|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حقائق قرآنيّة في الهجرة النبويّة
قال -تعالى-: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، من يتأمل في هذا النصّ القرآني ويتدبر معناه، يلحظ أنه قد اشتمل على حقائق في النصر الإلهي. الحقيقة الأولى: نصر الله للمستضعفين نصر الله للمستضعفين في الأرض بالدفع عنهم؛ إذ النصر نصران، نصر الله للمستضعفين في الأرض بالدفع عنهم، ونصر الله للمؤمنين الأقوياء بتمكينهم من عدوهم، ونصر الله للمؤمنين في الهجرة من النوع الأول. الحقيقة الثانية: نصر الله للمؤمنين عامٌ شامل نصر الله للمؤمنين في الهجرة عام شامل، فهو نصر للحاضر والمستقبل؛ لهذا جاء الفعل بصيغة المضارع الدال على الدوام والاستمرار (إذ يقول)؛ لهذا صارت الهجرة تمكينا للمؤمنين وإيذانًا بالانتقال من الاستضعاف إلى القوة، ومن الرخصة إلى العزيمة، ومن تأسيس العقيدة إلى تطبيق الشريعة. الحقيقة الثالثة: التأييد والنصر والعلم والحجة قال -تعالى-: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، هذه الآية افتتحت بذكر التأييد والنصرة وختمت بذكر العلم والحجة، وسلطان الشرع لا يقوم إلا بالنصرة والحجة معًا. الحقيقة الرابعة: النصر نوعان النصر نوعان: نصر معونة، ونصر منع أو دفع، وقد اشتملت الآية على النصرين؛ ففي الهجرة أعان الله المؤمنين على الدين والثبات عليه، ومنعهم من عدوهم ودفع عنهم، ورفع عنهم الضرر والحزن؛ فكانت لهم أنواع النصر في الهجرة (العون، والمنع، والدفع، والرفع). الحقيقة الخامسة: نصر الله -تعالى- للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه نصر الله -تعالى- النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه في وقت إخراج المشركين لهما من مكة؛ للدلالة على أن إخراج المؤمنين من أرضهم بغير حق هو نصر للمؤمنين وهزيمة للكافرين في الحال أو في المآل، (فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا) أي: نصره في وقت إخراج الكفار له. الحقيقة السادسة: النصر وقت دخول الغار النصر الثاني في ترتيب الانتصارات في سياق الآية: هو أن الله نصرهم في وقت دخلوهم الغار؛ لبيان أن دخولهم في الغار هو امتثال للأوامر الشرعية بالأخذ بالأسباب والالتجاء إلى طرائق الاحتماء من الأعداء؛ وفي هذا إشارة بليغة إلى أن أخذ المؤمن بالأسباب الحسية والشرعية عند تبليغ الى الدعوة يعد من النصر؛ ومما يدلل على هذا المعنى: إذ هما في الغار (إذ) وهو ظرف زمان بدل إذ أخرجه أي: نصرهم في وقت إخراجهم وفي وقت دخولهم إلى الغار؛ فهما نصران في زمانين مختلفين. الحقيقة السابعة: النصر وقت تبليغ العلم ويأتي النصر الثالث في زمن آخر ليس ببعيد وهو (النصر في وقت تبليغ العلم والتثبيت على الدين) ويتجلى في الآية في تكرار (إذ) في وقته الثالث، لكن هذا المرة النصّ له ذوق خاص وله معنى جامع؛ (إذ يقول لصاحبه لا تحزن)؛ فنصره الله -تعالى- في وقت قوله لصاحبه: لا تحزن؛ لبيان أن أوقات التعليم والتثبيت في الأزمات هي من باب نصر الله للمعلمين والمربين؛ فهي ليست تراجعات ولا هي مجرّد خوف ورفع المزعجات، ولا هي من قبيل العمل بغير الأولويات، وإنما هي - بلغة القرآن ومفهوم الشرع - واجبات وانتصارات. الحقيقة الثامنة: ثلاث صور عظيمة من صور التمكين وإذا تحقق النصر بمعناه الشامل للمؤمنين في الهجرة في الأزمنة الثلاثة: (من الإخراج، وزمن دخول الغار، وزمن الشروع بالتعليم والتثبيت)؛ فقد ترتب على هذه الانتصارات الثلاثة، ثلاث صور عظيمة من صور التمكين؛ كانت الانتصارات الثلاثة الأولى هي أسباب شرعية، والانتصارات الثانية هي قدرية؛ فكانت (السكينة، والتأييد بالملائكة، وإظهار حجة الله وقطع حجة الكافرين إلى قيام الساعة). ثلاثة ترتبت على ثلاثة: مقابل الإخراج من الأرض جاء التمكين بالحجة، ومقابل الدخول في الغار والأخذ بالأسباب جاء التأييد بالملائكة، ومقابل التعليم والتثبيت كان نزول السكينة؛ على قاعدة (الجزاء من جنس العمل)، فكل أزمنة الهجرة وكل أحوالها وكل أسبابها كانت نصرا بالأمر الشرعي أو بالأمر القدري، وبالحكم السببي أو بالحكم الجزائي؛ فكل زمن الهجرة كان نصرًا، وفي هذا اعتبار عظيم في سنن الله. الحقيقة التاسعة: تنوع النصر في سياق الآية لقد تنوع النصر في سياق الآية؛ فهو نصر معنوي روحي بإنزال السكينة وهو نصر جثماني حسي بإنزال الملائكة، وهو نصر مادي بالسفر وهو نصر معنوي بالتثبيت على العلم والإيمان، وهو نصر للأنبياء والمرسلين ونصر للأولياء والصديقين، وهو نصر في الماضي بالإنجاء من كيد الكافرين ونصر للمستقبل بتعطيل حجة المبطلين. الحقيقة العاشرة: من حقائق النصر في الهجرة إذا كانت كل هذه الانتصارات وصور التمكين تحققت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه الغر الميامين في لحظة الهجرة، فما هو النصر الذي تحقق للسائرين على نهج النبي -صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى يوم الدين؟ يجيب عن هذا السؤال أحد أعلام الأمة الذين يرجى له أنه قد حقق هذه المعاني من الهجرة في علومه ودعوته ؛ فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يجيب عن هذا السؤال؛ فيقول -رحمه الله في منهاج السنة-: «لو انفرد الرجل في بعض الأمصار والأعصار بحق جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم - ولم تنصره الناس عليه، فإن الله معه وله نصيب من قوله: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} (التوبة: 40). عشر حقائق كاملة فهذه عشر حقائق كاملة، وأرجو أن تكون جامعة، ولبيان المقاصد واضحة في الهجرة النبوية التي لم تكن هروباً من قاتل، ولا هي من قبيل ترك الواجب، ولا هي على سنن اعتزال الواقع، وإنما هي مقدمة في البناء، ومرحلة في التأسيس، ومصلحة في التشريع، وحكمة في القدر، ونصر في الابتداء، وتمكين في الانتهاء، وخاصية في التاريخ، وشعيرة في الدين. فضيلة أبي بكر - رضي الله عنه - وها هنا فائدة مهمة من هذه الآية القرآنية التي نزلت في تبوك بعد أن صار المؤمنين كثرة والخشية من الاغترار بالقوة، فذكرهم الله بأنه قد نصر رسوله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين؛ إذ كانوا قلة والكفار كانوا كثرة! وهو -سبحانه- يمتن عليهم بهذا النصر العظيم والتمكين الكبير الذي جاء فتحا عظيمًا ومنطلقا كبيرًا لنشر الدعوة وتبليغ الدين، وكان مما كان في هذه الملحمة العظيمة التنويه صراحةً بفضل الصحابي الصديق أبي بكر - رضي الله عنه -؛ وقد بيّنت الآية في ألفاظها وسياقها فضل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - من وجوه عشرة، وهي:
اعداد: الشيخ: فَتْحي بِن عَبدِ الله المَوْصِليِّ
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |