العجز والكسل: معناهما، وحكمهما، وأسبابهما، وعلاجهما - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          لطائف من القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 294 )           »          من صفات الرجولة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3116 - عددالزوار : 475863 )           »          إشراقة آية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 6682 )           »          تفسير قوله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حقوق القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 13 )           »          المضاف إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الكشف الصوفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 11:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,955
الدولة : Egypt
افتراضي العجز والكسل: معناهما، وحكمهما، وأسبابهما، وعلاجهما

العجزُ والكَسَلُ معناهما، وحكمهما، وأسبابهما، وعلاجهما

الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وسلم.

أمَّا بعدُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


عبادَ اللهِ: لقد تحدَّثنا في الجُمُعَةِ الماضيةِ عنِ استعاذةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنَ الْهَمِّ والغَمِّ والْحَزَنِ، وسنتحدَّث في هذه الْجُمُعَةِ إن شاءَ اللهُ عن استعاذتهِ صلى الله عليه وسلم مِن العَجْزِ والكَسَلِ، عن معناهما، وحُكْمُهُما، والفرقُ بينهما، والأدلةُ على مشروعيةِ الاستعاذةِ باللهِ منهما، وما فيه مِن الحِكَمِ البالغةِ والمعاني الجليلة، وعن أسبابهما وعلاجهما.


عباد الله: العَجْزُ في اللُّغةِ: يأتي بمعنى التأخُّرِ والتَّعَبِ وسَلْبِ القُوَّةِ، قال تعالى في قِصَّةِ ابْنَيْ آدم: ﴿ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ [المائدة: 31].


والعجزُ في الاصطلاح: القُصُورِ عن فِعْلِ الشيءِ، وهو ضِدُّ القُدْرةِ.


وأَمَّا معنى الكَسَل في اللغةِ: قال الراغبُ: (الكَسَلُ: ‌التثاقُلُ ‌عمَّا ‌لا يَنبغي التثاقُلَ عنه، ولأجلِ ذلكَ صارَ مذموماً، يُقال: كَسِلَ فهو كَسِلٌ وكَسْلانُ، وجمعه:‌‌ كُسَالَى وكَسَالَى، قال تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى [التوبة: 54]).


والكَسَلُ في الاصطلاح: فترةُ النفسِ، والتواني، والتثاقُلِ عمَّا لا يَنبغي التثاقُلُ عنهِ مَعَ وُجودِ القُدرةِ.


عبادَ اللهِ: لقد كَثُرَت استعاذاتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من العَجْزِ والكَسَلِ، بل كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الكسل في كُلِّ صباحٍ ومساءٍ، فعن ابنِ مسعودٍ قالَ: (كانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذا أَمْسَى قالَ: «أَمْسَيْنَا وأَمْسَى الْمُلْكُ للهِ، والْحَمْدُ للهِ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ»، قالَ: أُرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ: «لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا في هَذِهِ اللَّيلةِ، وخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا في هَذِهِ اللَّيلَةِ، وشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وسُوءِ الْكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ، وعَذَابٍ في القَبْرِ»، وإذا أَصْبَحَقالَ ذلكَ أيضاً: «أَصْبَحْنَا وأَصْبَحَ الْمُلْكُ للهِ») رواه مسلم، وقال أنس رضي الله عنه: (كُنْتُ أَسْمَعُهُ صلى الله عليه وسلم كثيراً يقولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الْهَمِّ والْحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والْجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ») رواهُ البخاريُّ، و(دخَلَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذاتَ يومٍ المسجدَ، فإذا هُوَ برَجُلٍ مِنَ الأنصارِ، يُقالُ لهُ: أبو أُمامةَ، فقالَ: «يا أبا أُمامةَ، ما لي أَرَاكَ جالساً فِي المسجدِ فِي غيرِ وقْتِ الصَّلاةِ؟» قالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْني، ودُيُونٌ يا رسُولَ اللهِ، قالَ: «أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلاماً إذا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذهَبَ عزَّ وجَلَّ هَمَّكَ، وقَضَى عنكَ دَيْنَكَ؟» قالَ: قُلْتُ: بلَى يا رسُولَ اللهِ، قالَ: «قُلْ إذاأَصْبَحْتَ وإذا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الْهَمِّ والْحَزَنِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن العَجْزِ والكَسَلِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن الْجُبْنِ والبُخْلِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وقَهْرِ الرِّجَالِ» قالَ: ففَعَلْتُ ذلكَ، فأَذهَبَ اللهُ عزَّ وجَلَّ هَمِّي، وقَضَى عَنِّي دَيْني) رواهُ أبو داود وحسَّنه العراقي، و(عن أنسِ بنِ مالكٍ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يقولُ فِي دُعائِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن العَجْزِ والْكَسَلِ، والْجُبْنِ والْبُخْلِ، والْهَرَمِ، والقَسْوَةِ، والغَفْلَةِ، والْعَيْلَةِ، والذِّلَّةِ، والْمَسْكَنَةِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن الفَقْرِ، والكُفْرِ والفُسُوقِ، والشِّقَاقِ والنِّفَاقِ، والسُّمْعَةِ والرِّياءِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن الصَّمَمِ والبَكَمِ، والْجُنُونِ، والْجُذَامِ، والْبَرَصِ، وسَيِّئِ الأسْقَامِ») رواه الطبرانيُّ فِي الصغير وصحَّحه العراقي، وعنه رضي الله عنه (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الْكَسَلِ والْهَرَمِ، والعَجْزِ والبُخْلِ، وفتنةِ الْمَسِيحِ، وعذابِ القَبْرِ») رواه ابنُ حبان في صحيحه وصحَّحه مُحقِّقه، و(عن زيدِ بنِ أَرْقَمَ قالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يقولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الكَسَلِ والعَجْزِ والبُخْلِ») الحديثُ رواه الترمذيُّ وصحَّحه، وعنه رضي الله عنه قال: (لا أقُولُ لكُمْ إلاَّ كما كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يقولُ: كانَ يقولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ، والكَسَلِ، والْجُبْنِ، والبُخْلِ، والْهَرَمِ، وعذابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاها، وزَكِّهَا أَنْتَ خيرُ مَنْ زكَّاها، أَنْتَ وليُّهَا ومَوْلاها، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، ومِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، ومِنْ نفْسٍ لا تَشْبَعُ، ومِنْ دعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا») رواه مسلم، وعند الإمام أحمد وصحَّحه مُحقِّقُو المسند: (فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌يُعَلِّمُنَاهُنَّ، وَنَحْنُ نُعَلِّمُكُمُوهُنَّ)، و(عن أنسٍ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يقولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الْهَمِّ، والعَجْزِ، والكَسَلِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن القَسْوَةِ، والغَفْلَةِ، والعَيْلَةِ، والذِّلَّةِ، والْمَسْكَنَةِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن الصَّمَمِ، والبَكَمِ، والْجُنُونِ، والْجُذَامِ، وشَرِّ الأسقامِ») رواه الضياءُ المقدسي وصحَّحه مُحقِّقه.


و(عنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: «‌الكَيِّسُ ‌مَنْ ‌دَانَ نَفْسَهُ، وعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، والعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وتَمَنَّى على اللهِ») رواه الترمذيُّ وقال: (هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ، ومَعْنَى قَوْلِهِ: «مَنْ دَانَ نَفْسَهُ»: يَقُولُ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدُّنيا قبلَ أنْ يُحَاسَبَ يوْمَ القِيَامَةِ) انتهى، وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ ولا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ‌فَإِنَّ ‌لَوْ ‌تَفْتَحُ ‌عَمَلَ الشَّيْطَانِ») رواه مسلم.


أيها المسلمون: أمَّا حُكْمُهُما: فهما صِفتانِ مذمومتانِ شَرْعَاً، قال الإمامُ ابنُ القيِّم رحمه الله: (إِنَّ ‌تَخَلَّفَ ‌كَمَالِ ‌الْعَبْدِ وَصَلاحِهِ عَنْهُ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ عَجْزٌ، أَوْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ لَكِنْ لا يُرِيدُه، فَهُوَ كَسَلٌ، وَيَنْشَأُ عَنْ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ فَوَاتُ كُلِّ خَيْرٍ، وَحُصُولُ كُلِّ شَرٍّ)، وقال أيضاً: (الْعَجْزُ فإِنَّهُ يَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ إِذَا عَجَزَ عَمَّا يَنْفَعُهُ، وصَارَ إِلَى الأَمَانِيِّ الْبَاطِلَةِ بقَوْلِهِ: لَوْ كَانَ كَذَا، وَلَوْ فَعَلْتُ كَذَا= انفَتَحَ عَلَيْهِ عَمَلُ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ بَابَهُ الْعَجْزُ وَالْكَسَلُ، وَلِهَذَا اسْتَعَاذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمَا، وَهُمَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، وَيَصْدُرُ عَنْهُمَا الْهَمُّ وَالْحَزَنُ، والْجُبْنُ وَالْبُخْلُ، وَضَلَعُ الدَّيْنِ وَغَلَبَةُ الرِّجَالِ، فَمَصْدَرُهَا كُلُّهَا عَنِ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ).


وأمَّا الفرق بينهما، فالكَسَلُ تركُ الشيءِ مع القُدْرةِ على فِعْلِه، والعَجْزُ: عدمُ القدرة عليه.


وقال الشوكاني: (الكَسَل.. فَتْرَة تلْحق الْإِنْسَان بِكَوْن بِسَبَبِهَا تثبيطه عَن الْعَمَل وَإِنَّمَا استعاذ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لما فِيهِ من عدم انبعاث النَّفس على الْخَيْر وَقلة الرَّغْبَة فِيهِ مَعَ إِمْكَانه.. -و- الْعَجز إِنَّمَا استعاذ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لأَنَّهُ يَمْنَع العَبْد من أَدَاء الْحُقُوق الْوَاجِبَة عَلَيْهِ الدِّينِيَّة والْمَالية.. وَقد ذمّ الله سُبْحَانَهُ الْعَاجِز في كتابه وضَرَبَ فيهِ مَثلاً فقالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ [النحل: 75]، كَمَا ذمَّ الكُسَالى بقولهِ تعالى: ﴿ هِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة: 54]، وقالَ: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء: 142]).

الخطبة الثانية
أما بعد: فإنَّ مِن أسباب العجز والكسل:
أولاً: الرُّكُونُ إلى الدَّعَةِ والرَّاحةِ، قال مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْكَتَّانِيّ: (‌مَنْ ‌طَلَبَ ‌الرَّاحَةَ بِالرَّاحَةِ عُدِمَ الرَّاحَةَ) رواه البيهقي في الزهد الكبير.

ثانياً: الفراغ، (قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «‌نِعْمَتَانِ ‌مَغْبُونٌ ‌فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ») رواه البخاري، وقال ابنُ مسعودٍ: (إِنِّي لأَبْغَضُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا لَيْسَ في شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا ولا عَمَلِ الآخِرَةِ) رواه الإمام أحمد في الزُّهد.

ثالثاً: طُولُ الأملِ والتعلُّقِ بالأوهامِ والأمانيِّ الكاذبةِ، قال سبحانه: ﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الحجر: 3]، وقال ابنُ القيم: (فَالْمُتَمَنِّي مِنْ أَعْجَزِ النَّاسِ وَأَفْلَسِهِمْ، فَإِنَّ التَّمَنِّيَ رَأْسُ أَمْوَالِ الْمَفَالِيسِ، وَالْعَجْزُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، وَأَصْلُ ‌الْمَعَاصِي ‌كُلِّهَا ‌الْعَجْزُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَعْجِزُ عَنْ أَسْبَابِ أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ، وَعَنِ الأَسْبَابِ الَّتِي تُبْعِدُهُ عَنِ الْمَعَاصِي، وَتَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَيَقَعُ فِي الْمَعَاصِي).

وقال ابن حجر: (وَيَتَوَلَّدُ مِنْ ‌طُولِ ‌الْأَمَلِ ‌الْكَسَلُ ‌عَنِ ‌الطَّاعَةِ وَالتَّسْوِيفُ بِالتَّوْبَةِ وَالرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا وَالنِّسْيَانُ لِلْآخِرَةِ وَالْقَسْوَةُ فِي الْقَلْبِ).

رابعاً: الترفُ وكثرة النوم، قال ابن القيم في ذكره لِمُفْسداتِ القلب: (الْمُفْسِدُ الْخَامِسُ: كَثْرَةُ النَّوْمِ، فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَيُثَقِّلُ الْبَدَنَ، وَيُضِيعُ الْوَقْتَ، وَيُورِثُ ‌كَثْرَةَ ‌الْغَفْلَةِ ‌وَالْكَسَلِ).

خامساً: صُحْبةُ الكُسالى والعاجزين، قال أبو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيُّ:
‌لا ‌تَصْحَبِ ‌الْكَسْلانَ في حَاجاتِهِ
كَمْ صَالِحٍ بِفَسَادِ آخَرَ يَفْسُدُ
عَدْوَى الْبَلِيدِ إلَى الْجَلِيدِ سَرِيعَةٌ
وَالْجَمْرُ يُوضَعُ فِي الرَّمادِ فَيَخْمُدُ


خامساً: إِلْفَةُ الاعتمادِ على الغيرِ، فيعتمدُ في نفقته اليومية على أبيه أو أمه أو أخيه، (قال يزيد بن المهلب: ما يسرني أنْ كُفيتُ أمرَ الدنيا كُلَّه لئلا أتعَوَّدَ العجز).

سادساً: التهيُّب مِن مواجهة مصاعب الحياة، ‌قالَ ‌زُهَيْرُ ‌بنُ أَبي سُلْمى في مُعَلَّقَته:
‌وَمَنْ ‌هابَ ‌أَسبابَ الْمَنايا يَنَلْنَهُ
وَلَو رَامَ أَسْبَابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ




عباد الله: إن العجز والكسل من أكبر العوائق التي تُعيق الإنسان عن النجاح والفوز في الدنيا والآخرة، ومن أفتكِ الأمراض التي تُصيب النفسَ وتُضعفُ العَزْمَ وتُعيق عن الإقدام على النافع من الأعمال، ولذا فإن من أهمِّ علاجه:
أولاً: الاستعاذة بالله منهما قبل نزولهما وبعد نزولهما.


ثانياً: ذِكْرُ اللهِ عند الاستيقاظ مِن النوم مع الوضوء والصلاة، فعَنْ (أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِاللَّيْلِ بِحَبْلٍ فِيهِ ثَلاثُ عُقَدٍ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ قَدْ أَصَابَ خَيْرًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ كَسِلًا ‌خَبِيثَ ‌النَّفْسِ ‌لَمْ ‌يُصِبْ خَيْرًا») رواه ابن ماجه وأصلُه في الصحيحين.


ثالثاً: أنْ يتفكَّر الْمُتكاسل والْمُتعاجز عن الآثار النفسية والعملية والاقتصادية والاجتماعية، من الشعور بالتحسُّر والندم وقسوة القلب فقد سبقه أقرانه في أمور دينهم ودنياهم.


رابعاً: تربية الأولادِ على مزاولة الحِرَفِ والصناعاتِ مُنذُ الصِّغَر.


خامساً: النظر في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الآمرة بالحركة والسعي في مصالح الدين والدنيا وذمِّ العجزِ والكسلِ، بل حتى في مِشيتِك، فعن ابنِ عباسٍ قالَ: (كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي مَشْيَاً يُعْرَفُ فيهِ أنه ‌ليسَ ‌بعاجزٍ ‌ولا ‌كَسلان) رواه أبو طاهرٍ الْمُخلِّصُ وحسَّنه الألباني، و(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا مَشَى مَشَى مُجْتَمِعًا، لَيْسَ فِيهِ كَسَلٌ) رواه الإمامُ أحمد وصحَّحه مُحقِّقو المسند، قال ابن الأثير: (أَيْ ‌شَديدُ الحَرَكَة، ‌قَوِيَّ الأعْضَاء، غيْرَ مُسْتَرْخٍ في المشْي) انتهى.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.90 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.76%)]