اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 809 - عددالزوار : 75080 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 32679 )           »          من أحكام سجود السهو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          فضل الدعاء وأوقات الإجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 2022 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1288 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          مفهوم القرآن في الاصطلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          تفسير سورة الكافرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-03-2021, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,917
الدولة : Egypt
افتراضي اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي

اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي


الشيخ : أحمد شريف النعسان





عناصر الخطبة

1/ منزلة الرحمة ومكانتها 2/ حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على الرحمة وتحذيره من القسوة 3/ لمن تكون الرحمة؟ 4/ طلب الرحمة من أهل الفضل والسعة 5/ تطبيق النبي -صلى الله عليه وسلم- للرحمة واقعياً 6/ رمضان فرصة للرحمة وحث الناس على ذلك

اقتباس

أيُّها الإخوة الكرام: لمن تَكونُ الرَّحمَةُ؟ هل الرَّحمَةُ تَكونُ مَقصورَةً على من أحبَبْتَهُ؟ هل تَكونُ مَقصورَةً على من وافَقَكَ؟ هل تَكونُ مَقصورَةً على من وَقَفَ بِجانِبِكَ؟ هل تَكونُ مَقصورَةً على إخوانِكَ من أهلِ الإيمانِ؟ هل تَكونُ مَقصورَةً على زوجَتِكَ وأولادِكَ؟ لقد بَيَّنَ سيِّدُنا رسولُ الله…







الخطبة الأولى:



الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيا عِبادَ الله: ها نحنُ نَعيشُ في العَشرِ الأوَّلِ من شَهرِ رَمضانَ المُبارَكِ, الذي أوَّلُهُ رَحمَةٌ, وأوسَطُهُ مَغفِرَةٌ, وآخِرُهُ عِتقٌ من النَّارِ, ومن الرَّحمَةَ اشتُقَّ اسمَينِ إلهِيَّينِ عَظيمَينِ, أوَّلُهُما أعَمُّ وأشمَلُ من الآخَرِ: (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 3].

أيُّها الإخوة الكرام: الرَّحمَةُ هيَ عَمودُ الخَيرِ, والنَّاظِمُ الأخلاقِيُّ لِجُملَةِ الأخلاقِ البَشَرِيَّةِ الحَميدَةِ, والقَيِّمَةُ التي لم يَزَل يُوصي ويَتَواصى بها المُصلِحونَ والمُخلِصونَ من رَادَةِ الحَضاراتِ على مَرِّ التَّاريخِ, وهيَ عَينُ ما حَثَّ الرَّحمنُ -سُبحانَهُ وتعالى- على التَّواصي بها في كلامِهِ القَديمِ مُنذُ الأزَلِ: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَة) [البلد: 17 – 18].

ولو نَظَرنا في كِتابِ الله -عزَّ وجلَّ – من أجلِ أن نَعرِفَ القَصدَ من إرسالِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- لَوَجَدنا أنَّ القَصدَ الأسمى من إرسالِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-: الرَّحمَةُ, قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107].

وحقَّاً كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَينَ الرَّحمَةِ للعالمينَ, وهذا كانَ واضِحاً جَلِيَّاً من دَعوَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَولِيَّةِ, وأحوالِهِ السُّلوكِيَّةِ.

يا عبادَ الله: من أحاديثِ سيِّدِنا رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- القَولِيَّةِ التي تُجَسِّدُ الرَّحمَةَ التي جاءَ بها: ما رواه الحاكم والإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عنهُما- عن النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ, ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ".

أيُّها الإخوة الكرام: تَنَبَّهوا إلى قَولِ سيِّدِنا رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-: "ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ" فإنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- يَطلُبُ منَّا الرَّحمَةَ لأهلِ الأرضِ جميعاً, مُؤمِنِهِم وكافِرِهِم, بل حتَّى البهائِمَ والحَيواناتِ.

هل سَمِعتَ هذا -يا أخي الكريم, يا من تَدَّعي الإسلامَ, يا من تُريدُ الاقتِداءَ بالسَّلَفِ الصَّالِحِ- إذا أرَدتَ الرَّحمَةَ من السَّماءِ فارحَم أهلَ الأرضِ.

أيُّها الإخوة الكرام: لقد حَذَّرَ سيِّدُنا رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- الأمَّةَ- أمَّةَ الاستِجابَةِ, التي رَضِيَت بالله تعالى ربَّاً, وبِسَيِّدِنا محمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- نبيَّاً ورسولاً, باختِيارِها-: من القَسوَةِ, وعَدَمِ الرَّحمَةِ, بعدَ أن عَرَفَتِ الأمَّةُ قَولَ الله -عزَّ وجلَّ-: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63].

اِسمَع -يا أيُّها المؤمنُ- بعدَ سَماعِ هذهِ الآيَةِ الكريمَةِ قَولَ سيِّدِنا رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- وهوَ يُحَذِّرُ الأمَّةَ من الظُّلمِ, روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- عن النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- قال: "إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ".

يا من أنتَ حَريصٌ على دُخولِ الجَنَّةِ, يا من أنتَ حَريصٌ أن تَكونَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ: اِمتَثِل أمرَ سيِّدِنا رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- وأطِعْهُ حتَّى تَدخُلَ الجَنَّةَ, روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى" قَالُوا: يَا رَسُولَ الله, وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ, وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى".

أيُّها الإخوة الكرام: لمن تَكونُ الرَّحمَةُ؟ هل الرَّحمَةُ تَكونُ مَقصورَةً على من أحبَبْتَهُ؟ هل تَكونُ مَقصورَةً على من وافَقَكَ؟ هل تَكونُ مَقصورَةً على من وَقَفَ بِجانِبِكَ؟ هل تَكونُ مَقصورَةً على إخوانِكَ من أهلِ الإيمانِ؟ هل تَكونُ مَقصورَةً على زوجَتِكَ وأولادِكَ؟

لقد بَيَّنَ سيِّدُنا رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- لمن تَكونُ الرَّحمَةُ، روى البيهقي عن أنسِ بنِ مالكٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-: "لا يَدخُلُ الجنَّةَ مِنكُم إلا رَحيمٌ" قالوا: يا رسولَ الله، كُلُّنا رَحيمٌ. قال: "لَيسَ رَحمةَ أحَدِكُم نَفسَهُ وأهلَ بَيتِهِ, حتَّى يَرحَمَ النَّاسَ".

وفي رواية الحاكم عن أبي موسى الأشعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- أنَّ رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- قال: "والذي نَفسي بِيَدِهِ, لا تَدخُلُوا الجنَّةَ حتَّى تَراحَموا" قالوا: يا رسولَ الله, كُلُّنا رَحيمٌ. قال: "إنَّهُ لَيسَ بِرَحمَةِ أحَدِكُم, ولكن رَحمَةَ العَامَّةِ, رَحمَةَ العَامَّةِ".

أيُّها الإخوة الكرام: اِسمَعوا إلى تَوجيهِ سيِّدِنا رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- للأمَّةِ مِمَّن تَطلُبُ الفَضلَ, روى القضاعي عن أبي سَعيدٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-: "يَقولُ اللهُ -تعالى-: اُطلُبوا الفَضلَ عِندَ الرُّحَماءِ من عِبادي تَعيشوا في أكنافِهِم, فإنَّ فيهِم رَحمَتي، ولا تَطلُبوها من القَاسِيَةِ قُلوبُهُم, فإنَّ فيهِم سَخَطي".

يا عبادَ الله: قولوا لقاسي القلبِ: فيكَ سَخَطُ الله، وإن كُنتَ صائِماً مُصَلِّياً، تالِياً للقُرآنِ العَظيمِ, حاجَّاً مُعتَمِراً, ماذا تَنفَعُكَ هذهِ العِباداتِ وأنتَ لا تَرحَم؟ ومن لا يَرحَم لا يُرحَم.

إن كُنتَ مُتَّبِعاً بِحَقٍّ كُنتَ رحيماً؛ لأنَّ المُتَّبِعَ للرَّحمَةِ المُهداةِ يَكونُ رحيماً بِعِبادِ الله جميعاً, ويَكونُ له الحَظُّ الوافِرُ من قَولِهِ -تعالى- لسيِّدِنا رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107].

قولوا لقاسي القلبِ مِمَّن يَدَّعي الاتِّباعَ: لا نَقولُ أينَ رَحمَتُكَ بِغَيرِ المؤمنينَ؟ ولكن نَقولُ: أينَ رَحمَتُكَ بِمَن يَنطِقُ بالشَّهادَتَينِ؟ أينَ رَحمَتُكَ بالأطفالِ الرُّضَّعِ؟ أينَ رَحمَتُكَ بالشُّيوخِ المَرضى؟ أينَ رَحمَتُكَ بالنِّساءِ؟


يا عبادَ الله: أمَّا أحوالُهُ السُّلوكِيَّةُ في خُلُقِ الرَّحمَةِ، فَحَدِّث عنها ولا حَرَجَ, روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ الله, ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّاناً, وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً".

وروى البيهقي عن ابن مَسعودٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قال: "لَمَّا رَأَى رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّاسِ إِدْبَاراً قَالَ: "اللَّهُمَّ سَبْعاً كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ، حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ وَالْعِظَامَ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ الله لَهُمْ. فَدَعَا رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-, فَسُقُوا الْغَيْثَ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعاً، فَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ. فَقَالَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا" فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ، فَسُقِيَ النَّاسُ حَوْلَهُم".

يا عِبادَ الله: هذا شَهرُ رَمضانَ شَهرُ الرَّحمَةِ, ورَحمَةُ الله -تعالى- مَنوطَةٌ بِرَحمَةِ بَعضِنا لِبَعضٍ، فأينَ رَحمَتُنا لِبَعضِنا البَعضِ؟ هلَّا سألتَ نَفسَكَ أيُّها التَّاجِرُ هل أنتَ من الرُّحَماءِ الذينَ يَعيشُ النَّاسُ في أكنافِهِم؟ أم أنتَ من أصحابِ القُلوبِ القاسِيَةِ؟

فإن كُنتَ من الرُّحَماءِ فأنتَ المَرحومُ -إن شاءَ اللهُ تعالى-, وأمَّا إذا كُنتَ من أصحابِ القُلوبِ القاسِيَةِ فاعلَم بأنَّ سَخَطَ الله -تعالى- فيكَ.

يا أيُّها الإخوة الصَّائِمونَ: أينَ رَحمَةُ التُّجَّارِ في سَوادِ الأمَّةِ؟ أينَ رَحمَةُ الأطِبَّاءِ في سَوادِ الأمَّةِ؟ أينَ رَحمَةُ الصَّيادِلَةِ في سَوادِ الأمَّةِ؟ أينَ رَحمَةُ الأغنِياءِ في سَوادِ الأمَّةِ؟ أينَ رَحمَةُ دُعاةِ الإصلاحِ في سَوادِ الأمَّةِ؟

لماذا أصبَحَ جُلُّ تَعامُلِكُم بالعُملَةِ الأجنَبِيَّةِ؟ هل هذا من خُلُقِ الرَّحمَةِ في سَوادِ الأمَّةِ؟ لماذا تَرفَعونَ أسعارَ أقواتِ العِبادِ بينَ السَّاعَةِ والأخرى؟ لماذا تَرفَعونَ أسعارَ حليبِ الأطفالِ بينَ السَّاعَةِ والأخرى؟ لماذا تَرفَعونَ أسعارَ الدَّواءِ بينَ السَّاعَةِ والأخرى؟

هلَّا بِعتُم بَضائِعَكُمُ القَديمَةَ بِرَأسمالها القَديمِ مع الرَّبحِ اليَسيرِ حتَّى إذا اشتَريتُم بالسِّعرِ الجَديدِ بِعتُم بالسِّعرِ الجَديدِ؟

يا عبادَ الله: تَعَرَّفوا على خُلُقِ الرَّحمَةِ في شَخصِيَّةِ سيِّدِنا رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-, وسَلوا اللهَ -تعالى- التَّوفيقَ للاقتِداءِ به, اللَّهُمَّ أكرِمنا بذلكَ، آمين.

أقولُ هَذا القَولَ, وأَستَغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم, فَاستَغفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.95 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]