وأنذر عشيرتك الأقربين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 170 - عددالزوار : 16916 )           »          ألا تحب أن تُذكر في الملأ الأعلى؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          شرح وترجمة حديث: ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          التوفيق بين الزهد في الدنيا وإظهار العبد نعم الله عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          بساطة العيش (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فوائد من التفسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أوهام الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          يأخذ بقلبي مطلع سورة صٓ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          ثمرات التقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الرحمة في الحدود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-11-2020, 10:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,294
الدولة : Egypt
افتراضي وأنذر عشيرتك الأقربين

وأنذر عشيرتك الأقربين


الشيخ عبدالله بن محمد البصري





أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَرسَلَ اللهُ - تَعَالى - نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ جَمِيعًا فَقَالَ: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158]. وَمَعَ هَذَا فَقَد أَمَرَهُ - تَعَالى - بِأَن يَخُصَّ عَشِيرَتَهُ وَأَهلَهُ بِمَزِيدِ رِعَايَةٍ مِنهُ وَعِنَايَةٍ، فَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 28، 29] وَقَالَ لَهُ: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59] وَقَد حَمَلَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - الأَمَانَةَ وَامتَثَلَ أَمرَ رَبِّهِ، فَبَدَأَ بِعَشِيرَتِهِ وَقَومِهِ مُنذُ مَبدَأِ بِعثَتِهِ، فَحَذَّرَ وَأَنذَرَ، وَأَمَرَ وَنَهَى، وَعَمَّ وَخَصَّ، عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: لَمَّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214] دَعَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قُرَيشًا فَاجتَمَعُوا، فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ: " يَا بَني كَعبِ بنِ لُؤَيٍّ، أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ، يَا بَني مُرَّةَ بنِ كَعبٍ، أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ، يَا بَني هَاشِمٍ، أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ، يَا بَني عَبدِالمُطَّلِبِ، أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ، أَنقِذِي نَفسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لا أَملِكُ لَكُم مِنَ اللهِ شَيئًا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَاللَّفظُ لَهُ. وَرَوَى البُخَارِيُّ عَن ابنِ المُسِيِّبِ عَن أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتهُ الوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيهِ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَعِندَهُ أَبُو جَهلٍ، فَقَالَ: " أَيْ عَمِّ، قُلْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِندَ اللهِ " فَقَالَ أَبُو جَهلٍ وَعَبدُاللهِ بنُ أَبي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، تَرغَبُ عَن مِلَّةِ عَبدِالْمُطَّلِبِ؟! فَلَم يَزَالا يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيءٍ كَلَّمَهُم بِهِ: عَلَى مِلَّةِ عَبدِالمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لأَستَغفِرَنَّ لَكَ مَا لم أُنْهَ عَنهُ، فَنَزَلَت ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113] وَنَزَلَت ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ [القصص: 56]. وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ في صِفَةِ حَجَّتِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةِ وَالسَّلامُ - أَنَّهُ قَالَ في خُطبَتِهِ في عَرَفَةَ: " أَلا كُلُّ شَيءٍ مِن أَمرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحتَ قَدَمَيَّ مَوضُوعٌ، وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِن دِمَائِنَا دَمُ ابنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ، كَانَ مُستَرضَعًا في بَني سَعدٍ فَقَتَلَتهُ هُذَيلٌ، وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا، رِبَا عَبَّاسِ بنِ عَبدِالمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوضُوعٌ كُلُّهُ " وَعَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعتَرِضَةٌ بَينَهُ وَبَينَ القِبلَةِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَن يُوتِرَ أَيقَظَني فَأَوتَرتُ " رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

إِنَّ دَعوَةَ الأَقرَبِينَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - كَانَت وَمَا زَالَت سَبِيلاً مِن سُبُلِ الصَّالِحِينَ المُصلِحِينَ، وَطَرِيقًا لِلحُنَفَاءِ المُخلِصِينَ القَانِتِينَ، وَنُصُوصُ الكِتَابِ العَزِيزِ طَافِحَةٌ بِذَلِكَ، مَا بَينَ دَعوَةِ الوَالِدَينِ وَالأَبنَاءِ، وَالإِخوَةِ وَالزَّوجَاتِ، وَالأَقَارِبِ وَالعَشِيرَةِ، صَدعًا بِالحَقِّ بَينَ أَيدِيهِم، وَإِقَامَةً لِلحُجَّةِ عَلَيهِم، وَمُحَاوَرَةً لَهُم وَوَعظًا لِقُلُوبِهِم، وَتَنبِيهًا وَتَحذِيرًا، وَأَمرًا وَنَهيًا، وَإِقنَاعًا وَتَخوِيفًا، مَعَ التَّلَطُّفِ وَإِظهَارِ الرَّحمَةِ، وَإِبرَازِ الحِرصِ وَإِبدَاءِ الشَّفَقَةِ، وَالتَّوَجُّهِ إِلى اللهِ بِالدُّعَاءِ وَاغتِنَامِ الفُرَصِ المُنَاسِبَةِ، وَالصَّبرِ وَطُولِ النَّفَسِ وَعَدَمِ اليَأسِ، قَالَ - تَعَالى - ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 74] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾[مريم: 41 - 45] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132، 133] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42] وَقَالَ - تَعَالى - عَن إِسمَاعِيلَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 55] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 142] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 13 - 19].

أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ الأَقرَبِينَ هُم أَحَقُّ النَّاسِ بِأَن يُنتَبَهَ لَهُم وَيُرعَوا وَيُدعَوا، وَأَن يُحَاطُوا بِالعِنَايَةِ التَّامَّةِ وَيُحفَظُوا، وَأَن يَحرِصَ المَرءُ عَلى مَا يَقِيهِمُ العَذَابَ الشَّدِيدَ وَيَسلُكُ بِهِم سَبِيلَ الرَّشَادِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: كُلُّكُم رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ في أَهلِهِ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَالمَرأَةُ رَاعِيَةٌ في بَيتِ زَوجِهَا وَمَسؤُولَةٌ عَن رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُم رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " رَحِمَ اللهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيلِ فَصَلَّى وَأَيقَظَ امرَأَتَهُ، فَإِن أَبَت نَضَحَ في وَجهِهَا المَاءَ، وَرَحِمَ اللهُ امرَأَةً قَامَت مِنَ اللَّيلِ فَصَلَّت وَأَيقَظَت زَوجَهَا، فَإِن أَبَى نَضَحَت في وَجهِهِ المَاءَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

وَإِذَا كَانَ الأَقرَبُونَ وَخَاصَّةً أُسرَةَ الرَّجُلِ مِن زَوجَةٍ وَأَبنَاءٍ وَبَنَاتٍ، إِذَا كَانُوا في ذِمَّةِ وَلِيِّهِم وَرِعَايَةِ أَبِيهِم، وَهُوَ مَسؤُولٌ عَنهُم وَمُطَالَبٌ بِحِمَايَتِهِم وَوِقَايَتِهِم، فَإِنَّنَا في وَقتٍ صَارَ هَذَا الأَمرُ فِيهِ آكَدَ وَأَوجَبَ وَأَلزَمَ ؛ لِمَا فُتِحَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِن شُرُورٍ، وَمَا قَلَّبَهُ الأَعدَاءُ لَهُم مِن أُمُورٍ. وَقَد أَضحَى المُسلِمُونَ أَفرَادًا وَأُسَرًا وَمُجتَمَعَاتٍ، وَرِجَالاً وَنِسَاءَ وَشَبَابًا وَفَتَيَاتٍ، أَضحَوا في مَهَبِّ رِيَاحٍ تَغرِيبِيَّةٍ شَدِيدَةٍ، وَجَعَلَت تَتَقَاذَفُهُم أَموَاجُ فِتَنٍ عَصرِيَّةٍ عَاتِيَةٍ، وَيُرمَونَ بِآفَاتٍ مُهلِكَةٍ، وَتَتَوَالَى عَلَيهِم تَغَيُّرَاتٌ مُتَلاحِقَةٌ، تَتَقَصَّدُ عَقَائِدَهُم، وَتَتَنَاوَلُ ثَوَابِتَهُم، وَتَسعَى لِتَفتِيتِ مَبَادِئِهِم وَنَسفِ قِيَمِهِم ؛ لِيُصبِحُوا نُسَخًا مُشَوَّهَةً مِن مُجَتَمَعَاتٍ كَافِرَةٍ أَو مُلحِدَةٍ، لا تَعرِفُ اللهَ طَرفَةَ عَينٍ وَلا تَرجُو لَهُ وَقَارًا.

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّهُ لا أَحَدَ مِن لُصُوصِ الأَعرَاضِ وَلا مِمَّن يُرِيدُ بِنَا وَبِأَهلِينَا السُّوءَ، يَستَطِيعُ أَن يَدخُلَ عَلَينَا بُيُوتَنَا لَو لم نَفتَحْ نَحنُ الأَبوَابَ، وَلا أَن يَتَجَاوَزَ الثُّغُورَ أَو يَهتِكَ السُّتُورَ لَو لم نَترُكْهَا بِلا حِمَايَةٍ، وَلا وَاللهِ مَا حُمِلَ النِّسَاءُ وَالأَبنَاءُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ المُنكَرَاتِ رَغمًا عَن أُنُوفِهِم، وَلَكِنَّ النَّاسَ دُعُوا فَاستَجَابُوا، وَاستُخِفُّوا فَخَفُّوا، وَخُدِعُوا فَأَسرَعُوا، وَغَفَلَ الأَولِيَاءُ وَالآبَاءُ عَن أُسَرِهِم وَأَهمَلُوا مَن تَحتَ أَيدِيهِم، فَمَضَوا يُمَكِّنُونَ أَعدَاءَ اللهِ وَالمُجرِمِينَ وَالمُنَافِقِينَ مِن أَنفُسِهِم، وَصَارُوا مَطَايَا مِطوَاعَةً، تُقَادُ إِلى البَرَامِجِ التَّرفِيهِيَّةِ المُضِلَّةِ، وَتُسَاقُ إِلى الأَسوَاقِ الجَاهِلِيَّةِ وَالمَهرَجَانَاتِ الخَاسِرَةِ، وَتَرِدُ عَلَى الحَفَلاتِ المُنفَتِحَةِ وَالسَّهَرَاتِ المَاجِنَةِ، فَتَستَقِي فِيهَا مِن كُلِّ خَبِيثٍ، وَتُقَلِّدُ كَلَّ ضَالٍ أَثِيمٍ، فَاتَّقُوا اللهَ وَاحفَظُوا الأَمَانَةَ وَاحَرِصُوا عَلَى الأَقرَبِينَ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 27 - 29].
♦ ♦ ♦ ♦

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ وَإِن كَانَ الدُّعَاةُ المُحتَسِبُونَ وَالعُلَمَاءُ الرَّاسِخُونَ، وَالخُطَبَاءُ وَالآمِرُونَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ، إِن كَانُوا وَمَا زَالُوا قَائِمِينَ بِأَمرِ اللهِ لَيلاً وَنَهَارًا، يَدعُونَ وَيَنصَحُونَ سِرًّا وَجِهَارًا، يُبَشِّرُونَ وَيُنذِرُونَ، وَيُرَغِّبُونَ وَيُرَهِّبُونَ، وَيُوَضِّحُونَ مَا بِهِ تَستَبِينُ سَبِيلُ المُجرِمِينَ، وَيُبَيِّنُونَ مَا يَفضَحُ كَيدُ الكَائِدِينَ، إِلاَّ أَنَّ دَورَ أَربَابِ الأُسَرِ وَالأَقَارِبِ في حِفظِ أُسَرِهِم مِنَ الشُّرُورِ وَحِمَايَةِ أَقَارِبِهِم مِنَ الآفَاتِ، يَبقَى هُوَ الصَّخرَةَ الصَّمَّاءَ الَّتِي تَتَكَسَّرُ عَلَيهَا فِتَنُ التَّغيِيرِ، وَالجَبَلَ الأَشَمَّ الَّذِي يَصُدُّ رِيَاحَ التَّغرِيبِ، وَالسَّدَّ المَنِيعَ الَّذِي يَحفَظُ المُجتَمَعَ مِن سُيُولِ الشَّرِّ الجَارِفَةِ، فَالانتِبَاهَ الانتِبَاهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن تَضيِيعِ الأَمَانَةِ وَإِضَاعَةِ المَسؤُولِيَّةِ. قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِن عَبدٍ يَستَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.51 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]