- معاني اسم الله السميع.
2- الآثار الإيمانية لاسم الله السميع.
3- الواجبات العملية لاسم الله السميع.


الهدف من الخطبة:
التذكير بهذه المعاني والآثار الإيمانية العظيمة لاسم الله السميع، والواجبات العملية.


مقدمة ومدخل للموضوع:
أيها المسلمون عباد الله، نحن على موعد مع اسم من أسماء الله الحسنى، يملأ القلب مراقبةً لله تعالى في الحركات والسكنات؛ فلا يقول العبد، أو يفعل إلا ما يُرضي ربه سبحانه وتعالى؛ إنه اسم الله: [السميع].

وقد ورد اسم الله السميع في القرآن الكريم خمسًا وأربعين مرة؛ تارةً مقرونًا باسمه العليم؛ مثل قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، وقوله تعالى: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [المائدة: 76].

وتارةً مقرونًا باسمه البصير؛ حيث جمع بين اسمه تعالى السميع والبصير في أكثر من موضع؛ منها قوله تعالى: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [لقمان: 28]، وقوله تعالى: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [المجادلة: 1].

وتارةً مقرونًا باسمه القريب؛ كما في قوله: ﴿ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾ [سبأ: 50].

وورد اسم السميع أيضًا في السُّنَّة؛ كما في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنا إذا علَونا كبَّرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم))؛ اربعوا: ارفقوا بأنفسكم.

وقد أنكر الله تعالى على المشركين الذين ظنوا أن الله لا يسمع السر والنجوى؛ كما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((اجتمع عند البيت قرشيان وثقفيٌّ، كثيرة شحم بطونهم، قليلة فقه قلوبهم، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا، وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا، فإنه يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت: 22]، وكذا قوله تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ﴾ [الزخرف: 80].

ومعنى اسم الله السميع: هو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع لجميع الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات.

ومعناه أيضًا: القبول والإجابة؛ فمن معاني السميع: المستجيب لعباده إذا توجَّهوا إليه بالدعاء والسؤال، فيُجيبهم ويُثيبهم؛ كما في قوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39]، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، وعمل لا يُرفع، ودعاء لا يُسمع))؛ أي: لا يُستجاب ولا يُعتد به، فكأنه غير مسموع.

يقول ابن القيم رحمه الله في قصيدته النونية:
وهو السميع يرى ويسمع كل ما
في الكون من سرٍّ ومن إعلانِ
ولكل صوت منه سمع حاضر
فالسر والإعلان مستويانِ
والسمع منه واسع الأصوات لا
يخفى عليه بعيدها والداني



الوقفة الثانية: الآثار الإيمانية لاسم الله السميع:
أولًا: سمع الله تعالى ليس كسمع المخلوقين؛ فمن القواعد: الاشتراك بين الخالق والمخلوق في الاسم أو الصفة، إنما هو اشتراك في الاسم المطلق، فلا يستلزم التماثل.

فلا بد أن نعتقد اعتقادًا جازمًا أن سمعه جل جلاله ليس كسمع أحدٍ من المخلوقات؛ فالله سبحانه وتعالى سميع، والإنسان سميع؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [الإنسان: 2]، لكن شتان بين سمع وسمع، شتان شتان بين سمعك أيها الإنسان، وبين سمع ربنا الرحمن.

للبشر سمع لكنه قاصر لا يدرك جميع المسموعات، وسمعه هذا بجارحة هي الأذن، وهي معرَّضة للأمراض والآفات، بخلاف سمعه سبحانه وتعالى المنزَّه عن الفناء والعجز، وعن أن يخفى عليه أي صوت مهما اضمحلَّ.

ثانيًا: يسمع جميع الأصوات في وقت واحد، باختلاف اللغات على تفنن الحاجات؛ فالإنسان حينما يسمع لواحدٍ، فإن ذلك يشغله عن الآخر، أما الله تعالى فهو يسمع جميع الخلائق في كلامهم، ويسمع أنفاسهم، ويسمع نبض قلوبهم، ويسمع دعاءهم على اختلاف لغاتهم، وتداخل أصواتهم، سواء كان ذلك في السر أو العلانية؛ قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29].

وتأمل: وأنت تطوف بالكعبة ترى آلاف آلاف البشر من جميع الجنسيات، والألوان، واللغات؛ والجميع ينادي ويناجي ربه سبحانه وتعالى، والله السميع يسمعهم جميعًا لا تختلف عليه اللغات، ويستجيب لهم؛ كما في الحديث القدسي: ((يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنَّكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخيط إذا أُدخل البحر))؛ [رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه].

ثالثًا: يسمع أعداءه الذين يمكرون لهذا الدين؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران: 181].

يخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يدعو أهلها إلى التوحيد، فيعتدون عليه في أشد يوم مرَّ عليه، فإذا بجبريل عليه السلام يناديه قائلًا: ((إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم))، قال صلى الله عليه وسلم: ((فناداني ملك الجبال فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئتَ أن أُطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا))؛ [متفق عليه].

رابعًا: بل إن الله تعالى يسمع السر وأخفى؛ قال تعالى: ﴿ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾ [الرعد: 10]، وقال تعالى: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 108].

فسمعُ الله تعالى مستغرق لجميع المسموعات؛ وإن دقَّ وخفِيَ، سرًّا كان أو جهرًا؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((تبارك الذي وسِع سمعه الأصوات؛ لقد جاءت المجادِلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت، ما أسمع ما تقول))، وفي رواية: ((إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى عليَّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله عز وجل: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [المجادلة: 1]))؛ [رواه ابن ماجه، والحاكم، وصححه الألباني].


نسأل الله العظيم أن يقوِّيَ إيماننا، وأن يرزقنا خشيته في السر والعلانية.


الخطبة الثانية
الواجبات العملية لاسم الله السميع:
أيها المسلمون عباد الله، وبعد أن تعرفنا على الآثار الإيمانية لمطالعة اسم الله السميع؛ فما هي الواجبات العملية من اسم الله السميع؟ أو ما هو حظ المؤمن من اسم الله السميع؟

أولًا: عليك بكثرة الدعاء؛ فإن من معاني السميع: سمع الإجابة منه للسائلين والداعين والعابدين، فيجيبهم ويثيبهم؛ كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39]؛ أي: مجيب الدعاء.

وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

فقد سمع الله نداء زكريا عليه السلام له مع خفائه؛ كما قال تعالى: ﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [مريم: 2 - 4].

وسمع نبيه يونس عليه السلام وهو يناديه في الظلمات؛ كما قال تعالى: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].

وقد دعا الأنبياء والصالحون ربهم سبحانه بهذا الاسم؛ ليقبل منهم طاعتهم، أو ليستجيب لدعائهم؛ فهذا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، قالا: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، وهذه امرأة عمران عندما نذرت ما في بطنها خالصًا لله، لعبادته ولخدمة بيت المقدس؛ قالت: ﴿ فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [آل عمران: 35]، ودعا يوسف عليه السلام ربه أن يصرف عنه كيد النسوة: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يوسف: 34].

ثانيًا: عليك بكثرة الحمد لله تعالى؛ فإن الله تعالى يسمع حمدك؛ ومن ذلك قول المصلي: "سمع الله لمن حمده"؛ أي: أجاب الله حمد من حمده، ودعاء من دعاه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا قال الإمام: سمِع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد؛ فإنه من وافق قوله قولَ الملائكة، غُفر له ما تقدم من ذنبه))؛ [متفق عليه]، وفي رواية: ((يسمع الله لكم))؛ أي: يُجِبكم، فالسماع هنا بمعنى الإجابة والقبول، وفي الحديث الصحيح: ((اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يُسمع))؛ [رواه الترمذي].

ثالثًا: عليك بمراقبة الله عز وجل في الأقوال والأفعال، والحركات والسكنات؛ فالله عز وجل يسمع ويعلم كل شيء، لا تخفى عليه خافية؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴾ [طه: 7].

فعليك بمراقبة الله تعالى فيما تقوله؛ سواء أسررت القول أو جهرت به، وسواء كنت في جماعة أو في خلوة؛ قال الله تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ﴾ [المجادلة: 7].

رابعًا: عليك بضبط كلامك؛ فالله يسمعك فلا تسمعه ما يغضبه، واحفظ لسانك عن كل ما حرم الله تعالى من المسموعات؛ كالغِيبة والنميمة، والكذب وشهادة الزور، والسب واللعن.

فإذا آمن المؤمن بأن الله تعالى يسمع الأصوات، ويسمع الكلام؛ فكيف يليق به أن يُسمعه من الكلام ما لا يليق؟ وكيف لا ينشغل بكثرة ذكره، وكثرة تسبيحه وحمده والثناء عليه؟ وكيف لا يسمع منه جل جلاله إلا القول السديد والكلام النافع؟

خامسًا: عليك بحفظ سمعك؛ فإنك مسؤول عنه يوم القيامة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

ختامًا: تعاهد نفسك في ثلاثة أمور: إذا تكلمت فاذكر سمع الله منك، وإذا تحركت فاذكر نظر الله إليك، وإذا سكت فاذكر علمَ الله فيك.

فأكمل ما يتسلح به المسلم من العلم: هو أن يعرف الله تعالى بهذه الأسماء الثلاثة: (السميع، البصير، العليم)؛ فالسميع: يضبط لك أقوالك، والبصير: يضبط لك أفعالك، والعليم: يضبط لك خواطرك ونواياك وأفكارك.


نسأل الله العظيم أن يقوي إيماننا، وأن يرزقنا خشيته في السر والعلانية.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.06 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]