|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بين يدي الساعة الشيخ محمد بن إبراهيم السبر إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله؛ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]. عباد الله؛ لقد أزِفَت الدُّنيا بالرحيل، ولم يبْقَ منها إلا القليل؛ لأنها لم تُخلَق للبقاء، ولا لتكون دار إقامة؛ إنما هي دارُ ممَرٍّ لا دارُ مستقرٍّ، وقد آذنَتْ بالانصرام وولَّتْ. ومن حكمة الله جل وعلا أن أخفى وقتَ الساعة وأوان الزوال، وجعل ذلك من علمه الذي لا يطَّلِع عليه أحدٌ لا مَلَكٌ مُقرَّبٌ ولا نبيٌّ مُرسَل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34] ﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ﴾ [الأحزاب: 63]. وللساعةِ علاماتٌ جعلها اللهُ مقدمةً ومؤذنةً بقرب الساعة، وهي علامات صغرى وكبرى، أما الصغرى فقد بدأت منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولا زالت تتتابع، وربما ظهر بعضها مع الأشراط الكبرى، ومنها علامات وقعت وانتهت؛ كفتح بيت المقدس، وهناك علامات وقعت ولا زالت مستمرةً؛ كتقارُب الزمان، وكثرة الأسواق والزلازل والفِتَن. أما الكبرى فهي الآيات العِظامُ التي يُؤذِن ظهورُها بانقضاء الدنيا وزوالها؛ وهي: الدَّجَّال، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج، والدُّخَان، والدابَّة، وطلوع الشمس من مَغْرِبِها. وليست كُلُّ أشراط الساعة مذمومةً، فهناك علامات لا شيء فيها؛ بل قد يكون منها ما هو مأمور به كفشوِّ العلم والقَلَم، فليس ذكرها ذمًّا لها؛ إنما علامة على دنوِّ يوم القيامة. ولا يُشتَرط أن تشمل العلامات كلها الأرضَ كلها؛ بل قد تظهر علامةٌ أو علاماتٌ في مكانٍ ما دون مكانٍ، خلا العلامات الكبرى التي تعمُّ الأرض جميعًا. إن في ذكر أمارات الساعة دلالةً على صِدْق نبوَّتِه صلى الله عليه وسلم، والتصديق بما أخبر به قبل أكثر من ألفٍ وأربعمائة سنة بأمور تَحقَّق الكثيرُ منها في عصرنا الحاضر، وسيقع الكثيرُ منها مستقبلًا. وفيها زيادة الإيمان، والاجتهاد بالعمل الصالح، فلما سأله الأعرابي متى الساعة؟ قال له صلى الله عليه وسلم: ((وماذا أعدَدْتَ لها))؛ رواه البخاري. والتذكير بالساعة ومقدماتها تنبيهٌ للناس من رقدتهم، فيتداركون ويتوبون قبل أن يُباغَتُوا ﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ﴾ [محمد: 18]. وأول علامات الساعة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فهو نبي الساعة، وليس بينه وبين القيامة نبيٌّ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتينِ))، قال: وضمَّ السبَّابة والوسطى. قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40]. ومن العلامات انشقاق القمر، وهي إحدى المعجزات الباهرة، التي صرَّح القرآن بها: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ [القمر: 1]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آيةً فأراهم انشقاق القمر مرتين»؛ رواه مسلم. ومن العلامات موت النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال عوف بن مالك رضي الله عنه: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قُبَّة أدَمٍ فقال: ((اعْدُدْ سِتًّا بين يديِ الساعةِ: مَوْتي))؛ رواه البخاري، وكان موته صلى الله عليه وسلم أولَ أمر دَهَمَ الإسلامَ؛ حيث انقطعَتْ النبوَّةُ، وكان أولَ ظهور الشر بارتداد العرب، وأولَ انقطاع الخير، وأولَ نقصانه، وأظلمت الدنيا في عيون الصحابة رضي الله عنهم عندما مات صلى الله عليه وسلم، قال أنس رضي الله عنه:«لما كان اليوم الذي دخل فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ أضاء منها كُلُّ شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلمَ منها كُلُّ شيء، وما نَفَضْنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرْنا قلوبَنا»؛ أخرجه الترمذي. ومن العلامات "فتح بيت المقدس"؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((اعْدُدْ سِتًّا بين يديِ الساعة)) وذكر منها: ((فتح بيت المقدس))، وقد تحققت هذه العلامة في عهد الفاروق رضي الله عنه، فتم فتح بيت المقدس سنة ست عشرة من الهجرة، فذهب عمرُ بنفسه، وصالح أهلَها، وفتحَها، وطهَّرها، وبنى بها مسجدًا في قبلة بيت المقدس. ومن العلامات قوله صلى الله عليه وسلم: ((اعْدُدْ سِتًّا بين يديِ الساعة)) وذكر منها((ثم مُوْتانٌ يأخُذ فيكم كقُعاصِ الغَنَمِ))، وقوله: ((موتان)): هو الموت الكثير الوقوع، و((قُعاص)): داء يأخذ الدوابَّ فيسيل من أنوفها شيءٌ فتموت فجأة؛ فهو طاعون ينتشر كانتشار الداء في الأغنام. وقد ظهرت هذه الآية في طاعون عمواس في خلافة عمر رضي الله عنه، وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس، وبلغ عدد من مات فيه خمسة وعشرون ألفًا، منهم أبو عبيدة بن الجرَّاح، ومعاذ بن جَبَل، وكثيرٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ومن العلامات استفاضة المال والاستغناء عن الصَّدَقة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تقومُ الساعةُ حتى يكثُرَ فيكم المالُ فيَفيضَ، حتى يُهِمَّ رَبَّ المالِ مَنْ يَقبله منه صدقة، ويُدعى إليه الرجل، فيقول: لا أرَبَ لي فيه))؛ رواه البخاري ومسلم. وقد تَحقَّق كثيرٌ من هذا في عهد الصحابة رضي الله عنهم بسبب ما وقع من الفتوح، ثم فاض المال في عهد الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، فكان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد مَن يقبله، وسيكثر المال في آخر الزمان في زمن المهدي وعيسى عليهما السلام؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ليأتينَّ على الناسِ زمانٌ يطوف الرجلُ فيه بالصَّدَقةِ من الذَّهَب ثم لا يجد أحدًا يأخُذُها منه))؛ رواه مسلم. وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله سيفتح على هذه الأمة من كنوز كسرى وقيصر؛ فقال: ((إنَّ اللهَ زوى لي الأرضَ فرأيتُ مشارِقَها ومَغارِبَها، وإنَّ أُمَّتي سيبلغ مُلْكُها ما زُوِي لي منها، وأعطيت الكَنْزين الأحمر والأبيض)). بارك الله لي ولكم في الكتاب والسُّنَّة، ونفعني وإياكم بما فيهما من البيِّنات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وبعد:فاتقوا الله عباد الله حقَّ التقوى، فإن هذه الدنيا فانيةٌ، والقدوم على الله قد اقترب، ومَن علِمَ اقتراب الساعة قصُرَ أملُه، ولم تركن نفسُه إلى الدنيا، وقام بالتوبة، وطرد الغفلة عن نفسه: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [الأنبياء: 1، 2]. عباد الله، إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم صَلِّ وسَلِّم على النبي المصطفى المختار، وعلى المهاجرين والأنصار، وعلى جميع الآل والصَّحْب الأخيار. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشِّرْك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين يا رب العالمين. اللهم وَفِّق وليَّ أمرنا ووليِّ عهده لما تحب وترضى، وخذ بناصيتهما للبِرِّ والتقوى. عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُرْبى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكَّرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولَذِكْرُ الله أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |