|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() زاد العقول شرح سلم الوصول (1/ 17) أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام إنَّ الحمدَ لله نَحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾[آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾[الأحزاب: 70 - 71]. أما بعد: فإنَّ أصدقَ الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشر الأمور مُحدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. هذا شرح لمنظومة: "سلم الوصول إلى الضروري من علم الأصول"؛ لمحمد بن عبدالرحمن المغربي، والتي هي نظم لمتن "الورقات"؛ لأبي المعالي الجويني، الملقب بـ: "إمام الحرمين". عمدت فيه إلى: • بيان غريب الأبيات. • ثم بيان المعنى الإجمالي لها. • ثم بيان المباحث التي تشتمل عليها الأبيات. • ثم أختم ذلك بتتمَّات مكملات للمراد، أذكر فيها: 1- ما فات الناظم من المتن الأصلي. 2- ما زاد الناظم على المتن الأصلي. 3- ما فات الناظم وصاحب المتن من مباحث هذا العلم. وطعَّمت شرحي بتعليقاتِ مَن سَبقوني إلى التعامُل مع المتن الأصلي "الورقات" من شُروحٍ، أخصُّ منها: شرح العبادي - رحمه الله - وشرح جلال الدين المحلي، وشرح جلال الدين الرملي، وحاشية الدمياطي. وكذلك المنظومات التي نسجت عليه، كنظم الشرف العمريطي، ولم أهمل شرح المغربي صاحب النظم الذي بين أيدينا، والمسمى بـ: "تسهيل الطرقات"، بل استفدت منه لمعرفة مُرادِه في كثير من الأحيان، فأهل مكة أدرى بشعابها. هذا كان غاية قصدي من هذا الشرح، ثم جمعتني جلسةٌ مع الأخ الفاضل الشيخ/ عبدالسلام بن محمد بن عبدالكريم - حفظه الله - فتكلمنا في مسائلَ، منها أثر العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين في الدَّعوة والدُّعاة، واتفقنا على أنَّه من أفضل علماء هذا العصر؛ وذلك لأنَّه تَميز بأمرين: 1- جزالة العلم. 2- وبقدرته الفائقة على تيسير العلم الشرعي على العامة والخاصة. لذا نَصحني بأن أطعِّم الكتابَ بآرائه الأصولية، وخاصة أنَّه - رحمه الله - لا يعلم أن له شرحًا على هذا النظم، وإن كان قد قام بشرح نظم آخر للورقات، وهو نظم الشرف العمريطي، وقد اكتفى فيه - رحمه الله - بفك غموضه ومشكله، فلاقت هذه الفكرة قَبولي؛ لأسبابٍ عدة، منها: 1- حبي وولعي بكُتُبِ وأشرطة ابن عثيمين - رحمه الله - وتقديري لعلمه، ورَغْبتي في الإسهام في بَثِّ آرائه بين طلبة العلم. 2- اهتمامي بالمادة الأصولية عند ابن عثيمين، فقد قُمت بكتابة شرح على رسالته المسماة: "الأصول من علم الأصول"، كما أنَّني كنت قد جمعت المادة الأصولية المتفرقة في كتابه الممتع المسمى بـ "الشرح الممتع على زاد المستقنع"، فعقدت النيةَ على إلحاق المفيد منها في هذا المؤلف، على أن أفرد المادة الأصولية عند ابن عثيمين في مصنَّف مُستقل على حروف المعجم، والله ولي التوفيق. والله أسأل أنْ يتم عليَّ نعمته، ويُيسر لي هذا الأمر على الوجه الذي يرضاه، وأنْ يَجعله في ميزان حسناتي، وأنْ ينفع به القارئ، ويُجْزِلَ به الثواب للشارح، وأن يكونَ قربة يُفرِّج الله بها عني ما أنا فيه، والله المستعان. المقدمة المبحث الأول:حد أصول الفقه أصول الفقه مصطلح مركب بالإضافة: 1- أصول: مضاف. 2- الفقه: مضاف إليه. ولبيان حد أي مصطلح مركب ينبغي أن يعرَّف من وجهين: 1- باعتبار مفرداته. 2- باعتبار أنه لقب على علم خاص. أولاً: أصول الفقه باعتبار مفرداته: هذا المصطلح الذي نحن بصدده مركب من كلمتين: أ- أصول. ب- الفقه. أما الأصول، فهي جمع أصل. والأصل في اللغة من مادة: "الهمزة، ص، ل". ومعناه: الأساس. قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24]. إذًا هو: ما يبنى عليه غيره. وقد يكون البناءُ حسيًّا أو معنويًّا. ومثال الحسي: أصلُ الشجرة، الذي يقوم عليه: الجذع، والفروع، والأوراق، والثمار. ومثال المعنوي: أصل الفكرة. وهو شيء موجود في الأذهان. أمَّا في الشرع، فإنَّه يطلق على عِدَّة معانٍ، منها: 1- المستصحب، فيقال: "الأصل في المياه الطهارة". 2- القاعدة المستمرة، فيقال: "الأصل في الأمر الوجوب". 3- الراجح، فيقال: "الأصل في المسألة أنَّ القصر في الصلاة مشروع في السفر". 4- المقيس عليه: فيقال: "الخمر أصل في الإسكار". 5- الدليل، فيقال: "الكتاب أصل في معرفة الأحكام الشرعية". والدليل هو المراد في "أصول الفقه"؛ لأَنَّ علم أصول الفقه إنَّما يبحث في الأدلة. والفقه له ثلاثة معانٍ: 1- معنى في اللغة. 2- ومعنى في الشرع. 3- ومعنى في الاصطلاح. ومعنى الفقه في اللغة أوسعُ منه في الشرع، ومعناه في الشرع أوسع منه في الاصطلاح. أمَّا الفقه، فهو في اللغة، من مادة (ف، ق، هـ). وقد اختلف في ماهيته. فقيل: هو الفهم "مطلق الفهم". وقال الشيرازي: هو فهم الأمور الدقيقة. وقال الرازي: هو فهم غرض المتكلم. والفقه في الشرع يقصر على فهم خطاب الله مطلقًا. قال العلامة: محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "الشرح الممتع على زاد المستقنع" 1/14: "الفقه في اللغة: الفهم. ومنه قوله - تعالى -: ﴿ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44]. وقوله - تعالى -: ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ ﴾ [هود: 91]. بمعنى: لا نفهم. وفي الشرع: معرفة أحكام الله عقائد وعمليات. فالفقه في الشرع ليس خاصًّا بأفعال المكلفين، أو بالأحكام العملية، بل يشمل الأحكامَ العقدية، حتى إنَّ بعضَ أهل العلم يقولون: إنَّ علم العقيدة هو الفقه الأكبر، وهذا حق؛ لأنَّك لا تتعبد للمعبود، إلاَّ بعد مَعرفة توحيده بربوبِيَّتِه، وأسمائه وصفاته، وألوهِيَّته، وإلاَّ كيف تتعبد لمجهول؟! ولذلك كان الأساسُ الأول هو التوحيد، وحقًّا أن يسمى: (الفقه الأكبر)"؛ اهـ. أمَّا في الاصطلاح، فهو: معرفةُ الأحكام الشرعية العمليَّة المكتسبة من أدلتها التفصيليَّة. قال العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "شرح الأصول من علم الأصول" ص 23: "وقد عدَلنا عمَّا يُعبِّر به كثيرٌ من الأصوليين: "معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بأدلتها التفصيلية"؛ لأَنَّ شيخَ الإسلام - رحمه الله - أنكر أنْ تنقسم أحكامُ الإسلام إلى أصلٍ وفرع. وقال: إنَّ هذا التقسيمَ بدعة، ولا أصلَ له في كلام الله - تعالى - ولا كلامِ رسوله. وقال: لأَنَّ هؤلاء يَجعلون الصلاةَ مثلاً من الفروع، وهي من أصلِ الأصول، فكيف نقول: أصول، وفروع؟ ومَن جاء بهذا التقسيم؟! ولهذا عدلنا فقلنا: العملية"؛ اهـ. والدليل التفصيلي هو: الدليل الجزئي الذي يتعلق بمسألة واحدة. فقولنا: قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا ﴾ [الإسراء: 32] - دليلٌ تفصيلي؛ لأنَّه اشتمل على "تحريم الزنا" ولم يتعداه. أمَّا قولنا: الأمر للوجوب، أو النهي للتحريم، فهو من باب القاعدة العامة. فالفقيه يبحث في الأدلة التفصيلية الجزئيَّة؛ ليستنبطَ الأحكام الجزئية منها، مُستعينًا بالأدلة الإجماليَّة، فهو يتكلم في دليلٍ مُعين في حُكم معين، في حين أنَّ الأصولي يُقرِّر القواعدَ العامة التي يستطاع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها الجزئية؛ ليُطبقَها الفقيه على الأدلة الجزئية لاستنباط الأحكام الشرعية. ثانيًا: أصول الفقه باعتبار أنَّه لقب على علم خاص: هو علم بقواعد يتوصل بها إلى استنباطِ الأحكام الشرعية العملِيَّة من أدلتها التفصيلية. إذًا هذا العلم يقوم على أربعةِ أركان: 1- الدليل: يعني أدلة الفقه العامة؛ كالكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والاستصحاب، وقول الصاحب، والمصالح المرسلة، والعُرف، وسد الذَّرائع، ونحو ذلك. 2- الحكم: من وجوب، أو ندب، أو إباحة، أو تحريم، أو كراهة، أو صحة، أو فساد، أو نحو ذلك. 3- طرق الاستنباط: يعني معرفة دلالات الألفاظ، وكيفية الاستفادة منها. 4- معرفة حال المستفيد من هذه الأدلة: يعني المجتهد. المبحث الثاني: واضع هذا العلم واضع هذا العلم على أرجحِ الأقوال هو: الإمام محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله. ولد سنة 150 هـ، وتوفي سنة 204 هـ. ومناقبه أكثرُ من أن تذكَر في هذا المقام. وقد أفردها غَيْرُ واحد بالتصنيف، كالبيهقي، والرَّازي، وغيرهما. وكتابه "الرسالة" أولُ ما صنف في هذا العلم عمدًا؛ حيث إنَّه سُبق بالكلامِ حول مَباحث هذا العلم، فقد ذكر أبو حنيفة شيئًا من ذلك في كلامِه ومُناظراته، وكذا أبو يوسف تلميذه، وجعفر الصادق من الشيعة، كانا قد ذكرا طرفًا من ذلك في كتبهم وفتاويهم. لذا قال صاحب "مراقي السعود": أَوَّلُ مَنْ أَلَّفَهُ فِي الْكُتْبِ ![]() مُحَمَّدُ بْنُ شَافِعِ الْمُطَّلِبِي ![]() وَغَيْرُهُ كَانَتْ لَهُ سَلِيقَهْ ![]() كَمِثْلِ مَا لِلْعُرْبِ مِنْ خَلِيقَهْ ![]() فهم لم يتعمدوا التصنيف، والوضعُ إنَّما يثبت لمتعمد التصنيف. قال الرازي في: "مناقب الشافعي" ص 101: "كانوا قبل الشافعي يتكلمون في أصول الفقه، ويستدلون، ويعترضون، لكن ما كان لهم قانون كلي مرجوع إليه في معرفة دلائل الشريعة، وفي كيفيَّة معارضتها، وترجيحاتها، فاستنبط الشافعي: "علم أصول الفقه"، ووضع للخلق قانونًا كليًّا يرجع إليه في معرفة مراتبِ أدِلَّة الشرع، فثبت أنَّ نسبة الشافعي إلى علم الشرع، كنسبةِ أرسطاطاليس إلى علم العقل"؛ اهـ. فائدة: سبب تصنيف الشافعي - رحمه الله - لكتاب الرسالة: أرسل الإمام عبدالرحمن بن مهدي - رحمه الله - رسالةً إلى الإمام الشافعي يطلُب فيها منه أن يكتبَ له رسالةً يستطاع بها الرد على أهلِ البدع الذين فشا أمرُهم في العراق. فأرسل إليه الشافعي - رحمه الله - ما طلب؛ لذا سُمِّي هذا الكتاب بـ: "الرسالة". فائدة أخرى: كتب الإمامُ الشافعي - رحمه الله - كتابَ "الرسالة" مَرَّتين: الأولى: بالحجاز لما طلب منه عبدالرحمن بن مهدي ذلك. والثانية: بمصر لما استقر بها في آخر حياته، ودوَّن معظمَ علمه. والرسالة الأولى فُقدت، والثانية هي التي عثر عليها، وطبعت بتحقيق العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - وهي المتداولة بين أيدينا الآن. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |