|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() صور من التبرك السني والبدعي الحلقة الثانية بقلم معاوية محمد هيكل بينا في المقال السابق صورا من التبرك المشروع، وفي هذا المقال نكمل ما بدأناه، ثم نتناول صورا من التبرك البدعي؛ مستدلين في كل ذلك بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والنبوية، وإليك البيان: ومن الأمكنة المباركة مكة، والمدينة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا إبراهيم لأهل مكة». أخرجه مسلم. فمن سكن مكة أو المدينة طالبا لما فيها من البركة التي أخبر عنها صلى الله عليه وسلم فقد وفق إلى خير كثير، بخلاف ما لو طلب التبرك بالتمسح بترابها وجدرانها وأشجارها وغير ذلك مما لم يرد به الشرع، فإنه بدعة ومدخل إلى الشرك، وكذا المشاعر المقدسة، كعرفة ومزدلفة ومنى، فهي أماكن مباركة لما يحصل في أوقاتها المشروعة من غفران الذنوب وحصول الأجر الكبير كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم. التبرك بالأزمنة هناك أزمنة خصها الشرع بزيادة فضل وبركة، مثل شهر رمضان؛ لما في صيامه من غفران الذنوب وزيادة رزق المؤمن، وغير ذلك، ومن ذلك ليلة القدر، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} [الدخان: 3] ، والعشر الأول من شهر ذي الحجة، ويوم عرفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر. قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء». رواه البخاري. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله». [صحيح الترغيب (996) ] . وكذلك يوم الجمعة، فإن بركته أنه خير يوم طلعت عليه الشمس، وفيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة إجابة، وكذلك الثلث الأخير من الليل، ويوم الاثنين والخميس، وغير ذلك من الأزمنة التي خصها الشرع بمزية ويكون فيها من الخير والفضل والبركة الشيء الكثير والتماس البركة في هذه الأزمنة يكون باتباع ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم. [انظر «التبرك» للعلياني (33) ] . ومن ذلك يوم عاشوراء؛ فمن بركته أن صيامه يكفر سنة ماضية. عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: «يكفر السنة الماضية». رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع». رواه مسلم. وذكر بعض أهل العلم كابن القيم وغيره، أن صيام عاشوراء على مراتب ثلاث: 1 - أن يصوم عاشوراء وتاسوعاء: وهذا أفضل الأنواع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» يعني: مع العاشر: 2 - أن يصوم عاشوراء والحادي عشر، وهذا دون الأول. 3 - أن يصوم عاشوراء وحده، فكرهه بعض العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمخالفة اليهود، ورخص فيه بعض العلماء. ومن الأطعمة التي تلتمس فيها البركة 1 - زيت الزيتون: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة». رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني. 2 - اللبن: لحديث عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بلبن قال: «كم في البيت بركة أو بركتين» أخرجه أحمد وابن ماجه. 3 - الحبة السوداء: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن في الحبة السوداء شفاء من كل داء، إلا السام». رواه ابن ماجه. 4 - ماء زمزم: كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها مباركة، إنها طعام طعم». رواه مسلم. 5 - العجوة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تصبح سبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر». رواه البخاري. قال القرطبي: ظاهر الأحاديث خصوصية عجوة المدينة بدفع السحر والسم، والمطلق منها محمول على المقيد. 6 - العسل: قال تعالى: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} [النحل: 69] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنا أنهى أمتي عن الكي». رواه البخاري (4/ 32) . صور من التبرك الباطل حذرت منها الشريعة 1 - التبرك بالأمكنة المباركة على غير ما ورد في الشرع، كتقبيل أبواب المساجد، والتمسح بأعتابها، والاستشفاء بتربتها، والتمسح بجدران الكعبة، أو مقام إبراهيم، أو الحجرة النبوية، أو صخرة بيت المقدس، وغير ذلك. 2 - وكذلك لا يجوز التبرك بالحجر الأسود؛ لأن الأصل فيه أن يتعبد لله بمسحه وتقبيله اتباعا للرسول صلى الله عليه وسلم، وبذلك تحصل بركة الثواب، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: «إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك». رواه البخاري. فتقبيله عبادة محضة؛ خلافا للعامة الذين يظنون أن به بركة حسية، ولذلك إذا استلمه بعضهم مسح على جميع بدنه تبركا بذلك، وكذلك الحال أيضا بالنسبة للركن اليماني، فالسنة فيه مسحه فقط اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. «القول المفيد» للشيخ ابن عثيمين. 3 - ومن ذلك أيضا الذهاب إلى القبور، لا لقصد الزيارة، وإنما لقصد الدعاء عندها لأجل بركتها، واعتقاد أن الدعاء عندها أفضل. قال شيخ الإسلام في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص334) : فأما إذا قصد الرجل الصلاة عند بعض قبور الأنبياء، أو بعض الصالحين تبركا بالصلاة في تلك البقعة، فهذا عين المحادة لله ورسوله والمخالفة لدينه وابتداع دين لم يأذن به الله، وكذلك الذهاب إلى الأضرحة الموجودة في المساجد والمنتشرة في أكثر بلاد المسلمين للأسف الشديد للاعتكاف عندها والطواف حولها والسجود على أعتابها طلبا للبركة حتى أصبح في كل قرية - إلا من رحم الله - وثن مخصص لذلك تذبح له القرابين وترتجى عنده الحاجات وتلتمس منه البركات. فإنا لله وإنا إليه راجعون. 4 - قال شيخ الإسلام: مثل من يذهب إلى حراء ليصلي فيه ويدعو، أو يسافر إلى غار ثور ليصلي فيه ويدعو، أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ليصلي فيه ويدعو، أو يسافر إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال التي يقال فيها مقامات الأنبياء، ولا شرع للأمة زيارة موضع بيعة العقبة، ومعلوم أنه لو كان هذا مستحبا يثيب الله عليه، لكان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بذلك، وأسرعهم إليه، ولكان أصحابه أعلم بذلك وأرغب فيه ممن بعدهم، فلما لم يكونوا يلتفتون إلى شيء من ذلك، علم أنه من البدع المحدثة. وقد رد الشيخ ابن باز في «فتاويه» (334/ 3) على من طلب بإحياء الآثار النبوية كطريق الهجرة، ومكان خيمة أم معبد، ونحو ذلك فبين أن ذلك يجر إلى تعظيمها والدعاء عندها والصلاة، ونحو ذلك. وهذا من الوسائل المفضية إلى الشرك. 5 - وكذا الأمكنة التي صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم اتفاقا؛ كأن يكون في سفر ونحو ذلك، ولم يقصد تخصيصها بالصلاة، فإنه لا يشرع تتبعها والتقرب إلى الله بالصلاة فيها؛ لأنها لم تكن مقصودة لذاتها، ولو جاز ذلك لكان من باب أولى الأماكن التي ارتبطت بحوادث نبوية معينة، كغار حراء، وغار ثور، وموقعة بدر، ومكان شجرة بيعة الرضوان، وغير ذلك. روى ابن سعد في «الطبقات» (2/ 100) عن نافع قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها شجرة الرضوان، فيصلون عندها، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأوعدهم فيها وأمر بقطعها. 6 - وكذا الأزمنة المباركة، كشهر رمضان، وليلة القدر، ويوم الجمعة، وغير ذلك إنما تلتمس بركتها بالقيام المشروع فيها من العبادات، ولو التمست بركة تلك الأزمنة بأعمال غير مشروعة لأنكر عليه، لأن التماس البركة في زمان معين أو مكان معين عبادة يقتصر فيها على المشروع. 7 - ومن ذلك تخصيص أزمنة معينة بنوع من التعظيم والاحتفال والعبادات، كيوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، ويوم الهجرة، ويوم بدر، وفتح مكة، وغير ذلك فالتبرك بالأزمنة على هذا النحو من البدع. 8 - ومن التبرك الباطل؛ التبرك بذوات الصالحين وآثارهم، فلم يؤثر عن أحد من الناس أنه تبرك بوضوء أبي بكر رضي الله عنه، أو عرقه، أو ثيابه، أو غير ذلك، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، وإنما كان الصحابة رضي الله عنهم يتبركون بوضوء النبي صلى الله عليه وسلم وجسمه وعرقه وريقه وشعره وملابسه، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا يجوز أن يقاس عليه أحد من الصالحين، ولو كان الخلفاء الراشدين أو العشرة المبشرين، فضلا عن غيرهم؛ لأن التبرك عبادة مبناها على التوقيف والاتباع. [انظر «الاعتصام» للشاطبي (ص8) ، و «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص339) ، و «رسالة التبرك المشروع» للعلياني (ص81) ] . وللحديث بقية إن شاء الله. والله من وراء القصد.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |