
11-04-2012, 10:13 PM
|
 |
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
|
|
مس المصحف
القرآن الكريم هو كلام الله-عز وجل-وهو أعظم كتاب وأشرف كتاب, وهو خاتم الكتب المنـزلة من السماء، ومن تعظيم الله له أنه قال فيه-سبحانه-: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (الواقعة:79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(الواقعة:80)، وقد اختلف أهل التفسير في تفسير هذه الآية، فذهب كثير منهم إلى أن المقصود بالكتاب المكنون اللوح المحفوظ، وعلى هذا فالمقصود بقوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} أي إلا الملائكة.
وجاء في الحديث عنه-صلى الله عليه وسلم-أنه كتب إلى أهل اليمن ألا يمس القرآن إلا طاهر، وأفتى أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-بذلك، ولهذا ذهب جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، لا يقرأ في المصحف إلا من هو على طهارة من الجنابة ومن الحدث الأصغر، هذا هو الصواب وهذا هو الذي أفتى به أفضل الأمة وهم أصحاب النبي-عليه الصلاة والسلام .
وقالت طائفة أخرى: بل المقصود: {إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} فهو مختص بالمصحف الذي كُتب فيه القرآن، وأما اللوح المحفوظ فإنه كُتب فيه غير القرآن كذلك، فيكون هذا مختصاً بما كُتب فيه القرآن وحده وهو المصحف وحده، وعلى هذا: فالمطهرون اختلف في تفسيرها فقيل: معناها المطهرون بالإيمان، وهم المؤمنون، فيحرم مسه على الكفار ويحرم على المؤمنين تمكينهم من ذلك، ولهذا فإن أهل العلم اتفقوا على أنه لا يجوز السفر بالمصحف إلى دار الحرب لأن الإنسان لا يجزم بأنه يستطيع أن يحول بين الكفار وبين مسه إلا في حالات الضرورة أو إذا أمن أن يتصفحوا المصحف وأن يأخذوه منه، وهذا الذي سبق في تفسير هذه الآية يستوي فيه الجزء والمصحف الكامل.
وقالت طائفة أخرى: بل المقصود هنا المطهرون أي المتطهرون، وهذا يشمل الطهارة الكبرى والطهارة الصغرى، فالطهارة الكبرى هي الطهارة من الجنابة ومن الحيض والنفاس، والطهارة الصغرى هي الطهارة من الحدث الأصغر، وقد اختلف أهل العلم في ذلك، فذهب جمهورهم إلى منع الجُنب من مس المصحف مطلقاً لأنه ذو مانعٍ رفعُه في يده، يستطيع أن يرفعه متى شاء، وهو بالغسل إن كان قادراً عليه وواجداً للماء، وبالتيمم إن كان عاجزاً عن استعمال الماء أو فاقداً له، فرفع جنابته في يده، وذهب جمهورهم أيضاً إلى أن الحائض لا تمس المصحف، وقد ذهب المالكية والحنابلة في رواية إلى أنها تمسه إن كان مجزءاً أي تمس الجزء منه، وعللوا ذلك بأن رفع مانعها ليس في يدها فليست مثل الجنب.
والله تعالى أعلى وأعلم

|