|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بين الثبات والانتكاسة عبدالغني حوبة الحمد لله رب العالمين، والعاقبة الحسنى للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام الأنبياء وخاتم المرسلين، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، فالفوز والفلاح في الدنيا والآخرة للمتقين، قال - سبحانه وتعالى - في محكم التنزيل: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52]. فليتك تحلو والحياة ![]() وليتك ترضى والأنام غضاب ![]() وليت الذي بيني وبينك عامر ![]() وبيني وبين العالمين خراب ![]() إذا صح منك الود فالكل هين ![]() وكل الذي فوق التراب تراب ![]() أيها المسلمون: إننا في عصر تلاطمت فيه الفتن على المسلم من كل جانب، فهذا مبتلى بفتن التشكيك والشبهات، والأخر يلهث وراء الشهوات والنزوات، وذلك مستمسك بدينه، كما وصف النبي -صلى الله عليه وسلم -: فعن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر" رواه الترمذي. إخوة الإيمان: ما أحوجنا إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله، فبين الثبات والانتكاسة خيط رفيع دقيق، فلا تظنن أنك في مأمن، ألم تسمع وصف القرآن لبلعام بن باعوراء ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 175، 176]. وقد ضل أناس بعد علم، كما ذكر صاحب كتاب من أخبار المنتكسين مع الأسباب والعلاج عددا منهم، وبين العديد من أسباب الانتكاسة نذكر منها: عدم سؤال الله الهداية، الميل للعزلة، الشهوة، الحنين للماضي، وعدم الإخلاص والصدق في الالتزام، وموت القلب، نسأل الله الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد. عباد الله: الثبات مطلب لكل مسلم، ولا يتحقق له ذلك إلا بتوفيق الله وإعانته، فالثبات منحة ربانية وعطية إلهية، قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]. ويكون الثبات في مجالات كثيرة أهمها: الثبات على دين الله، قال تعالى: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133]. قال نبينا -صلى الله عليه وسلم -: "إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فسلوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم " رواه الطبراني والحاكم [1]. إن الثبات دلالة على سلامة المنهج وصحة الطريق، وهو الضريبة التي ينبغي أن يدفعها المؤمن الصادق بدل الجنة جزاء وفاقا، قال تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2، 3]. ولله در القائل: لأجل دينك ذاق الموت من قتلوا ![]() كأنما الموت في ساح الوغى عسل ![]() ترى المحبين صرعى في ديارهم ![]() كفتية الكهف للرضوان قد نقلوا ![]() أمة الإسلام: ومن تأمل سيرة الأنبياء ومسيرتهم، وجد أنهم قد ثبتوا رغم المحن وصمدوا في وجه الإحن، وذلك من أجل حماية العقيدة ونشر الشريعة، فهذا إبراهيم- عليه السلام- يتعرض للعداء من قبل أقرب الأقربين إليه، ثم يلقي في النار، وها هو يمتحن بذبح بكره إسماعيل - عليه السلام - فيثبته الله –تبارك وتعالى- ويبقى صامدا، شامخا بإيمانه أمام المغريات والتهديدات. وهذا يوسف - عليه السلام - يبتلى بفتنة الإخوة، ومحنة الجب، وبلية الاسترقاق، ومعضلة السجن، وابتلاء امرأة العزيز، فثبت ونبت، والعاقبة الحسنى للمتقين. ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- قدوة القدوات، فسيرته كلها جهاد و ثبات، وهل يتعلم الثبات إلا منه بأبي هو وأمي! عرضت عليه الدنيا بزينتها وجاهها ومالها ونسائها فرفض في إباء إيماني وترفع في شموخ عقدي، أما موقفه - صلى الله عليه وسلم - في أحد فقد شج رأسه وكسرت رباعيته وأدميت قدماه، فلم يصب باليأس، ولم يتسلل له الإحباط، وما وجد القنوط إلى قلبه سبيلا، فقد واصل طريقه بكل قوة وزاده القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]. لقد ثبت الصالحون أمام العواصف الهوجاء، ألم يصمد خباب بن الأرت أمام حديدة محمية تضعها أم أنمار الخزاعية على رأسه فيغمى عليه. وخبيب بن عدي كان له شأن عظيم، فلما أسر سألته قريش: ننشدك الله أتحب أنك الآن جالس في أهلك ومحمد مكانك؟ قال: والله ما أحب أن محمد يشاك في مكانه شوكة تؤذيه، وأنا جالس في أهلي، فصلي ركعتين ثم قال: ولست أبالي حين أقتل مسلما ![]() على أي جنب كان في الله مصرعي ![]() وذلك في ذات الإله وإن يشأ ![]() يبارك على أوصال شلو ممزع ![]() ومن الصور الرائعة في الثبات على المبدأ الإسلامي ضد الإستخراب العالمي، ما فعله عمر المختار ضد الطليان، وما قام به البطل الإفريقي أحمد ساموري توري في جنوب السنغال ضد الاستدمار الفرنسي آنذاك. أيها المسلمون: إذا أردنا أن نثبت على دين الله، فلنحسن الصلة بالله فهو خيرا حافظا وهو أرحم الراحمين، ولنعلم أن لله جنودا تثبت العبد وتأخذ بيده في الدنيا والآخرة، أهمها الدعاء فهو السلاح الأمضى والعامل الأقوى، قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]. وقال الله - عز وجل - في الحديث القدسي: " يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم » رواه مسلم. إن تدبر القرآن هو من أهم وسائل الثبات على دين الله فهو مصدر الهداية قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32]. وصحبة الصالحين هي عامل مهم أيضا، قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]. وقد ذكر الذهبي ما قاله محمد بن نوح للإمام أحمد: "يا أبا عبد الله، الله الله! إنك لست رجلا مثلي، أنت رجل يقتدى بك وقد مد الخلق أعناقهم لك لما يكون منك، فاتق الله واثبت على أمر الله". بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الكتاب والحكمة، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم. [1] الحديث صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (4/ 113ح1585)، وفي صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 330 ح1590).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |