المؤلمات الثمان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 372 - عددالزوار : 80527 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 48 - عددالزوار : 38371 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 31503 )           »          قصة الحروب الصليبية د .راغب السرجانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 31 - عددالزوار : 43193 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 176 - عددالزوار : 54122 )           »          فريضة تحيط بنا ونغفل عنها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          من وحي آيات الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ثقّل ميزانك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          زيف الانشغال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الأمر سهل وفضل الله واسع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-07-2020, 03:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,862
الدولة : Egypt
افتراضي المؤلمات الثمان

المؤلمات الثمان


د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم





إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ... ﴾ [النساء: 1] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ....... ﴾ [آل عمران: 102] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا.... ﴾ [الأحزاب: 70].

أيها المؤمنون!
أدعية النبي - صلى الله عليه وسلم - من جوامع كلمه؛ تحوي أوعب سؤل الخير وأوسع العوذ من الشر، في وجازة لفظ وجزالة معنى. والاستعاذة نوع من تلك الأدعية التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلهج بها؛ ليجيره الله - تعالى - مما استعاذه، ويصونه. يقول ابن القيم: " مدار المستعاذات على الآلام وأسبابها. ولما كان الشر هو الآلام وأسبابها؛ كانت استعاذات النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعُها مدارها على هذين الأصلين؛ فكل ما استعاذ منه أو أمر بالاستعاذة منه فهو إما مؤلم، وإما سبب يفضي إليه ". هذا، وإن مما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدأب على الاستعاذة منه، ويُكثر - ثمانيَ مؤلمات؛ تضعف القلب، وتوهن عزمه، وتفتُّ في عضد الطاعة، وتُكسِف العقل، وتأكل نضارة النفس، وتعيق الهمم، وتثبّط عن عليِّ الأمور، وتعكر صفو الحياة، وتؤثر سلباً على الآخرة، وقلَّ أن يخلو زمن منها. فما تلك المؤلمات الثمان؟ يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ - اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» رواه البخاري. استعاذ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَهُمَا قَرِينَانِ، وَمِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَهُمَا قَرِينَانِ، فَإِنْ تَخَلُّفَ كَمَالِ الْعَبْدِ وَصَلَاحِهُ عَنْهُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ عَجْزٌ، أَوْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا يُرِيدُ؛ فَهُوَ كَسَلٌ. وَيَنْشَأُ عَنْ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ فَوَاتُ كُلِّ خَيْرٍ، وَحُصُولُ كُلِّ شَرٍّ. وَمِنْ ذَلِكَ الشَّرِّ تَعْطِيلُهُ عَنِ النَّفْعِ بِبَدَنِهِ، وَهُوَ الْجُبْنُ، وَعَنِ النَّفْعِ بِمَالِهِ، وَهُوَ الْبُخْلُ. ثُمَّ يَنْشَأُ لَهُ بِذَلِكَ غَلَبَتَانِ؛ غَلَبَةٌ بِحَقٍّ، وَهِيَ غَلَبَةُ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةٌ بِبَاطِلٍ، وَهِيَ غَلَبَةُ الرِّجَالِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ ثَمَرَةُ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ. والاستعاذة منها استحماءٌ بالله منها ومن جميع أسبابها التي تفضي إليها.

أيها المؤمنون!
الهمُّ حزن يعلق بتوقع السوء في المستقبل، ونظرة سوداوية للقادم؛ تسدُّ الأفق اللاحب أمام ناظر المهموم. وهو أول مستعاذ منه في ذلك الدعاء النبوي؛ لعظيم ضرره، وشدة خطره. فقد عدّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أشد مخلوقات الله إذ يقول: " «أَشَدُّ خَلْقِ رَبِّكَ عَشَرَةٌ: الْجِبَالُ، وَالْحَدِيدُ يَنْحَتُ الْجِبَالَ، وَالنَّارُ تَأْكُلُ الْحَدِيدَ، وَالْمَاءُ يُطْفِئُ النَّارَ، وَالسَّحَابُ الْمُسَخَّرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَحْمِلُ الْمَاءَ، وَالرِّيحُ تُقِلُّ السَّحَابَ، وَالْإِنْسَانُ يَتَّقِي الرِّيحَ بِيَدِهِ، وَيَذْهَبُ فِيهَا لِحَاجَتِهِ، وَالسُّكْرُ يَغْلِبُ الْإِنْسَانَ، وَالنَّوْمُ يَغْلِبُ السُّكْرَ، وَالْهَمُّ يَمْنَعُ النَّوْمَ، فَأَشَدُّ خَلْقِ رَبِّكَ الْهَمُّ» رواه الطبراني ورجاله ثقات كما قال الهيثمي.

يا صاحب الهم إن الهم منفرج
أبشر بخيرٍ كأنْ قد فرّج الله

اليأس يقطع أحياناً بصاحبه
لا تيأسن فإن الصانع الله

إذا ابتليت فثق بالله وارض به
إن الذي يكشف البلوى هو الله


وأكثر هموم المستقبل أوهام، ينسجها الشيطان والمرجفون، فإذا حلّ ذلك المتوقع بدا عافيةً وسهالة. فلا تهتمَّ إلا بحاضرك، واستعد لمستقبلك على الوجه المأمور؛ تجد الطمأنينة.

إذا ما كان عندي قوت يوم
طرحت الهمّ عنّي يا سعيد

ولم تخطر هموم غد ببالي
لأنّ غداً له رزق جديد


أيها المسلمون!
والحزن المستعاذ منه ألم يعصر الفؤاد من أمر قد وقع في الحاضر أو الماضي؛ فصور المآسي السالفة جاثمة في قلب المحزون؛ لا تفارق فكره. كأنما حشر نفسه في خندقها، وأوثق رباطه بقيادها؛ فصار أسير أحزانها وإن تناءى زمانها. وذاك مما نهى الله عنه بقوله: ﴿ وَلَا تَحْزَنُوا ﴾؛ إذ الحزن لا يدفع شراً، ولا يجلب خيراً. بل الحزن ضرٌّ يتسلط به الشيطان على العبد؛ فلا شيء أحب إليه من حزن المؤمن، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المجادلة: 10]. قيل لحكيم: الحزن أشد أم الخوف؟ فقال: بل الحزن، وإنما صار الخوف مكروهاً؛ لما فيه من الحزن، وكما أن السرور غاية كل محبوب؛ فكذلك الحزن غاية كل مكروه. ولا حزن لمؤمن كان الله معه، ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].

عباد الله!
والعجز ضعف قدرة عن أداء الطاعة وتحمل المصائب والقيام بالمصالح. وبفقده يكون الغياب عن دوائر التأثير والفاعلية، والعيشُ على هامش الحياة، ويكون صاحبه على الناس كَلّاً. ولذا استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالله من الهرم وسوء الكِبر. قال حكيم: " العجز مقرونٌ به الشقاء، والحزم موكّلٌ به النّجاء. وثمرة الحزم السلامة، وثمرة العجز الندامة ". والكسل أقبح من العجز؛ إذ هو ترك للمعالي مع وجود القدرة التي حرمها العاجز؛ فالكسلان قادر غير مريد، والعاجز غير قادر وإن كان مريداً.

أيها المسلمون!
والجبن ضعف يعتري القلب؛ فيستكنّ الخوف فيه، وتترحل منه الشجاعة. وما عيش الكرامة إن ترحلت الشجاعة؟! فلا يقوى الجبان على الذود عن الحمى، ومقارعة العدى، ومطالبة الحقوق، ولا يقدر على الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتلفى صاحبه ضعيف التوكل على الله في طلب الرزق والنصر والحفظ؛ فكيف بما زاد عن ذلك؟! وما قيمة عيش المرء إن بلغ حاله هذا المبلغ؟! وهكذا أثر البخل على الحياة، حين انكفأ البخيل على خويصته، واختزل العطاء الذي لا تقوم الحياة إلا ببذله في دائرة ضيقة لا تتجاوز حدود المصالح الشخصية؛ فضنّ بالنعم، ومنع تعدي نفعها؛ فتلقاه ضنيناً بماله، أو علمه، أو جاهه. وما علم المحروم أن زكاة تلك المنن ونماءها كامن في الإنفاق منها والجود. يقول شيخ الإسلام: " لَا تَتِمُّ رِعَايَةُ الْخَلْقِ وَسِيَاسَتُهُمْ إلَّا بِالْجُودِ الَّذِي هُوَ الْعَطَاءُ، وَالنَّجْدَةُ الَّتِي هِيَ الشَّجَاعَةُ. بَلْ لَا يَصْلُحُ الدِّينُ وَالدُّنْيَا إلَّا بِذَلِكَ ".

بارك الله...

الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...

أيها المؤمنون!
وضلع الدين اعوجاج ثقلٍ يَميل بصاحبه عَنِ الاسْتِواءِ والاعْتِدَال؛ حين يغدو الدين غالباً على المدين؛ فلا يستطيع وفاءه. وذلك من أشد المؤلمات. وكان يقال: " الدَّين همٌّ بالليل، وذل بالنهار " و"حرّيّة المسلم كرامته، وذلُّه دَينه، وعذابه سوء خلقه ". ولسان حال من غلبه الدين:
ألا ليت النَّهار يعود ليلا
فإنَّ الصُّبح يأتي بالهموم

حوائج ما نطيق لها قضاء
ولا دفعاً وروعاتُ الغريم


قال أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ - رضي الله عنه -: " دَخَلَ رَسُولُ الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: «يَا أبا أُمَامَةَ، مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟»، قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟»، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ الله، قَالَ: " قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ "، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي " رواه أبو داود وحسنه عبدالقادر الأرناؤوط.

أيها الإخوة في الله!
وغلبة الرجال وقهرهم بإذاقتهم الظلم الذي لا يستطيعون دفعه ورفعه من أمضّ الأمور وقعاً على نفوس المؤمنين، وأنكاها. فالأنفة والعز من مقتضيات الإيمان وخلال أهله، كما قال الله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُون ﴾، قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: " كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَذِلُّوا، وكانوا إذا قدروا عفوا ". وبالاستعاذة بالله من هذا القهر يُصرَف أو يرفع؛ ويكون به تبدل الحال.


اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين وقهر الرجال.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.37 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]