|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شخصية الباحث (1) د. عصام فاروق من المصطلحات المهمة في الجهاز الاصطلاحي للبحث العلمي (شخصيةُ الباحث)، وهو مصطلحٌ لا تخلو من ذكرِه مناقشةٌ علميةٌ أو تحكيمُ بحثٍ أو كثيرٌ من الجلسات العلمية. وفي الحقيقة يعتقد البعض أنه يعني أن يكثرَ الباحثُ من قوله (وأرى)، (وأنا أذهب)، (ويتضح لي).. إلى آخره من العبارات التي يقول الباحث من خلالها بشكل ضمني: أنا موجودٌ فانتبه لذلك أيها القارئ. وهذا فهمٌ ضيقٌ لهذا المصطلح الذي تتسع مواطنه، حتى أنها لتكاد تشمل مراحل البحث المتعاقبة كلها. وتتأتى أهمية إبراز هذه الشخصية من أنه إذا كانت الغاية من البحوث العلمية لخصها البعض في: "اختراع معدوم، أو جمع متفرق، أو تكميل ناقص، أو تفصيل مجمل، أو تهذيب مطول، أو ترتيب مختلط، أو تعيين مبهم، أو تبيين خطأ"، [2] فإن هذه الأمور لن تتحقق إذا كان اللاحق مقلدًا للسابق، غير مضيف إلى ما ورد عنه. ولولا الحرص على هذه الشخصية لتبع التلميذ شيخه تبعية تامة، ولسار المتعلم على خطى أستاذه حذو النعل بالنعل، ولما تحققت هذه الغايات التي خطها العلماء لمن يريد أن يبني لبنة في صرح العلم. ولهذه الشخصية مكانتُها في تقييم الرسائل العلمية، والبحوث المحكمة، وهي عنصر مهم من عناصر التقييم، كما أنها تكون غرضًا لكثيرٍ من السهام التقييمية. ولشخصية الباحث مظاهر عديدة تظهر من خلال كونه: ممهدًا للقضية التي يدرسها، عارضًا للاتجاهات، شارحًا للنصوص والأقوال، محللًا للنقول، مقارنًا بينها، معللًا للآراء، مرجحًا منها ما يراه راجحًا، مستشهدًا على ما يذهب إليه، مستدركًا في بعض الأحيان، مختصرًا أو مُلخِّصًا لبعض ما يراه مُطوَّلًا، ناقدًا لما يراه مجانِبًا للصواب أو مخالفًا للقواعد، معيدًا للصياغة.... إلخ. [1] الأستاذ المساعد ورئيس قسم أصول اللغة بكلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان - جامعة الأزهر. [2] قواعد التحديث (37) محمد جمال الدين القاسمي.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 28-12-2022 الساعة 02:07 AM. |
#2
|
||||
|
||||
![]() شخصية الباحث (2) د. عصام فاروق تتضح شخصية الباحث في مواطنَ عديدةٍ، لا تتوقف - كما أسلفنا - عند قوله: (وأرى) و(يتضح لي).. إلخ. ومن هذه المواطن ظهورُها في مرحلة وضع فكرة البحث وصياغة العنوان، فالباحث ذو الشخصية البارزة المستقلة لا يرضى بالتقليد الكامل (الأعمى)، أو أن يصوغ فكرته على منوال فكرةٍ سبق إعدادُها دون أن يضيف إليها أو ينحو بها منحًى آخر، أو يعالجها معالجةً مختلفةً. ففي هذه المرحلة يخلُد كثيرٌ من الباحثين إلى اجتلاب الأفكار السابق طرحها مع تعديل إطارها، فنجد باحثًا يسمي بحثه - على سبيل المثال- (سورة مريم دراسة دلالية)، لا لشيء إلا لأنه وجد باحثًا آخر تناول (سورة آل عمران دراسة دلالية)، بل يزيد الاستسهال بأن ينقل هيكلَ البحثِ نفسِه ليكون هيكلًا لبحثه دون تعديل. وما زلتُ أتذكر حديثًا أكاديميًّا دار في أحد المؤتمرات، قال فيه أستاذٌ كبيرٌ: طلبنا درجةً علميةً في إحدى الجامعات فتقدم ثلاثون باحثًا بموضوعٍ واحدٍ. وهنا تعجبتُ وسألتُه: كيف يكون ذلك؟ فقال: كل أبحاثهم: سورة البقرة دراسة بلاغية، سورة آل عمران دراسة بلاغية، سورة النساء دراسة بلاغية... مما أعدُّه موضوعًا واحدًا. وصَدَقَ الرجلُ. أعودُ إلى الحديث عن ظهور شخصية الباحث في هذه المرحلة، فأقول: لابد أن يتخيَّر الباحثُ من الموضوعات – خصوصًا في مرحلتي (الماجستير) و(الدكتوراه) - ما يتناسب مع ميوله هو أولًا، لا ما يفرضه عليه الأقسامُ العلميةُ أو يمليه عليه أقرانُه ممن سبقوه في هذه المرحلة، وإنْ حَدَثَ فبمقدار اكتساب الخبرة منهم فقط، وأن يلتقط من الأحاديث ما يبني عليه فكرته بعد القراءة حولها، ومحاولة بلورتها بما يتناسب مع تخصصه من ناحية، وميوله من ناحية أخرى، واستحقاقها الدراسةَ من ناحية ثالثة، مع وَضْع أطرٍ خاصةٍ تميزُ عملَه، وأنْ يفهم مفردات عنوانِ الموضوعِ فهمًا جيدًا، ومحترزات تلك المفردات، ومضامينها الدقيقة. وما زلت أتذكر في هذا الصدد، باحثًا كَتَبَ له أستاذُه عنوانَ موضوع (للماجستير) على ورقةٍ، وسجل الباحثُ في هذا الموضوع، ثم لحق هذا الأستاذُ بالرفيقِ الأعلى بعد مدةٍ بسيطةٍ، وظلَّ الباحثُ أسيرًا لعدم فهمه كلمةً وردتْ في العنوان سنةً كاملةً، لا لشيء إلا لأنَّه لم يناقش أستاذَه في أبعاد هذا العنوانِ، ومعاني كلماته ومصطلحاته، فظلتْ شخصيتُه غائبةً سنةً كاملةً يتخبط في أُطُر موضوعه.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 28-12-2022 الساعة 02:08 AM. |
#3
|
||||
|
||||
![]() شخصية الباحث (3) د. عصام فاروق من المواطن التي تتضح فيها شخصيةُ الباحثِ - أيضًا - مرحلةُ جمعِ المراجع والمصادر والوقوفِ على الدراسات السابقة، فعلى الباحث ذي الشخصية العلميَّة البارزة أنْ يحرص في هذه المرحلة على جمع أكبر كَمِّ من المراجع والمصادر التي تفيده في عملِه، وتُعد هذه المرحلةُ ترجمةً واضحةً لمدى فهمه حدودَ بحثه - على الأقل طبقًا للتخطيط المبدئي للبحث وتقسيماته - فيتفهمُ ما يحتاجه الجانبُ التنظيريُّ - على سبيل المثال - من مراجع ومصادر، وما يتطلبه الجانبُ التطبيقيُّ من مثلِها، ويحددُّ ما هو ثانويٌّ من هذه المؤلَّفات وما هو جوهريٌّ بالنسبة لبحثه، وأنْ يُرتب هذه المراجع تاريخيًّا من الأقدم إلى القديم إلى الحديث فالأحدث؛ للإفادة من ذلك في الوقوف على تطور فكرةٍ معيَّنةٍ، أو لنسبة الأقوال والأفكار إلى قائليها الأصليين. وعليه ألا يترك مؤلفًا أو دارسةً أو يتغاضى عنها بحجةِ صعوبةِ الوصول إليها، وليعلم أن للحصول على المرجع غير المتوافر أو بعيد المنال نشوةً لا يُدركُ كنهَها إلا مَنْ جَرَّب حلاوتَها. وبالطبع فعلى الباحث أنْ يتحلى في هذه الفترة بالصبر وأن يحافظ على حماسه ونهمه العلمي الذي لا ينتهي - في حدود بحثه - إلا بعد طباعة البحث طباعةً نهائيةً، وأن يكون كالطبيب الماهر الذي لا يرضى عن الدواء الأصلي لمريضه بديلًا، فيضع نُصبَ عينيه أنَّ المرجعَ الوسيطَ لا يُستخدمُ إلا عند استحالة الحصولِ على المرجع الأصلي. ومما يتعلق بهذه المرحلة – أيضًا - الوقوفُ على الدراسات السابقة، أو التي لها علاقة بموضوعه، والتي تدعو عند النظر إليها إلى سؤالٍ مُلحٍ متكررٍ: وما الجديد الذي سيُقدم؟ فمن خلال جمع هذه الدراسات وفحصها فحصًا جيدًا سيقف الباحث على ما سيميز رسالته أو دراسته عن هذه الدراسات السابقة المشابهة لدراسته من جهةٍ ما، عن طريق إجراء دراسةٍ تحليليةٍ يُبين فيها الباحثُ مميزاتِ كل دراسةٍ وعيوبها، ويُقفِّي ذلك بما ستقدمُه دراستُه من جديدٍ. لعلك معي الآن أيها القارئ الكريم أن مصطلح (شخصية الباحث) ليس بسيطًا كما يراه البعض، وإنما تتسع دلالته لتشمل جميع مراحل إعداد البحث أو الرسالة العلمية. [1] أستاذ مساعد (مشارك) ورئيس قسم أصول اللغة بكلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان - جامعة الأزهر.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 04-01-2023 الساعة 10:26 PM. |
#4
|
||||
|
||||
![]()
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 04-01-2023 الساعة 10:27 PM. |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |