سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          لطائف من القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 297 )           »          من صفات الرجولة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3116 - عددالزوار : 475923 )           »          إشراقة آية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 6682 )           »          تفسير قوله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حقوق القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 15 )           »          المضاف إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الكشف الصوفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 12:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,955
الدولة : Egypt
افتراضي سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة

سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة

د. مصطفى يعقوب
ملخص المقال:
يتناول المقال سورة البقرة باعتبارها منظومةً متكاملة للحياة الإسلامية؛ انطلاقًا من الحديث النبوي الجامع: ((أخذها بركة، وتركها حسرة))، يكشف المقال عن الأبعاد المتعددة لصحبة هذه السورة العظيمة، بدءًا من التحدي النفسي الأول، وكيفية تجاوزه بالاستعانة بوعد التيسير الإلهي، مرورًا بالتحول الداخلي الذي يطرأ على حافظها من "البيت الخرِب" إلى "الجراب المسكيِّ"، وصولًا إلى مقام "أهل الله وخاصته"، كما يبين كيف تتجاوز بركة السورة الحدودَ الفردية لتشمل البيت والأسرة، مُحوِّلة البيت من مقبرة موحِشة إلى نجم ساطع في ملكوت السماء، ويختتم بالتأكيد على دور هذه السورة في تأهيل القيادات وبناء منهاج للسيادة، وضمان الدفاع الأبديِّ لصاحبها من القبر إلى الجنة، داعيًا إلى جعل صحبتها مشروعَ حياة متكاملًا، في زمن تحتاج فيه الأمة لاسترداد بركتها المفقودة.

مدخل:
إن النفس البشرية تَتُوقُ بطبيعتها إلى مشاريع عظيمة تُعيد تعريف وجودها، وتصوغ علاقتها بخالقها، ومن بين أعظم هذه المشاريع التي يمكن للمرء أن يشرع فيها، يبرز مشروع صحبة سورة البقرة؛ حفظًا وتدبرًا وعملًا، غير أن الشيطان يقف له بالمرصاد عند كل منعطف خير، فيبث في نفسه جيوشًا من الأوهام والعوائق، لكن الوعد الإلهي يتبدى كفلق الصبح ليبدد هذه الظلمات: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17].
وعد البركة وتحذير الحسرة:
إن جوهر العلاقة بسورة البقرة يتجلى في الحديث النبوي الجامع، الذي يضع أمام المسلم خيارين لا ثالث لهما؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلَةُ))؛ [مسلم: 804]، هذا الحديث يكشف عن طبيعة هذه السورة الاستثنائية؛ فهي ليست مجرد نصٍّ يُتلى، بل منظومة حياة متكاملة، ومعادلة وجودية حاسمة بين البركة والحسرة.

حكمة الترتيب القرآني:
تتجلى الحكمة التربوية البالغة في ترتيب المصحف الشريف، من خلال التدرج من بوابة سورة الفاتحة إلى صرح سورة البقرة الشاهق، فما من مسلمٍ إلا وقد جعل الله تعالى أمَّ الكتاب على لسانه ميسورة؛ فهي عتبة الدخول الآمنة، لكن ما إن يطرق المؤمن هذا الباب، حتى يجد نفسه أمام أعظم محكٍّ في رحلة الحفظ: سورة البقرة.

والحكمة في هذا الترتيب أن من جاوز العقبة الكبرى، هان عليه ما بعدها، ومن قهر التحدي الأعظم، صار كل تحدٍّ دونه سهلًا ومقدورًا، هنا بالذات تتربص العقبة النفسية التي يُغذيها الشيطان بوساوسه، فما إن تنعقد النية حتى تنهال الهواجس والتثبيطات.

يواجه هذا التخويف الشيطانيَّ ضمانٌ إلهي قاطع بالتيسير؛ تكرر في القرآن الكريم أربع مرات: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ[القمر: 17، 22، 32، 40]، والواقع المشاهَد هو أكبر برهان على هذا التيسير؛ فملايين المسلمين من مختلف الأعمار والقدرات يحفظون القرآن، بل إن أعدادًا غفيرة من كبار السن أقبلوا على كتاب الله فحفِظوه كاملًا، مما يثبت أن باب الحفظ لا يُغلَق مع تقدم العمر.

الصدر المعمور: من الخراب إلى العمار:
إن رحلة حفظ القرآن في جوهرها عملية نقل كلام الله من السطور إلى الصدور، ولهذا الانتقال أثرٌ تحويليٌّ عميق على كيان الإنسان؛ فقد صوَّر النبي صلى الله عليه وسلم هذا التحول بقوله: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرِب))؛ [الترمذي: 2913].

وفي مقابل هذا الخراب، يأتي المَثَلُ النبوي البديع ليصور حال من عمر جوفه بالقرآن: ((ومَثَلُ من تعلمه، فيرقد، وهو في جوفه، كمثل جراب وُكِيَ على مسك))؛ [الترمذي: 2876]، هذه الصورة البلاغية تكشف عن حقيقة عميقة؛ فكما أن المسك لا يفقد قيمته وطِيبه وهو محبوس في جرابه، كذلك القرآن في جوف الحافظ يظل مصدرَ بركة ونور، حتى وإن كان صاحبه نائمًا.

مقام الأهلية والاصطفاء:
لا يقتصر أثر صحبة القرآن على التحول الداخلي فحسب، بل يرتقي بصاحبه إلى مقام الأهلية الإلهية؛ فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المقام العظيم حين قال: ((إن لله أهلين من الناس، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته))؛ [أحمد: 12292].

ولأن سورة البقرة تحتاج إلى برنامج طويل ومصابرة فريدة، فإن صاحبها يكون الأقربَ إلى نيل هذا المقام، وقد تجلى هذا التكريم في نداء العباس يوم حنينٍ حين تراجع الناس، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي: ((يا أصحاب سورة البقرة))؛ [عمدة التفسير: 74/1]، فكان هذا النداء تذكيرًا لهم بعهدهم الخاص مع الله.

البيت المحصن: من القبر إلى النور:
تتجلى بركة سورة البقرة في البيت والأسرة من خلال وضع النبي صلى الله عليه وسلم خيارين لا ثالث لهما للبيت المسلم: إما أن يكون مقبرة موحشة يسكنها الشيطان، وإما أن يكون واحةً منيرة تعمر بذكر الله، والحد الفاصل بين الحالين هو سورة البقرة؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابرَ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة))؛ [مسلم: 780].

البيت النجم في ملكوت السماء:
إن البيتَ الذي تُتلى فيه آيات سورة البقرة ليلَ نهارَ يتحول إلى نجم ساطع في ملكوت السماء؛ كما جاء في الأثر: ((وإن البيت لَيُتلى فيه القرآن، فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض))، وفي أثر عجيب، رُويَ أنَّ دار الصحابي ثابت بن قيس لم تزل ليلة كاملة "تزهر مصابيح"، فلما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قال: ((فلعله قرأ سورة البقرة))؛ [فضائل القرآن للفريابي: 35].

منهاج القيادة ومدرسة السيادة:
لم تقتصر بركة سورة البقرة على الحصانة الفردية والبيتية، بل امتدت لتمنح صاحبها رفعةً وتقديمًا في الشأن العام، إن تقديم النبي صلى الله عليه وسلم للشاب الذي يحفظ سورة البقرة ويفقهها، وتأميره على من هم أكبر منه، إعلانٌ بأن هذه السورة منهاج للقيادة بامتياز.

فحافِظ سورة البقرة بفَهم لا بد أن يكون قد استوعب دروسها في معرفة أنواع الناس؛ المؤمنين والكافرين والمنافقين، وفهم طبيعة الصراع مع قوى الشر، وإدراك أسس بناء المجتمع من خلال أحكام الأسرة والاقتصاد والجهاد، ومعرفة دوره في حمل الأمانة وخلافة الأرض.

الرفعة في الدنيا والآخرة:
ولذلك لم يتردد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين علِم أن والي مكة استخلف على أهل الوادي مولًى، فلما قيل له: "إنه قارئ لكتاب الله، وإنه عالم بالفرائض"، قال عمر: أمَا إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين))؛ [مسلم: 817].

إن من أعظم ما يرجوه الإنسان بعد رحيله من هذه الدنيا صاحبًا وفيًّا قويًّا، يدافع عنه في وحشة القبر وأهوال المحشر، وسورة البقرة التي حصنت قلب قارئها وبيته، هي هذا الصاحب الذي لا يخذل أبدًا.

حيث تأتي الزهراوان - البقرة وآل عمران - كغمامتين أو غيايتَين تحاجَّان عن أصحابهما؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا الزهراوين؛ البقرة وسورة آل عمران؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فِرقان من طيرٍ صوافَّ، تُحاجان عن أصحابهما))؛ [مسلم: 804].

البركة في زمن الأزمات:
في زمن نُزعت فيه البركة من كل شيء؛ من الأعمار والأرزاق والأوقات، يأتي "أخذُ" سورة البقرة ليُعيد لهذه الحياة بركتها المفقودة، فالمرء الذي يظن أنه سيجد البركة في مال أو ولد أو منصب، كثيرًا ما يجد الحسرة والخواء؛ لأنه طلبها من غير مصدرها.

أما من أخذ سورة البقرة، فإن البركة تحلُّ في كل شأنه؛ يطول عمره المعنوي، ويتضاعف إنتاجه، ويهنأ عيشه، وفي المقابل، فإن "تركها" هو الحسرة بعينها؛ حسرة العمر الذي انقضى دون أن يعمر بسَنام القرآن، وحسرة الحسنات التي ضاعت.

دعوة للبدء:
إن صحبة سورة البقرة رحلة حياة متكاملة، تبدأ بإحياء قلب المؤمن وتنوير صدره، وتأمينه في نفسه وبيته، وترتقي به إلى مقامات القيادة والسيادة، وتجعل منه حجرَ زاوية في نهضة أمته، وتضمن له دفاعًا وشفاعة في قبره ويومَ بعثه.

إن مشروعًا بحجم سورة البقرة لا يُقتحم بالعزيمة البشرية المجردة، بل يُسلك بالنية الصادقة، والافتقار إلى الله، واللجوء الدائم إليه، وكل رحلة عظيمة لا بد لها من غاية أسمى توجِّه مسارها، وغاية هذه الرحلة الارتقاء إلى منزلة "الخيرية" المُطلقة التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))؛ [البخاري: 5027].

إنها درع تُلبس، وتاج يعتمر، ومنهاج يُتبع، ومصير يُختار، فهيا لنبدأ!

الكلمات المفتاحية: سورة البقرة، منهاج السيادة، البركة والحسرة، أهل القرآن، الحصانة الروحية، القيادة الإسلامية، التربية القرآنية.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.68 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]