|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() علامات نهاية العالم (5) ظهور الفتن د. محمد ويلالي الخطبة الأولى تحدثنا في خطب سابقة عن جملة من العلامات الصغرى لنهاية العالم، ردا على من يطلع علينا بين الفينة والأخرى بالتحذير من قيام الساعة في هذا التاريخ أو ذاك، وذكرنا منها: بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وموته، وانشقاق القمر، وتقارب الزمان، ونطق الرويبضة، ورفع العلم، وتغير الأحوال. وسنحاول - اليوم إن شاء الله تعالى - أن نلامس علامة أخرى، ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث، وحذر منها أيما تحذير، وهي في زماننا واضحة جلية، يصطلي بنارها القاصي والداني، الغني والفقير، الذكر والأنثى، ودار ذكرها في القرآن الكريم لفظا ومعنى في نحو ثمانين موضعا، إنها الفتن المتنوعة، التي ظهرت في هذا الزمان وفشت، حتى أخذت بتلابيب الناس، واكتنفت حياتهم، وصارت هاجسهم. ففي صحيح البخاري يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج وهو القتل، حتى يكثر فيكم المال فيفيض". وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بادروا بالأعمال فتنا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ - وفي لفظ أبي داود: "إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ"-، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِى كَافِرًا، وَيُمْسِى مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا". قال الإمام النووي: "معنى الحديث: الحث على المبادرة إلى الاعمال الصالحة قبل تعذرها، والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم.. ووصف - صلى الله عليه وسلم - نوعا من شدائد تلك الفتن، وهو أنه يمسي مؤمنا، ثم يصبح كافرا، أو عكسه.. وهذا لعظم الفتن، ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب". ومادة "فتن" تدل على الابتلاء والاختبار. يقال: فتنت الذهب والفضة بالنار، لأميز جيدهما من رديئهما. وجاءت الفتنة في القرآن الكريم لها ستة عشر معنى، منها: الابتلاء، كما في قوله تعالى: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ". ومنها: الحرق بالنار، ومنه قول الله تعالى: "يوم هم على النار يفتنون". ومنها: التسليط، كما في قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾. قال مجاهد: "لا تسلطهم علينا فيفتنونا". ومنها الإثم. قال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾. ومن معانيها المرض. قال تعالى: ﴿ أَوَ لَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾. والفتنة أيضا: النفي عن البلد. قال تعالى: ﴿ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾. ومن معانيها: الزيغ والضلال والانحراف، سواء كان ذلك بالكفر والشرك أو بالمعصية، كما في قوله عز وجل: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴾، أي: ابتغاء الزيغ والضلال. ولقد كان الصحابة حريصين على معرفة مواطن الفتن، حتى يحذروها، ويَسْلَموا من مغبتها. قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: "كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني" متفق عليه. وثبت في صحيح مسلم، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل الصحابة فقال: "أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ الْفِتَنَ؟". فَقَالَ قَوْمٌ: "نَحْنُ سَمِعْنَاهُ". فَقَالَ: "لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ، وَجَارِهِ". قَالُو: "أَجَلْ". قَالَ: "تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ، وَالصِّيَامُ، وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِنْ، أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ الْفِتَنَ التي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ؟". قَالَ حُذَيْفَةُ: "فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا، كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا، لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ" مسلم. أما أسباب هذه الفتن، فمدارها على قوم ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - صفاتهم، ونعوذ بالله أن يكون منا من يتصف بها. 1- أما صفتهم الأولى، فهي النفاق، ومناقضة أقوالهم لأفعالهم، مع ترك أوامر ربهم، وهدي نبيهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ نبي بَعَثَهُ اللَّهُ في أُمَّةٍ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ" مسلم. 2- وأما الصفة الثانية، فذهاب الأمانة، المستتبع لذهاب الإيمان. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ، حَتَّى يُقَالَ إِنَّ في بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَجْلَدَهُ، مَا أَظْرَفَهُ، مَا أَعْقَلَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ" متفق عليه. ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ضعيت الأمانة فانتظر الساعة". قال: كيف إضاعتها؟. قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" البخاري. أظهروا للناس دينًا ![]() وعلى الدينار داروا ![]() وله صاموا وصلوا ![]() وله حجوا وزاروا ![]() لو بدا فوق الثريا ![]() ولهم ريش لطاروا ![]() 3- وأما الصفة الثالثة: فضعف دينهم، وقلة خلقهم، وذهاب ماء وجوههم، وهم الحثالة التي لا خير فيها، ولا نفع يجنى من ورائها. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حفالة (أي حثالة) كحفالة الشعير أو التمر، لا يباليهم الله بالة". قال ابن الأثير: "أي: لا يَرْفَع لهم قَدْرا، ولا يقِيم لهم وزناً". 4- ظهور الاختلاف الشديد بينهم، وكثرة الجدال العقيم، حتى إنهم لا يكادون يتفقون على رأي. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ، يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، وَتَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ (اختلطت وفسدت)، فَاخْتَلَفُوا وَكَانُوا هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ" صحيح سنن ابن ماجه. 5- وأما الصفة الرابعة، فهي ترك العمل بالنصيحة التي هي عصب استقامة المجتمع، والعزوفُ عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو عماد طهارة المجتمع. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض (أَيْ: مَن يَخْتَارُه من أَهْلِ الخَيْرِ)، فيبقى فيها عَجاجَة لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا" رواه أحمد، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح. و"ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل" كما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الخطبة الثانية إننا لا نسوق هذه النصوص والتحذيرات للتيئيس، وادعاء اكتساح الأصناف المذكورة على أبناء المجتمعات الإسلامية، بل إن في الأمة خيرا كثيرا، وعند كثير من أبنائها من الغيرة على دين الله ما يفسر وجود هذه الصحوة الإسلامية المتنامية - ولله الحمد -، تصديقا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ" متفق عليه. ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمتي كالمطر، لا يُدرى أوله خير أم آخره" الصحيحة. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" صحيح سنن أبي داود. غير أن المخرج من أَتون هذه الفتن، يكمن فيما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من النصائح والوصايا، منها: 1- الاعتناء بكتاب الله تعالى حفظا وأداء وفهما وعملا. فعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟. قَالَ:"فِتْنَةٌ وَشَرٌّ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الشَّرِّ خَيْرٌ؟. قَالَ:"يَا حُذَيْفَةُ، تَعَلَّمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ" قالها ثَلاَثَ مِرَارٍ. صحيح سنن أبي داود. 2- الصبر على هذه الفتن، والاستمساك بأمر الله. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبرُ فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله" ص. الترغيب. 3- الاجتهاد في العبادة وأعمال الزلفى إلى الله - عز وجل -. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الْعِبَادَةُ في الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ" مسلم. 4- نشر الخير بين الناس، وتوطيد وشائج المحبة بينهم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن حذر صحابته من مغبة فتن آخر الزمان: "فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ" مسلم. 5- تحصيل المال الحلال وتجنب الجشع. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال" صحيح سنن الترمذي. فلنتق الله - عز وجل - ولنعلم أن السعيد منا ليس من له من متاع الدنيا ما شاء الله، ولكن من جنب هذه الفتن، أو رزق الصبر عليها. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، وَلَمَنِ ابْتُلِىَ فَصَبَرَ فَوَاهًا" صحيح سنن أبي داود.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |