|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تحفة الرفيق بفضائل وأحكام أيام التشريق السيد مراد سلامة الخطبة الأولى الحمد الله ربِّ العالمين، مَنَّ على عبادة بمواسم الخيرات؛ ليغفر لهم الذنوب، ويُجزل لهم الهبات، أشكُره تعالى وقد خصَّ بالفضيلة أيامًا معدودات، وأماكن محدودات، الموفَّق مَن اغتنمها بطاعة رب الأرض والسماوات، والمغبون مَن فرَّط فيها مع قدرته عليها وضيَّع الطاعات، وأشهد أن لا إله إلا الله؛ أكمَل الدين، وأتَمَّ علينا النعمة، ورضِي لنا الإسلام دينًا، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله ببَعثته ورسالته كمل الدِّين وارتفعت أعلامُه، صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابِه صلواتٍ وسلامًا وبرَكات دائِمَاتٍ ما دام الدَّهرُ ليالِيه وأيَّامُه، والتابعين ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، وعظِّموا شعائر الله، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]. أما بعد: فالله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد....................................... إخوة الإسلام، مِن سويعات أدى المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها صلاة عيد الأضحى المبارك، وأراق المسلمون دماء الأضاحي تقربًا وتزلُّفًا إلى الله تعالى، مُعلنين أنه لا إله إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا شريك له في ملكه ولا سند، ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، وقال جلَّ شأنه: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]. والعيدُ أقبَل مَزهوًّا بطَلْعَتِه ![]() كأنه فارسٌ في حُلَّةٍ رَفَلا ![]() والمسلمون أشاعُوا فيه فَرحتَهم ![]() كما أشاعوا التَّحايا فيه والقُبَلا ![]() وها هي أيام النحر والتشريق تأخذ بأيدي الرفيق إلى أقوم طريق، نفحات ورحمات، ذكر وصلوات، شكر وتضرُّعات، إحسان وصدقات، صلة وصلات...... فما أيام التشريق؟ أيها الأحباب، أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي بعد يوم النحر - يوم عيد الأضحى - ويقال لها أيام مِنَى؛ لأن الحجاج يُقيمون فيها بمِنَى، وهي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]، وسُميت أيام التشريق؛ لأن الحجاج يُشرِّقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا؛ أي يَنشُرونها ويُقدِّدونها. واعلموا بارك الله فيكم أن لكل يوم من هذه الأيام اسمًا خاصًّا به، وأيام التشريق الثلاثة هي: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة، ولكل يوم اسم خاص. اليوم الأول: (يوم القَر)، وسُمِّي بذلك؛ لأن الحُجاج يَقرُّون ويبيتون فيه بمنى؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (أعظمُ الأيَّام عند الله يوم النَّحر ثم يوم القر))، ويقال له: (يوم الرؤوس)؛ لأنهم يأكلون فيه رؤوس الأضاحي. أفضلها أولها وهو يوم القَرِّ؛ لأن أهل منى يَستقرون فيه ولا يجوز فيه النفر، وفي حديث عبد الله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أعظمُ الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القَرِّ"[1]. اليوم الثاني: (يوم النفر الأوَّل)، ويجوز النَّفر فيه لِمَن تعجَّل بعد رمي جمرات العقبة الأولى والثَّانية؛ قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 203]. اليوم الثالث: (يوم النفر الثاني)، وهو يأتي بعد رمي الجمرات في اليوم الثالث من أيام التشريق. المشروع والممنوع في هذه الأيام المباركات: اعلموا - علَّمني الله وإياكم - أن هناك عبادات مشروعة وأخرى ممنوعة في تلك الأيام الميمونة المباركة. المشروع فيها: ذكر الله تعالى فيها: عن نُبيشةَ الهذلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيام التشريق أيام أكل وشُرب)، وفي رواية: (وذكر لله)؛ أخرجه مسلم[2]. والذكر المشروع فيها مقيَّد ومطلق، فالمقيد يكون أدبار الصلوات المكتوبات بالتكبير في أدبارها، وهو مشروع إلى آخر أيام التشريق عند جمهور العلماء، وقد رُوي عن عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنه. التوسع في المباحات دون إسراف: إخوة الإسلام، اعلموا أن أيام التشريق أيام أكل وشُرب، وإظهار للفرح والسرور، والتوسعة على الأهل والأولاد، بما يحصُل لهم مِن ترويح البدن وبسْط النفس، مما ليس بمحظورٍ ولا شاغل عن طاعة الله تعالى؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يوم عرفة: يوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام...)[3]. ولا مانع من التوسع في الأكل والشرب، ولا سيما اللحم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصَفها بأنها أيام أكل وشرب، ما لم يصِل ذلك إلى حد الإسراف والتبذير، أو التهاون بنعم الله تعالى. مع الإكثار من ذكر الله تعالى وشكره على نِعَمه السابغة؛ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا»[4]. ومن المشروع ذكر الله تعالى المُطْلَق، فإنه يُستحب الإكثار منه في أيام التشريق، وقد كان عمر رضي الله عنه يكبِّر بمنى في قُبته، فيَسمَعه الناس فيكبِّرون، فترتجُّ منًى تكبيرًا، وقد قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200] إلى آخر الآية، وقد استحبَّ كثيرٌ من السلف كثرةَ الدعاء بهذا في أيام التشريق. إن هذه الأيام كلها أيام ذبح للأضاحي: فالراجح من أقوال أهل العلم أن وقت ذبح الأضحية يبدأ من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة؛ لِما رواه أحمد عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَرَفَاتٌ مَوْقِفٌ وَارْفَعُوا عَنْ عَرَفَةَ، وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ، وَكُلُّ فِجَاجِ مِنًى مَنْحَرٌ، وَفِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ»[5]. فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد بعد الصلاة، وثلاثة أيام بعده، وهي أيام التشريق، فمن ذبح قبل الصلاة، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر، لم تَصِحَّ أُضحيته. الإكثار من الدعاء والابتهال إلى الكبير المتعال – جل جلاله –: إخوة الإسلام، من المشروع في تلك الأيام كثرةُ الدعاء، وسؤال الله تعالى مِن خيرَي الدنيا والآخرة؛ قال عكرمة: كان يُستحب أن يقال في أيام التشريق: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، وعن عطاء قال: ينبغي لكلِّ مَن نفَر أن يقول حين يَنفِر متوجهًا إلى أهله: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، وهذا الدعاء من أجمع الأدعية للخير، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منه، ورُوي: أنه كان أكثر دعائه، وكان إذا دعا بدعاء جعله معه، فإنه يجمع خيرَ الدنيا والآخرة. قال الحسن: الحسنة في الدنيا: العلم والعبادة، وفي الآخرة: الجنة وقال سفيان: الحسنة في الدنيا: العلم والرزق الطيِّب، وفي الآخرة: الجنة. الممنوع فيها: يُمنع في هذه الأيام الصوم إلا لمن لم يجد الهدي: واعلموا - علمني الله وإياكم - أنه لا يجوز صيام أيام التشريق مطلقًا، لا للحاج ولا لغيره، فلا يصوم يوم الاثنين ولا الخميس إذا كان منها، ولا الثالث عشر إذا كان يصوم أيام البيض، ويُستثنى من ذلك المتمتِّع الذي لم يجد الهدي؛ لِما ورد عن ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهما - قالا: (لم يُرخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يَجد الهدْي)؛ أخرجه البخاري [6]. وعن كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعَثه وأنس من الحدثان أيام التشريق، فنادى أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام التشريق أيام أكل وشُرب"[7]. وعن عمرو بن العاص قال: "هذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرنا بإفطارها، وينهى عن صيامها"[8]، قال مالك: هي أيام التشريق". قال ابن رجب - رحمه الله -: "وإنما نُهي عن صيام أيام التشريق؛ لأنها أعياد للمسلمين مع يوم النحر، فلا تُصام بمنًى ولا غيرها عند جمهور العلماء، وفي النهي عن صيام هذه الأيام والأمر بالأكل فيها والشرب، سرٌّ حسن، وهو أن الله تبارك وتعالى لَما علِم ما يلاقي الوافدون إلى بيته من مشاق السفر وتعب الإحرام، وجهاد النفوس على قضاء المناسك، شرَع لهم الاستراحة عقب ذلك بالإقامة بمنى يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وأمَرهم بالأكل فيها من لحوم نُسكهم، فهم في ضيافة الله عز وجل فيها لطفًا من الله بهم، ورأفة ورحمةً، وشاركهم أيضًا أهلُ الأمصار في ذلك؛ لأن أهل الأمصار شارَكوهم في حصول المغفرة والنصب لله، والاجتهاد في عشر ذي الحجة بالصوم والذكر والاجتهاد في العبادات، وشارَكوهم في حصول المغفرة، وفي التقرب إلى الله تعالى بإراقة دماء الأضاحي، فشارَكوهم في أعيادهم، واشترك الجميع في الراحة في أيام الأعياد بالأكل والشرب، كما اشتركوا جميعًا في أيام العشر في الاجتهاد في الطاعة والنصب، وصار المسلمون كلهم في ضيافة الله في هذه الأيام، يأكلون مِن رِزقه ويشكرونه على فضله، ونُهوا عن صيامها؛ لأن الكريم لا يليق به أن يُجيع أضيافه، فكأنه قيل للمؤمنين في هذه الأيام: قد فرَغ عملُكم الذي عمِلتُموه، فما بقِي لكم إلا الراحة"[9]. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية أما بعد:فعباد الله، احذَروا من المعاصي في تلك الأيام خاصة وسائر الأيام عامة: احذَروا من الاختلاط بالنساء، وما أكثر الاختلاط بين الجنسين في أيام العيد، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم حذَّرنا من ذلك بقوله: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ)؛ رواه مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه[10]. احذروا الاختلاط مع نساء الإخوة، مع زوجات الأعمام، مع زوجات الأخوال، مع بنات العم والعمة والخال والخالة، فضلًا عن الأجنبيات الأباعد. احذَروا من إطلاق البصر إلى ما لا يَحِلُّ لك النظر إليه من النساء؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]، وقال أيضًا: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾ [النور: 31]، وتذكَّر قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. احذروا من سماع ما لا يحلُّ لك سماعه؛ من ذكر الآخرين بما يكرهون، ومن سماع الغناء، ومن سماع الاستهزاء والسخرية بالآخرين؛ لأن نعمة السمع التي أكرَمنا الله عز وجل بها يجب علينا أن نوظِّفها في سماع ما يرضي الله عز وجل، من سماع تلاوة القرآن وذكر الله، وسماع الكلام الحسن والموعظة الحسنة. الدعاء............................................ ............. [1] "مسند أحمد" (19075)، و"صحيح ابن حبان" (2811). [2] أخرجه مسلم (1141). [3] أخرجه أبو داود (2419)، والترمذي (773)، والنسائي (252/5)، وأحمد (605/28)، وقال الترمذي: "حديث صحيح حسن"، وصححه ابن خزيمة (2100)، وابن حبان (368/8). [4] مسند أحمد ط الرسالة (19/ 36)، وأخرجه مسلم (2734). [5] أخرجه أحمد 4 /82، والبيهقي 5/295. [6] صحيح البخاري (1894)، وانظر: فتح الباري (243/4). [7] أخرجه مسلم (ح 1142). [8] أخرجه أبو داود (ح 2418)، وإسناده صحيح. [9] لطائف المعارف ص333 باختصار. [10] مسند أحمد، ط الرسالة (28/ 581)، وأخرجه مسلم (2172)، والطبراني 17/ (763).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |