|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
تعظيم النصوص الشرعية د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، الذي له ملك السماوات والأرض وخلق كل شيء فقدره تقديرًا، خلق الإنسان من نطفة أمشاجٍ يبتليه فجعله سميعًا بصيرًا، ثم هداه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا، فمن شكر كان جزاؤه جنةً وحريرًا، ونعيمًا وملكًا كبيرًا، ومن كفر لم يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا، نحمده تبارك وتعالى حمدًا كثيرًا، ونعوذ بنور وجهه الكريم من يومٍ كان شرُّه مستطيرًا، ونسأله أن يلقِّيَنا يوم الحشر نضرة وسرورًا، وأن يظلنا بظل عرشه حيث لا نرى شمسًا ولا زمهريرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تجعل الظلمة نورًا، وتُحيل ضيق الصدر انشراحًا وحبورًا، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدُه المرسل مبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد: فاعلموا - عباد الله - أن الخير كل الخير، والسعادة في الدنيا والآخرة في اتباع أوامر الله، وعدم التقصير في أدائها، واجتناب نواهيه وعدم اقترافها:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 174، 175]، فالقرآن الكريم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين، وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأعماله هي إرشاد وتوجيه وبيانٌ لأفضل حياة يعيشها الإنسان، فأسعد الناس بلا شكٍّ ولا ريب، من يتدبر كتاب الله متأملًا أحكامه وقصصه، وأحوال الناس في الآخرة، فيكون أثر ذلك على علاقته مع ربه بالقرب منه، وعلاقته بالناس بحسن المعاملة معهم، فلنقترب - أيها المؤمنون - من كتاب ربنا، ولنقرأ في سيرة وتوجيهات نبينا صلى الله عليه وسلم، وليكن كتاب ربنا عز وجل وسُنة نبينا صلى الله عليه وسلم هما المرشد لنا في حياتنا، فما أمرنا الله عز وجل به فنُوقن عين اليقين أنه الخير والهدى، وراحة القلب في اتباعه، وما نهانا الله عز وجل عنه، ففيه التعاسة والشقاء، وضيق الصدر والضنك في اقترافه: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 125 - 127]، ولكم أن تتأملوا في كل التشريعات والأنظمة الشرعية، في الأمور التعبدية التي أمرنا الله بها: من أفضل ثمراتها تقوية العلاقة بربنا وحسن الاتصال به جل جلاله، الصلاة والصيام والحج، والذكر والدعاء: ﴿ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 162]، ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [النساء: 13]، ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النساء: 173]،﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴾ [الكهف: 88]، ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 15 - 17]، في المعاملات بين الناس: الصدقة والزكاة والإحسان إلى الوالدين والجيران، والعفو والصفح والتسامح، ولكم أن تتأملوا في العلاقة الزوجية: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]، ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 237]، هذه بعض الأمثلة في الأوامر الربانية التي أمرنا به الله عز وجل، ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [النساء: 13]، ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 71، 72]، ﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 22 - 24]. ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 60 - 63]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ [الحج: 23]. لنتأمل في النواهي التي تفسد العلاقة بربنا سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا ﴾ [الفتح: 13]، ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 17]، ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]، ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [النساء: 173]،﴿ وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الإسراء: 10]. ولنتأمل أيضًا النواهي التي تفسد العلاقة بالناس، والتي من أوضحها ظلم الناس، وأيضًا القتل والسرقة، والزنا واللواط، وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم، والربا والغش في البيع، وأكل مال اليتيم، ولكم أن تتأملوا هذه المقاطع من الآيات: ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفرقان: 37]، قال: ﴿ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 87]،﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 14]، ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 27]، ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾ [المدثر: 42 - 47]، ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ [الفرقان: 68، 69]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279]. أيها المؤمنون: لنرجع إلى كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فما أنزل الله عز وجل كتابه الكريم، وما بعث نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم إلا لننال سعادة ليس بعدها سعادة في الدنيا والآخرة، فهلمُّوا - عباد الله - إلى كتاب ربكم تلاوةً وحفظًا، وتدبرًا وفهمًا، وتطبيقًا وإذعانًا وعملًا، وهلموا إلى تعلم هديِ نبيكم صلى الله عليه وسلم، ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]. بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من آيات وحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، استغفروه؛ إنه كان غفارًا. الخطبة الثانية الحمد لله وليِّ من اتقاه، من اعتمد عليه كفاه، ومن لاذ به وقاه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله ومصطفاه، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه؛ أما بعد:﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الحجر: 45]، ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ﴾ [الطور: 17]، ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55]، ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴾ [القلم: 34، 35]، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن شريعة الله هداية وفلاح، وراحة وهناء. واستجيبوا - عباد الله - لِما دعاكم إليه نبيكم الهادي البشير، والسراج المنير؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتُكم عنه، فاجتنبوه، وما أمرتكم به، فأتوا منه ما استطعتم))، ﴿ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28]، قولوا أيها المؤمنون: رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًُا، تجب لكم الجنة، واحمدوا الله أيها المؤمنون حمدًا كثيرًا أن جعلكم مسلمين، من أمة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم، أنزل علينا أفضل كتبه وأعظمها بيانًا، وأفصحها لسانًا، حَوَتْ آياته أفضل تشريع للحلال والحرام، ولو فكر عباقرة الدنيا كلهم أن يأتوا بتشريع يوازي دين الله لَما استطاعوا، ولَعجزوا عن ذلك، فالحمد لله أن جعلنا مسلمين، ونسأله سبحانه أن يميتنا مؤمنين، متمسكين بشريعته، غير مبدلين ولا مغيِّرين، اللهم آمين آمين، فلا يكن همنا إلا الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم في كل أقوالنا وأفعالنا، لا نتجاوز ذلك، بل نراقب أنفسنا، ونحاسبها إن تجاوزت أو فرَّطت أو قصَّرت. رُوي عن علي رضي الله عنه أنه ذكر فتنًا تكون في آخر الزمان، فقال له عمر رضي الله عنه: متى ذلك؟ فقال: "إذا تُفقِّه لغير الدين، وتُعلِّم لغير العمل، والتُمست الدنيا بغير الآخرة". أيها المسلمون: نحن مسلمون، نُسلم أمورنا إلى ربنا بالتزام كتابه الحكيم وسنة نبيه سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وقد نلاحظ بعض الناس إذا قيل له: هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، يرد عليك: هل هو واجب أم سُنة؟ حتى يتهاون في أداء السنن، والمحبُّون الصادقون للنبي صلى الله عليه وسلم أشد تمسكًا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، سواء كان سنة أو واجبًا، وإذا قيل لأحدهم: هذا الأمر نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، رد عليك فقال: أهو مكروه أم محرَّم؟ حتى يتبع هواه، فيقترف ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهةَ تنزيه أو تحريم، فاتقِ المحارم يا عبدالله، تكن أعبد الناس، وما عبد العابدون بشيءٍ أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه، قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى: "ليست التقوى قيام الليل وصيام النهار، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى أداء ما افترض الله، وترك ما حرم الله". أيها المؤمنون: عمل الطاعات قد لا يستطيع عملها البعض لعجز أو مرض أو عدم قدرة، فيُعفى عنهم ويتجاوز، لكن ترك المعاصي يستطيعه كل أحد، فلا يتهاون المؤمن فيها، وقد يكون الداعي إلى المعاصي والدافع إليها قويًّا، فيحتاج المؤمن إلى مجاهدة نفسه مجاهدةً قوية لعدم فعل ما نهى الله عنه، فجاهدوا أنفسكم - عباد الله - بالعمل بما يُرضيه، وترك ما ينهى عنه؛ لذا حين حرَّم الله أشياء، حرَّم كل ما يدفع إليها؛ فمثلًا: حين حرم الزنا، حرم ما يدفع إليه من الخلوة بالأجنبية والنظر الحرام، وهكذا في سائر المحرَّمات، نسأل الله الرحيم الرحمن أن نكون من عباده المتقين، والمتَّبعين لسيد الأنبياء والمرسلين.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |