|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في ميزان العلم.. التطور الدارويني حقيقة أم خيال؟ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. لم يعد يجدي كثيراً دور الحارس في زمن يتعرض له الإسلام لهجمات غير مسبوقة في نواحي عدة، لا سيما في باب الشهوات والشبهات الذي انفتح انفتاحاً كبيراً، وضعف دور المنع وأصبح كل امرئ دون نفسه ، وليس الخوف على الإسلام، فقد تولى الله -تعالى- حفظه وإظهاره على الدين كله، وفي السيرة النبوية عبرة لمعتبر لا سيما غزوة الخندق، فالخوف ليس على الإسلام ولكن على أبناء المسلمين مما يعصف بهم، مع تفنن أعداء الله في الإضلال ، وحيث اختلفت وسيلة الدفاع في عصر الانفتاح لذا تبرز أهمية دور الموجه الناصح، ودور الرقابة الذاتية كما يبرز دور المهاجمين المبادرين لنقد الباطل والذابين عن أصول الإسلام وثوابته، كما يبرز دور العناية الكبيرة بأدلة أصول الإسلام([1]) فيعيد المسلم بناء نفسه على أساس متين يصمد أمام تلك العواصف، وهذا البناء يقابله ضرورة الهدم لقواعد الباطل وكشف ما تحت زخرف القول من الفساد والبطلان والإفلاس، وهذا لا يكون لأي أحد بل على أيدي المختصين، ولله الحمد هناك مراكز([2]) تعنى بجانب المناعة الفكرية وتعزيز اليقين ونقد الباطل وإصدار الكتب المتنوعة في هذا الباب وغيره وبث الوعي وإقامة الدروس والبرامج ولم يبقَ لمن تأثر بالشبهات ووقع في الحيرة والضعف إلا أن يدل طريقها، والتوفيق والسداد بيد الله تعالى. ونظرية التطور الداروينية من المعابد المتهالكة التي وجهت لها ضربات الهدم من الباحثين المسلمين بل من بعض علماء الغرب أنفسهم، وتكاثرت في نقدها الكتابات والمؤلفات، وهي آيلة للسقوط رغم التفاف القوم حولها، ومع هذا الحال للنظرية إلا أنَّا نجد بعض المسلمين يؤمنون بها دون وعي بحقيقتها. وقد كتبت سطور قليلة هي حصاد قراءة ومطالعة في هذا الملف ثم أحببت أن تكون مشاركة من المشاركات وسهم من جملة السهام الموجهة لنقد النظرية أحتسبه عند الله تعالى ولعل الله أن ينفع به أحد. وبطبيعة الحال هذه السطور لغير المتخصص لتعطيه إحاطة عن فرضية التطور وحقيقتها، وإن كان المطالع الكريم يرى أن لديه اليقين المبني على الدليل الشرعي السليم إلا أن هذا اليقين يزداد ويصفو بعد هدم الباطل. وهذا أوان الشروع في المقصود والله المعين وعليه التكلان. في ميزان العلم.. التطور الدارويني حقيقة أم خيال؟ بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن موضوع التطور من المواضيع التي أهتم بها إلى أن قدر لي يوماً أن أقرأ كتاب (صندوق داروين الأسود) للعالم الأمريكي د. مايكل بيهي وهو عالم كيمياء حيوية وأستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة ليهاي في بنسلفانيا وزميل بارز في مركز العلوم والثقافة، وتعجبت كثيراً من الحجة التي أوردها في كتابه والتي يبطل بها التطور إن لم نقل سحق بها التطور، فكيف لا تزال النظرية قائمة في تلك المجتمعات؟ ثم بعد ذلك قمت بقراءة العديد من الكتب لأكتشف أن ما نعرفه منذ زمن طويل عن التطور واعتقاد أكثرنا أنه نظرية مسلم بها في الغرب ليس صحيحاً، أو اعتقاد بعضنا أن النظرية اكتسبت تأثيرها بسبب قوة أدلتها، وأن العلم يشق طريقه بأبجدياته وأخلاقياته، وإن وجد شيء غير مقبول فهو راجع لخطأ ما وهفوة من عالم فكل ذلك ليس صحيحاً، ولعل ذلك راجع إلى أن العالم العربي بالنسبة للعلوم الحديثة مجرد مستهلك معرفي لما ينتجه الغرب، وأن ما يدور في فضاء العالم العربي هو مجرد صدى لما يبثه الغرب كونهم أصحاب الاختصاص والسبق في العلوم الحديثة، وليس لنا يد في نقده علمياً، لذا كان مفروض علينا القبول فقط. إضافة إلى أثر هيمنة النموذج الغالب والتي تؤدي إلى قبول المغلوب لرأي الغالب بشكل مجرد، والغرب يدرك هذه العلاقة المعرفية بينه وبين العالم العربي ويظهر ذلك في بعض أساليب الترويج للأفكار في بعض المواد المرئية والمقروءة. ولكن الواقع أن العالم الغربي -لا سيما في الوسط العلمي-ليس كلهم يؤمن بالتطور وليس جميعهم متفقين، كحال مايكل بيهي مثلاً وليس تدين منه فمايكل رفض التطور بعد قراءته لكتاب (التطور نظرية في أزمة) لمايكل دنتون أستاذ علوم الوراثة والكيمياء الحيوية، وكتاب دنتون هذا قديم صدر عام 1985م ثم عاد دنتون حديثاً فألف كتابه الحالي (التطور نظرية "ما زالت" في أزمة) وكحال ستيفن ماير صاحب كتاب (شك داروين) وغيرهم. لماذا ظلت الداروينية موجودة؟ طبيعة النظريات أنها تسقط وتحل محلها نظريات أخرى أو تتحول إلى حقائق وجودية مسلمة عند تكامل الأدلة وتضافرها والتحقق منها، مثل دوران الأرض حول الشمس مثلا، ولا حرج في وضع فرضية ممكنة علمياً ثم البحث عن أدلتها لكن العجب ألا يراد لها السقوط عند العجز عن إثباتها، ولا يراد لها أن تذهب إلى أرشيف النظريات القديمة لتحل محلها نظرية جديدة أو حقيقة علمية. ولكن يزول العجب إذا عرفت أن المخلوقات - في نظر الملاحدة - لن تخرج عن كونها متطورة أو مخلوقة، بمعنى أن الملاحدة الذين يتبنونها إما أن يثبتوها فيصبح لديهم دليل على إلحادهم([3]) أو يتشبثون بها كنظرية مجردة، ولا خيار آخر، وأما فكرة التطور الموجه فعلى إشكالاته في الجانب الشرعي والعلمي، وكثرة تناقضاته كونه مذهباً تلفيقياً يحاول إرضاء الطرفين، إلا أنه داخل في القسم الثاني وهذا لا يسعد الملاحدة، ولماذا الملاحدة؟ يجيب التطوري داعية الإلحاد الأشهر رتشارد ديكنز: "داروين جعل الأمر ممكناً في أن تكون ملحداً متكاملاً فكرياً[4]"! يضاف لما سبق أن التطور الموجه لا يصح الكلام فيه قبل ثبوت التطور نفسه كونه فرع عنه وهذا ما لم يتحقق كما ما سيتضح. التطور الصغير والتطور الكبير هناك من يقسم التطور إلى تطور كبير وتطور صغير فالتطور الكبير هو التطور الدارويني المراد به تكون الأنواع المختلفة من المخلوقات ونشوء بعضها من بعض وأما التطور الصغير فهو يكون داخل النوع الواحد وينتج عنه تحسين المحاصيل وسلالات حيوانات المزرعة وإنتاج اللقاحات وهو وأن سمي تطوراً فهو لا ينتج عنه مخلوقات جديدة ولا تتخلق جينات جديدة ويكون محدوداً داخل النوع الواحد فالتفاح عند محاولة تحسينه لا ينتج عنب مثلا فضلاً أن ينتج حيوان فهو محدود بإطار النوع، وللأسف يغالط بعض المتعصبين للداروينية ويستدلون بما يتم رصده في المختبرات عن التطور الصغير للاستدلال به على التطور الكبير أو الدارويني وهذا التدليس والإيهام للمطالع راجع لأسباب فلسفية، لذا نجد منصفيهم لا يرون أن هناك علاقة بين التطور الصغير والتطور الكبير ويصرحون بذلك، ولعل التطور الصغير مما عزز الخيال لدى داروين عند ملاحظته أنواع من الطيور ولئن كان له عذر في هذه الجزئية إلا أنه بعد تقدم العلوم واكتشاف الشفرات الوراثية والجينات وتبين عدم تغيرها عند إنتاج السلالات وأنها لا تخرج عن النوع الواحد ولا يمكن أن تنتج نوعاً جديداً لم يعد هناك عذر لأحد. خيال العقل وعقبات الواقع: فكرة تطور الكائنات ليست عسيرة على الخيال المجرد ولننظر في بعض السياقات التاريخية فأرسطو وضع السلسلة العظمى للكائنات والتي قسم فيها الكائنات إلى عدة مراتب وهي التراب ثم النبات ثم الحيوان ثم الإنسان ثم قسم التراب إلى مراتب من الأدنى إلى الأشرف وكذلك قسم النبات والحيوان، وجعل أشرف التراب مما يلي أدنى النبات وأشرف النبات مما يلي أدنى الحيوان وأشرف الحيوان مما يلي الإنسان، دون القول بأنها ناتجة عن بعضها بل كان يُعتقد ثباتها وعدم تطورها، انتهت هذه الفكرة بعدما جاءت فكرة تقسم الكائنات على هيئة شجرة ذات أصول وفروع لا سميا مع اكتشاف الحيوانات المنقرضة وتدخل الخيال ليبتكر فكرة التطور لا عن دليل كما سيأتي فطبيعة الفرضيات العلمية أنها توضع أولاً ثم يبحث عن الأدلة كما هو معروف ، وحتى يتضح أن الخيال قادر على نسج التطور فإنا نجد في بعض كتابات أحد علماء المسلمين وهو يصف التطور ثم ينفيه وكأنه رداً على فكرة متداولة لدى طائفة ما، فيقول الرازي في تفسيره عند قول الله تعالى} وَمِنْ ءَایَـٰتِهِۦ أَن خَلَقَكُم مِّن تُرَاب ثُمَّ إِذَاۤ أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ{ (قوله ﴿إذا﴾ وهي للمفاجأة، يقال خرجت فإذا أسد بالباب، وهو إشارة إلى أن الله تعالى خلقه من تراب بكن فكان، لا أنه صار معدناً ثم نباتاً ثم حيواناً ثم إنساناً. وهذا إشارة إلى مسألة حُكمية، وهي أن الله تعالى يخلق أولاً إنساناً فينبهه أنه يحيى حيواناً ونامياً وغير ذلك، لا أنه خلق أولاً حيواناً ثم يجعله إنساناً، فخلق الأنواع هو المراد الأول، ثم تكون الأنواع فيها الأجناس بتلك الإرادة الأولى، فالله تعالى جعل المرتبة الأخيرة في الشيء البعيد عنها غاية من غير انتقال من مرتبة إلى مرتبة من المراتب التي ذكرناها(([5])وعلى كل حال فعندما نقول تطور كائن حي ذي خصائص معينه إلى كائن حي مختلف، فهذه الصورة متصورة في الخيال الذهني فقط، ومما يسوغها في التصور أنها مفسرة لسؤال تنوع المخلوقات الموجودة والمنقرضة فهذا يسهّل على العقل قبول النظرية لا سيما في الحالة المعرفية البسيطة للمجتمع في زمن داروين قبل تقدم العلوم والاكتشافات، فالعقل قد يتصور إمكان وجود شيء معين بناء على عدم تصور وجود مانع فيحكم بالإمكان ويقبل الفكرة ، مع أن ذلك الشي قد يكون ممتنع في الواقع، وهذه الحالة تعرف بـ(الإمكان الذهني) ويقابله (الإمكان الخارجي)[6]، لذلك عند الوقوف على واقع التحول داخل الكائن الحي على افتراضه فالأمر مفزع وغير مقبول، وذلك لأنه يلزم قبل تحول الكائن الحي أن تتحول خلاياه وقبل تحول خلاياه أن تتحول أعضاء الخلية الداخلية بل يتكلم المختصون عن مكونات أدق وأعقد شديدة التباين في الشكل والوظيفة والحجم والتركيب ، فإذا كبرنا الخلية الواحدة لتصبح بحجم مدينة فرضاً واستطعنا أن نشاهد مكوناتها المعقدة كما نشاهد مباني المدينة سنجد تبايناً ضخماً واختلافاً كبيراً بين الجسيمات داخل الخلية من حيث الحجم الشكل والمكونات والبنية والوظيفة ، فالقول إن هذا الجسيم تحول إلى جسيم أخر فهذا غير مقبول عند أهل التخصص ويرونه قفزة هائلة وكأنك تقول تطور مبنى إلى معدة ثقيلة أو إلى طائرة ، وذلك لشدة الاختلاف بين الجسيمات في البنية والوظيفة التي يؤديها وفي الحجم كذلك ، وإن وجد تقارب في الوظيفة فيكون كتحول دراجة إلى سيارة أو تحول قارب إلى باخرة، ومن يريد شرح وإثبات التطور من خلال هذا الطريق فيلزمه أن يشرح كيف تطورت أجزاء الجسيمات داخل الخلية ولنطبق هذا على دراجة وسيارة بافتراض أن كل منهما جسيم دقيق داخل خلية محكمة فمن أين تكون البداية والخطوة الأولى ، دون أن نستخدم الخيال؟ هذا طبعاً مع وجوب مراعاة استمرار عمل كل منهما وأداء وظيفته بشكل سليم حتى لا يموت الكائن الحي ومع مراعاة عدم القفز فلا نقول تطور أحد الأنظمة البسيطة إلى نظام معقد فلا نقول تطورت الدواسة إلى مكينة مثلا، مع أن عبارات الداروينيين هنا عند وصف التطور تكون بنحو (تطورت، تحول، من الممكن، قد نتج عنها، يعتقد) وهذه ألفاظ خيالية وقفزات كبيرة كما نبه عليها مايكل بيهي. هذا مع اعتبار أن كل جسيم مرتبط بالآخر ويؤديان وظيفة واحدة في كثير من الأحيان وتكون مجموع وظائف الجسيمات داخل الخلية مكملة لبعضها مما يعني استحالة إزالة عضو من هذه المجموعة ولو أزيل لم تعمل الخلية، بل وجود تغير مرضي طفيف في جسيم واحد داخل الخلية يؤدي إلى اختلال وظيفة الخلية بالكامل فيمرض الكائن الحي وقد يموت. والخلاصة أنه من ناحية الخيال يمكن تصور تحول جسيم إلى جسيم آخر بسهولة أو حتى عضو في الحيوان إلى عضو آخر لكن من حيث الواقع المادي وتحول ذلك خطوة بخطوة دون أي تجاوز فإن ذلك مستحيل يقول د. مايكل بيهي (حتى نشعر بالقوة الكاملة للاستنتاج بأن النظام معقد بشكل غير قابل للاختزال وأنه بالتالي ليس له أي أسلاف وظيفية فعلينا أن نميز بين سلف مادي وسلف تخيلي. فالمصيدة المذكورة أعلاه (يقصد مصيدة الفأر الكلاسيكية) ليست النظام الوحيد القادر على تجميد الفأر بمكانه -استعملت عائلتي مصيدة الغراء -فعلى الأقل يمكن لأي كان أن يستعمل حتى مصيدة الصندوق المثبت بالعصاء أو إطلاق رصاصة على الفأر بكل بساطة. فكل هذا لا يعتبر سلفاً مادياً لمصيدة الفئران النمطية لأن هذه الأدوات غير قادرة على التحول إلى مصيدة ذات (قاعدة ومطرقة ونابض ولاقط وقضيب ماسك) خطوة فخطوة بأسلوب الداروينية. لتوضيح الفكرة لنأخذ بعين الاعتبار هذا التسلسل: لوح تزلج، ولعبة عربة، دراجة هوائية، ودراجة نارية، وسيارة، وطائرة، وطائرة نفاثة، ومكوك فضائي يبدو وكأنه توالي طبيعي. أولاً لأنه عبارة عن لائحة من الوسائل التي تصلُح للتنقل، وثانياً لأن هذه الوسائل متسلسلة وفق ترتيب التعقيد فمن الممكن أن تكون من الناحية التخيلية متصلة ومتداخلة فيما بينها في متسلسلة واحدة؛ ولكن فل نقل: هل من الممكن أن تكون الدراجة الهوائية سلفاً فزيائيا _وربما داروينيا_ للدراجة النارية؟ لا، إنها سلف تخيلي وحسب.))[7] ولعلك تقول أين داروين والناس في زمنه عن موضوع الخلية؟ الجواب أنه بالإضافة إلى الحالة المعرفية البسيطة لا سيما في علم الأحياء فإن الخلية نفسها لم تكن معروفة زمن داروين وكانت تعتبر أشبه بكيس هلامي حتى عند داروين نفسه ومن هنا قال في كتابه (إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقد لا يرجح أنه قد تشكل عن طريق العديد من التعديلات المتعاقبة والطفيفة، فسوف تنهار نظريتي تماما)[8] وقد كان هذا الاختبار الذي وضعه داروين أساس فكرة كتاب (صندوق داروين الأسود) كما سيأتي. عقبات من نوع آخر والحديث السابق هو على المستوى البيولوجي المادي البحت، ففي التصور الدارويني تكون المخلوقات عبارة عن مادة بيولوجية محكومة بقوانين مادية صارمة ولا تخرج عن إطار المادة ومن هنا تأتي الإشكالات الأخرى المتعلقة بالعلوم الفطرية الضرورية، والجانب الغريزي، والجانب الأخلاقي، وموضوعية الخير والشر، والشعور بالغائية، والإرادة الحرة، والوعي، والعقل والمعقولات ([9]). فهذه وغيرها مكونات رئيسية أساسية في قيام حياة المخلوقات، وهي خارج الإطار المادي الذي هو ميدان الداروينية وتعتبر تلك المكونات عقبات شديدة عند التطوريين فهناك أسئلة لم يجيبوا عنها وهي 1-الوعي كالفرق بين النائم والمستيقظ مثلا 2-وسؤال الأخلاق من حيث الوجود السابق قبل المخلوقات ومن حيث معيار الخير والشر وأنه مطلق وليس نسبي يعود لتقدير الناس وحدهم بعد وجودهم 3-وسؤال العقل والمعقولات من أين أتت؟ وليس المراد الدماغ طبعاً. وما سواها مما أجابوا عنه فهي أجوبة ضعيفة تفتقر للدليل وغير مقبولة ، أو تعليلات يحاولون ربطها بالمادة البيولوجية والجينات دون حقائق علمية واقعية يمكن قبولها في الوسط العلمي المخلص ، فمثلا في سؤال الإرادة الحرة (مثلا عندما ترفع كأس ماء لتشرب) ففي ظل الداروينية لا نجد جواباً لسؤال الإرادة الحرة -حيث إن الداروينية تنظر للمخلوقات كمادة عمياء تشكلت بالصدفة وما زالت تتطور دون تدخل- وعندما أجاب أحدهم وقال إن داخلنا شبكة مكونة من بلايين الأعصاب المتداخلة جعلت رفع الكأس يكون في هذا التوقيت كان جواباً خيالياً وغير مقبول ، وعلى هذا الجواب نكون مجبورين على أفعالنا ويكون المجرم القاتل بريء. وهناك أجوبة أخرى لكنها فلسفية لا يمكن إثباتها. لمحة تاريخية يسيرة سبق ريتشارد داروين قليل من الكتاب الذي أشاروا للتطور في مؤلفاتهم أو تكلموا عنه دون أن يقدموا حجج أو يطيلوا في البحث، كما سبقه بعضهم في جمع الأحافير والعناية بها، ثم جاء داروين وألف كتابه على مدى سنين طويلة وصدر عام 1859م في ظروف سياسية ودينية قاسية وفي ظل ثورات سابقة رافقها الكثير من سفك الدماء، وفي وسط حالة ثقافية بسيطة تفتقر لكثير من المعارف والعلوم المتعلقة بعلم الأحياء، مما جعل من الكتاب وفكرته سلاح ضد سيطرة الكنسية وقد استغله وتبناه مجموعة من الملاحدة وتولوا ترويجه والدعوة إليه ولم يقدموا أدلة على النظرية ولكنها ناسبت ميولهم وهدفهم ([10])، كما أن داروين نفسه لم يقدم أدلة كافية باعترافه هو، بل وضع اشتراطات لقبول نظريته، وأحد هذه الاشتراطات هو الذي بنى عليه مايكل بيهي كتابة صندوق داروين الأسود كما سبق، والاشتراط الآخر وجود أحافير انتقالية كافية تمثل حلقات بينية وسيطة في سلسلة التطور، وهي ما أثبتت الأيام عدم وجودها بل صارت الأحافير دليلاً على بطلان التطور لإثباتها العكس بعد أن نشطت عمليات التنقيب وكثرت كما سيأتي. كما أن داروين نفسه شكك في أكثر من موضع في كتابه وتخوف من نتاج نظريته على الأفكار وهو ما وقع فعلاً فالرسوم البيانية لانتشار فكرة التطور عبر العقود الماضية والرسوم البيانية لانتشار للانحلال الجنسي، وحمل القاصرات، وانتشار المخدرات، وتدني النتائج لدى الطلاب، سارت في وتيرة مرتفعة معاً وهذا يرجع إلى اعتقاد أن الإنسان لا يعدو كونه مادة بيولوجية لا قيمة حقيقية لها وليست محاسبة على أفعالها، بل إن كوارث أخرى مثل جرائم هتلر وستالين عزاها بعض الكتاب إلى أسباب ومنها اعتناقهم عقيدة التطور بمنظوره البقاء للأقوى أو الأصلح. ماذا خبأت الأيام للنظرية التطور في صورته العامة: زعموا أن الكائنات الحية جميعها تطورت من خلية ظهرت فجأة وتكون منها السمك ومن السمك تكون البرمائيات ومنها تكونت الزواحف ومن الزواحف تكون الطيور ومن الطيور تكونت الثدييات ثم تكون الإنسان. ودليلهم على ذلك هو الأحافير وساعد على ذلك الزمن والصدفة والعشوائية وقانون البقاء. لكن دليل الأحافير لم يكتمل فلم يتمكن داروين من الاستقراء التام للأحافير إلا أن الأيام في نظره كفيلة بسد هذه الثغرة ثم مات داروين ومرت العقود تليها العقود وإلى اليوم وعمليات الحفر والتنقيب تزداد والمتاحف تمتلئ بالأحافير غير الانتقالية، وملخص النتائج: 1-عدم وجود أحافير تثبت التطور. 2-اكتشاف أن الحيوانات ظهرت فجأة فيما يعرف بالانفجار الكامبري ([11]) وهو دليل ضد التطور، يقول داروين (إذا كانت الأنواع الكثيرة والتي تنتمي لنفس الأجناس أو الفصائل، قد دبت فيها الحياة فجأة، فستمثل هذه ضربة قاتلة لنظرية انحدار الأنواع بالتحول البطيء)[12]. وقد يجادل البعض بأن حيوانات العصر الكامبري معروفة زمن داروين نقول نعم وقد كان داروين يعلم بأن ذلك لا يتطابق مع الصورة التدريجية التي افترضها إلا أنه في نظره مجرد مشكلة نقص في السجل الأحفوري فقط ، وكان يعتبر لغز سيتم حله، ولكن مع مرور الأيام وبتزايد التنقيب ومع تطور آلات البحث تأكدت تماما مسألة الانفجار الكامبري، وزالت الشكوك والتخمينات والاعتراضات، فمثلا من يقول إن أسلاف العصر الكامبري لم يتم حفظها لأنها رخويات أو دقيقة جداً، فقد أثبتت الكشوف حفظ الرخويات والكائنات الدقيقة حتى بلغت إلى اكتشاف أحافير بعض أنواع الخلايا والبكتريا والطحالب وحيدة الخلية باستخدام أنواع من الأشعة التي تساعد على ذلك، وهي كائنات أقدم من كائنات العصر الكامبري ومع ذلك لم تدمر!، ومما يناسب ذكره هنا أن العصور قبل الكامبري مثل العصر الإدياكاري لم يتفق علماء الأحافير على تصنيف الأحافير المكتشفة فيه واختلفوا في تصنيفها اختلاف كبير ، وبكل بساطة فإن ذلك يعني أنها ليست سلف لحيوانات العصر الكامبري. وكما تقول مجلة Nature عن الكائنات الإدياكارية ( إن كانت حيوانية فلن تشبه أي مخلوق آخر أو ستكون قليلة الشبه به سواء كان أحفوراً أم موجوداً)[13] بل إن العصر الإدياكاري يمثل انفجاراً أصغر كما يقول علماء الأحافير ما يعني عدم وجود كائنات وسيطة أو انتقالية، وقد دفع عجز السجل الأحفوري عن إثبات الداروينية ومعضلة العصر الكامبري جمهرة من علماء البيولوجيا التطورية لمحاولة إثبات شجرة داروين من خلال الدارسات المكثفة - على مدى عقود طويلة- في (الشكل الظاهري للكائن، والتشريح، والدراسات الجزئية، والتكاثر الجنسي ) وذلك تحت مصطلحات علمية متعددة فخرجت أوراق بحثية كثيرة جداً تحمل نتائج متعارضة متناقضة كما أفرزت معضلة العصر الكامبري نظرية تسمى التوازن المتقطع ولكنها فشلت في نهاية المطاف هي الأخرى. 3- ومن نتائج التنقيب المستمر اكتشاف أن الحيوانات ما زالت كما هي القط هو القط والسمكة هي السمكة والأسد هو الأسد وهو دليل ضد التطور كما جاء في الدراسة المكثفة التي أجرتها جمعية الجيولوجيين في لندن وشارك فيها عشرون عالماً واستعرضت الدراسة سجل الأحافير موزع على 2500 مجموعة وجاء في التقرير (إن كل شكل أساسي من أي نوع من النباتات والحيوانات أظهر أنه لديه تاريخ خاص به منفصل عن كل أنواع الحياة الأخرى ، فهناك مجموعات من النباتات والحيوانات تظهر فجأة في السجل الأحفوري ، مثل الحيتان والخفافيش ، والخيول والرئيسيات والأرانب البرية والسناجب وغيرها كثير ، كلها مميزة بشكلها منذ لحظة وجودوها المشابه لشكلها الحالي ، ولا دليل أبدأ على وجود سلف مشترك لأي نوعين منها ، ناهيك عن صلة لأي منها بالزواحف التي من المفترض أن تكون أصلها جميعاً )[14] وما سبق يعني أن سجل الكائنات إذا وضعت في رسم بياني فإنها تأخذ شكل خطوط عامودية بدلاً من شجرة داروين المفترضة كما وضح ذلك ستيفن ماير في كتابه شك داروين.[15] ونلاحظ أن شجرة داروين في حقيقتها عبارة عن رسم بياني بني على الافتراض ولم تكن نتيجة طبيعية لواقع تم التوصل له من خلال الاكتشافات. 4-اليأس من البحث وإليك بعض الأقوال: يقول رتشارد دوكنز في كتابة الإلحادي (صانع الساعات الأعمى) ودوكنز هذا من أشهر مناصري التطور في هذا العصر ومن أشهر دعاة الإلحاد (تظهر الكائنات في سجل الأحافير بلا تاريخ تطوري وكأنها زرعت بالأمس، وهذا يسعد الخلقيين)[16]. ويقول غاريث نيلسون خبير الأحافير بالمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي (فكرة الذهاب للسجل الأحفوري من أجل الحصول على استنتاج تجريبي لعلاقة السلف بالخلف بين الأنواع والأجناس والعائلات أو كل ما كان أو ما يمكن أن يكون ما هو إلا وهم خبيث)[17]. وجاء في مجلة ساينس دايجست مايلي: (الحقيقة الجديرة بالملاحظة أننا لو جمعنا كل الأدلة المادية على تطور الإنسان لوسعها جميعها تابوت واحد. القرود الحديثة على سبيل المثال تبدو وكأنها ظهرت من لا شيء وكأنهم لا ماضي لهم إذ لا يوجد أي دليل أحفوري لماضيهم، والأصل الحقيقي للإنسان الحديث -المنتصب العاري، صانع الأدوات، ذو الأدمغة الكبيرة-إذا كنا صادقين مع أنفسنا، لغز يضاف لسابقه ([18])). محاولة إنقاذ فاشلة ومن أجل الخروج من هذا المأزق وسد هذه الثغرة تم اختراع الدليل من قبل بعض العلماء مثل كذبة إنسان جاوة وكذبة إنسان بلتداون وكذلك كذبة إنسان نبراسكا وكذبة إنسان أورس. وهي كذبات أفتضح أمرها ([19]) وتبين أنها مزورة ومركبة من عظام إنسان وقرد وبعضها مركب من جمجمة حمار صغير كما في إنسان أورس وبعضها لم يعثر إلا على سن فقط واخترعوا منه قصة إنسان كامل تخيلوه ونحتوه ونحتوا عائلته وأولاده وصوروهم ثم تبين أنه مجرد سن خنزير بري! وقد بنيت عليها أبحاث وألفت فيها الكتب قبل أن تكتشف الكذبات، بل إن إنسان بلتداون ركبه أحد العلماء من جمجمة إنسان وقرد واستخدم مواد كميائية تجعله يبدو كالأحافير وعرض في المتاحف على مدى 40 سنة وأعدت حوله أكثر من 500 رسالة دكتوراه !![20] إلى أن تم اكتشاف التزوير، تقول مجلة ريدر دايجست (لقد ثبت بالدليل القاطع أن كل جزء من أحفورة إنسان بيلتدوان قد تم تزويره([21])) ، ولا يقتصر الخداع على الأحافير فهناك أنواع من توظيف العلم من قبل علماء الطبيعة في إقصاء الحقائق المخالفة للداروينية وقد ناقش هذا النوع من الخداع د. جوناثان ويلز في كتابه (أيقونات التطور) فسرد مجموعة من أدلة التطور المتداولة حتى بين المختصين والتي يراد من خلالها إثبات التطور كرسومات الأجنة لهيجل([22]) أو الطائر الأحفوري وغيرها، ثم قال في المقدمة: (نعرض في الفصول القادمة أيقونات التطور على الأدلة العلمية المنظورة، وسنكشف الكم الكبير من الخطأ الذي نعلمه لطلابنا حول التطور. هذه الحقيقة تطرح سؤالا خطيراً حول وضع نظرية التطور: إن كانت هذه هي أفضل الأدلة التي نملكها لإثبات التطور الدارويني وثبت لنا أن كلها خطأ أو مزورة؟ فما هو الوصف الصحيح للنظرية؟ أهي علم أم خرافة؟[23]). ولك أن تسأل ما الذي يدفعهم للكذب والتزوير إلا انعدام الدليل العلمي الصالح والتشبث بالتطور كعقيدة وعدم اعتبارها مجرد نظرية، وربما لا نتعجب بعد هذا أن يلجأ التطوريون إلى رفع قضية في المحاكم ضد نظرية التصميم الذكي التي تعني الخلق وذلك لشعورهم بالخطر، وهي تلك القضية الشهيرة التي تعرف بمحاكمة دوفر Dover Panda Trial وقد كسبها التطوريون حيث أصدرت المحكمة الفيدرالية حكماً باعتبار نظرية التصميم مبدأ ديني وليس علمي!! حيث جاء في حيثيات الحكم "تعليم التصميم الذكي غير دستوري وليس "علماً" وأنه لا يجوز لإدارة المدارس طرح وجهات نظر دينية تنتقص من نظرية التطور العلمية"، ([24]) أيضاً قد تم توثيق شهادات علماء من المجتمع العلمي بقمع الأكاديميين المقتنعين بأدلة التصميم الذكي والتضييق عليهم بل وفصلهم من الجامعات وتم عرض ذلك في الفلم الوثائقي (مطرودون غير مسموح بالذكاء). يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |