|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ... ﴾ سعيد مصطفى دياب قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آل عمران: 166 - 168]. هذهِ الْآيَةُ تَسْلِيَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَمَّا أَصَابَهُمْ من القتل والجراح والهزيمة، وَقَوْلُهُ: ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾: الْمُرَادُ بِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَالْجَمْعَانِ: جَمْعُ الْمُسْلِمِينَ وَجَمْعُ الْمُشْرِكِينَ. وَقَوْلُهُ: ﴿ فَبِإِذْنِ اللَّهِ ﴾، يطلق الإذن في كتاب الله تعالى ويراد به أربعة أمور: الْأَوَّلُ: العلم؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 279]. والثَّانِي: التَّخْلِيَةُ وَتَرْكُ المنعِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ﴾ [الحج: 39]. وَالثَّالِثُ: الْأَمْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ﴾ [المائدة: 110]؛ أي: بأمري وَإِرَادَتِي. وَالرَّابِعُ: القَضَاءُ وَالحُكْمُ، وهو أقرب المعاني هنا، هُوَ الْمَنْقُولُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أي: الَّذِي أَصَابَكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، مِنَ الْهَزِيمَةِ وَالْقَتْلِ وَالْجَرَّاحِ فَهُوَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَحُكْمِهِ الذي لا يردُّ، لْحِكْمَةٍ أرَادَهَا اللهُ تَعَالَى. ﴿ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾؛ يعني: لِيُمَيِّزَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فيَظْهَرَ إِيمَانُ الْمُؤْمِنِينَ بثباتهم وصَبْرِهِم فِي الْقِتَالِ، وَيَظْهَرَ كُفْرُ الْمُنَافِقِينَ بِإِظْهَارِهِمُ الشَّمَاتَةَ بما أصابَ الْمُؤْمِنِينَ. وفي الكلام حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: (وَلِيَعْلَمَ إِيمَانَ الْمُؤْمِنِينَ وَنِفَاقَ الْمُنَافِقِينَ). وإنما قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾، وَلَمْ يَقُلْ: وَلِيَعْلَمَ الْمُنَافِقِينَ؛ ليبين ثبات المؤمنين على دينهم؛ فإن الِاسْمُ يَدُلُّ عَلَى الثباتِ والاستقرارِ، وَقَالَ: ﴿ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾؛ لأنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى التَّجَدُّدِ، وقد ظَهَرَ منهم النِّفَاقُ بعد خَفَائِهِ. ﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾: يعني: وَلِيَظْهَرَ كُفْرُ الْمُنَافِقِينَ وَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولٍ وَأَصْحَابُهُ وكانوا قد خَرَجُوا معَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ ثمَّ قَالُوا: لِمَ نُلْقِي أَنْفُسَنَا فِي الْقَتْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا مِنَ الطَّرِيقِ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ، لِيُخَذِّلُوا الْمُسْلِمِينَ عَنِ القِتَالِ وَيُوقِعُوا فِيهِمُ الْفَشَلَ، فَمَشَى فِي أَثَرِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ الأنصاري، أَبُو جَابِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وقال لهم: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَنْ تَخْذُلُوا نَبِيَّكُمْ وَقَوْمَكُمْ عِنْدَ حُضُورِ الْعَدُوِّ، اتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَتْرُكُوا نَبِيَّكُمْ، تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا. ﴿ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ﴾: قال لهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ﴿ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾، فإِنَّ نصرةَ الْإِسْلَامِ واجبةٌ عليكم إن كنتم مسلمين، وإلا فَقَاتِلُوا دِفاعًا عَنْ أَنْفُسِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ: ادْفَعُوا عَنَّا الْعَدُوَّ بِتَكْثِيرِ سَوَادِنَا إِنْ لَمْ تُقَاتِلُوا مَعَنَا. ﴿ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ ﴾: لَما قال لهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذلك قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولٍ: مَا أَرَى أَنْ يَكُونَ قِتَالٌ، وَلَوْ عَلِمْنَا أَنْ يَكُونَ قِتَالٌ لَكُنَّا مَعَكُمْ. فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرَامٍ قَالَ: اذْهَبُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ فَسَيُغْنِي اللَّهُ رَسُولَهُ عَنْكُمْ. وَمَضَى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقاتل حتى اسْتُشْهِدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾؛ لأن مَا ظهرَ مِنْ حَالِهِمْ يَوْمَئِذٍ من أَماراتِ الْكُفْرِ عَلَيْهِمْ والإعراض عن نصرة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعلتهم أَقْرَبَ لِلْكُفْرِ مِنْ الْإِيمَانِ. وَقَالَ تعالى: ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾، وَلَمْ يَقُلْ: هُمْ كُفَّارٌ؛ تَأْدِيبًا لَهُمْ ليفتح باب التوبة لمن قدر الله توبتهم منهم، ولئلا يتجرَّأ بقيتهم على المجاهرة بالكفر، وَمَنْعًا للمؤمنين من التَّكْفِيرِ بِالْعَلَامَاتِ وَالْقَرَائِنِ، لا سيما التي تحتملُ الْعُذْرَ وَالتَّأْوِيل. وقِيلَ: هَذَا نَصٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُمْ كُفَّارٌ. ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾؛ أي: يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ويُضْمِرُونَ الْكُفْرَ فِي قُلُوبِهِمُ، وقوله: ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾، للتأكيد، مثل قوله: ﴿ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ [الأنعام: 38]. ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُضْمِرُونَهُ في أنفسهم وسيحاسبهم عليه، وصيغةُ التفضيلِ في قوله: ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ﴾. لبيانِ أنَّ ما يكتُمونه من النفاقِ يعلمه المؤمنون على وجه الإجمال، لا يعلم ذلك على وجه التفاصيلَ إلا الله تعالى. ﴿ الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: نَزَلَتْ هذهِ الْآيَةُ فِي عَدُوِّ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولَ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولَ وَأَصْحَابُهُ عَمَّنْ قُتِلُوا يومَ أُحدٍ لَوْ أَطَاعُونَا فِي أَلَّا يَخْرُجُوا إِلَى القتالِ لَمَا قُتِلُوا، ومعنى: ﴿ لِإِخْوانِهِمْ ﴾ عَنْ إِخْوَانِهِمْ؛ كقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونا إِلَيْهِ ﴾ [الْأَحْقَاف: 11]، أي: قالَوا عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونا إِلَيْهِ، والمرادُ هنا إِخْوَةُ النَّسَبٍ لَا إِخْوَةُ الدِّينِ لأَنَّهم كانوا مِنَ الْخَزْرَجِ. وَقِيلَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولَ وَأَصْحَابُهُ لِإِخْوَانِهِمْ الْمُنَافِقِينَ: لَوْ أَطَاعَنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي أَلَّا يَخْرُجُوا إِلَى القتالِ لَمَا قُتِلُوا مَعَ مَنْ قُتِلَ. ﴿ الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا ﴾؛ أَيْ: قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ وَقد قَعَدُوا هُمْ عَنِ الْجِهَادِ. ﴿ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ﴾؛ أَيْ: لَوْ أَطَاعَنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي أَلَّا يَخْرُجُوا إِلَى القتالِ لَمَا قُتِلُوا مَعَ مَنْ قُتِلَ. ﴿ قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: الدَّرْءُ: هُوَ الدَّفْعُ، ومنه قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ﴾ [الْبَقَرَة: 72]؛ أَيْ: تَدَافَعْتُمْ، يَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ التهمةَ عَنْ نفسه؛ أَيْ: قُلْ لَهُمْ يا محمدُ فَادْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي قولكم إن بقاءهم في بيوتهم يدفع عنهم الموت، ويؤخر الأجلَ، فإِنَّ الْمَقْتُولَ يُقْتَلُ بِأَجَلِهِ، ولَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنَ قَدَرٍ. الأَسَالِيبُ البَلَاغِيةُ: من الأساليبِ البلاغيةِ في الآياتِ: التأكيدُ في قوله: ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾. حذفُ الإيجازِ في قوله: ﴿ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾، تَقْدِيرُهُ: (وَلِيَعْلَمَ إِيمَانَ الْمُؤْمِنِينَ وَنِفَاقَ الْمُنَافِقِينَ). والطباق في قوله: ﴿ الْمُؤْمِنِينَ ﴾، وَ﴿ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾، وفي قوله: ﴿ لِلْكُفْرِ ﴾، و﴿ لِلْإِيمَانِ ﴾، وفي قوله: ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾، و﴿ يَكْتُمُونَ ﴾.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |